الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الثّالثة والسّبعون [الحاصل بسبب خبيث]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
ما حصل بسبب خبيث فالسّبيل ردّه (1). من قول محمَّد ابن الحسن رحمه الله.
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
رسم الشّرع للتّملّك والانتفاع بما يملك الغير حدوداً، وأقام لها معالم، وشرط لها شروطاً، فمن تمسّك بما شرع الله ورسوله، وأقام حدود الشّرع، وانتهى إلى معالمه، ونفذ شروطه، فإنّ تملّكه والانتفاع بما أراد الانتفاع به يكون حلالاً، وذلك على طريق البيع الصّحيح، والإجارة والإعارة أو غير ذلك من العقود المشروعة الصّحيحة.
ولكن مفاد القاعدة: أنّ ما حصل بسبب غير مشروع كعقد فقد شروط صحّته فإنّ الطّريق الوحيد للتّخلّص من تبعته هو ردّه إلى صاحبه؛ لأنّ ما حصل بسبب خبيث كالغصب أو السّرقة أو فساد في العقد لا يجوز استعماله ولا الانتفاع به.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إذا استأمن مسلم في دار الحرب ثم لحق بعسكر المسلمين ومعه
(1) شرح السير ص 1116 وعنه قواعد الفقه ص 115، ردّ المحتار جـ 5 ص 355.
مال فزعم أنّ أهل الحرب ملّكوه إيّاه ببعض الأسباب فالقول له؛ لأنّ الظاهر شاهد له. وإن قال: غصبته منهم. فهو فيء ويجب على الأمير أن يأخذه منه فيردّه إلى أهل الحرب؛ لأنّ المستأمن إنّما تملّكه بطريق القهر وذلك بقوّة الجيش حين التحق بهم وشاركوه في الإحراز، ولكن لمّا كان قد حصله بسبب خبيث حرام شرعاً وهو غدر الأمان فقد لزمه أن لا يغدر بهم وأن لا يأخذ شيئاً من أموالهم بغير طيبة أنفسهم. (وما حصل بسبب خبيث فالسّبيل ردّه).
ومنها: من اشترى شيئاً بعقد فاسد فيجب عليه ردّه؛ لأنّ العقد الفاسد سبب خبيث للملك.
ومنها: من غصب شيئاً أو سرقه ثمّ لم يجد صاحبه أو لم يعرفه فيجب عليه التّصدّق به والثّواب لصاحبه لا للغاصب ولا للسّارق؛ لأنّ سبيل الكسب الخبيث التّصدّق إذا تعذّر الردّ على صاحبه، ويتصدّق بلا نيَّة الثّواب له، وإنّما ينوى به براءة الذّمّة.