الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفى هذه السنة والسفرة، عزل السلطان القاضى نجم الدين بن قاضى القضاة صدر الدين بن سنى الدولة عن القضاة بدمشق، وفوضه للقاضى شمس الدين أحمد ابن بهاء الدين محمد بن إبراهيم بن خلكان البرمكى من العريش إلى سلمية، وفوض إليه النظر فى جميع الأوقاف بالشام، منها الجامع والبيمارستان والمدارس وغير ذلك، وفوض إليه تدريس سبع مدارس وهى: العادلية، والعذراوية، والناصرية، والفلكية، والركنية، والإقبالية، والبهنسية. وكان تدريس هذه المدارس بيد القاضى نجم الدين المعزول، ووكل بالقاضى نجم الدين «1» وأمره أن يتوجه إلى الديار المصرية. وكان مذموم السيرة فى ولايته. ذكر الشيخ شهاب الدين أبو شامة جملة من معانيه.
ذكر عود السلطان إلى الديار المصرية
قال: ولما استقرت هذه الأمور عاد السلطان إلى الديار المصرية، وكان وصوله فى يوم السبت سابع عشر ذى الحجة سنة تسع وخمسين وستمائة.
ذكر أخذ الشويك
كان السلطان قد جهز الأمير بدر الدين الأيدمرى وصحبته جماعة من العسكر، وما أعلم أحدا ممن جرد بالجهة التى يتوجهون إليها، فتوجه إلى الشويك وبذل المال والخلع فسلمت إليه. ووصل الخبر بتسليمها فى سادس عشرين ذى الحجة من السنة. وولى نيابتها الأمير سيف الدين بلبان المحتصبى «2» ، واستخدم بها النقباء
والجاندارية، وأفرد لخاص القلعة ما كان لها إلى آخر أيام الصالحية النجمية.
وفى هذه السنة، كانت وفاة الصاحب صفى الدين أبى إسحق إبراهيم ابن عبد الله بن هبة الله بن أحمد بن مرزوق العسقلانى، وكان قد وزر للملك الأشرف ابن الملك العادل بدمشق مدة، ثم عزل بجمال الدين بن جرير، وكان تاجرا مشهورا بالثروة وكثرة الأموال. وكان ابتداء أمره كما حكى عنه أنه حكاه عن نفسه قال: أرسلنى والدى إلى القاهرة من مصر لأبتاع له قمحا، وكان له طاحون بمصر، فتوجهت إلى دار بعض الأمراء فاشتريت ألف أردب بخمسة آلاف درهم، وتسلمتها، وبت فى تلك الليلة بالقاهرة، وأصبحت فتحسن سعرها فبعتها بسبعة آلاف، فأوفيت الثمن، وأخذت ما بقى، وصرفت به مائة وثلاثين دينارا. وأتيت والدى فسألنى عن القمح، فقلت: بعته، فقال: ولم لا أتيت به؟ فقلت له: إنك لم ترسل معى الثمن، حتى ولم تعطنى دابة أركبها، وعندك عشرين دابة، ماهان عليك أن أركب منها دابة «1» . وكنت قد مشيت من مصر إلى القاهرة فحقدت ذلك عليه. قال: ثم اتجرت فى ذلك المال الذى ربحته من ثمن القمح فبارك الله لى فيه حتى جمعت منه ستمائة ألف دينار عينا، غير ما اشتريت من العقار والأثاث والخدم والدواب والمسفر وغيره.
وكانت وفاته بمصر ودفن بسفح المقطم. ومولده فى شهر رجب سنة سبع وسبعين وخمسمائة. رحمه الله تعالى.
وفيها توفى الأمير مظفر الدين عثمان بن ناصر الدين منكورس بن بدر الدين خماردكين «2» ، وهو صاحب صهيون، وجده عتيق الأمير مجاهد الدين صاحب صرخد.
وكانت وفاته فى ثانى عشر شهر ربيع الأول سنة تسع وخمسين وستمائة بقلعة صهيون ودفن بها، وولى بعده ولده سيف الدين محمد. وكان هو قد ولى صهيون بعد وفاة والده ناصر الدين منكورس فى سنة ست وعشرين وستمائة. وخلف الأمير مظفر الدين من الأموال ما لا يحصى كثرة. حكى الشيخ شمس الدين ابن الجزرى فى تاريخه قال: حكى لى الصاحب مجد الدين اسماعيل بن كسيرات الموصلى قال: كان مظفر الدين صاحب صهيون يجلس فى كل يوم فى باب القلعة ويأخذ قطعا من الشمع ويختم عليها بخاتمه، فمن كان له دعوى على خصمه أو محاكمة جاء إليه وأحضر معه شيئا من المأكول فيضعه فى الدركاه بين يدى الأمير مظفر الدين، ويأخذ قطعة من ذلك الشمع المختوم ويتوجه إلى خصمه ويقول هذا ختم السلطان، فيأخذ الخصم معه شيئا أيضا ويحضر إلى بين يديه فيحكم بينهما بنفسه. قال: فسألته عن مقدار ما يحضره الواحد منهم. قال:
يأتى كل واحد بحسبه من الرأس الغنم إلى خمس بيضات. ومات وقد ناف على تسعين سنة، رحمه الله.
وفيها توفى الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الملك بن عيسى بن درياس الماردانى «1» الشافعى، وكانت وفاته بالقاهرة فى يوم السبت سادس شوال، ودفن من يومه بسفح المقطم. ومولده فى ليلة الثلاثاء ثانى عشرين شهر ربيع الأول سنة ست وسبعين وخمسمية، رحمه الله تعالى.