المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر غزوة النوبة - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٣٠

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌ الجزء الثلاثون

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الثاني عشر من القسم الخامس من الفن الخامس أخبار الديار المصرية]

- ‌[تتمة ذكر اخبار دولة الترك]

- ‌ذكر أخبار السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحى وهو الرابع من ملوك دولة الترك بالديار المصرية المحروسة

- ‌[سنة ثمان وخمسين وستمائة]

- ‌واستهلت سنة تسع وخمسين وستمائة

- ‌فأما ما كان من الأخبار والحوادث فى مقر ملكه بالديار المصرية

- ‌ذكر تفويض الوزارة إلى الصاحب الوزير بهاء الدين على بن القاضى سديد الدين أبى عبد الله محمد بن سليم المعروف بابن حنا

- ‌ذكر القبض على جماعة من الامراء المعزّية

- ‌ذكر تفويض قضاء القضاء بالديار المصرية لقاضى القضاة تاج الدين بن بنت الأعز

- ‌ذكر ما اعتمده السلطان فى ابتداء سلطنته ورتبه من المصالح وقرره من القربات والأوقاف والعماير

- ‌ذكر بناء قلعة الجزيرة

- ‌ذكر وصول من يذكر من الملوك إلى خدمة السلطان وما قرره لكل منهم وما عاملهم به من الإحسان

- ‌ذكر وصول الخليفة المستعصم بالله إلى الديار المصرية ومبايعته وتجهيزه بالعساكر إلى بلاد الشرق وما كان من أمره إلى ان قتل

- ‌ذكر استيلاء الأمير علم الدين سنجر الحلبى على دمشق وسلطنته بها، وأخذها منه، وتقرير نواب السلطان بها

- ‌ذكر ما اتفق بحلب فى أمر النيابة

- ‌ذكر وصول طائفة من التتار إلى البلاد الإسلامية وما فعلوه بحلب وتقدمهم إلى حمص وقتالهم وانهزامهم وما كان من خبر عودهم

- ‌ذكر الغلاء الكائن بحلب

- ‌ذكر اختلاف العزيزية والناصرية، ومفارقة الأمير شمس الدين أقش البرلى البلاد، وتولية الحلبى نيابة حلب وعزله، وعود البرلى إليها وخروجه منها، ونيابة البندقدار وعود البرلى إليها ثانية وخروجه

- ‌ذكر ما اتفق للسلطان بالشام فى مدة مقامه بدمشق وما وقع فى سفرته هذه خلاف ما قدمنا ذكره من أمر الخليفة

- ‌ذكر ركوب السلطان إلى الميدان بدمشق ولعبه بالكره ومن كان فى خدمته من الملوك

- ‌ذكر الصلح مع ملوك الفرنج

- ‌ذكر الغارة على العرب والفرنج

- ‌ذكر عود السلطان إلى الديار المصرية

- ‌ذكر أخذ الشويك

- ‌واستهلت سنة ستين وستمائة

- ‌ذكر وصول الأمير شمس الدين سلار البغدادى وشىء من أخباره

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة الأنيرور

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة صاحب الروم ووصول رسله إلى السلطان، وما قرره السلطان من بلاده

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة الأشكرى وخبر مسجد القسطنطينية

- ‌ذكر حضور الأمير شمس الدين أقش البرلى العزيزى إلى الديار المصرية

- ‌ذكر القبض على علاء الدين طيبرس الوزيرى نائب السلطنة بالشام

- ‌ذكر وصول جماعة من التتار إلى خدمة السلطان

- ‌ذكر إنفاذ الرسل إلى الملك بركة

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالشام إلى الأمير جمال الدين النجيبى الصالحى

- ‌ذكر وفاة شيخ الإسلام عز الدين أبى محمد ابن عبد العزيز بن عبد السلام بن أبى القاسم ابن الحسن بن أبى محمد السلمى الدمشقى الشافعى وشىء من أخياره

- ‌واستهلت سنة إحدى وستين وستمائة

- ‌ذكر البيعة للإمام الحاكم بأمر الله أبى العباس أحمد العباسى

- ‌ذكر القبض على الملك المغيث صاحب الكرك واعتقاله

- ‌ذكر أخذ الكرك

- ‌ذكر القبض على الأمراء وهم: الأمير سيف الدين بلبان الرشيدى والأمير شمس الدين أقش البرلى والأمير عز الدين الدمياطى، وما نقل من الأسباب الموجبة لذلك

- ‌ذكر توجه السلطان إلى ثغر الإسكندرية

- ‌ذكر وصول التتار المستأمنين

- ‌واستهلت سنة اثنتين وستين وستمائة

- ‌ذكر تفويض أمر جيش حماة إلى الطواشى شجاع الدين مرشد الحموى

- ‌ذكر عمارة المدرسة الظاهرية وترتيب الدروس

- ‌ذكر وفاة الملك الأشرف مظفر الدين موسى صاحب حمص والرحبة

- ‌ذكر جلوس السلطان بدار العدل وما رتبه عند غلو الأسعار

- ‌ذكر جلوسه بدار العدل وما قرره من مشاركة أمناء الحكم للأوصياء

- ‌ذكر وصول جماعة من عسكر شيراز

- ‌ذكر سلطنة الملك السعيد

- ‌ذكر ختان الملك السعيد ومن معه

- ‌ذكر خبر غازية الخنافة

- ‌ذكر وصول رسل الملك بركة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الاسكندرية وتقديم سيف الدين عطاء الله على عرب برقة

- ‌ذكر الواقعة الكائنة بين المسلمين والفرنج ببلاد الأندلس- وانتصار المسلمين

- ‌ذكر مقتل الزين الحافظى

- ‌واستهلت سنة ثلاث وستين وستمائة

- ‌ذكر خبر الحريق بالقاهرة ومصر واتهام أهل الذمة وما قرره عليهم من الأموال بسببه

- ‌ذكر تفويض القضاة لأربعة حكام

- ‌ذكر القبض على الأمير شمس الدين سنقر الأقرع

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة بدر الدين السنجارى وشىء من أخباره

- ‌واستهلت سنة أربع وستين وستمائة

- ‌ذكر عمارة جسر دامية

- ‌واستهلت سنة خمس وستين وستمائة ذكر عود السلطان إلى الديار المصرية وبناء الجامع الظاهرى

- ‌ذكر إقامة الجمعة بالجامع الأزهر بالقاهرة المحروسة وشى من أخباره

- ‌ذكر إنشاء القصر الأبلق بالميدان بظاهر دمشق

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وعمارة قلعة صفد

- ‌ذكر تسمير من يذكر بالقاهرة

- ‌واستهلت سنة ست وستين وستمائة

- ‌ذكر أخذ الزكاة من عرب الحجاز

- ‌ذكر ظهور الماء بالقدس الشريف

- ‌ذكر خبر الحبيس النصرانى ومقتله

- ‌ذكر بناء القرية الظاهرية قرب العباسة

- ‌ذكر إيقاع الحوطة السلطانية على الأملاك والبساتين وما تقرر على أربابها من المال

- ‌ذكر وصول الأمير شمس الدين سنقر الأشقر من بلاد التتار والصلح مع التكفور هيتوم صاحب سيس

- ‌واستهلت سنة سبع وستين وستمائة

- ‌ذكر تجديد الحلف للملك السعيد

- ‌ذكر توجه السلطان على خيل البريد إلى الديار متنكرا وعوده إلى مخيمه بخربة اللصوص ولم يعلم من به بتوجهه

- ‌ذكر وفاة الأمير عز الدين أيدمر الحلى [الصالحى نائب السلطنة

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الظاهر إلى الحجاز الشريف

- ‌واستهلت سنة ثمان وستين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام جريدة

- ‌واستهلت سنة تسع وستين وستمائة

- ‌ذكر القبض على الملك العزيز فخر الدين عثمان بن الملك المغيث صاحب الكرك والأمراء الشهرزورية

- ‌ولنرجع إلى سياقة أخبار الدولة الظاهرية:

- ‌ذكر حادثة السيل بدمشق

- ‌ذكر سفر الشوانى الإسلامية إلى قبرس وكسرها وأسر من كان بها وخلاصهم

- ‌ذكر عود السلطان إلى قلعته ووصول رسل اليمن، واهتمامه بأمر الشوانى، وما أنعم به من الخلع والخيول على الأمراء والأجناد

- ‌ذكر القبض على من يذكر من الأمراء

- ‌واستهلت سنة سبعين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الكرك ثم إلى الشام وعزل الأمير جمال الدين النجيبى عن نيابة دمشق وتولية الأمير عز الدين أيدمر نائب الكرك نيابة السلطنة بالشام واستنابة الأمير علاء الدين أيدكن أستاد الدار بالكرك

- ‌ذكر عود السلطان من حلب ورجوعه إلى الديار المصرية وعوده إلى الشام

- ‌ذكر إيقاع الحوطة على القاضى شمس الدين الحنبلى واعتقاله

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الصيد ثم إلى الشام

- ‌واستهلت سنة إحدى وسبعين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الديار المصرية على خيل البريد وعوده إلى الشام

- ‌واستهلت سنة اثنتين وسبعين وستمائة

- ‌ذكر الطلسم الذى وجد بباب القصر بالقاهرة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام

- ‌ذكر الظفر بملك الكرج

- ‌ذكر ختان الملك المسعود نجم الدين خضر ولد السلطان الملك الظاهر

- ‌ذكر نكتة غريبة

- ‌ذكر ورود كتاب متملك الحبشة

- ‌واستهلت سنة ثلاث وسبعين وستمائة

- ‌واستهلت سنة أربع وسبعين وستمائة

- ‌ذكر متجددات اتفقت بعد وصول السلطان إلى الديار المصرية غير ما تقدم ذكره

- ‌ذكر توجه رسل السلطان إلى أشبيلية وما كان من خبرهم

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الكرك واستبداله بمن فيها من الرجال وعوده

- ‌واستهلت سنة خمس وسبعين وستمائة

- ‌ذكر وصول جماعة من أمراء الروم إلى خدمة السلطان وطاعتهم له

- ‌ذكر ظهور المسجد بجوار دير البغل وإقامة شعائر الإسلام به

- ‌ذكر غزوات السلطان الملك الظاهر وفتوحاته وما استولى عليه من البلاد الإسلامية

- ‌ذكر ما استولى عليه من القلاع والحصون والبلاد الإسلامية وأضافه إلى ممالكه

- ‌ذكر فتوح سواكن

- ‌ذكر فتوح خيبر

- ‌ذكر فتوح قرقيسيا

- ‌ذكر أخذ بلاطنس وخبرها

- ‌ذكر تسليم صهيون وبرزية

- ‌ذكر أخبار الإسماعيلية وابتداء أمرهم والاستيلاء على حصونهم

- ‌ذكر استيلاء السلطان على بلاد الإسماعيلية وشىء من أخبارها

- ‌ذكر فتوح العليقة والرّصافة

- ‌ذكر فتوح بقية حصون الدعوة

- ‌ذكر أخبار هذه الحصون

- ‌ذكر غزوات السلطان وفتوحاته وما وقع من المصالحات والمهادنات

- ‌ذكر مسير السلطان إلى عكا

- ‌ذكر قصد متملك الأرمن حلب المحروسة

- ‌ذكر محاصرة التتار البيرة وتجريد العساكر وانهزام العدو

- ‌ذكر الفتوحات بالبلاد الفرنجية فى هذه السفرة

- ‌ذكر فتوح قيسارية

- ‌ذكر فتوح أرسوف

- ‌ذكر ما ملكه السلطان لأمرائه من النواحى التى فتحها الله على يده

- ‌ذكر قصد البرنس صاحب طرابلس حمص وانهزامه

- ‌ذكر إغارة العساكر على طرابلس بالشام وفتح قلعة حلبا وقلعة عرقا

- ‌ذكر إغارة العسكر على صور

- ‌ذكر فتوح صفد

- ‌ذكر غزوة سيس وأسر ملكها وقتل أخيه وعمه وأسر ولد عمه

- ‌ذكر وقعة مع الفرنج كانت النصرة فيها للمسلمين

- ‌ذكر إغارة السلطان على عكا

- ‌ذكر الصلح مع بيت الإسبتار على حصنى الأكراد والمرقب

- ‌ذكر فتوح يافا

- ‌ذكر فتوح شقيف أرنون

- ‌ذكر فتوح أنطاكية

- ‌ذكر ملخص أخبار أنطاكية

- ‌ذكر ما اعتمده السلطان فى قسمة عنائم أنطاكية وإحراقه قلعتها وما افتتحه مما هو مضاف إليها وهو: ديركوش وشقيف كفردنين وشقيف كفر تلميس

- ‌ذكر صلح القصير على المناصفة

- ‌ذكر الإغارة على صور

- ‌ذكر الإغارة على عكا

- ‌ذكر فتوح قلعة صافيتا

- ‌ذكر صلح أنطرطوس والمرقب

- ‌ذكر فتوح حصن عكّار

- ‌ذكر صلح طرابلس

- ‌ذكر فتوح القرين

- ‌ذكر صلح صور وما تقرر من المناصفة

- ‌ذكر منازلة التتار البيرة وكسرهم على الفرات وقتل مقدمهم جنقر

- ‌ذكر فتوح كينوك

- ‌ذكر إغارة عيسى بن مهنا على الأنبار

- ‌ذكر الإغارة على مرعش

- ‌ذكر غزوة سيس

- ‌ذكر شىء من أخبار بلاد سيس وسبب استيلاء الأرمن عليها

- ‌نعود إلى أخبار السلطان الملك الظاهر

- ‌ذكر منازلة حصن القصير وفتحه

- ‌ذكر وفاة الأبرنس صاحب طرابلس وما انفق بعد وفاته

- ‌ذكر غزوة النوبة

- ‌ذكر غزوات النوبة فى الإسلام

- ‌ذكر غزوة الروم وقتل التتار

- ‌ذكر رحيل السلطان عن قيسارية وهرب عز الدين أيبك الشيخى ولحاقة بأبغا وعود السلطان إلى ممالكه

- ‌ذكر ما اعتمده الأمير شمس الدين محمد بك بن قرمان أمير التركمان فى البلاد الرومية

- ‌نعود إلى سياقة أخبار السلطان الملك الظاهر

- ‌واستهلت سنة ست وسبعين وستمائة

- ‌ذكر وفاة السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحى رحمه الله تعالى

- ‌مدة حكمه

- ‌ذكر وفاة الأمير بدر الدين بيليك الخزندار

- ‌ذكر القبض على من يذكر من الأمراء والإفراج عنهم ومن مات منهم

- ‌ذكر عزل قاضى القضاة محيى الدين عبد الله بن محمد بن عين الدولة وإضافة عمله إلى قاضى القضاة تقى الدين بن رزين

- ‌ذكر وفاة الشيخ خضر وشىء من أخباره

- ‌واستهلت سنة سبع وسبعين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وإقامته بدمشق وتجريد العساكر

- ‌[ذكر] أمر شاد الدواوين

- ‌[ذكر] وفاة الأمير جمال الدين أقش النجيبى الصالحى

- ‌ذكر وفاة الصاحب بهاء الدين

- ‌[ذكر] وفاة مجد الدين عبد الرحمن بن الصاحب كمال الدين عمر بن العديم

- ‌[ذكر] وفاة الشيخ العارف نجم الدين أبو المعالى محمد بن الخضر الشيبانى الحريرى

- ‌واستهلت سنة ثمان وسبعين وستمائة

- ‌ذكر عود الأمراء من الغزاة وظهور الوحشة والمنافرة بينهم وبين السلطان الملك السعيد وتوجيههم إلى الديار المصرية

- ‌ذكر وصول السلطان إلى قلعة الجبل وما كان من أمره إلى أن انخلع من السلطنة

- ‌فهرس موضوعات الجزء الثلاثون

الفصل: ‌ذكر غزوة النوبة

الدعاوى، ثم سأل الملك حضور الأمير سيف الدين إلى طرابلس فدخلها فى ثامن المحرم فى تجمل كثير من المماليك السلطانية ومماليكه وأجناده، وتلقاه أبناء الملوك بها، واجتمع بالملك وسلم إليه كتاب السلطان، وتقرر على الفرنج القيام بعشرين ألف دينار صورية وعشرين أسيرا من المسلمين.

‌ذكر غزوة النوبة

«1»

وفى سنة أربع وسبعين وستمائة: كثر تعدى داود متملك النوبة، وحضر إلى قريب أسوان وأحرق سواقى. وكان قبل ذلك قد حضر إلى عيذاب، وفعل الأفعال الشنيعة. وتوجه الأمير علاء الدين الخزندار والى قوص إلى أسوان فلم يدركه وظفر بنائبه الأمير قمر الدين [بقلعة] الدو المسمى صاحب الجبل وجماعة معه، فجهزهم إلى السلطان فوسطوا. وأمر السلطان بتجريد الأمير شمس الدين أقسنقر أستاد الدار، والأمير عز الدين أيبك الأفرم أمير جاندار، وصحبتهم جماعة من العسكر ومن أجناد الولايات والعربان بالوجه القبلى. وكان قد حضر ابن أخت ملك النوبة مرمشكد «2» الذى أخذ داود الملك منه. فجهز العسكر المنصور وتوجه [مرمشكد] صحبتهم. فأغار الأمير عز الدين على قلعة الدو وقتل وسبى، وسار الأمير شمس الدين فى أثره يستأصل «3» شأفة من بقى، ونزل الأمير شمس الدين بجزيرة ميكائيل وهى رأس جنادل النوبة، وهى كثيرة الأوعار وفى وسط البحر، فقتلوا وأسروا. وكان نائب قلعة الدو الذى ولى عوض الموسط

ص: 344

قد هرب إلى الجزائر، فأعطى أمانا واستمر على نيابته، وحلف لمرمشكد المتوجه صحبة العسكر ما دام على الطاعة. وخاض الأمير عز الدين فى وسط البحر إلى برج فحاصره وأخذه وقتل به مائتين وخمسين نفرا.

ثم ساق العسكر والتقوا الملك داود، وما زال السيف يعمل فيهم حتى أفناهم وما سلم إلا من ألقى نفسه فى البحر، وهرب داود، وأسر أخوه سنكوا «1» .

وجردّ جماعة من العسكر وساقوا ثلاثة أيام وأمسكوا أم الملك «2» داود وأخته.

وقرروا على الملك مرمشكد المتوجه صحبة العسكر قطيعة فى كل سنة، وعرض على أهل النوبة الإسلام أو القيام بالجزية أو القتل، فاختاروا القيام بالجزية وأن يقوم كل واحد بدينار عينا، وحرقت كنيسة سوس التى كان داود يزعم أنها تحدثه بما يؤديه. وكان داود قد بنى مكانا سماه عيذاب عمره على أكتاف المسلمين [الذين أسرهم من عيذاب وأسوان «3» ] وفيه منازل وكنائس، وميدان صور فيه قتلى المسلمين بعيذاب وأسراهم بأسوان، فمحيت تلك التصاوير منه وخرّب.

وتقرر حمل ما هو مخلف عن الملك داود وأقاربه. وكانت إقامة العسكر بدنقلة سبعة عشر يوما حتى تمهدت البلاد واستنقذت أسرى المسلمين المأسورين من أسوان وعيذاب، وألبس مرمشكد التاج على عادة ملوك النوبة، وأجلس بمكان الملك [داود «4» ] وحلف اليمين العظيمة عندهم على ما تقرر وهى:

ص: 345

«والله، والله والله، وحق الثالوث المقدس، والإنجيل الطاهر، والسيدة الطاهرة العذراء أم النور والمعمورية؛ والأنبياء المرسلين والحواريين والقديسين، والشهداء الأبرار. وألا: أجحد المسيح كما أجحده بودس «1» ، وأقول فيه ما يقول اليهود وأعتقد ما يعتقدونه. وألا: أكون بودس الذى طعن المسيح بالحربة، أننى أخلصت نيتى وطويتى من وقتى هذا وساعتى هذه للسلطان الملك الظاهر ركن الدنيا والدين بيبرس، وأنى أبذل جهدى وطاقتى فى تحصيل مرضاته، وأنى مادمت نائبه لا أقطع ما قرر علىّ فى كل سنة تمضى، وهو ما يفضل من مشاطرة البلاد على ما كان يتحصل لمن تقدم من ملوك النوبة، وأن يكون النصف من المتحصل للسلطان مخلصا من كل حق، والنصف الآخر أرصده لعمارة البلاد وحفظها من عدو يطرقها، وأن يكون علىّ كل سنة: من الأفيلة ثلاثة، ومن الزرافات ثلاث، ومن إنات الفهود خمس، ومن الصهب الجياد مائة، ومن الأبقار الجياد المنتخبة أربعمائة. وإننى أقرر على كل نفر من الرعية الذين تحت يدى فى البلاد من العقلاء البالغين دينارا عينا، وأن تفرد بلاد العلى والحيل خاصا للسلطان. وأنه مهما كان لداود ملك النوبة ولأخيه سنكوا ولأمه وأقاربه، ومن قتل من عسكره بسيوف العساكر المنصورة، أحمله إلى الباب العالى مع من يرصد لذلك. وأننى لا أترك شيئا منه قل ولا جل، ولا أخفيه ولا أمكن أحدا من إخفائه، ومتى خرجت عن جميع ما قررته أو شىء من هذا المذكور أعلاه كله كنت بريئا من الله تعالى، ومن المسيح، ومن السيدة الطاهرة، وأخسر دين النصرانية، وأصلى إلى غير الشرق، وأكفر بالصليب، وأعتقد ما تعقد اليهود.

ص: 346

وإنى لا أترك أحدا من العربان ببلاد النوبة. ومن وجدته منهم أرسلته إلى الباب السلطانى، ومهما سمعت من الأخبار السارة والنافعة طالعت به السلطان فى وقته وساعته، ولا أنفرد بشىء من الأشياء إذا لم يكن مصلحة، وأننى ولّى من والى السلطان وعدو من عاداه، والله على ما نقول وكيل.»

[ثم هذا عهد آخر صادر من أمير بطاعة مرمشكد وبطاعة بيبرس «1» .]

«وحلّفت الرعية أيضا بتلك الجهات بأنهم يطيعون نائب السلطان، وهو الملك مرمشكد المقيم بدنقلة، وكل نائب يكون للسلطان أطيعه ولا أرى عليه برأيى، ولا أخبىّ عنه مصلحة، وكل ما أسمعه من الأخبار الجيدة والردية أطالع نائبه به. ومتى علمت على نائبه الملك مرمشكد أمرا يخالف المصلحة لا أطيعه فيه وأطالع السلطان به فى الوقت والساعة. وأننى لا أدخل فى حكم داود، ولا أكون معه، ولا أطالعه بخبر من الأخبار، ولا أرتضى به ملكا، ورضيت بأن أقوم بدينار عينا فى كل سنة خالية على» .

وعاد العسكر وأحضر من النوبة ما نذكر، وهو ما وجد فى كنيسة سوس من الصليان الذهب وغيرها: أربعة آلاف وستمائة وأربعون دينارا ونصف، وأوانى فضيات ثمانية آلاف وستمائة وستون دينارا، والذى أحضر من الرقيق، سبعمائة رأس.

ص: 347