الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة السّابعة والثّلاثون بعد المئة [المتعذّر الامتناع عنه، العفو]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
ما لا يستطاع الامتناع عنه يجعل عفواً (1). أو يكون عفواً (2). أو فهو عفو (3).
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
ما لا يستطاع الامتناع منه أو عنه: هو ما لا يمكن الاحتراز عنه، ولا بدّ منه، بحيث لا يقع تحت قدرة المكلّف الامتناع عنه، فما كان كذلك فهو عفوٌ، - أي هو مُسْقَط لا يعتبر في الأحكام ولا يبنى عليه حكم.
وهذه بمعنى القاعدة القائلة: لا واجب مع ضرورة أو عجز.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
جنب اغتسل فانتضح من غُسله في إنائه، لم يفسد عليه الماء؛ لأنّ ذلك لا يمكن الاحتراز عنه.
ومنها: إذا انتضح عليه من البول متل رؤوس الإبر لم يلزمه غسله؛ لأنّ فيه بلوى.
(1) المبسوط جـ 6 ص 113.
(2)
نفس المصدر جـ 1 ص 46، 86، 90، 94.
(3)
شرح السير ص 1467، 1468، 1545. والمبسوط جـ 3 ص 141.
ومنها: عند نزح بئر سقطت فيها نجاسة، فما قطر من الدلو فيها لا يضرّها للتّعذّر؛ لأنّ النّزح على أنّ لا يقطر منه شيء فيها متعذّر. لكن اليوم يمكن أن يسحب الماء من البئر بواسطة الآلة "الدينمو - الموتور -" فلا يقطر منه شيء فيها.
ومنها: إذا حلف لا يدخل دار فلان وهو فيها لم يحنث إذا خرج من ساعته.
ومنها: إذا قال لزوجته: متى لم أطلّقك فأنت طالق ثلاثاً. ثمّ قال موصولاً بكلامه. أنت طالق واحدة. فقد برّ في يمينه استحساناً، ولا يقع عليه إلا واحدة.
وفي القياس يقع عليها ثلاث؛ لأنّ ما بين يمينه وقوله: أنت طالق واحدة. يوجد وقت موصوف بأنّه لم يطلقّها فيه - وإن لطف - وذلك يكفي شرطاً للحنث.
ولكن وجه الاستحسان أنّ البرّ مراد الحالف، ولا يمكنه البرّ إلا بعد أن يجعل هذا القدر من الوقت مستثنى، وهو ما لا يمكن الامتناع عنه.
ومنها: إذا أحرقنا حصون المشركين أو أغرقناها بالماء فذلك جائز، ولو كان فيها أسرى من المسلمين أو مستأمنين صغاراً أو كباراً، نساءً أو رجالاً؛ لأنّه لا طريق للتّحرّز عن إصابتهم مع امتثال الأمر بقهر المشركين.
وإن هلك بعضهم فلا شيء على المسلمين في ذلك؛ لأنّ هلاكهم غير مقصود.
ومنها: أنّ الذّمّي ممنوع من إدخال الخمر والخنزير إلى أمصار المسلمين، لكن إذا مرّ بذلك في سفينة في نهر مثل النّيل أو دجلة والفرات فمرّ بها في وسط مدائن المسلمين لم يمنع من ذلك؛ لأنّ هذا الطّريق الأعظم لا بدّ له من المرور فيه.