الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمير شمس الدين محمد بن قرمان أمير التركمان وكتبه بما اعتمده بالروم بعد عود السلطان، وأنه حضر فى عشرين ألف فارس من التركمان وثلاثين ألف راجل متركشة إلى خدمة السلطان فلم يدركه.
ذكر ما اعتمده الأمير شمس الدين محمد بك بن قرمان أمير التركمان فى البلاد الرومية
«1»
كان الأمير شمس الدين المذكور قد باين التتار ونابذهم، وخرج عن طاعتهم وطاعة الروم، وانحاز إلى السواحل. فلما بلغه خبر كسرة التتار ووصول السلطان إلى قيسارية جمع جموعا كثيرة من التركمان وقصد أقصرا، فلم ينل منها طائلا فرحل عنها وقصد قونية فى ثلاثة آلاف فارس ونازلها، فغلق أهلها أبوابها فى وجهه، فرفع على رأسه صناجق السلطان التى سيرها مع أخيه على بك، وبعث إليهم يعرفهم أن السلطان الملك الظاهر كسر التتار ودخل قيسارية وملكها، فقال أهل البلد:«أما الأبواب فنحن لا نفتحها، ولكن أحرقوها وأدخلوا فنحن لا نمنعكم» ، فأحرقوا باب الفاخرانى، وباب سوق الخيل ودخلوا قونية يوم عرفة، وهو يوم الخميس. وكان النائب بها إذ ذاك أمين الدين ميخائيل.
فقصد من معه داره ودار غيره من الأمراء، والأسواق والخانات فنهبوها، ثم ظفروا بأمين الدين، فأخرجوه إلى ظاهر البلد وعذبوه إلى أن استأصلوا ماله ثم قتلوه وعلقوا رأسه داخل البلد، وامتنع أهل البلد من تسليمها، فاعملوا الحيلة، ورتبوا رجلا على أن يتوجه إلى قمين من أقمنة حمام عينوه له، فإذا رأى هناك شابا رمى نفسه عليه وقبلّ رجليه، فإذا قال له الشاب:«من أين تعرفنى؟» ، فيقول:
«ما أنت علاء الدين كيخسروا بن السلطان عز الدين كيقباذ؟ أنسيت تربيتى لك وحملك على كتفى؟» . وليكن ذلك بمشهد من العامة، فلما فعل ذلك وسمعت العامة مادار بين الرجل والشاب ازدحموا عليه، وإذا جماعة من التركمان كان قد رتب معهم أنهم إذا رأوا العامة قد أحدقوا به فيأخذونه «1» من بين أيديهم ويحملونه إلى الأمير شمس الدين محمد بك، ففعلوا ذلك، فلما رآه أقبل عليه وضمه إليه، وعقد له لواء السلطنة وحمل الصناجق على رأسه، وذلك فى الرابع عشرين ذى الحجة، فلما رأى أهل قونية ما فعلوه حملتهم المحبة فى آل سلجوق على متابعتهم، ثم نازلوا القلعة، فامتنع من فيها من تسليمها، فحاصروها، ثم تقرر بينهم الصلح على تسليمها ويعطى من فيها سبعون ألف درهم «2» ، فدخلوها وأجلسوا علاء الدين فيها على تخت الملك، ثم بلغ ابن قرمان والتركمان أن تاج الدين محمدا، ونصرة الدين محمود، ابنا الصاحب فخر الدين خواجا على، قد حشدا وقصداهم، فسار [ابن قرمان] إليهما وعلاء الدين معه، فالتقوا على آمد شهر، فكسرها وقتلهما، وقتل خواجا سعد الدين يونس بن سعد الدين المستوفى صاحب أنطاكية، وهو خال معين الدين البرواناه، وقتلوا جلال الدين خسرو بك بن شمس الدين يوناس بكلارتكسى «3» ، وأخذوا رءوسهم وعادوا بهم إلى قونية فى آخر ذى الحجة. واستمروا بقونية إلى أن دخلوا «4» سنة ست وسبعين وستمائة، فبلغهم
أن أبغا وصل بعد خروج الملك الظاهر من الروم إلى مكان الوقعة، فرحلوا عن قونية إلى جبالهم. وكانت مدة مقامهم بقونية سبعة وثلاثين يوما.
ذكر وصول أبغا إلى بلاد الروم ومشاهدته مكان «1» الوقعة وما فعله بأهل الروم من القتل والنهب
كان البرواناه معين الدين لما تمت الهزيمة على التتار وعليه، قد كتب إلى أبغا يستنصر به ويستحثه على الوصول إلى بلاد الروم، فتوجه أبغا إلى الروم، ولما شارف البلاد خرج إليه البرواناه بمن معه، وتوجه فى خدمته بالعساكر إلى أن وصل إلى البلستين، ووقف على موضع المعركة، فتأسف على المغل وبكى، ثم قصد منزلة السلطان الملك الظاهر، فقاسها بعصا الدبوس فعلم عدة من كان نازلا بها من العساكر وأنكر على البرواناه كونه لم يعرفه جلية حال العسكر، فاعتذر بأنه «2» ما علم بذلك، وأن العسكر حضر بغتة، فلم يقبل عذره. وكان الأمير عز الدين أيبك الشيخ فى خدمة أبغا، فقال له:«أرنى مكان الميمنة والقلب والميسرة» فأقام «3» له فى كل منزلة رمحا، فلما رأى بعد ما بين الرماح قال:«ما هذا العسكر الذى حضر معى يكفى هؤلاء» ، وكان فى خدمته من عسكره ثلاثون «4» ألف، وكان قد سيرهم إلى الشام فأعادهم من كينوك، وتوجه إلى قيسارية وسأل أهلها فقال:«هل كان مع صاحب مصر جمال؟» ، فقالوا: «لم يكن معه