الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها، انتصب السلطان لعرض العساكر بنفسه وحلّف الناس لولده الملك السعيد ناصر الدين بركة خاقان، فحلفوا له، وسيرت نسخ الأيمان إلى القلاع والممالك «1» والناس بأجمعهم.
ذكر وصول الأمير شمس الدين سلار البغدادى وشىء من أخباره
«2»
وفى نصف شهر رجب سنة ستين وستمائة وصل الأمير شمس الدين سلار البغدادى من العراق إلى الديار المصرية، وكان رجلا تركيا من قبيلة دروت «3» وهو من مماليك الخليفة الظاهر بأمر الله أبى نصر محمد بن الناصر لدين الله، ولاه واسط والكوفة والحلة. فأقام بها فى الأيام الظاهرية والمستنصرية والمستعصمية. فلما استولى هولاكو على بغداد وقتل الخليفة، اجتمع سلار هذا وصاحب شستر ومن انضم إليهما، وقاتلوا التتار فلم يكن لهم بهم طاقة لكثرة التتار، فتوجه إلى برية الحجاز، فأقام بها نحوا من سنة أشهر، ثم راسله هولاكو وكتب له فرمانا بإفراره على ما كان عليه فى الأيام المستعصمية، فحضر إليه فأقره، فلما أفضت السلطنة بالديار المصرية إلى السلطان الملك الظاهر كاتبه السلطان، وطلب منه الوصول إليه مرة بعد أخرى، فتقرر حضوره إليه، وتأخر ذلك إلى أن يتحيل لنفسه ويجمع أمواله، فاتفق أن السلطان تحدث مع قليج البغدادى فى بعض الأيام فقال له السلطان: خوشداشك سلار يصل إلينا؟ فقال: هذا لا يتصور
وقوعه، لأن سلار من الملوك بالعراق، فكيف يفارق ما هو فيه ويحضر إلى هذه البلاد؟ فقال السلطان: متى لم يحضر برضاه أحضرته بغير رضاه. وبعث قاصدا يكتب إليه على أنها أجوبة كتبه، وبعث قاصدا آخر وقال له: إذا قربت من الأردو فاقتل هذا القاصد واتركه وما معه، ففعل ذلك. ولما قتل القاصد وجده القراؤل، فأحضره إلى هولاكو فقرىء ما معه من الكتب فوجدت أجوبة سلار. وكان بمقام هولاكو جماعة من أولاد مماليك الخليفة أخذهم لنفسه وجعلهم خواصا عنده، فسيروا إلى سلار فى الوقت يعلمونه الخبر، فعلم أنها مكيدة، ورسم هولاكو بطلبه إلى الأردو، فوصل إليه الخبر قبل ورود مرسوم هولاكو بطلبه. وكان حال وصول الخبر إليه يتصيد، فعلم أنه متى وصلى إلى هولاكو قتله، فساق لوقته إلى أن وصل إلى الديار المصرية. وترك جميع أمواله وذخائره وأهله وأولاده. ولما وصل أكرمه السلطان وعامله بإحسان كثير، وأنزله بالكبش، وأمره طبلخاناه، وأقطعه منية بنى خصيب. فقال للسلطان: لقد ضيع السلطان على المسلمين أموالا عظيمة، فإنك لو تركتنى حتى أحضر بما جمعته من الأموال والذخائر انتفع بيت المال به، فإنى جمعت خراج سنتين. فقال له السلطان: إنما كان قصدى حضورك، ولم أقصد الأموال. ولا تجلس بين يدى. السلطان لا يرفع أحدا عليه «1» . ثم جرده السلطان فى مقابلة الفرنج بساحل عكا، فكتب إلى السلطان يسأله أن يقيم بالشام فأقطعه نصف [مدينة] نابلس «2» ، وأقام ستة أشهر ثم أعاده [السلطان] إلى الديار المصرية.