الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنقر الألفى الظاهرى، والأمير سيف الدين المستعربى. وجماعة فهدموا قلعة للفرنج عند الملوحة «1» وكانت عاصية فدكوها إلى الأرض.
وفى سادس وعشرين جمادى الأولى: توجه السلطان إلى عثليث جريدة، وسير الأمير شمس الدين سنقر السلاح «2» دار الظاهرى والأمير عز الدين الحموى، والأمير شمس الدين سنقر الألفى الظاهرى إلى حيفا، فساروا إليها ودخلوا قلعتهما، فنجا الفرنج بأنفسهم إلى المراكب بعد أن قتل منهم وأسر. وأحضرت الأسرى والرؤس، وأخربوا المدينة وقلعتها وأحرقوا أبوابها، وذلك جميعه فى يوم واحد.
وأما السلطان فإنه وصل إلى عثليث وأمر بتشعيثها وقطع أشجارها، فقطعت جميعها وخربت أبنيتها فى ذلك النهار، وعاد السلطان إلى قيسارية وكمل هدمها.
ذكر فتوح أرسوف
«3»
وفى تاسع وعشرين جمادى الأولى من السنة: رحل السلطان من قيسارية وسار إلى أرسوف، فنازلها فى مستهل جمادى الآخرة، وأمر بنقل الأحطاب فصارت حولها كالجبال الشاهقة، فعملت منها الستائر، وأمر بحفر سربين «4» من خندق المدينة الى خندق القلعة، وأسقفت بالأخشاب وسلمها لأكابر الأمراء، وعمل طريق من الخندقين إلى القلعة، فخرج الفرنج لإحراق الأحطاب
فطلبهم الأمير سيف الدين قلاون الألفى وغيره، وقلب على الأحطاب المياه فطفئت «1» النيران. ولما تكامل ردم الخندق بالأحطاب، تحيل الفرنج ونقبوا من داخل القلعة إلى أن وصلوا إلى تحت الردم وعملوا بتاتى «2» ملآنة أدهانا وشحوما وأضرموا النيران وعملوا فى النقوب المفاتح «3» ، ولم يعلم العسكر بذلك إلا بعد تمكن النيران، فاحترقت تلك الأحطاب جميعها وكان ذلك فى الليل. وجاء السلطان بنفسه وسكب المياه بالروايا، فلم تقد شيئا. فعند ذلك تقدم السلطان إلى الأمير شمس الدين سنقر الرومى والأمير بدر الدين بيسرى، والأمير بدر الدين الخزندار، والأمير شمس الدين الدكز الكركى، وجماعة من الأمراء، وهم نصف الأمراء الصنجقية «4» ، وميمنة الأمراء البحرية، وميمنة الأمراء الظاهرية، وميمنة الحلقة، بأن يأخذوا من مكانهم فى باب السرب من حافات الخندق من جهة سوره حفرا إلى البحر الملح «5» . وتقدم إلى الأمير سيف الدين قلاون الألفى، والأمير علم الدين الحلبى، والأمير سيف الدين كرمون وجماعة الأمراء، وهم نصف الأمراء الصنجقية من جهة الميسرة وميسرة الحلقة والبحرية، بأن يحفروا من الجهة الأخرى، وأن يحفر [وا] من كل ناحية من هذه النواحى سربا يكون حائط خندق وساترا له.
وتحفر فى هذا الحائط أبواب يرمى التراب فيها ويترك فى هذه السروب حتى يساوى أرضها بأرض الخندق، وعذق «1» هذا الأمر بعز الدين أيبك الفخرى أحد أصحاب الأتابك، فأستمر العمل فى هذه الخنادق والسلطان طائف فيها بنفسه ويعمل بيده، وهو تارة فى السروب، وتارة فى الأبواب التى تفتح، وتارة على حافة البحر، ويرامى مراكب الفرنج ويجر فى المنجنيق ويرمى من الستائر «2» .
وحكى عنه الأمير جمال الدين بن نهار، رحمه الله، قال:«رأيت السلطان فى هذا النهار رمى بثلاثمائة سهم نشابا» . واتفق أن السلطان حضر إلى السرب وقعد فى رأسه خلف طاقة يرمى فيها، فخرج جماعة من الفرنج الفرسان ومعهم الرماح بالخطاطيف فلم يشعر إلا وهم على باب السرب، فقام وقاتلهم يدا بيد، وكان معه الأمير شمس الدين سنقر الرومى والأمير بدر الدين بيسرى والأمير بدر الدين الخزندار وغيرهم. وصار سنقر الرومى يناوله الحجارة، فقتل بها فارسين، وقطع الأمير حسام الدين الدوادار أحد الخطاطيف بسيفه وجرح فى عضده، ورجع الفرنج على أسوأ حال.
وحضر فى هذه الغزاة جمع كبير من العباد «3» والزهاد والفقهاء والفقراء وأصناف العباد، ولم يعهد فيها خمر ولا شىء من الفواحش، بل كانت «4» النساء
الصالحات يسقين الماء ويجررن فى المجانيق. وأطلق السلطان لجماعة من الصالحين الرواتب مثل: الشيخ على المجنون والشيخ إلياس، وأطلق للشيخ على البكا جملة من المال.
قال: وأهتم بأمر المجانيق وأحضرها من دمشق، وعمل كرمون أغا منجنيقا بسبعة سهام وأثر أثرا حسنا. وكان للأمير عز الدين أيبك الأقرم أمير جاندار فى هذه الغزاة أوفر نصيب، وهو الذى تولى أمر المجانيق.
قال: ولما أثرت المجانيق فى هذه الأسوار ونجزت الأسربة التى إلى جانب الخندق من الجهتين وفتحت فيها أبواب متسعة حصل الزحف على أرسوف فى يوم الاثنين ثامن شهر رجب سنة ثلاث وستين وستمائة، وافتحت فى يوم الخميس.
وذلك أن الباشورة «1» سقطت فى الساعة الرابعة من النهار، وطلع المسلمون إليها تسلقا «2» ، وما أحس الفرنج بالمسلمين إلا وقد خالطوهم من كل باب. ورفعت الأعلام على الباشورة، وحفت بها المقاتلة، وطرحت النيران فى أبوابها. وأعطى السلطان صنجقه للأمير شمس الدين الرومى، وأمره أن يؤمن الفرنج به من القتل عند ما طلبوا الأمان. فلما رآه الفرنج بطلوا القتال، وسلم الصنجق للأمير علم الدين سنجر المسرورى الحاجب المعروف بالخياط، ودليت له الحبال من قلعة أرسوف فربطها فى وسطه والصنجق معه، ونشله الفرنج إلى القلعة فأخذ