الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الخامسة والسّبعون [الحسن عند المسلمين]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن (1) أثر.
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
تخريج الأثر: يورد الأصوليّون والفقهاء هذا الأثر على أنّه حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم. لكن قال العلائي الحافظ صلاح الدّين خليل بن الأمير سيف الدّين كيكلدى بن عبد الله أبو سعيد الدّمشقي الشّافعي المتوفى سنة 761 هـ، قال: لم أجد هذا الأثر مرفوعاً في شيء من كتب الحديث أصلاً، ولا بسند ضعيف بعد طول البحث وكثرة الكشف والسّؤال، وإنّما هو من قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه موقوفاً عليه، أخرجه أحمد في مسنده.
وقال السّخاوي في المقاصد الحسنة (2): حديث "ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن" أخرجه أحمد في كتاب السّنّة، ووهم من عزاه للمسند.
وقال المعلّق في هامشه: بل هو في المسند أيضاً من حديث أبي وائل عن ابن مسعود، ثمّ روى الحديث بطوله وقال: هو موقوف
(1) شرح السير ص 1460 وعنه قواعد الفقه ص 115. وينظر الوجيز ص 270 - 272.
(2)
ص 36، ومزيل الإلباس جـ 1 ص 188. والمجموع المذهّب لوحة 51 ب.
حسن.
وقد رجعت إلى المسند فوجدته من رواية زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود وليس من رواية أبي وائل.
وكذا أخرجه البزّار والطّيالسي والطبراني وأبو نعيم في ترجمة ابن مسعود من الحلية بل هو عند البيهقي في الاعتقاد من وجه آخر عن ابن مسعود رضي الله عنه (1).
ومفاد القاعدة: أنّ ما أجمع المسلمون على حسنه من الأقوال والأفعال والعادات والتّصرّفات والعقود فيعتبر صحيحاً؛ لأنّ الأمّة الإسلاميّة لا يمكن أن تجتمع على ضلالة أو فساد. ويكون ذلك دليلاً على حسن ذلك عند الله تعالى. لكن المراد بالمسلمين في هذا الأثر - والله أعلم - أهل الحلّ والعقد من العلماء العاملين والصّلحاء والمجتهدين لا عوامّ هذه الأمّة وجهلتها والمبتدعين فيها. وإذا صحّ سند هذا الأثر عن ابن مسعود رضي الله عنه فإنّ في الحديث دليلاً على أنّ ابن مسعود لم يقله من عند نفسه، وإنّما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنّ ما عند الله سبحانه وتعالى لا يعلمه ابن مسعود ولا غيره اجتهاداً من عند نفسه وإنّما يعلمه عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤيّد بالوحي؛ لأنّ ما عند الله لا يعلم إلا عن طريق الوحي المنزّل من عند الله.
وهذا الأثر اتّخذ دليلاً على صحّة قاعدة "العادة محكَّمة" وأثر
(1) المقاصد الحسنة ومزيل الإلباس مرجعان سابقان.