المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر ملخص أخبار أنطاكية - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٣٠

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌ الجزء الثلاثون

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الثاني عشر من القسم الخامس من الفن الخامس أخبار الديار المصرية]

- ‌[تتمة ذكر اخبار دولة الترك]

- ‌ذكر أخبار السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحى وهو الرابع من ملوك دولة الترك بالديار المصرية المحروسة

- ‌[سنة ثمان وخمسين وستمائة]

- ‌واستهلت سنة تسع وخمسين وستمائة

- ‌فأما ما كان من الأخبار والحوادث فى مقر ملكه بالديار المصرية

- ‌ذكر تفويض الوزارة إلى الصاحب الوزير بهاء الدين على بن القاضى سديد الدين أبى عبد الله محمد بن سليم المعروف بابن حنا

- ‌ذكر القبض على جماعة من الامراء المعزّية

- ‌ذكر تفويض قضاء القضاء بالديار المصرية لقاضى القضاة تاج الدين بن بنت الأعز

- ‌ذكر ما اعتمده السلطان فى ابتداء سلطنته ورتبه من المصالح وقرره من القربات والأوقاف والعماير

- ‌ذكر بناء قلعة الجزيرة

- ‌ذكر وصول من يذكر من الملوك إلى خدمة السلطان وما قرره لكل منهم وما عاملهم به من الإحسان

- ‌ذكر وصول الخليفة المستعصم بالله إلى الديار المصرية ومبايعته وتجهيزه بالعساكر إلى بلاد الشرق وما كان من أمره إلى ان قتل

- ‌ذكر استيلاء الأمير علم الدين سنجر الحلبى على دمشق وسلطنته بها، وأخذها منه، وتقرير نواب السلطان بها

- ‌ذكر ما اتفق بحلب فى أمر النيابة

- ‌ذكر وصول طائفة من التتار إلى البلاد الإسلامية وما فعلوه بحلب وتقدمهم إلى حمص وقتالهم وانهزامهم وما كان من خبر عودهم

- ‌ذكر الغلاء الكائن بحلب

- ‌ذكر اختلاف العزيزية والناصرية، ومفارقة الأمير شمس الدين أقش البرلى البلاد، وتولية الحلبى نيابة حلب وعزله، وعود البرلى إليها وخروجه منها، ونيابة البندقدار وعود البرلى إليها ثانية وخروجه

- ‌ذكر ما اتفق للسلطان بالشام فى مدة مقامه بدمشق وما وقع فى سفرته هذه خلاف ما قدمنا ذكره من أمر الخليفة

- ‌ذكر ركوب السلطان إلى الميدان بدمشق ولعبه بالكره ومن كان فى خدمته من الملوك

- ‌ذكر الصلح مع ملوك الفرنج

- ‌ذكر الغارة على العرب والفرنج

- ‌ذكر عود السلطان إلى الديار المصرية

- ‌ذكر أخذ الشويك

- ‌واستهلت سنة ستين وستمائة

- ‌ذكر وصول الأمير شمس الدين سلار البغدادى وشىء من أخباره

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة الأنيرور

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة صاحب الروم ووصول رسله إلى السلطان، وما قرره السلطان من بلاده

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة الأشكرى وخبر مسجد القسطنطينية

- ‌ذكر حضور الأمير شمس الدين أقش البرلى العزيزى إلى الديار المصرية

- ‌ذكر القبض على علاء الدين طيبرس الوزيرى نائب السلطنة بالشام

- ‌ذكر وصول جماعة من التتار إلى خدمة السلطان

- ‌ذكر إنفاذ الرسل إلى الملك بركة

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالشام إلى الأمير جمال الدين النجيبى الصالحى

- ‌ذكر وفاة شيخ الإسلام عز الدين أبى محمد ابن عبد العزيز بن عبد السلام بن أبى القاسم ابن الحسن بن أبى محمد السلمى الدمشقى الشافعى وشىء من أخياره

- ‌واستهلت سنة إحدى وستين وستمائة

- ‌ذكر البيعة للإمام الحاكم بأمر الله أبى العباس أحمد العباسى

- ‌ذكر القبض على الملك المغيث صاحب الكرك واعتقاله

- ‌ذكر أخذ الكرك

- ‌ذكر القبض على الأمراء وهم: الأمير سيف الدين بلبان الرشيدى والأمير شمس الدين أقش البرلى والأمير عز الدين الدمياطى، وما نقل من الأسباب الموجبة لذلك

- ‌ذكر توجه السلطان إلى ثغر الإسكندرية

- ‌ذكر وصول التتار المستأمنين

- ‌واستهلت سنة اثنتين وستين وستمائة

- ‌ذكر تفويض أمر جيش حماة إلى الطواشى شجاع الدين مرشد الحموى

- ‌ذكر عمارة المدرسة الظاهرية وترتيب الدروس

- ‌ذكر وفاة الملك الأشرف مظفر الدين موسى صاحب حمص والرحبة

- ‌ذكر جلوس السلطان بدار العدل وما رتبه عند غلو الأسعار

- ‌ذكر جلوسه بدار العدل وما قرره من مشاركة أمناء الحكم للأوصياء

- ‌ذكر وصول جماعة من عسكر شيراز

- ‌ذكر سلطنة الملك السعيد

- ‌ذكر ختان الملك السعيد ومن معه

- ‌ذكر خبر غازية الخنافة

- ‌ذكر وصول رسل الملك بركة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الاسكندرية وتقديم سيف الدين عطاء الله على عرب برقة

- ‌ذكر الواقعة الكائنة بين المسلمين والفرنج ببلاد الأندلس- وانتصار المسلمين

- ‌ذكر مقتل الزين الحافظى

- ‌واستهلت سنة ثلاث وستين وستمائة

- ‌ذكر خبر الحريق بالقاهرة ومصر واتهام أهل الذمة وما قرره عليهم من الأموال بسببه

- ‌ذكر تفويض القضاة لأربعة حكام

- ‌ذكر القبض على الأمير شمس الدين سنقر الأقرع

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة بدر الدين السنجارى وشىء من أخباره

- ‌واستهلت سنة أربع وستين وستمائة

- ‌ذكر عمارة جسر دامية

- ‌واستهلت سنة خمس وستين وستمائة ذكر عود السلطان إلى الديار المصرية وبناء الجامع الظاهرى

- ‌ذكر إقامة الجمعة بالجامع الأزهر بالقاهرة المحروسة وشى من أخباره

- ‌ذكر إنشاء القصر الأبلق بالميدان بظاهر دمشق

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وعمارة قلعة صفد

- ‌ذكر تسمير من يذكر بالقاهرة

- ‌واستهلت سنة ست وستين وستمائة

- ‌ذكر أخذ الزكاة من عرب الحجاز

- ‌ذكر ظهور الماء بالقدس الشريف

- ‌ذكر خبر الحبيس النصرانى ومقتله

- ‌ذكر بناء القرية الظاهرية قرب العباسة

- ‌ذكر إيقاع الحوطة السلطانية على الأملاك والبساتين وما تقرر على أربابها من المال

- ‌ذكر وصول الأمير شمس الدين سنقر الأشقر من بلاد التتار والصلح مع التكفور هيتوم صاحب سيس

- ‌واستهلت سنة سبع وستين وستمائة

- ‌ذكر تجديد الحلف للملك السعيد

- ‌ذكر توجه السلطان على خيل البريد إلى الديار متنكرا وعوده إلى مخيمه بخربة اللصوص ولم يعلم من به بتوجهه

- ‌ذكر وفاة الأمير عز الدين أيدمر الحلى [الصالحى نائب السلطنة

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الظاهر إلى الحجاز الشريف

- ‌واستهلت سنة ثمان وستين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام جريدة

- ‌واستهلت سنة تسع وستين وستمائة

- ‌ذكر القبض على الملك العزيز فخر الدين عثمان بن الملك المغيث صاحب الكرك والأمراء الشهرزورية

- ‌ولنرجع إلى سياقة أخبار الدولة الظاهرية:

- ‌ذكر حادثة السيل بدمشق

- ‌ذكر سفر الشوانى الإسلامية إلى قبرس وكسرها وأسر من كان بها وخلاصهم

- ‌ذكر عود السلطان إلى قلعته ووصول رسل اليمن، واهتمامه بأمر الشوانى، وما أنعم به من الخلع والخيول على الأمراء والأجناد

- ‌ذكر القبض على من يذكر من الأمراء

- ‌واستهلت سنة سبعين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الكرك ثم إلى الشام وعزل الأمير جمال الدين النجيبى عن نيابة دمشق وتولية الأمير عز الدين أيدمر نائب الكرك نيابة السلطنة بالشام واستنابة الأمير علاء الدين أيدكن أستاد الدار بالكرك

- ‌ذكر عود السلطان من حلب ورجوعه إلى الديار المصرية وعوده إلى الشام

- ‌ذكر إيقاع الحوطة على القاضى شمس الدين الحنبلى واعتقاله

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الصيد ثم إلى الشام

- ‌واستهلت سنة إحدى وسبعين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الديار المصرية على خيل البريد وعوده إلى الشام

- ‌واستهلت سنة اثنتين وسبعين وستمائة

- ‌ذكر الطلسم الذى وجد بباب القصر بالقاهرة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام

- ‌ذكر الظفر بملك الكرج

- ‌ذكر ختان الملك المسعود نجم الدين خضر ولد السلطان الملك الظاهر

- ‌ذكر نكتة غريبة

- ‌ذكر ورود كتاب متملك الحبشة

- ‌واستهلت سنة ثلاث وسبعين وستمائة

- ‌واستهلت سنة أربع وسبعين وستمائة

- ‌ذكر متجددات اتفقت بعد وصول السلطان إلى الديار المصرية غير ما تقدم ذكره

- ‌ذكر توجه رسل السلطان إلى أشبيلية وما كان من خبرهم

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الكرك واستبداله بمن فيها من الرجال وعوده

- ‌واستهلت سنة خمس وسبعين وستمائة

- ‌ذكر وصول جماعة من أمراء الروم إلى خدمة السلطان وطاعتهم له

- ‌ذكر ظهور المسجد بجوار دير البغل وإقامة شعائر الإسلام به

- ‌ذكر غزوات السلطان الملك الظاهر وفتوحاته وما استولى عليه من البلاد الإسلامية

- ‌ذكر ما استولى عليه من القلاع والحصون والبلاد الإسلامية وأضافه إلى ممالكه

- ‌ذكر فتوح سواكن

- ‌ذكر فتوح خيبر

- ‌ذكر فتوح قرقيسيا

- ‌ذكر أخذ بلاطنس وخبرها

- ‌ذكر تسليم صهيون وبرزية

- ‌ذكر أخبار الإسماعيلية وابتداء أمرهم والاستيلاء على حصونهم

- ‌ذكر استيلاء السلطان على بلاد الإسماعيلية وشىء من أخبارها

- ‌ذكر فتوح العليقة والرّصافة

- ‌ذكر فتوح بقية حصون الدعوة

- ‌ذكر أخبار هذه الحصون

- ‌ذكر غزوات السلطان وفتوحاته وما وقع من المصالحات والمهادنات

- ‌ذكر مسير السلطان إلى عكا

- ‌ذكر قصد متملك الأرمن حلب المحروسة

- ‌ذكر محاصرة التتار البيرة وتجريد العساكر وانهزام العدو

- ‌ذكر الفتوحات بالبلاد الفرنجية فى هذه السفرة

- ‌ذكر فتوح قيسارية

- ‌ذكر فتوح أرسوف

- ‌ذكر ما ملكه السلطان لأمرائه من النواحى التى فتحها الله على يده

- ‌ذكر قصد البرنس صاحب طرابلس حمص وانهزامه

- ‌ذكر إغارة العساكر على طرابلس بالشام وفتح قلعة حلبا وقلعة عرقا

- ‌ذكر إغارة العسكر على صور

- ‌ذكر فتوح صفد

- ‌ذكر غزوة سيس وأسر ملكها وقتل أخيه وعمه وأسر ولد عمه

- ‌ذكر وقعة مع الفرنج كانت النصرة فيها للمسلمين

- ‌ذكر إغارة السلطان على عكا

- ‌ذكر الصلح مع بيت الإسبتار على حصنى الأكراد والمرقب

- ‌ذكر فتوح يافا

- ‌ذكر فتوح شقيف أرنون

- ‌ذكر فتوح أنطاكية

- ‌ذكر ملخص أخبار أنطاكية

- ‌ذكر ما اعتمده السلطان فى قسمة عنائم أنطاكية وإحراقه قلعتها وما افتتحه مما هو مضاف إليها وهو: ديركوش وشقيف كفردنين وشقيف كفر تلميس

- ‌ذكر صلح القصير على المناصفة

- ‌ذكر الإغارة على صور

- ‌ذكر الإغارة على عكا

- ‌ذكر فتوح قلعة صافيتا

- ‌ذكر صلح أنطرطوس والمرقب

- ‌ذكر فتوح حصن عكّار

- ‌ذكر صلح طرابلس

- ‌ذكر فتوح القرين

- ‌ذكر صلح صور وما تقرر من المناصفة

- ‌ذكر منازلة التتار البيرة وكسرهم على الفرات وقتل مقدمهم جنقر

- ‌ذكر فتوح كينوك

- ‌ذكر إغارة عيسى بن مهنا على الأنبار

- ‌ذكر الإغارة على مرعش

- ‌ذكر غزوة سيس

- ‌ذكر شىء من أخبار بلاد سيس وسبب استيلاء الأرمن عليها

- ‌نعود إلى أخبار السلطان الملك الظاهر

- ‌ذكر منازلة حصن القصير وفتحه

- ‌ذكر وفاة الأبرنس صاحب طرابلس وما انفق بعد وفاته

- ‌ذكر غزوة النوبة

- ‌ذكر غزوات النوبة فى الإسلام

- ‌ذكر غزوة الروم وقتل التتار

- ‌ذكر رحيل السلطان عن قيسارية وهرب عز الدين أيبك الشيخى ولحاقة بأبغا وعود السلطان إلى ممالكه

- ‌ذكر ما اعتمده الأمير شمس الدين محمد بك بن قرمان أمير التركمان فى البلاد الرومية

- ‌نعود إلى سياقة أخبار السلطان الملك الظاهر

- ‌واستهلت سنة ست وسبعين وستمائة

- ‌ذكر وفاة السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحى رحمه الله تعالى

- ‌مدة حكمه

- ‌ذكر وفاة الأمير بدر الدين بيليك الخزندار

- ‌ذكر القبض على من يذكر من الأمراء والإفراج عنهم ومن مات منهم

- ‌ذكر عزل قاضى القضاة محيى الدين عبد الله بن محمد بن عين الدولة وإضافة عمله إلى قاضى القضاة تقى الدين بن رزين

- ‌ذكر وفاة الشيخ خضر وشىء من أخباره

- ‌واستهلت سنة سبع وسبعين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وإقامته بدمشق وتجريد العساكر

- ‌[ذكر] أمر شاد الدواوين

- ‌[ذكر] وفاة الأمير جمال الدين أقش النجيبى الصالحى

- ‌ذكر وفاة الصاحب بهاء الدين

- ‌[ذكر] وفاة مجد الدين عبد الرحمن بن الصاحب كمال الدين عمر بن العديم

- ‌[ذكر] وفاة الشيخ العارف نجم الدين أبو المعالى محمد بن الخضر الشيبانى الحريرى

- ‌واستهلت سنة ثمان وسبعين وستمائة

- ‌ذكر عود الأمراء من الغزاة وظهور الوحشة والمنافرة بينهم وبين السلطان الملك السعيد وتوجيههم إلى الديار المصرية

- ‌ذكر وصول السلطان إلى قلعة الجبل وما كان من أمره إلى أن انخلع من السلطنة

- ‌فهرس موضوعات الجزء الثلاثون

الفصل: ‌ذكر ملخص أخبار أنطاكية

«وكتابنا هذا يتضمن البشرى لك بما وهبك الله من السلامة وطول العمر، بكونك لم تكن لك فى أنطاكية فى هذه المدة إقامة، وكونك ما كنت بها فتكون إما قتيلا، وإما أسيرا، وإما جريحا، وإما كسيرا. وسلامة النفس هى التى يفرح بها الحى، إذا شاهد الأموات، ولعل الله ما أخرك إلا لأن تستدرك من الطاعة والخدمة ما فات. ولما لم يسلم أحد يخبرك بما جرى خبّرناك، ولما لم يقدر أحد يباشرك بالبشرى بسلامة نفسك وهلاك ما سواها باشرناك بهذه المفاوضة وبشّرناك، لتتحق الأمر على ما جرى. وبعد هذه المكاتبة لا ينبغى لك أن تكذب لنا خيرا، كما أن بعد هذه المخاطبة يجب أن لا تسأل غيرها مخيرا «1»

قال: ولما وصل إليه هذا الكتاب اشتد غضبه، ولم يبلغه خبر أنطاكية إلا من هذا الكتاب.

ولما تسلم السلطان القلعة سلمها للأمير بدر الدين [بيليك] الخزندار والأمير بدر الدين بيسرى الشمسى. وأما كنداسطبل فإن السلطان أطلقه وأطلق أهله وأقاربه، فاختار التوجه إلى سيس، ففسح له فى ذلك.

‌ذكر ملخص أخبار أنطاكية

ذهب المفسرون لكتاب الله تعالى فى قوله تعالى: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ «2»

أن القرية أنطاكية.

ص: 311

وقال أصحاب لأخبار فيها: إن الملك انتيوخس قصد بناء مدينة يعمرها لتكون نسبتها إليه، فسير حكماه ووزراه «1» لاختيار مكان يكون طيب الهواء والماء، قريبا من البحر والجبل، فوجدوا هذا المكان. فاختاروه لأنه جبلى بحرى «2» يحكم عليه الهواه الغربى، وعيون الماه العذبة حوله، والبحيرة الحلوة شرقية، والبحر المقلوب، وهو العاصى، خارج سورها وعليه طواحينها، وفيه المراكب تحمل الغلات إليها وغير ذلك. فعرفوا ملكهم هذه الصفات، فأمر ببنائها، وأخرج النفقات، وطلبوا حجرا جيدا لبنائها، فوجدوه فى مسافة يومين منها.

فاستخدم لها من الرجال والبنائين ثمانين ألف رجل وثمانمائة رجل، ومن العجل ستمائة عجلة، وألف وتسعمائة حمار، ومائة زورق لنقل الحجارة، خارجا عما فى ميناء السويدية من العجل والرجال والزوارق التى تحمل الرخام والعمد والقواعد.

فنجزت فى ثلاث سنين ونصف، وبنيب أسوارها وأبراجها وهى مائة وثلاثة وخمسون برجا، ومائة وثلاثة وخمسون بدنة، وسبعة أبواب، منها خمسة كبار وبابان صغارا «3» . وجعل فيها سبع عوادى ترمى إلى النهر عند الوادى المسمى الحسكروت، وجعل منه باب «4» فى الجيل ينزل منه إلى المدينة، وعليه قناطر يعبر الناس «5» عليه، وإذا امتلأ يخرج من تحت السور، وساقوا الماء إليها «6» فى قناتين: البوليط «7» والعاوية «8» .

ص: 312

ولما فرغت حضر الملك إليها ورآها، فأكرم الصناع ومدّ لهم طعاما ثلاثة أيام، وأمر ببناء الأدر والدكاكين، فشرع الناس فى بنائها، ووهب كل من يحضر إليها وينزل حولها خراج ثلاث سنين، وبنى الكنائس وبيوت عباداتهم فاجتمع العالم إليها.

واتفق أن الملك جلس فى بعض الأيام وهو مسرور فرح، فقال له وزيره:«لو عرفت ما أنفقت فى هذه المدينة ما كنت تفرح» فاستيقظ لنفسه، وأمر بعمل حساب ما أنفق فيها سوى الضيافات والجواميس التى أخذت من المروج والبهائم بغير ثمن، فجاءت أربعة آلاف قنطار وخمسين قنطارا ذهبا، فعظم ذلك عنده، وأمسك عن العمارة، وشرع فى بناء مدائن تغل، فبنى سبع مدائن، وأسكن الناس فيها. واستمرت فى يد الملك، ومن ملك بعده، وعمارتها تتزايد، وكل ملك يؤثر بها تأثيرا، ويجدد بها طلسما إلى أن ظهر المسيح عليه السلام.

وما زالت فى يد الروم إلى أن فتحها المسلمون فى خلافة عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، كما قدمناه فى خلافته. ولما ولى معاوية بن أبى سفيان نقل إلى أنطاكية فى سنة اثنتين وأربعين جماعة من الفرس وأهل بعلبك وحمص، وكان منهم: مسلم بن عبد الله جد عبد الله بن حبيب بن مسلم الأنطاكى. ولم تزل بيد عمال الخلفاء فى الدولتين الأموية والعباسية، ثم استقرت فى يد بنى حمدان. فلما مات سيف الدولة ابن حمدان اتفق أهلها أنهم لا يمكنون أحدا من الحمدانية يدخلها، وولوا شخصا يسمى بغلوش الكردى، وكان قد ورد الغزاة من خراسان خمسة آلاف رجل فأمسكهم وتقوى بهم واشتد أمره، وكان منهم رجل أسود

ص: 313

من الصعاليك يعرف بالزعلى «1» قد جمع طائفة وسموا نفوسهم بالغزاة. فدخل يوما عليه للسلام، فقتل الكردى وهرب أصحابه، واستولى الأسود على المدينة هو ومن معه. وكان فى بغراش نائب للروم اسمه ميخائيل البرجى وبطرس. فحضرا إليها فى جمع كبير، فعجز المسلمون عن حفظها لا تساعها، فملكها الروم فى يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من ذى الحجة سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة. فطرح المسلمون النار بينهم وبين الروم، وفتحوا باب البحر وخرجوا منه. وأسر الروم جميع من كان بها من المسلمين، فقوى الروم بفتحها، وتوجهوا إلى حلب فصالحهم أهلها وأهل حمص على مال يحمل فى كل سنة إلى ملك الروم وهو عشرة قناطير ذهبا، ومن كل مسلم دينار سوى ذوى العاهات، وأقامت إلى سنة ست وستين وثلاثمائة، فسير جعفر بن فلاح غلامه «فتوحا» إلى أنطاكية فحاصرها خمسة أشهر فلم يظفر بها. وحدثت فى هذه السنة زلزلة عظيمة هدمت قطعة من سورها فأنفذ ملك الروم ثانيا، اثنى عشر ألف دينارا وصناعا «2» لإصلاح ذلك، فبنيت أحسن ما كانت. وبنى قلعتها لاون بن الفقاس وحصنها، وكان فى خدمته جماعة من الأرمن، ومات فكمل عمارتها الملك بسيل «3» وهو الذى وجد له لما مات ستة آلاف قنطار ذهبا، ولما ولى كان فى حاصل بيت المال أربعة قناطير لا غير، وهو الذى ملك أرجيش من بلاد أرمينية فى سنة خمس عشرة وأربعمائة، وكان ملكه تسعا وأربعين سنة وأحد عشر شهرا. وبقيت فى أيدى الروم إلى أن فتحها الملك سليمان بن قتلمش السلجقى فى سنة سبع وسبعين وأربعمائة على ما أوردناه فى

ص: 314

أخبار الدولة السلجقية، وبقيت فى يده إلى أن قتل فى سنة تسع وسبعين وأربعمائة، فصارت بيد وزيره الحسن بن طاهر الشهرستانى يتولى أمرها. فلما استرد السلطان ملكشاه بلاد الشام استردها وضمها إلى الوزير المذكور، فأقام بها إلى سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، ثم فارقها [الوزير] ودخل الروم، فسلمها لباغى شيان بن ألب [أرسلان] وكانت بنته منزوجة للملك رضوان صاحب حلب.

وحدثت زلزلة بأنطاكية فى التاسع عشر من شعبان سنة أربع وثمانين وأربعمائة خربت دورها وأهلكت خلقا كثيرا، ورمت من أبراجها نحو السبعين برجا، فتقدم السلطان بعمارة ما انهدم فى سنة خمس وثمانين.

واستمرت أنطاكية بيد ملوك الإسلام إلى أن ملكها الفرنج فى جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين وأربعمائة على ما قدمناه. وكان قد اجتمع عليها جماعة من ملوك الفرنج والملك الكبير المشار إليه منهم اسمه كندفرى، فقرر أن كل ملك من الملوك يحاصرها عشرة أيام، ومن فتحت فى نوبته فهى له، ففتحت فى نوبة ملك منهم اسمه ميمون «1» . فلما اتصل ذلك بملوك الإسلام بالشام اجتمعوا ومقدميهم ظهير الدين طغرتكين صاحب دمشق، وجناح الدولة حسن صاحب حمص، وكربغا صاحب الموصل، وحاصروا أنطاكية، وكان الفرنج فى قل، فسألوا الأمان ليخرجوا منها فلم يجيبوهم، ووقع تنافس بين المسلمين فخرج الفرنج إليهم فانهزموا من غير قتال. وبقى ميمون مالكها حتى كسره الدانشمند وأسره وقتل أكثر عسكره، وذلك فى سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، فاشترى نفسه بعد ذلك بمائة ألف دينار، واستخلف ميمون فيها ولد أخيه طنكرى،

ص: 315

وركب فى البحر وسار إلى بلاده ليستنجد الفرنج ويعود، فأهلكه الله تعالى.

واستمر طنكرى مالكا لأنطاكية وأعمالها إلى أن أهلكه الله تعالى فى ثانى عشر شهر ربيع الأول سنة ست وخمسمائة، وملكها بعده روجار. وكان طنكى «1» قد استدعاه من بلده وجعله ولى عهده، وهو الذى حضر الى بيت المقدس فى ملك بغدوين، وكان بغدوين شيخا كبيرا، فاجتمعا بالبيت المقدس وقررا عهدا:

أن من مات منهم قبل الآخر انتقل ملكه إلى الباقى منهما. وتزوج روجار بنت بغدوين، فقتل روجار فى حرب كانت بينه وبين نجم الدين إيلغازى بن أرتق فى يوم السبت ثامن عشر شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. فقتل روجار «2» وجميع من معه، فسار بغدوين إلى أنطاكية وملكها، وأقام بها إلى أن وصل شاب، فى ثامن عشر شهر رمضان سنة ست وعشرين وخمسمائة، من الفرنج فى البحر وادّعى أنه ميمون بن ميمون الذى كان صاحب أنطاكية، فسلم بغدوين أنطاكيه له فملكها. وكان شجاعا مقداما، وأقام بها إلى أن سار نحو الدروب فلقيه ابن الدانشمند فكسره وقتل جماعة من عسكره بأرض عين زرية، وذلك فى نصف شهر رمضان سنة أربع وثلاثين وخمسمائة. وملك بعده الأبرنس، ولقى الملك العادل نور الدين محمود بن زنكى على حصن الأكراد فى شهر رجب سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة فكسر المسلمون وقتل جماعة منهم، واستولى الفرنج على أثقالهم. فجمع نور الدين العساكر، والتقاه فى يوم الأربعاء الحادى والعشرين من صفر سنة أربع وأربعين وخمسمائة فقتله وقتل فرسانه واستولى على خيامه.

وولى أنطاكية بعده الأبرنس أرناط، فأقام إلى أن لقيه مجد الدين أبو بكر نائب

ص: 316