الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر فتوح حصن عكّار
«1»
قال: ولما رتب السلطان أمور حصن الأكراد توجه إلى حصن عكار ونازله، فى يوم الأربعاء سابع عشر رمضان، ورتب طلوع المجانيق، وركب بنفسه على الأخشاب فوق العجل فى تلك الجبال إلى أن أوصلها إلى مكان نصبت به، وشرع فى نصب المجانيق الكبار فى العشرين من الشهر. وفى هذا اليوم، استشهد الأمير ركن الدين منكورس الدوادارى، وكان يصلى فى خيمته فجاء حجر منجنيق فمات، رحمه الله تعالى. وفى التاسع والعشرين من الشهر، طلب أهل الحصن الأمان ورفعت الصناجق السلطانية على أبراجه، وفى يوم الثلاثاء سلخ الشهر، خرج أهل حصن عكار منه، وجهزوا إلى مأمنهم، وعيّد السلطان بالحصن» ورحل إلى مخيمه بالمرج.
وهذا الحصن يعرف بابن عكّار، وكان بيد المسلمين، فلما ملك الفرنج طرابلس وغيرها ترددت الرسائل بينهم وبين طغتكين وهو بحمص، فوقع الأتفاق على أن يكون للفرنج ثلث بلاد البقاع وتسلمون حصن المنيطرة «2» وحصن عكار، وألا يتعرضوا إلى البلاد بغارة. وتقرر معهم أن مصياف وحصن الوادى وحصن الطوبان وحصن الأكراد فى الصلح، ويحمل إلى الفرنج مال عنها. فلما تسلم الفرنج الحصنين عادوا إلى ما كانوا عليه من الغارات، وصار هذا الحصن لما تسلمه الفرنج من أضر شىء على المسلمين المارين من حمص إلى بعلبك، ولم يكن
له كبير ذكر فيما مضى، إلى أن وصل ريدافرنس «1» إلى الساحل بعد فكاكه من الأسر بمصر فرأه حصنا صغيرا، فأشار على صاحبه الأبرنس أن يزيد فيه وهو يساعده فى عمارته، فزاد فيه زيادة كثيرة من جهة الجنوب. وهو فى واد بين جبال محيطة به من أربع جهاته.
ولما فتحه السلطان الملك الظاهر كتب إلى صاحب طرابلس ما مثاله بعد البسملة «2» :
وكتابنا هذا يبشرك بأن علمنا الأصفر نصب مكان علمك الأحمر، وأن صوت الناقوس صار عوضه الله أكبر، ومن بقى من رجالك أطلقوا ولكن جرحى القلوب والجوارح، وسلموا ولكن من ندب السيوف إلى بكاء النوايح، وأطلقناهم ليحدثوا القومص بما جرى، ويحذروا أهل طرابلس من أنهم يغترون بحديثك المفترى، وليروهم الجراح التى أريناهم بها نفادا، ولينذروهم لقاء يومهم هذا،