الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر توجه السلطان الملك الظاهر إلى الحجاز الشريف
«1»
قال: لما قوى عزم السلطان على الحجاز الشريف كتم ذلك، وأنفق ونقى من جيشه، وجرد جماعة صحبة الأمير جمال الدين أقش الرومى السلاح دار، وهم المتوجهون صحبة السلطان، وجرد العساكر التى بقيت صحبة الأمير شمس الدين آقسنقر أستاد الدار إلى دمشق. فنزلوا بظاهرها.
وتوجه السلطان إلى الكرك فى صورة أنه يتصيد، فوصل إلى الكرك فى مستهل ذى القعدة، وكان رسم بتجهيز جميع ما يحتاج إليه برسم الحجاز هناك. فسير الثقل فى رابع ذى القعدة، وتوجه السلطان فى السادس من الشهر إلى الشوبك، وتوجه منه فى حادى عشر الشهر، ووصل إلى المدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، فى الخامس والعشرين منه، فزار ورحل فى السابع والعشرين. فقدم مكة، شرفها الله تعالى، فى خامس ذى الحجة، فتصدق بصدقات وافرة وكساوى كثيرة، وبقى كأحد الناس بغير حاجب، ثم غسل الكعبة، وبقى فى وسط البيت، ومن رمى له إحرامه غسله له بما ينصب من الماء فى الكعبة ويرميه إلى صاحبه، ثم جلس على باب الكعبة وأخذ بأيدى الناس ليطلع بهم إلى الكعبة.
وتعلق أحد العوام به، فلم يصل إلى يده لازدحام الناس عليه، فتعلق بإحرامه وكاد يرميه إلى الأرض وهو مستبشر بهذا الأمر، وعلق كسوة البيت الشريف ورفعها بيده على أركان البيت الشريف هو وخواصه. وسبل «2» البيت الشريف
لسائر الناس، وتردد إلى الصالحين. وكان قاضى القضاة صدر الدين سليمان معه فى طول الطريق يستفتيه. وكتب إلى صاحب اليمن كتابا ينكر «1» عليه أمورا وكتب فيه:«سطرتها من مكة وقد أخذت طريقها فى سبع عشرة خطوة «2» » يريد بالخطوة المنزلة. وقضى السلطان فرض الحج ومناسكه كما يحب، وحلق، ونحر، وأحسن إلى أميرى مكة، شرفها الله تعالى: الأمير نجم الدين أبى نمى، والأمير إدريس بن قتادة، وإلى صاحب ينبع و [أمير] خليص، وزعماء الحجاز كلهم. وطلب أميرا مكة نائبا من السلطان، فرتب شمس الدين مروان.
وزاد أميرى مكة جملة من الغلال فى كل سنة بسبب تسبيل البيت الشريف، وزاد أمراء الحجاز، إلا جما ومالك أميرى المدينة، فإنهما انتزحا من بين يديه.
وخرج السلطان من مكة، شرفها الله تعالى، فى ثالث عشر ذى الحجة، ووصل إلى المدينة فى العشرين منه، وخرج فى بكرة النهار الثانى، ووصل إلى الكرك فى يوم الخميس سلخ ذى الحجة.