الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الرّابعة والخمسون [الثّابت على خلاف الظّاهر]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
ما ثبت على خلاف الظّاهر (1).
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
المراد بخلاف الظّاهر: خلاف الحالة الواضحة الثّابتة التي يغلب على الظّنّ بقاؤها واستمرارها. فهذة الحالة الأصليّة قد تخالَف ويثبت ضدّها؛ لأنّ الشّرع إنّما أقام البيّنات وأجاز الدّعاوى لإثبات الحقوق أو نفيها بقطع النّظر عن حال الشّخص المدّعَى عليه؛ لأنّ هذه الظّواهر قابلة للتّغيّر في كثير من الأحيان.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إذا ادّعى البرّ التّقي الصّدوق الموثوق بصدقه وعدالته على الفاجر المعروف والمشهور بالفجور وغصب الأموال وإنكارها أنّه غصب منه شيئاً أو أتلفه فعلى المدّعِي - وإن كان تقيّاً صدوقاً برّاً - البيِّنة، وعلى المدّعَى عليه اليمين إذا لم يُقِم المدّعِي البيّنة. وتقبل يمين المدّعَى عليه عند ذلك، وإن كان على خلاف الظّاهر.
ومنها: لو ادّعى ذلك الفاجر على هذا التّقي المشهور بالصّدق
(1) أشباه ابن الوكيل ق 2 ص 521. القواعد الكبرى ج 2 ص 103 فما بعدها. قواعد الحصني جـ 4 ص 72 عنه.
والأمانة شيئاً وطلب يمينه أحلفناه له، مع أنّ الظّاهر يكذّبه في دعواه.
ومنها: إذا ادّعى إنسان على قاضٍ أنّه استأجره لكنس داره ونحوه سمعت الدّعوى على الأصحّ وإن كان ذلك ممتنعاً عادة.
ومنها: إذا أتت الزّوجة بالولد لدون أربع سنين من حين الطّلاق بعد انقضاء عدّتها بالأقراء، فإنّ هذا الولد يلحق بالزّوج. مع أنّ الغالب الظّاهر أنّ الولد لا يتأخّر لهذه المدّة. قالوا: لأنّ الأصل عدم الزّنا، وعدم وطء الشّبهة، والشّارع متشوّق إلى السّتر ودرء الحدّ، فغلّب الأصل على الظّاهر.
ولكن في هذه المسألة خلاف؛ لأنّ الأخذ بهذا الحكم وبخاصّة في زمننا فتح باب يصعب سدّه، فكيف ينسب ولد لزوج طلّق زوجته أو مات عنها منذ أربع سنوات، وانتهت عدّتها بالأقراء في الطّلاق - وكيف يكون حصول الحمل مع وجود الحيض ثلاث مرّات بعد الطّلاق، هذا الحمل لا يعقل أن يكون من الزّوج قطعاً.
وقد قال ابن عبد السّلام رحمه الله: قلنا: وقوع الزّنا أغلب من تأخّر الحمل إلى أربع سنوات إلا ساعة واحدة. وكذلك الإكراه والوطء بالشّبهة. ولا يلزم على ذلك حدّ الزّنا فإنّ الحدود تسقط بالشّبهة (1).
وهذا هو الحقّ إن شاء الله.
(1) قواعد الأحكام جـ 2 ص 103.