المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر توجه رسل السلطان إلى أشبيلية وما كان من خبرهم - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٣٠

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌ الجزء الثلاثون

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الثاني عشر من القسم الخامس من الفن الخامس أخبار الديار المصرية]

- ‌[تتمة ذكر اخبار دولة الترك]

- ‌ذكر أخبار السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحى وهو الرابع من ملوك دولة الترك بالديار المصرية المحروسة

- ‌[سنة ثمان وخمسين وستمائة]

- ‌واستهلت سنة تسع وخمسين وستمائة

- ‌فأما ما كان من الأخبار والحوادث فى مقر ملكه بالديار المصرية

- ‌ذكر تفويض الوزارة إلى الصاحب الوزير بهاء الدين على بن القاضى سديد الدين أبى عبد الله محمد بن سليم المعروف بابن حنا

- ‌ذكر القبض على جماعة من الامراء المعزّية

- ‌ذكر تفويض قضاء القضاء بالديار المصرية لقاضى القضاة تاج الدين بن بنت الأعز

- ‌ذكر ما اعتمده السلطان فى ابتداء سلطنته ورتبه من المصالح وقرره من القربات والأوقاف والعماير

- ‌ذكر بناء قلعة الجزيرة

- ‌ذكر وصول من يذكر من الملوك إلى خدمة السلطان وما قرره لكل منهم وما عاملهم به من الإحسان

- ‌ذكر وصول الخليفة المستعصم بالله إلى الديار المصرية ومبايعته وتجهيزه بالعساكر إلى بلاد الشرق وما كان من أمره إلى ان قتل

- ‌ذكر استيلاء الأمير علم الدين سنجر الحلبى على دمشق وسلطنته بها، وأخذها منه، وتقرير نواب السلطان بها

- ‌ذكر ما اتفق بحلب فى أمر النيابة

- ‌ذكر وصول طائفة من التتار إلى البلاد الإسلامية وما فعلوه بحلب وتقدمهم إلى حمص وقتالهم وانهزامهم وما كان من خبر عودهم

- ‌ذكر الغلاء الكائن بحلب

- ‌ذكر اختلاف العزيزية والناصرية، ومفارقة الأمير شمس الدين أقش البرلى البلاد، وتولية الحلبى نيابة حلب وعزله، وعود البرلى إليها وخروجه منها، ونيابة البندقدار وعود البرلى إليها ثانية وخروجه

- ‌ذكر ما اتفق للسلطان بالشام فى مدة مقامه بدمشق وما وقع فى سفرته هذه خلاف ما قدمنا ذكره من أمر الخليفة

- ‌ذكر ركوب السلطان إلى الميدان بدمشق ولعبه بالكره ومن كان فى خدمته من الملوك

- ‌ذكر الصلح مع ملوك الفرنج

- ‌ذكر الغارة على العرب والفرنج

- ‌ذكر عود السلطان إلى الديار المصرية

- ‌ذكر أخذ الشويك

- ‌واستهلت سنة ستين وستمائة

- ‌ذكر وصول الأمير شمس الدين سلار البغدادى وشىء من أخباره

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة الأنيرور

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة صاحب الروم ووصول رسله إلى السلطان، وما قرره السلطان من بلاده

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة الأشكرى وخبر مسجد القسطنطينية

- ‌ذكر حضور الأمير شمس الدين أقش البرلى العزيزى إلى الديار المصرية

- ‌ذكر القبض على علاء الدين طيبرس الوزيرى نائب السلطنة بالشام

- ‌ذكر وصول جماعة من التتار إلى خدمة السلطان

- ‌ذكر إنفاذ الرسل إلى الملك بركة

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالشام إلى الأمير جمال الدين النجيبى الصالحى

- ‌ذكر وفاة شيخ الإسلام عز الدين أبى محمد ابن عبد العزيز بن عبد السلام بن أبى القاسم ابن الحسن بن أبى محمد السلمى الدمشقى الشافعى وشىء من أخياره

- ‌واستهلت سنة إحدى وستين وستمائة

- ‌ذكر البيعة للإمام الحاكم بأمر الله أبى العباس أحمد العباسى

- ‌ذكر القبض على الملك المغيث صاحب الكرك واعتقاله

- ‌ذكر أخذ الكرك

- ‌ذكر القبض على الأمراء وهم: الأمير سيف الدين بلبان الرشيدى والأمير شمس الدين أقش البرلى والأمير عز الدين الدمياطى، وما نقل من الأسباب الموجبة لذلك

- ‌ذكر توجه السلطان إلى ثغر الإسكندرية

- ‌ذكر وصول التتار المستأمنين

- ‌واستهلت سنة اثنتين وستين وستمائة

- ‌ذكر تفويض أمر جيش حماة إلى الطواشى شجاع الدين مرشد الحموى

- ‌ذكر عمارة المدرسة الظاهرية وترتيب الدروس

- ‌ذكر وفاة الملك الأشرف مظفر الدين موسى صاحب حمص والرحبة

- ‌ذكر جلوس السلطان بدار العدل وما رتبه عند غلو الأسعار

- ‌ذكر جلوسه بدار العدل وما قرره من مشاركة أمناء الحكم للأوصياء

- ‌ذكر وصول جماعة من عسكر شيراز

- ‌ذكر سلطنة الملك السعيد

- ‌ذكر ختان الملك السعيد ومن معه

- ‌ذكر خبر غازية الخنافة

- ‌ذكر وصول رسل الملك بركة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الاسكندرية وتقديم سيف الدين عطاء الله على عرب برقة

- ‌ذكر الواقعة الكائنة بين المسلمين والفرنج ببلاد الأندلس- وانتصار المسلمين

- ‌ذكر مقتل الزين الحافظى

- ‌واستهلت سنة ثلاث وستين وستمائة

- ‌ذكر خبر الحريق بالقاهرة ومصر واتهام أهل الذمة وما قرره عليهم من الأموال بسببه

- ‌ذكر تفويض القضاة لأربعة حكام

- ‌ذكر القبض على الأمير شمس الدين سنقر الأقرع

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة بدر الدين السنجارى وشىء من أخباره

- ‌واستهلت سنة أربع وستين وستمائة

- ‌ذكر عمارة جسر دامية

- ‌واستهلت سنة خمس وستين وستمائة ذكر عود السلطان إلى الديار المصرية وبناء الجامع الظاهرى

- ‌ذكر إقامة الجمعة بالجامع الأزهر بالقاهرة المحروسة وشى من أخباره

- ‌ذكر إنشاء القصر الأبلق بالميدان بظاهر دمشق

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وعمارة قلعة صفد

- ‌ذكر تسمير من يذكر بالقاهرة

- ‌واستهلت سنة ست وستين وستمائة

- ‌ذكر أخذ الزكاة من عرب الحجاز

- ‌ذكر ظهور الماء بالقدس الشريف

- ‌ذكر خبر الحبيس النصرانى ومقتله

- ‌ذكر بناء القرية الظاهرية قرب العباسة

- ‌ذكر إيقاع الحوطة السلطانية على الأملاك والبساتين وما تقرر على أربابها من المال

- ‌ذكر وصول الأمير شمس الدين سنقر الأشقر من بلاد التتار والصلح مع التكفور هيتوم صاحب سيس

- ‌واستهلت سنة سبع وستين وستمائة

- ‌ذكر تجديد الحلف للملك السعيد

- ‌ذكر توجه السلطان على خيل البريد إلى الديار متنكرا وعوده إلى مخيمه بخربة اللصوص ولم يعلم من به بتوجهه

- ‌ذكر وفاة الأمير عز الدين أيدمر الحلى [الصالحى نائب السلطنة

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الظاهر إلى الحجاز الشريف

- ‌واستهلت سنة ثمان وستين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام جريدة

- ‌واستهلت سنة تسع وستين وستمائة

- ‌ذكر القبض على الملك العزيز فخر الدين عثمان بن الملك المغيث صاحب الكرك والأمراء الشهرزورية

- ‌ولنرجع إلى سياقة أخبار الدولة الظاهرية:

- ‌ذكر حادثة السيل بدمشق

- ‌ذكر سفر الشوانى الإسلامية إلى قبرس وكسرها وأسر من كان بها وخلاصهم

- ‌ذكر عود السلطان إلى قلعته ووصول رسل اليمن، واهتمامه بأمر الشوانى، وما أنعم به من الخلع والخيول على الأمراء والأجناد

- ‌ذكر القبض على من يذكر من الأمراء

- ‌واستهلت سنة سبعين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الكرك ثم إلى الشام وعزل الأمير جمال الدين النجيبى عن نيابة دمشق وتولية الأمير عز الدين أيدمر نائب الكرك نيابة السلطنة بالشام واستنابة الأمير علاء الدين أيدكن أستاد الدار بالكرك

- ‌ذكر عود السلطان من حلب ورجوعه إلى الديار المصرية وعوده إلى الشام

- ‌ذكر إيقاع الحوطة على القاضى شمس الدين الحنبلى واعتقاله

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الصيد ثم إلى الشام

- ‌واستهلت سنة إحدى وسبعين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الديار المصرية على خيل البريد وعوده إلى الشام

- ‌واستهلت سنة اثنتين وسبعين وستمائة

- ‌ذكر الطلسم الذى وجد بباب القصر بالقاهرة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام

- ‌ذكر الظفر بملك الكرج

- ‌ذكر ختان الملك المسعود نجم الدين خضر ولد السلطان الملك الظاهر

- ‌ذكر نكتة غريبة

- ‌ذكر ورود كتاب متملك الحبشة

- ‌واستهلت سنة ثلاث وسبعين وستمائة

- ‌واستهلت سنة أربع وسبعين وستمائة

- ‌ذكر متجددات اتفقت بعد وصول السلطان إلى الديار المصرية غير ما تقدم ذكره

- ‌ذكر توجه رسل السلطان إلى أشبيلية وما كان من خبرهم

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الكرك واستبداله بمن فيها من الرجال وعوده

- ‌واستهلت سنة خمس وسبعين وستمائة

- ‌ذكر وصول جماعة من أمراء الروم إلى خدمة السلطان وطاعتهم له

- ‌ذكر ظهور المسجد بجوار دير البغل وإقامة شعائر الإسلام به

- ‌ذكر غزوات السلطان الملك الظاهر وفتوحاته وما استولى عليه من البلاد الإسلامية

- ‌ذكر ما استولى عليه من القلاع والحصون والبلاد الإسلامية وأضافه إلى ممالكه

- ‌ذكر فتوح سواكن

- ‌ذكر فتوح خيبر

- ‌ذكر فتوح قرقيسيا

- ‌ذكر أخذ بلاطنس وخبرها

- ‌ذكر تسليم صهيون وبرزية

- ‌ذكر أخبار الإسماعيلية وابتداء أمرهم والاستيلاء على حصونهم

- ‌ذكر استيلاء السلطان على بلاد الإسماعيلية وشىء من أخبارها

- ‌ذكر فتوح العليقة والرّصافة

- ‌ذكر فتوح بقية حصون الدعوة

- ‌ذكر أخبار هذه الحصون

- ‌ذكر غزوات السلطان وفتوحاته وما وقع من المصالحات والمهادنات

- ‌ذكر مسير السلطان إلى عكا

- ‌ذكر قصد متملك الأرمن حلب المحروسة

- ‌ذكر محاصرة التتار البيرة وتجريد العساكر وانهزام العدو

- ‌ذكر الفتوحات بالبلاد الفرنجية فى هذه السفرة

- ‌ذكر فتوح قيسارية

- ‌ذكر فتوح أرسوف

- ‌ذكر ما ملكه السلطان لأمرائه من النواحى التى فتحها الله على يده

- ‌ذكر قصد البرنس صاحب طرابلس حمص وانهزامه

- ‌ذكر إغارة العساكر على طرابلس بالشام وفتح قلعة حلبا وقلعة عرقا

- ‌ذكر إغارة العسكر على صور

- ‌ذكر فتوح صفد

- ‌ذكر غزوة سيس وأسر ملكها وقتل أخيه وعمه وأسر ولد عمه

- ‌ذكر وقعة مع الفرنج كانت النصرة فيها للمسلمين

- ‌ذكر إغارة السلطان على عكا

- ‌ذكر الصلح مع بيت الإسبتار على حصنى الأكراد والمرقب

- ‌ذكر فتوح يافا

- ‌ذكر فتوح شقيف أرنون

- ‌ذكر فتوح أنطاكية

- ‌ذكر ملخص أخبار أنطاكية

- ‌ذكر ما اعتمده السلطان فى قسمة عنائم أنطاكية وإحراقه قلعتها وما افتتحه مما هو مضاف إليها وهو: ديركوش وشقيف كفردنين وشقيف كفر تلميس

- ‌ذكر صلح القصير على المناصفة

- ‌ذكر الإغارة على صور

- ‌ذكر الإغارة على عكا

- ‌ذكر فتوح قلعة صافيتا

- ‌ذكر صلح أنطرطوس والمرقب

- ‌ذكر فتوح حصن عكّار

- ‌ذكر صلح طرابلس

- ‌ذكر فتوح القرين

- ‌ذكر صلح صور وما تقرر من المناصفة

- ‌ذكر منازلة التتار البيرة وكسرهم على الفرات وقتل مقدمهم جنقر

- ‌ذكر فتوح كينوك

- ‌ذكر إغارة عيسى بن مهنا على الأنبار

- ‌ذكر الإغارة على مرعش

- ‌ذكر غزوة سيس

- ‌ذكر شىء من أخبار بلاد سيس وسبب استيلاء الأرمن عليها

- ‌نعود إلى أخبار السلطان الملك الظاهر

- ‌ذكر منازلة حصن القصير وفتحه

- ‌ذكر وفاة الأبرنس صاحب طرابلس وما انفق بعد وفاته

- ‌ذكر غزوة النوبة

- ‌ذكر غزوات النوبة فى الإسلام

- ‌ذكر غزوة الروم وقتل التتار

- ‌ذكر رحيل السلطان عن قيسارية وهرب عز الدين أيبك الشيخى ولحاقة بأبغا وعود السلطان إلى ممالكه

- ‌ذكر ما اعتمده الأمير شمس الدين محمد بك بن قرمان أمير التركمان فى البلاد الرومية

- ‌نعود إلى سياقة أخبار السلطان الملك الظاهر

- ‌واستهلت سنة ست وسبعين وستمائة

- ‌ذكر وفاة السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحى رحمه الله تعالى

- ‌مدة حكمه

- ‌ذكر وفاة الأمير بدر الدين بيليك الخزندار

- ‌ذكر القبض على من يذكر من الأمراء والإفراج عنهم ومن مات منهم

- ‌ذكر عزل قاضى القضاة محيى الدين عبد الله بن محمد بن عين الدولة وإضافة عمله إلى قاضى القضاة تقى الدين بن رزين

- ‌ذكر وفاة الشيخ خضر وشىء من أخباره

- ‌واستهلت سنة سبع وسبعين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وإقامته بدمشق وتجريد العساكر

- ‌[ذكر] أمر شاد الدواوين

- ‌[ذكر] وفاة الأمير جمال الدين أقش النجيبى الصالحى

- ‌ذكر وفاة الصاحب بهاء الدين

- ‌[ذكر] وفاة مجد الدين عبد الرحمن بن الصاحب كمال الدين عمر بن العديم

- ‌[ذكر] وفاة الشيخ العارف نجم الدين أبو المعالى محمد بن الخضر الشيبانى الحريرى

- ‌واستهلت سنة ثمان وسبعين وستمائة

- ‌ذكر عود الأمراء من الغزاة وظهور الوحشة والمنافرة بينهم وبين السلطان الملك السعيد وتوجيههم إلى الديار المصرية

- ‌ذكر وصول السلطان إلى قلعة الجبل وما كان من أمره إلى أن انخلع من السلطنة

- ‌فهرس موضوعات الجزء الثلاثون

الفصل: ‌ذكر توجه رسل السلطان إلى أشبيلية وما كان من خبرهم

‌ذكر توجه رسل السلطان إلى أشبيلية وما كان من خبرهم

كان الفنش «1» صاحب أشهيلية قد سير رسولا إلى السلطان اسمه دينار، وعلى يده هدية سنية ورسالة، مضمونها: استدعاء مودة السلطان، وذلك قبل هذا التاريخ. فسير السلطان إليه الآن رسلا، وهم: الأمير سيف الدين الجلدكى والأمير عز الدين أيبك الكبكى «2» ، والفقيه العدل (؟؟؟ «3» ) الدين الحسين ابن همام بن مرتضى، وعلى أيديهم هدية سنية وعقاقير. فتوجهوا من القاهرة فى العشر الآخر من شوال وتوجهوا إلى الإسكندرية، وتوجهوا منها فى البحر فى ذى القعدة، فوصلوا إلى سنقريس «4» ، فعوقهم صاحب برشنونة أياما ثم أفرج عنهم، فساروا حتى وصلوا إلى مرعش «5» ، وهى من جملة مملكة الفنش، فأعلم بوصلولهم فاستدعاهم، وكان يومئذ ببنطورية «6» فتوجهوا إليه، فكانوا كلما مروا ببلد خرج إليهم أهل البلد وتلقوهم بالأفراح، إلى أن وصلوا إلى بنطورية، فخرج جميع من بها من الخيالة والرجالة والتقوهم بظاهرها، ثم استدعاهم الملك بعد ثلاث وأكرمهم غاية الإكرام، واستحضرهم فى اليوم الثانى وأحضروا

ص: 222

الهدية، فاستبشر وطابت نفسه وقبلها، ثم جهز لهم مركبا ببرشنونة «1» فتوجهوا فى البر إليها، ثم ركبوا منها فى المركب فى آخر ذى الحجة، فوصلوا إلى الإسكندرية فى صفر سنة خمس وسبعين وستمائة.

ذكر اتصال الملك السعيد بابنة الأمير سيف الدين «2» قلاون

وفى هذه السنة: فى يوم الخميس ثانى عشر ذى الحجة، عقد نكاح الملك السعيد ناصر الدين محمد بركة قان بن السلطان الملك الظاهر على [غازية خاتون] ابنة الأمير سيف الدين قلاون الألفى العلائى الصالحى. وكان العقد بالإيوان بقلعة الجبل على صداق مبلغه خمسة آلاف دينار، المعجل منه ألفا دينار، ومعاملة صرف الدينار ثلاثة عشر درهما وثلث درهم. وكان الوكيل عن الملك السعيد فى قبول النكاح، الأمير بدر الدين بيليك الخزندار نائب السلطنة، والوكيل عن الأمير سيف الدين قلاون، الأمير شمس الدين أقسنقر أستاد الدار العالية، بعد أن ثبت التوكيل فى المجلس عند قاضى القضاة صدر الدين سليمان الحنفى.

وجرى العقد بين الوكيلين بحضوره، وحضر السلطان والوزراء والقضاة والأكابر وأعيان الأمراء والمقدمين «3» . وكان الصدّاق بخط القاضى محيى الدين عبد الله ابن الشيخ رشيد الدين عبد الظاهر، وإنشائه، وقرأه فى المجلس، فخلع عليه وأعطى مائة دينار. ونسخه:

ص: 223

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*

«الحمد لله موفق الآمال لأسعد حركة، ومصدق الفال لمن جعل عنده أعظم بركة، ومحقق الإقبال لمن أصبح بشبيه سلطانه وصهرة ملكه، الذى جعل للأولياء من لدنه سلطانا ونصيرا، وميز أقدارهم باصطفاء تأهيله حتى حاروا نعيما وملكا كبيرا، وأفرد فخارهم بتقربته حتى أفاد شمس آمالهم ضياء وزاد قمرها نورا، وشرف وصلتهم حتى أصبح فضل الله عليهم بها عظيما وأفضاله كثيرا، مهيىء أسباب التوفيق العاجلة والآجلة، وجاعل ربوع كل أملاك من الأفلاك «1» بالشموس والبدور والأهلة أهلة، جامع أطراف الفخار لذوى الإيثار حتى وصلت لهم النعمة الشاملة، وحلت عندهم البركة الكاملة.»

«نحمده على «2» [أن] أحسن عند الأولياء بالنعمة لاستيداع وأجمل لتأميلهم الاستطلاع، وكمّل لاختيارهم الأجناس من الغرر والأنواع «3» ، وآتى «4» آمالهم ما لم يكن فى حساب أحسابهم من الإبتداء بالتخويل والابتداع.»

«وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة حسنة الأوضاع ملية بتشريف الألسنة وتكريم الأسماع.»

ص: 224

«ونصلى على سيدنا محمد الذى أعلا الله به الأقدار وشرف به الموالى والأصهار، وجعل كرمه دارا لهم فى كل دار، وفخره على من استطلعه من المهاجرين والأنصار مشرق الأنوار، صلى الله عليه وعليهم صلاة زاهية الأزهار يانعة الثمار.»

«وبعد، فلو كان «1» إفضال كل شىء بحسب المتصل به فى تفضيله «2» لما استصلح البدر شيئا من المنازل لنزوله، ولا الغيث شيئا من الرياض لهطوله، ولا الذكر الحكيم لسانا من الألسنة لترتيله، ولا الجوهر الثمين شيئا من التيجان لحلوله، ولكن ليتشرف بيت يحل به القمر، ونبت يزوره المطر، ولسان يتعوذ بالآيات والسور، ونضار يتجمل باللآلىء والدرر. وكذلك تجمّلت برسول الله صلى الله عليه وسلم أصهاره من أصحابه، وتشرفت أنسابهم بأنسابه، تزوج صلى الله عليه وسلم منهم، وتمّت لهم به مزية الفخار حتى رضوا عن الله ورضى عنهم. والمرتب على هذه القاعدة إفاضة نور يستمده الوجود، وتقرير أمر يقارن سعد الأجنة «3» منه سعد السعود. وإظهار خطبة يقول الثريا لا نتظام عقودها كيف، وإبراز وصلة «4» يتجمل بترصيع جوهرها متن السيف، الذى يغطيه «5» [على] ايداع هذا الجوهر به كل سيف، ونسج صهارة يتم بها إن شاء الله تعالى كل أمر شديد، ويتفق بها كل توفيق، تخلق الأيام وهو جديد. ويختار لها أبرك طالع، وكيف لا تكون البركة فى ذلك الطالع وهو السعيد، وذلك أن المراحم الشّريفة

ص: 225

السلطانية أرادت أن تخص المجلس السامى الأمير- وذكر نعوته- بالإحسان المبتكر، وتفرده بالمواهب التى ترهف بها منه الحد المنتظر، وأن ترفع من قدره بالصّهارة، مثل ما رفعه صلى الله عليه وسلم من قدر صاحبيه أبى بكر وعمر، فخطب إليه أسعد البرية وأمنع من تحميها السيوف المشرفية، وأعزّ من تسبل عليها ستور العيون الخفية، وتضرب دونها خدور «1» الجلال الرضية، وتتجمل بنعوتها العقود. وكيف لا، وهى الدرة الألفية. فقال والدها الأمير المذكور:

هكذا ترفع الأقدار وتزان، وكذا يكون قران السعد وسعد القران. وما أسعد روضا أصبحت هذه المراحم الشريفة السلطانية له خميلة «2» ، وأشرف سيفا غدت منطقة بروج سمائها له خميلة، وما أعظمها معجزة آتت الأولياء من لدنها سلطانا، وزادتهم مع إيمانهم إيمانا، وما أفخرها صهارة يقول التوفيق لإبرامها: ليت، وأشرفها عبودية كرمت سلمانها بأن جعلته من أهل البيت. وإذ قد حصلت الاستخارة فى رفع قدر المملوك «3» ، وخصّصته بهذه المزية التى تقاصرت عنها أمال أكابر الملوك. فالأمر لمليك البسيطة فى رفع درجات عبيده كيف يشاء، والتصدق بما يتفوه به هذا الإنشاء، وهو:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*

«هذا كتاب مبارك تحاسدت رماح الخط وأقلام الخطّ على تحريره، وتنافست مطالع النّوار ومشارق الأنوار على نظم سطوره، فأضاء نور الجلالة وأشرق،

ص: 226