المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر غزوة الروم وقتل التتار - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٣٠

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌ الجزء الثلاثون

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الثاني عشر من القسم الخامس من الفن الخامس أخبار الديار المصرية]

- ‌[تتمة ذكر اخبار دولة الترك]

- ‌ذكر أخبار السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحى وهو الرابع من ملوك دولة الترك بالديار المصرية المحروسة

- ‌[سنة ثمان وخمسين وستمائة]

- ‌واستهلت سنة تسع وخمسين وستمائة

- ‌فأما ما كان من الأخبار والحوادث فى مقر ملكه بالديار المصرية

- ‌ذكر تفويض الوزارة إلى الصاحب الوزير بهاء الدين على بن القاضى سديد الدين أبى عبد الله محمد بن سليم المعروف بابن حنا

- ‌ذكر القبض على جماعة من الامراء المعزّية

- ‌ذكر تفويض قضاء القضاء بالديار المصرية لقاضى القضاة تاج الدين بن بنت الأعز

- ‌ذكر ما اعتمده السلطان فى ابتداء سلطنته ورتبه من المصالح وقرره من القربات والأوقاف والعماير

- ‌ذكر بناء قلعة الجزيرة

- ‌ذكر وصول من يذكر من الملوك إلى خدمة السلطان وما قرره لكل منهم وما عاملهم به من الإحسان

- ‌ذكر وصول الخليفة المستعصم بالله إلى الديار المصرية ومبايعته وتجهيزه بالعساكر إلى بلاد الشرق وما كان من أمره إلى ان قتل

- ‌ذكر استيلاء الأمير علم الدين سنجر الحلبى على دمشق وسلطنته بها، وأخذها منه، وتقرير نواب السلطان بها

- ‌ذكر ما اتفق بحلب فى أمر النيابة

- ‌ذكر وصول طائفة من التتار إلى البلاد الإسلامية وما فعلوه بحلب وتقدمهم إلى حمص وقتالهم وانهزامهم وما كان من خبر عودهم

- ‌ذكر الغلاء الكائن بحلب

- ‌ذكر اختلاف العزيزية والناصرية، ومفارقة الأمير شمس الدين أقش البرلى البلاد، وتولية الحلبى نيابة حلب وعزله، وعود البرلى إليها وخروجه منها، ونيابة البندقدار وعود البرلى إليها ثانية وخروجه

- ‌ذكر ما اتفق للسلطان بالشام فى مدة مقامه بدمشق وما وقع فى سفرته هذه خلاف ما قدمنا ذكره من أمر الخليفة

- ‌ذكر ركوب السلطان إلى الميدان بدمشق ولعبه بالكره ومن كان فى خدمته من الملوك

- ‌ذكر الصلح مع ملوك الفرنج

- ‌ذكر الغارة على العرب والفرنج

- ‌ذكر عود السلطان إلى الديار المصرية

- ‌ذكر أخذ الشويك

- ‌واستهلت سنة ستين وستمائة

- ‌ذكر وصول الأمير شمس الدين سلار البغدادى وشىء من أخباره

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة الأنيرور

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة صاحب الروم ووصول رسله إلى السلطان، وما قرره السلطان من بلاده

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة الأشكرى وخبر مسجد القسطنطينية

- ‌ذكر حضور الأمير شمس الدين أقش البرلى العزيزى إلى الديار المصرية

- ‌ذكر القبض على علاء الدين طيبرس الوزيرى نائب السلطنة بالشام

- ‌ذكر وصول جماعة من التتار إلى خدمة السلطان

- ‌ذكر إنفاذ الرسل إلى الملك بركة

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالشام إلى الأمير جمال الدين النجيبى الصالحى

- ‌ذكر وفاة شيخ الإسلام عز الدين أبى محمد ابن عبد العزيز بن عبد السلام بن أبى القاسم ابن الحسن بن أبى محمد السلمى الدمشقى الشافعى وشىء من أخياره

- ‌واستهلت سنة إحدى وستين وستمائة

- ‌ذكر البيعة للإمام الحاكم بأمر الله أبى العباس أحمد العباسى

- ‌ذكر القبض على الملك المغيث صاحب الكرك واعتقاله

- ‌ذكر أخذ الكرك

- ‌ذكر القبض على الأمراء وهم: الأمير سيف الدين بلبان الرشيدى والأمير شمس الدين أقش البرلى والأمير عز الدين الدمياطى، وما نقل من الأسباب الموجبة لذلك

- ‌ذكر توجه السلطان إلى ثغر الإسكندرية

- ‌ذكر وصول التتار المستأمنين

- ‌واستهلت سنة اثنتين وستين وستمائة

- ‌ذكر تفويض أمر جيش حماة إلى الطواشى شجاع الدين مرشد الحموى

- ‌ذكر عمارة المدرسة الظاهرية وترتيب الدروس

- ‌ذكر وفاة الملك الأشرف مظفر الدين موسى صاحب حمص والرحبة

- ‌ذكر جلوس السلطان بدار العدل وما رتبه عند غلو الأسعار

- ‌ذكر جلوسه بدار العدل وما قرره من مشاركة أمناء الحكم للأوصياء

- ‌ذكر وصول جماعة من عسكر شيراز

- ‌ذكر سلطنة الملك السعيد

- ‌ذكر ختان الملك السعيد ومن معه

- ‌ذكر خبر غازية الخنافة

- ‌ذكر وصول رسل الملك بركة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الاسكندرية وتقديم سيف الدين عطاء الله على عرب برقة

- ‌ذكر الواقعة الكائنة بين المسلمين والفرنج ببلاد الأندلس- وانتصار المسلمين

- ‌ذكر مقتل الزين الحافظى

- ‌واستهلت سنة ثلاث وستين وستمائة

- ‌ذكر خبر الحريق بالقاهرة ومصر واتهام أهل الذمة وما قرره عليهم من الأموال بسببه

- ‌ذكر تفويض القضاة لأربعة حكام

- ‌ذكر القبض على الأمير شمس الدين سنقر الأقرع

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة بدر الدين السنجارى وشىء من أخباره

- ‌واستهلت سنة أربع وستين وستمائة

- ‌ذكر عمارة جسر دامية

- ‌واستهلت سنة خمس وستين وستمائة ذكر عود السلطان إلى الديار المصرية وبناء الجامع الظاهرى

- ‌ذكر إقامة الجمعة بالجامع الأزهر بالقاهرة المحروسة وشى من أخباره

- ‌ذكر إنشاء القصر الأبلق بالميدان بظاهر دمشق

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وعمارة قلعة صفد

- ‌ذكر تسمير من يذكر بالقاهرة

- ‌واستهلت سنة ست وستين وستمائة

- ‌ذكر أخذ الزكاة من عرب الحجاز

- ‌ذكر ظهور الماء بالقدس الشريف

- ‌ذكر خبر الحبيس النصرانى ومقتله

- ‌ذكر بناء القرية الظاهرية قرب العباسة

- ‌ذكر إيقاع الحوطة السلطانية على الأملاك والبساتين وما تقرر على أربابها من المال

- ‌ذكر وصول الأمير شمس الدين سنقر الأشقر من بلاد التتار والصلح مع التكفور هيتوم صاحب سيس

- ‌واستهلت سنة سبع وستين وستمائة

- ‌ذكر تجديد الحلف للملك السعيد

- ‌ذكر توجه السلطان على خيل البريد إلى الديار متنكرا وعوده إلى مخيمه بخربة اللصوص ولم يعلم من به بتوجهه

- ‌ذكر وفاة الأمير عز الدين أيدمر الحلى [الصالحى نائب السلطنة

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الظاهر إلى الحجاز الشريف

- ‌واستهلت سنة ثمان وستين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام جريدة

- ‌واستهلت سنة تسع وستين وستمائة

- ‌ذكر القبض على الملك العزيز فخر الدين عثمان بن الملك المغيث صاحب الكرك والأمراء الشهرزورية

- ‌ولنرجع إلى سياقة أخبار الدولة الظاهرية:

- ‌ذكر حادثة السيل بدمشق

- ‌ذكر سفر الشوانى الإسلامية إلى قبرس وكسرها وأسر من كان بها وخلاصهم

- ‌ذكر عود السلطان إلى قلعته ووصول رسل اليمن، واهتمامه بأمر الشوانى، وما أنعم به من الخلع والخيول على الأمراء والأجناد

- ‌ذكر القبض على من يذكر من الأمراء

- ‌واستهلت سنة سبعين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الكرك ثم إلى الشام وعزل الأمير جمال الدين النجيبى عن نيابة دمشق وتولية الأمير عز الدين أيدمر نائب الكرك نيابة السلطنة بالشام واستنابة الأمير علاء الدين أيدكن أستاد الدار بالكرك

- ‌ذكر عود السلطان من حلب ورجوعه إلى الديار المصرية وعوده إلى الشام

- ‌ذكر إيقاع الحوطة على القاضى شمس الدين الحنبلى واعتقاله

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الصيد ثم إلى الشام

- ‌واستهلت سنة إحدى وسبعين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الديار المصرية على خيل البريد وعوده إلى الشام

- ‌واستهلت سنة اثنتين وسبعين وستمائة

- ‌ذكر الطلسم الذى وجد بباب القصر بالقاهرة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام

- ‌ذكر الظفر بملك الكرج

- ‌ذكر ختان الملك المسعود نجم الدين خضر ولد السلطان الملك الظاهر

- ‌ذكر نكتة غريبة

- ‌ذكر ورود كتاب متملك الحبشة

- ‌واستهلت سنة ثلاث وسبعين وستمائة

- ‌واستهلت سنة أربع وسبعين وستمائة

- ‌ذكر متجددات اتفقت بعد وصول السلطان إلى الديار المصرية غير ما تقدم ذكره

- ‌ذكر توجه رسل السلطان إلى أشبيلية وما كان من خبرهم

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الكرك واستبداله بمن فيها من الرجال وعوده

- ‌واستهلت سنة خمس وسبعين وستمائة

- ‌ذكر وصول جماعة من أمراء الروم إلى خدمة السلطان وطاعتهم له

- ‌ذكر ظهور المسجد بجوار دير البغل وإقامة شعائر الإسلام به

- ‌ذكر غزوات السلطان الملك الظاهر وفتوحاته وما استولى عليه من البلاد الإسلامية

- ‌ذكر ما استولى عليه من القلاع والحصون والبلاد الإسلامية وأضافه إلى ممالكه

- ‌ذكر فتوح سواكن

- ‌ذكر فتوح خيبر

- ‌ذكر فتوح قرقيسيا

- ‌ذكر أخذ بلاطنس وخبرها

- ‌ذكر تسليم صهيون وبرزية

- ‌ذكر أخبار الإسماعيلية وابتداء أمرهم والاستيلاء على حصونهم

- ‌ذكر استيلاء السلطان على بلاد الإسماعيلية وشىء من أخبارها

- ‌ذكر فتوح العليقة والرّصافة

- ‌ذكر فتوح بقية حصون الدعوة

- ‌ذكر أخبار هذه الحصون

- ‌ذكر غزوات السلطان وفتوحاته وما وقع من المصالحات والمهادنات

- ‌ذكر مسير السلطان إلى عكا

- ‌ذكر قصد متملك الأرمن حلب المحروسة

- ‌ذكر محاصرة التتار البيرة وتجريد العساكر وانهزام العدو

- ‌ذكر الفتوحات بالبلاد الفرنجية فى هذه السفرة

- ‌ذكر فتوح قيسارية

- ‌ذكر فتوح أرسوف

- ‌ذكر ما ملكه السلطان لأمرائه من النواحى التى فتحها الله على يده

- ‌ذكر قصد البرنس صاحب طرابلس حمص وانهزامه

- ‌ذكر إغارة العساكر على طرابلس بالشام وفتح قلعة حلبا وقلعة عرقا

- ‌ذكر إغارة العسكر على صور

- ‌ذكر فتوح صفد

- ‌ذكر غزوة سيس وأسر ملكها وقتل أخيه وعمه وأسر ولد عمه

- ‌ذكر وقعة مع الفرنج كانت النصرة فيها للمسلمين

- ‌ذكر إغارة السلطان على عكا

- ‌ذكر الصلح مع بيت الإسبتار على حصنى الأكراد والمرقب

- ‌ذكر فتوح يافا

- ‌ذكر فتوح شقيف أرنون

- ‌ذكر فتوح أنطاكية

- ‌ذكر ملخص أخبار أنطاكية

- ‌ذكر ما اعتمده السلطان فى قسمة عنائم أنطاكية وإحراقه قلعتها وما افتتحه مما هو مضاف إليها وهو: ديركوش وشقيف كفردنين وشقيف كفر تلميس

- ‌ذكر صلح القصير على المناصفة

- ‌ذكر الإغارة على صور

- ‌ذكر الإغارة على عكا

- ‌ذكر فتوح قلعة صافيتا

- ‌ذكر صلح أنطرطوس والمرقب

- ‌ذكر فتوح حصن عكّار

- ‌ذكر صلح طرابلس

- ‌ذكر فتوح القرين

- ‌ذكر صلح صور وما تقرر من المناصفة

- ‌ذكر منازلة التتار البيرة وكسرهم على الفرات وقتل مقدمهم جنقر

- ‌ذكر فتوح كينوك

- ‌ذكر إغارة عيسى بن مهنا على الأنبار

- ‌ذكر الإغارة على مرعش

- ‌ذكر غزوة سيس

- ‌ذكر شىء من أخبار بلاد سيس وسبب استيلاء الأرمن عليها

- ‌نعود إلى أخبار السلطان الملك الظاهر

- ‌ذكر منازلة حصن القصير وفتحه

- ‌ذكر وفاة الأبرنس صاحب طرابلس وما انفق بعد وفاته

- ‌ذكر غزوة النوبة

- ‌ذكر غزوات النوبة فى الإسلام

- ‌ذكر غزوة الروم وقتل التتار

- ‌ذكر رحيل السلطان عن قيسارية وهرب عز الدين أيبك الشيخى ولحاقة بأبغا وعود السلطان إلى ممالكه

- ‌ذكر ما اعتمده الأمير شمس الدين محمد بك بن قرمان أمير التركمان فى البلاد الرومية

- ‌نعود إلى سياقة أخبار السلطان الملك الظاهر

- ‌واستهلت سنة ست وسبعين وستمائة

- ‌ذكر وفاة السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحى رحمه الله تعالى

- ‌مدة حكمه

- ‌ذكر وفاة الأمير بدر الدين بيليك الخزندار

- ‌ذكر القبض على من يذكر من الأمراء والإفراج عنهم ومن مات منهم

- ‌ذكر عزل قاضى القضاة محيى الدين عبد الله بن محمد بن عين الدولة وإضافة عمله إلى قاضى القضاة تقى الدين بن رزين

- ‌ذكر وفاة الشيخ خضر وشىء من أخباره

- ‌واستهلت سنة سبع وسبعين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وإقامته بدمشق وتجريد العساكر

- ‌[ذكر] أمر شاد الدواوين

- ‌[ذكر] وفاة الأمير جمال الدين أقش النجيبى الصالحى

- ‌ذكر وفاة الصاحب بهاء الدين

- ‌[ذكر] وفاة مجد الدين عبد الرحمن بن الصاحب كمال الدين عمر بن العديم

- ‌[ذكر] وفاة الشيخ العارف نجم الدين أبو المعالى محمد بن الخضر الشيبانى الحريرى

- ‌واستهلت سنة ثمان وسبعين وستمائة

- ‌ذكر عود الأمراء من الغزاة وظهور الوحشة والمنافرة بينهم وبين السلطان الملك السعيد وتوجيههم إلى الديار المصرية

- ‌ذكر وصول السلطان إلى قلعة الجبل وما كان من أمره إلى أن انخلع من السلطنة

- ‌فهرس موضوعات الجزء الثلاثون

الفصل: ‌ذكر غزوة الروم وقتل التتار

‌ذكر غزوة الروم وقتل التتار

«1»

قد ذكرنا فى أخبار السلطان فى سنة خمس وسبعين وستمائة؛ طاعة أمراء الروم ووصولهم إلى خدمة السلطان، وإكرامه لهم وإحسانه إليهم وما عاملهم به. ولما وصل السلطان إلى الديار المصرية فى رابع عشر شهر ربيع الأول سنة خمس وسبعين وستمائة، أقام بها إلى شهر رمضان منها ثم عزم على السفر.

وجهز من وصل إليه من أمراء الروم بالخيول والخيام وغير ذلك، وتوجه من قلعة الجبل المحروسة، بعساكر الديار المصرية فى يوم الخميس العشرين من شهر رمضان من السنة. ورتب الأمير شمس الدين آقسنقر أستاد الدار فى النيابة عنه بقلعة الجبل «2» والصاحب بهاء الدين وجعلهما فى خدمة ولده الملك السعيد.

واستصحب معه الصاحب زين الدين أحمد بن الصاحب فخر الدين محمد بن الصاحب بهاء الدين وجعله وزير الصحبة، وهى أول سفرة سافرها صحبته، واستصحب أكثر كتاب الإنشاء، وفوض فى هذا اليوم نظر الجيوش للقاضى عز الدين إبراهيم بن الوزير الأعز فخر الدين مقدام بن شكر، والشهادة به للقاضى شمس الدين الأرمنتى، واستصحبهما صحبته.

ثم رحل يوم السبت ثانى عشرين الشهر وصحبته أمراء الروم، وسار فما مر بمملكة إلا استصحب عسكرها وخزائنها وأسلحتها، وكان وصوله إلى دمشق فى يوم الأربعاء سابع عشر شوال، وخرج منها متوجها إلى حلب فى يوم السبت العشرين من الشهر، وكان وصوله إلى حلب فى يوم الأربعاء مستهل ذى القعدة،

ص: 350

وخرج منها فى يوم الخميس ثانى الشهر إلى حيلّان فترك بها بعض الثقل، وتقدم إلى الأمير نور الدين على بن مجلى «1» نائب السلطة بحلب أن يتوجه إلى الساجور، ويقيم على الفرات بمن معه من عسكر حلب، لحفظ معابر الفرات، خشية أن يعبر منها أحد من التتار إلى الشام. ووصل إلى الأمير نور الدين، الأمير شرف الدين عيسى بن مهنا.

ولما اتصل خبر نزول هذا الجيش بالتتار المقدمين بالعراق جهزوا إليهم جماعة من عرب خفاجة لينالوا من العسكر غرّة، فاتصل خبرهم بالأمير نور الدين [نائب حلب وهو على الفرات «2» ] فركب إليهم وقاتلهم وهزمهم، وأخذ منهم ألفا «3» ومائتى جمل. ورحل السلطان من حيلان يوم الجمعة ثالث الشهر إلى عين تاب، ثم إلى دلوك، ثم إلى مرج الديباج ثم إلى كينوك، ثم رحل منها إلى كراصو «4» ، ثم إلى اقجا دربند، فوصله يوم الثلاثاء سابع الشهر فقطعه فى نصف نهار، وبات فى وطأة هناك. وقدم الأمير شمس الدين سنقر الأشقر فى جماعة من العسكر جاليشا، فوقع على ثلاثة آلاف فارس من التتار مقدمهم كراى، فهزمهم وأسر منهم وقتل، وذلك فى يوم الخميس تاسع الشهر. ثم ورد الخبر على السلطان أن عسكر المغل ومقدمهم تتاون»

وعسكر الروم ومقدمهم [معين الدين] البرواناه قد قربوا من العسكر، فرتب السلطان عساكره وطلعت العساكر على

ص: 351

جبال مشرفة على صحراه هونى «1» من بلد أبلستين، وكان العدو فى تلك الليلة قد بات على نهر جهان «2» ، وهو نهر جيحان، فأقبل المسلمون من علو الجبل، وترتبت المغل أحد عشر طلبا، كل طلب منها يزيد على ألف، وعزلوا عسكر الروم عنهم، وجعلوه طلبا بمفرده [لئلا يكون مخامرا عليهم «3» ] .

وكان أبغا بن هولاكو قد انتخب هذا الجيش من عسكره، وكان فيه جماعة من أكابر مقدمى المغل. فوقف السلطان وتقدم إليهم جماعة من مماليكه وخواصه، فأخلدت فرقة منهم إلى الأرض وقاتلوا قتالا شديدا، وحملت فرقة «4» منهم من ميسرتهم واستدارت خلف الصناجق السلطانية، فحمل السلطان عليهم، فانجلت الحرب عن قتل التتار، وكان من بقى منهم كما قيل:

فلزهم الطراد إلى قتال

أحد سلاحهم فيه القذاره

وكانت وقعة عظيمة مشهورة فثبت فيها المغل.

واستشهد من المسلمين فى هذا اليوم شرف الدين قيران «5» العلائى أحد مقدمى الحلقة، وعز الدين أخو المحمدى.

ص: 352

ونزل السلطان فى المنزلة التى كان العدو نازلا بها، وأحضرت بين يديه الأسارى من المغل، فاستبقى السلطان بعض أكابرهم وقتل من بقى منهم، وأسر جماعة من أكابر أمراء الروم، ووصل جماعة منهم إلى الخدمة. وكان ممن أسر ووصل من الروم بكلاء «1» بن البرواناه ومعه ولد أخته، وولد خواجا يونس، والأمير نور الدين بن جاجا، والأمير قطب الدين أخو الأتابك، والأمير سراج الدين جاجا، وسيف الدين سنقرجاه الزوباشى، ونصرة الدين صاحب سيواس، والأمير كمال الدين، عارض الجيش بالروم، وحسام الدين بركاول، قريب البرواناه، وسيف الدين بن عليشير التركمانى، والأمير سيف الدين جاليش النائب بالروم، وهو أمير داد، ومعناه أمير العدل، وظهير الدين فتوح «2» مشرف الممالك، ومرتبته دون الوزارة، والأمير نظام الدين أوحد بن الأمير شرف الدين بن الخطير وإخوته، وقاضى القضاة حسام الدين قاضى الروم، ومظفر الدين بن جحاف، وأولاد الأمير صارم الدين بن الخطير، وجماعة من أصحابهم، وسيف الدين كجكنا «3» الجاشنكير، ونور الدين المنجنيقى، وأولاد رشيد الدين صاحب ملطية «4» كمال الدين وإخوته، وأمير على صاحب كركر، وأكثر هؤلاء حضروا بيوتهم وأولادهم، وأما البرواناه فأنه هرب.

ص: 353

قال القاضى محيى الدين عبد الله بن عبد الظاهر فى السيرة الظاهرية: وأما البرواناه فأنه شمر الذيل وامتطى هربا أشهب الصبح وأحمر الشفق وأصفر الأصيل وأدهم الليل، ودخل قيسارية فى وقت السحر من يوم الأحد ثانى عشر الشهر، فأفهم سلطانها غياث الدين [كيكاوس بن كيخسرو «1» ] والصاحب فخر الدين وزيرها، والأتابك مجد الدين والأمير جلال الدين المستوفى، والأمير بدر الدين ميكائيل النائب، والطغرائى وهو ولد أخى البرواناه: أن جيش الإسلام كسر بعض المغل، وأن بقية المغل انهزموا، ويخشى أن يدخل المغل قيسارية ويقتلون من بها حنقا على الإسلام، فأخذهم وأخذ زوجته بنت غياث الدين صاحب أرزن الروم، وتوجهوا كلهم إلى توقات. ولهذه كرحى خاتون [امرأة البرواناه] أربعمائة جارية استصحيتهن معها. وكانت أم هذه كرحى خاتون ملكة الكرج.

وتوقات مكان حصين مسيرة أربعة أيام من قيسارية.

وجرّد السلطان الأمير شمس الدين سنقر الأشقر بجماعة لإدراك من انهزم من المغل، والتوجه أمامه إلى قيسارية، وكتب بتأمين أهلها. فمرّ بفرقة من التتار معهم البيوت، فأخذ عنهم جانبا. وحال بينهم الليل، فمر كل منهم فى جهة.

ورحل السلطان يوم السبت حادى عشر الشهر من مكان المعركة ونزل قريبا من قرية رمّان، وهى قريب الكهف والرقيم حقيقة كما نقل، لا ما يقال إن الكهف والرقيم من عمل بيسان «2» والبلقاء.

ص: 354

وقرية رمّان هذه بيوتها مبنية حول سن جبل قائم كالهرم ويطوف بها جبال كأنها أسوار، ويخرج منها أنهار عليها قناطر لا تسع غير راكب.

واشتدت الأمطار، ثم سار بكرة النهار إلى الليل، ونزل بوطأة من أعمال صاروس العتيق، وبقربها معدن الفضة. فأتى السلطان مخبر أن التتار فى فجوة هناك فركب بالعساكر فعاقته كثرة الأمطار فعاد وبات بتلك المنزلة. وأصبح فسلك جبالا وعرة، ومر على قرية أو ترال «1» ومنها إلى خان قريب من حصن سمندو، وكان السلطان قد سير كتابا إلى نائبها، فقبله وأذعن إلى النزول عنها إن أمره السلطان، فشكره وأحسن إليه، وكذلك متولى قلعة درندا، ووالى دوالوا، أجابوا كلهم إلى الطاعة. ثم نزل السلطان قرية قريبة من قيسارية شرقى جبل عسيب، وركب يوم الأربعاء، نصف ذى القعدة سنة خمس وسبعين وستمائة، والعساكر فى خدمته، وخرج أهل قيسارية، العلماء والأكابر وغيرهم حتى النساء والأطفال فتلقوا السلطان، وكان دهليز صاحب الروم وخيامه قد نصبت فى وطأة كينجسرو قريبا من المناظر التى لملوك الروم، فنزل السلطان به، وارتفعت أصوات العالم بالتهليل والتكبير، وضربت به نوبة آل سلجق على العادة، وحضر أصحاب الملاهى فردّوا، واعتمد السلطان على الأمير سيف الدين جاليش فى النيابة، وكان أولاد قرمان [أمراء التركمان «2» ] قد رهنوا أخاهم الصغير على بك بالروم، فخرج إلى السلطان فأكرمه، وطلب منه تواقيع وصناجق له ولأخوته فأعطاه وتوجه، وكتب السلطان إليهم فى الحضور إلى خدمته، وأكد فى ذلك.

ص: 355

فكان من خبرهم فى الوصول إلى بلاد الروم بعد رحيل السلطان ما نذكره إن شاء الله تعالى.

قال: ثم ركب السلطان فى يوم الجمعة سابع عشر الشهر، وعلى رأسه جتر بنى سلجق ودخل قيسارية. وكانت دار السلطنة قد هيئت لنزوله، وتخت آل سلجق قد نصب لحلوله، فجلس فى مرتبة السلطنة بكرة النهار، وحضر القضاة والفقهاء والوعاظ والقراء والصوفية وأعيان قيسارية، وذوو المراتب على العادة السلجقية فى أيام الجمع، ووقف له أمير المحفل- وهو عندهم ذو حرمة ومكانه، وعليه أكبر ثوب وأكبر عمامة- فرتب المحفل، وقرأ القراء، ثم أنشد أمير المحفل بالعربية والعجمية مدائح فى السلطان. ومد السماط، فأكل من حضر وانصرفوا.

وتهيأ السلطان لصلاة الجمعة وحضر إلى الجامع وصلى، وخطب الخطباء فى جوامع قيسارية باسمه، وهى سبعة «1» جوامع. ثم عاد إلى دار السلطنة وأحضر بين يديه دراهم عليها السكة الظاهرية.

وظهر لمعين الدين سليمان البرواناه ولزوجته كرجى خاتون موجود عظيم «2» ، فحمل إلى السلطان وكذلك موجود من نزح؛ ففرق أكثره على أمرائه.

وحكى الصاحب عز الدين بن شداد فى السيرة الظاهرية قال: حكى لى من أثق به أن البرواناه بعث إلى السلطان لما دخل قيسارية يهنئه بالجلوس على التخت، فكتب إليه يأمره بالوفود عليه ليوليه، فكتب إليه يسأله أن ينتظره خمسة عشر يوما، وكان مراده أن يصل إلى أبغا ويحثه على المسير [بنفسه]

ص: 356