الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال القاضى محيى الدين بن عبد الظاهر: رأيت فى كتاب عتيق رث «1» سماه مصنفه: وصية الإمام العزيز والد الإمام الحاكم لولده المذكور، وقد ذكر فيه الطلسمات التى على أبواب القصر. وقال: إن أول الكواكب الحمل، وهو قلب المريخ، وشرف الشمس، وله القوة على جميع سلطان الفلك، لأنه صاحب السيف، وله الأمر والحرب والسلطان والقوة، والمستولى لقوة روحانيته على مدينتنا عند ما بنيناها. وقد أقمنا طلسما لساعته ويومه لقهر الأعداء وذل المنافقين، فى مكان أحكمناه على شرافة عليه «2» والحصن الجامع لقصره مجاور لأول باب بنيناه. هذا نص ما فى الكتاب، والله أعلم.
ذكر توجه السلطان إلى الشام
«3»
وفى سنة اثنتين وسبعين وستمائة: وردت الأخبار بحركة أبغا بن هولاكو ملك التتار، فخرج السلطان فى ليلة السادس والعشرين من المحرم، وصحبته جماعة من أمرائه الخواص، منهم الأمير شمس الدين سنقر الأشقر، والأمير بدر الدين بيسرى الشمسى، والأمير سيف الدين أوتامش «4» السعدى. فلما وصل إلى عسقلان بلغه أن أبغا وصل إلى بغداد وقد خرج إلى الزاب متصيدا، فكتب إلى القاهرة يستدعى العساكر. فخرج منها يوم السبت حادى عشر صفر أربعة آلاف فارس [مع] مقدميهم: الأمير علاء الدين طيبرس الوزير، والأمير جمال الدين أقش
الرومى، والأمير شمس الدين أقش المعروف «1» بقطليجا، والأمير علم الدين سنجر طردح «2» .
ورحلوا من البركة فى يوم الاثنين. ثم قويت الأخبار، وهو فى أثناء الطريق بحركة التتار، فكتب السلطان بخروج العساكر جميعها والعربان من الديار المصرية صحبة بدر الدين بيليك الخزندار، ورسم بأن جميع من فى مملكته ممن له فرس يركب إلى الغزاة، وأن يخرج أهل كل قرية بالشام من بينهم خيالة على قدر حال أهل البلد، ويقومون بكلفتهم. ودخل السلطان إلى دمشق فى سابع عشر صفر. وكان رحيل العساكر من القاهرة فى العشرين من صفر، فوصلوا إلى يافا، وورد المرسوم بنزولهم قريبا منها، وركب السلطان من دمشق فى نحو أربعين فارسا جرائد، ولم يستصحبوا ركاب دار السلطان ولا غيره «3» . فوصل وقد طلّبت العساكر وقاربوا المنزلة، فاعترضهم السلطان وجماعته وقد ضرب كل منهم على وجهه لثاما، فظن الحجاب أنهم من التركمان، فرسموا لهم بالترجل فما ترجلوا «4» . وساق السلطان منفردا وجاء من خلف الصناجق وحسر اللثام عن وجهه، فعرفه السلاح دارية فأفرجوا له، فدخل وساق فى الموكب فنزل الناس وقبلوا الأرض، وساق السلطان ونزل بدهليزه فرتب المصالح.
وأصبح فى اليوم الثانى وركب فى موكبه، ونزل فقضى حوائج الناس وركب عند المساء، هو ومن حضر معه وعاد إلى دمشق.
ذكر وصول الملك شمس الدين بهادر صاحب شميصاط «1» وشىء من أخباره
هذا المذكور هو الملك شمس الدين بهادر بن الملك فرج «2» ، أمير الطست للسلطان جلال الدين خوارزم شاه منكربرتى، وكان والده قد ملك بعد السلطان جلال الدين قلعة كيران «3» وست قلاع أخرى فى ناحية نقجوان «4» . ووصل إلى بلاد الروم فأقطع أقصرا، فكاتب شمس الدين هذا السلطان وراسله، وتقرب إليه بإعلامه بحقيقة أخبار العدو، وذلك فى سنة إحدى وسبعين وستمائة. واتفق السلطان معه على نكتة غريبة قتل بسببها الجاثليق النصرانى؛ وكان قد أهان المسلمين ببغداد وسكن «5» مواطن الخلافة وأفسد أمور المسلمين.
فكتب السلطان كتابا إلى الجاثليق مضمونه: عرفنا محبتك وتوصيتك على النصارى الذين ببلادنا، وقد أكرمناهم لأجلك، وعرفنا أخبار المغل الباطنة التى أشرت إليها. وذكر فى الكتاب أمورا موهمة لا أصل لها، منها: الذى التمسته لمن أشرت قد أجبنا إليه، وتسليم الأمكنة لمن عنيت قد حلفنا على تسليمها، والدواء الذى تقرر السعى فى استعماله لمن أشرت إليه قد علم، والله يقدر ذلك، والذى طلبته من دهن البلسان والآثار المسيحية «6» قد سيرناها،