المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر توجه السلطان إلى الصيد ثم إلى الشام - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٣٠

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌ الجزء الثلاثون

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الثاني عشر من القسم الخامس من الفن الخامس أخبار الديار المصرية]

- ‌[تتمة ذكر اخبار دولة الترك]

- ‌ذكر أخبار السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحى وهو الرابع من ملوك دولة الترك بالديار المصرية المحروسة

- ‌[سنة ثمان وخمسين وستمائة]

- ‌واستهلت سنة تسع وخمسين وستمائة

- ‌فأما ما كان من الأخبار والحوادث فى مقر ملكه بالديار المصرية

- ‌ذكر تفويض الوزارة إلى الصاحب الوزير بهاء الدين على بن القاضى سديد الدين أبى عبد الله محمد بن سليم المعروف بابن حنا

- ‌ذكر القبض على جماعة من الامراء المعزّية

- ‌ذكر تفويض قضاء القضاء بالديار المصرية لقاضى القضاة تاج الدين بن بنت الأعز

- ‌ذكر ما اعتمده السلطان فى ابتداء سلطنته ورتبه من المصالح وقرره من القربات والأوقاف والعماير

- ‌ذكر بناء قلعة الجزيرة

- ‌ذكر وصول من يذكر من الملوك إلى خدمة السلطان وما قرره لكل منهم وما عاملهم به من الإحسان

- ‌ذكر وصول الخليفة المستعصم بالله إلى الديار المصرية ومبايعته وتجهيزه بالعساكر إلى بلاد الشرق وما كان من أمره إلى ان قتل

- ‌ذكر استيلاء الأمير علم الدين سنجر الحلبى على دمشق وسلطنته بها، وأخذها منه، وتقرير نواب السلطان بها

- ‌ذكر ما اتفق بحلب فى أمر النيابة

- ‌ذكر وصول طائفة من التتار إلى البلاد الإسلامية وما فعلوه بحلب وتقدمهم إلى حمص وقتالهم وانهزامهم وما كان من خبر عودهم

- ‌ذكر الغلاء الكائن بحلب

- ‌ذكر اختلاف العزيزية والناصرية، ومفارقة الأمير شمس الدين أقش البرلى البلاد، وتولية الحلبى نيابة حلب وعزله، وعود البرلى إليها وخروجه منها، ونيابة البندقدار وعود البرلى إليها ثانية وخروجه

- ‌ذكر ما اتفق للسلطان بالشام فى مدة مقامه بدمشق وما وقع فى سفرته هذه خلاف ما قدمنا ذكره من أمر الخليفة

- ‌ذكر ركوب السلطان إلى الميدان بدمشق ولعبه بالكره ومن كان فى خدمته من الملوك

- ‌ذكر الصلح مع ملوك الفرنج

- ‌ذكر الغارة على العرب والفرنج

- ‌ذكر عود السلطان إلى الديار المصرية

- ‌ذكر أخذ الشويك

- ‌واستهلت سنة ستين وستمائة

- ‌ذكر وصول الأمير شمس الدين سلار البغدادى وشىء من أخباره

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة الأنيرور

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة صاحب الروم ووصول رسله إلى السلطان، وما قرره السلطان من بلاده

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة الأشكرى وخبر مسجد القسطنطينية

- ‌ذكر حضور الأمير شمس الدين أقش البرلى العزيزى إلى الديار المصرية

- ‌ذكر القبض على علاء الدين طيبرس الوزيرى نائب السلطنة بالشام

- ‌ذكر وصول جماعة من التتار إلى خدمة السلطان

- ‌ذكر إنفاذ الرسل إلى الملك بركة

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالشام إلى الأمير جمال الدين النجيبى الصالحى

- ‌ذكر وفاة شيخ الإسلام عز الدين أبى محمد ابن عبد العزيز بن عبد السلام بن أبى القاسم ابن الحسن بن أبى محمد السلمى الدمشقى الشافعى وشىء من أخياره

- ‌واستهلت سنة إحدى وستين وستمائة

- ‌ذكر البيعة للإمام الحاكم بأمر الله أبى العباس أحمد العباسى

- ‌ذكر القبض على الملك المغيث صاحب الكرك واعتقاله

- ‌ذكر أخذ الكرك

- ‌ذكر القبض على الأمراء وهم: الأمير سيف الدين بلبان الرشيدى والأمير شمس الدين أقش البرلى والأمير عز الدين الدمياطى، وما نقل من الأسباب الموجبة لذلك

- ‌ذكر توجه السلطان إلى ثغر الإسكندرية

- ‌ذكر وصول التتار المستأمنين

- ‌واستهلت سنة اثنتين وستين وستمائة

- ‌ذكر تفويض أمر جيش حماة إلى الطواشى شجاع الدين مرشد الحموى

- ‌ذكر عمارة المدرسة الظاهرية وترتيب الدروس

- ‌ذكر وفاة الملك الأشرف مظفر الدين موسى صاحب حمص والرحبة

- ‌ذكر جلوس السلطان بدار العدل وما رتبه عند غلو الأسعار

- ‌ذكر جلوسه بدار العدل وما قرره من مشاركة أمناء الحكم للأوصياء

- ‌ذكر وصول جماعة من عسكر شيراز

- ‌ذكر سلطنة الملك السعيد

- ‌ذكر ختان الملك السعيد ومن معه

- ‌ذكر خبر غازية الخنافة

- ‌ذكر وصول رسل الملك بركة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الاسكندرية وتقديم سيف الدين عطاء الله على عرب برقة

- ‌ذكر الواقعة الكائنة بين المسلمين والفرنج ببلاد الأندلس- وانتصار المسلمين

- ‌ذكر مقتل الزين الحافظى

- ‌واستهلت سنة ثلاث وستين وستمائة

- ‌ذكر خبر الحريق بالقاهرة ومصر واتهام أهل الذمة وما قرره عليهم من الأموال بسببه

- ‌ذكر تفويض القضاة لأربعة حكام

- ‌ذكر القبض على الأمير شمس الدين سنقر الأقرع

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة بدر الدين السنجارى وشىء من أخباره

- ‌واستهلت سنة أربع وستين وستمائة

- ‌ذكر عمارة جسر دامية

- ‌واستهلت سنة خمس وستين وستمائة ذكر عود السلطان إلى الديار المصرية وبناء الجامع الظاهرى

- ‌ذكر إقامة الجمعة بالجامع الأزهر بالقاهرة المحروسة وشى من أخباره

- ‌ذكر إنشاء القصر الأبلق بالميدان بظاهر دمشق

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وعمارة قلعة صفد

- ‌ذكر تسمير من يذكر بالقاهرة

- ‌واستهلت سنة ست وستين وستمائة

- ‌ذكر أخذ الزكاة من عرب الحجاز

- ‌ذكر ظهور الماء بالقدس الشريف

- ‌ذكر خبر الحبيس النصرانى ومقتله

- ‌ذكر بناء القرية الظاهرية قرب العباسة

- ‌ذكر إيقاع الحوطة السلطانية على الأملاك والبساتين وما تقرر على أربابها من المال

- ‌ذكر وصول الأمير شمس الدين سنقر الأشقر من بلاد التتار والصلح مع التكفور هيتوم صاحب سيس

- ‌واستهلت سنة سبع وستين وستمائة

- ‌ذكر تجديد الحلف للملك السعيد

- ‌ذكر توجه السلطان على خيل البريد إلى الديار متنكرا وعوده إلى مخيمه بخربة اللصوص ولم يعلم من به بتوجهه

- ‌ذكر وفاة الأمير عز الدين أيدمر الحلى [الصالحى نائب السلطنة

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الظاهر إلى الحجاز الشريف

- ‌واستهلت سنة ثمان وستين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام جريدة

- ‌واستهلت سنة تسع وستين وستمائة

- ‌ذكر القبض على الملك العزيز فخر الدين عثمان بن الملك المغيث صاحب الكرك والأمراء الشهرزورية

- ‌ولنرجع إلى سياقة أخبار الدولة الظاهرية:

- ‌ذكر حادثة السيل بدمشق

- ‌ذكر سفر الشوانى الإسلامية إلى قبرس وكسرها وأسر من كان بها وخلاصهم

- ‌ذكر عود السلطان إلى قلعته ووصول رسل اليمن، واهتمامه بأمر الشوانى، وما أنعم به من الخلع والخيول على الأمراء والأجناد

- ‌ذكر القبض على من يذكر من الأمراء

- ‌واستهلت سنة سبعين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الكرك ثم إلى الشام وعزل الأمير جمال الدين النجيبى عن نيابة دمشق وتولية الأمير عز الدين أيدمر نائب الكرك نيابة السلطنة بالشام واستنابة الأمير علاء الدين أيدكن أستاد الدار بالكرك

- ‌ذكر عود السلطان من حلب ورجوعه إلى الديار المصرية وعوده إلى الشام

- ‌ذكر إيقاع الحوطة على القاضى شمس الدين الحنبلى واعتقاله

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الصيد ثم إلى الشام

- ‌واستهلت سنة إحدى وسبعين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الديار المصرية على خيل البريد وعوده إلى الشام

- ‌واستهلت سنة اثنتين وسبعين وستمائة

- ‌ذكر الطلسم الذى وجد بباب القصر بالقاهرة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام

- ‌ذكر الظفر بملك الكرج

- ‌ذكر ختان الملك المسعود نجم الدين خضر ولد السلطان الملك الظاهر

- ‌ذكر نكتة غريبة

- ‌ذكر ورود كتاب متملك الحبشة

- ‌واستهلت سنة ثلاث وسبعين وستمائة

- ‌واستهلت سنة أربع وسبعين وستمائة

- ‌ذكر متجددات اتفقت بعد وصول السلطان إلى الديار المصرية غير ما تقدم ذكره

- ‌ذكر توجه رسل السلطان إلى أشبيلية وما كان من خبرهم

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الكرك واستبداله بمن فيها من الرجال وعوده

- ‌واستهلت سنة خمس وسبعين وستمائة

- ‌ذكر وصول جماعة من أمراء الروم إلى خدمة السلطان وطاعتهم له

- ‌ذكر ظهور المسجد بجوار دير البغل وإقامة شعائر الإسلام به

- ‌ذكر غزوات السلطان الملك الظاهر وفتوحاته وما استولى عليه من البلاد الإسلامية

- ‌ذكر ما استولى عليه من القلاع والحصون والبلاد الإسلامية وأضافه إلى ممالكه

- ‌ذكر فتوح سواكن

- ‌ذكر فتوح خيبر

- ‌ذكر فتوح قرقيسيا

- ‌ذكر أخذ بلاطنس وخبرها

- ‌ذكر تسليم صهيون وبرزية

- ‌ذكر أخبار الإسماعيلية وابتداء أمرهم والاستيلاء على حصونهم

- ‌ذكر استيلاء السلطان على بلاد الإسماعيلية وشىء من أخبارها

- ‌ذكر فتوح العليقة والرّصافة

- ‌ذكر فتوح بقية حصون الدعوة

- ‌ذكر أخبار هذه الحصون

- ‌ذكر غزوات السلطان وفتوحاته وما وقع من المصالحات والمهادنات

- ‌ذكر مسير السلطان إلى عكا

- ‌ذكر قصد متملك الأرمن حلب المحروسة

- ‌ذكر محاصرة التتار البيرة وتجريد العساكر وانهزام العدو

- ‌ذكر الفتوحات بالبلاد الفرنجية فى هذه السفرة

- ‌ذكر فتوح قيسارية

- ‌ذكر فتوح أرسوف

- ‌ذكر ما ملكه السلطان لأمرائه من النواحى التى فتحها الله على يده

- ‌ذكر قصد البرنس صاحب طرابلس حمص وانهزامه

- ‌ذكر إغارة العساكر على طرابلس بالشام وفتح قلعة حلبا وقلعة عرقا

- ‌ذكر إغارة العسكر على صور

- ‌ذكر فتوح صفد

- ‌ذكر غزوة سيس وأسر ملكها وقتل أخيه وعمه وأسر ولد عمه

- ‌ذكر وقعة مع الفرنج كانت النصرة فيها للمسلمين

- ‌ذكر إغارة السلطان على عكا

- ‌ذكر الصلح مع بيت الإسبتار على حصنى الأكراد والمرقب

- ‌ذكر فتوح يافا

- ‌ذكر فتوح شقيف أرنون

- ‌ذكر فتوح أنطاكية

- ‌ذكر ملخص أخبار أنطاكية

- ‌ذكر ما اعتمده السلطان فى قسمة عنائم أنطاكية وإحراقه قلعتها وما افتتحه مما هو مضاف إليها وهو: ديركوش وشقيف كفردنين وشقيف كفر تلميس

- ‌ذكر صلح القصير على المناصفة

- ‌ذكر الإغارة على صور

- ‌ذكر الإغارة على عكا

- ‌ذكر فتوح قلعة صافيتا

- ‌ذكر صلح أنطرطوس والمرقب

- ‌ذكر فتوح حصن عكّار

- ‌ذكر صلح طرابلس

- ‌ذكر فتوح القرين

- ‌ذكر صلح صور وما تقرر من المناصفة

- ‌ذكر منازلة التتار البيرة وكسرهم على الفرات وقتل مقدمهم جنقر

- ‌ذكر فتوح كينوك

- ‌ذكر إغارة عيسى بن مهنا على الأنبار

- ‌ذكر الإغارة على مرعش

- ‌ذكر غزوة سيس

- ‌ذكر شىء من أخبار بلاد سيس وسبب استيلاء الأرمن عليها

- ‌نعود إلى أخبار السلطان الملك الظاهر

- ‌ذكر منازلة حصن القصير وفتحه

- ‌ذكر وفاة الأبرنس صاحب طرابلس وما انفق بعد وفاته

- ‌ذكر غزوة النوبة

- ‌ذكر غزوات النوبة فى الإسلام

- ‌ذكر غزوة الروم وقتل التتار

- ‌ذكر رحيل السلطان عن قيسارية وهرب عز الدين أيبك الشيخى ولحاقة بأبغا وعود السلطان إلى ممالكه

- ‌ذكر ما اعتمده الأمير شمس الدين محمد بك بن قرمان أمير التركمان فى البلاد الرومية

- ‌نعود إلى سياقة أخبار السلطان الملك الظاهر

- ‌واستهلت سنة ست وسبعين وستمائة

- ‌ذكر وفاة السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحى رحمه الله تعالى

- ‌مدة حكمه

- ‌ذكر وفاة الأمير بدر الدين بيليك الخزندار

- ‌ذكر القبض على من يذكر من الأمراء والإفراج عنهم ومن مات منهم

- ‌ذكر عزل قاضى القضاة محيى الدين عبد الله بن محمد بن عين الدولة وإضافة عمله إلى قاضى القضاة تقى الدين بن رزين

- ‌ذكر وفاة الشيخ خضر وشىء من أخباره

- ‌واستهلت سنة سبع وسبعين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وإقامته بدمشق وتجريد العساكر

- ‌[ذكر] أمر شاد الدواوين

- ‌[ذكر] وفاة الأمير جمال الدين أقش النجيبى الصالحى

- ‌ذكر وفاة الصاحب بهاء الدين

- ‌[ذكر] وفاة مجد الدين عبد الرحمن بن الصاحب كمال الدين عمر بن العديم

- ‌[ذكر] وفاة الشيخ العارف نجم الدين أبو المعالى محمد بن الخضر الشيبانى الحريرى

- ‌واستهلت سنة ثمان وسبعين وستمائة

- ‌ذكر عود الأمراء من الغزاة وظهور الوحشة والمنافرة بينهم وبين السلطان الملك السعيد وتوجيههم إلى الديار المصرية

- ‌ذكر وصول السلطان إلى قلعة الجبل وما كان من أمره إلى أن انخلع من السلطنة

- ‌فهرس موضوعات الجزء الثلاثون

الفصل: ‌ذكر توجه السلطان إلى الصيد ثم إلى الشام

والحوطة على موجوده. وأعاد القاضى إلى الإعتقال فاستمر به إلى أن أفرج عنه فى النصف من شعبان سنة اثنتين وسبعين وستمائة، [ولم يول السلطان بعده قضاء الحنابلة أحدا]«1»

‌ذكر توجه السلطان إلى الصيد ثم إلى الشام

«2»

قال: ولما عاد السلطان من الجيزية، أقام بقلعة الجبل إلى شهر رجب من هذه السنة، وخرج متصيدا إلى جهة الصالحية، فبلغه حركة التتار فرجع إلى القلعة وتجهز.

وخرج إلى الشام فى ثالث شعبان من السنة، ونزل بمرج قيسارية وحصلت الهدنة مع الفرنج «3» .

ونزل السلطان بمنزلة الروحاء وعيّد بها عيد الفطر، ورحل منها فى ثانى شوال إلى خربة اللصوص، ثم توجه إلى دمشق.

ووردت رسل التتار، وهم رسل صمغار مقدم عسكر التتار بالروم، ورسل البرواناه، فحضروا بين يدى السلطان وسمع مشافهتهم، وتضمن الكتاب الذى على أيديهم الرغبة فى الصلح وطلب رسل من السلطان. فجهز إليهم الأمير مبارز الدين الطورى أمير طير، والأمير فخر الدين المقرى الحاجب، فتوجها هما

ص: 191

والرسل فى نصف شوال سنة سبعين، واجتمعا بصمغار، بين سيواس والجسر، فأكرمهم وأوصلوه ما كان معهم من الهدية، وهى: قسى تسعة، دبابيس تسعة. واعتذروا عن قلتها كونهم حضروا على خيل البريد. وفى اليوم الثانى اجتمعا بالبرواناه واعطياه قماشا فاخرا كان السلطان قد سيره إليه خفية، وسير معهما هدية لأبغا بن هولاكو، وهى جوشن ريش قنفد، وخوذه كذلك، وسيف، وقوس، ودركاش «1» ، وتسع فردات نشابا، وتوجهوا صحبة البرواناه إلى الأردو، وأوصلوا إلى أبغا هديته. وقال له الأمير مبارز الدين الطورى:

«السلطان يسلم عليك ويقول: إن رسل منكوتمر وردوا إليه مرارا، أن السلطان يركب من جهته. ويركب الملك منكوتمر من جهته، وأين وصلت خيل سلطاننا كان له، وأين وصلت خيل منكوتمر كان له» فانزعج أبغا انزعاجا عظيما، وقام وركب وخرجت الرسل إلى خيامهم، ثم طلب أمراءه للشورة «2» ، وبعد ذلك خلع على الرسل وأذن لهم فى السفر فعادوا.

وأما السلطان فإنه أقام بدمشق حتى ضحى بها، وأحسن إلى صاحب حماة، وأمر بجلوسه معه بطراحة ومسند وكرسى فى رأس السياط مسامتا للسلطان.

ثم توجه بعد ذلك إلى حصنى الأكراد وعكار «3» وشاهد العمارة بهما، وعمل بيده، وخلع على من بحصن الأكراد من الأمراء وأرباب الوظائف.

وعاد فتصيّد فى الطريق وخلع مقدار خمسمائة تشريف على من أحضر صيدا، ورجع إلى دمشق فدخلها فى خامس المحرم سنة إحدى وسبعين.

ص: 192

وفى سنة سبعين وستمائة: كانت وفاة الملك الأمجد أبى الحسن بن الملك الناصر صلاح الدين داود بن الملك المعظم شرف الدين عيسى بن السلطان الملك العادل سيف الدين أبى بكر محمد بن أيوب «1» ، رحمهم الله تعالى، بدمشق فجأة فى يوم الاثنين سادس عشر جمادى الأولى، ودفن بسفح قاسيون وله من العمر ما ينيف على خمسين سنة تقريبا. وكان من الفضلاء، وله مشاركة فى العلوم ومعرفة بالأدب، وتنقلت به الأحوال فى عمره، وصحب الفقراء والمشايخ، وانتفع بهم وأخذ عنهم. وكان كثير البرّ لمن يصحبه من المشايخ. وكانت همته عالية ونفسه ملوكية، وله صبر على المكاره. وكان جميع أهل بيته يعظمونه ويعترفون له بالتقدمة، حتى هم أبيه الملك الأمجد تقى الدين الذى قدمنا ذكر وفاته. وكان حسن الخط والترسل، وكان واسطة عقد هذا البيت. فإن أمه ابنة الملك الأمجد مجد الدين حسن بن السلطان الملك العادل الكبير، تسمى باسم جده.

وإلى جده لأمه المذكور ابن الملك العادل ينسب الغور الأمجدى وهو الخميلة، والنويعمة «2» ، ودامية، والحمام، وورثة أولاد الملك الناصر عن أمهم. وتزوج الملك الأمجد هذا ابن الملك الناصر داود، ابنة الملك العزيز غياث الدين بن الملك الظاهر أخت الملك الناصر صاحب الشام وأولدها ولدا سماه صلاح الدين محمود.

وفيها: توفى الصدر الكبير وجيه الدين أبو عبد الله محمد بن على بن سويد بن معالى بن محمد بن أبى بكر الربعى التغلبى التكريتى التاجر «3» المشهور بسعة المال والثروة

ص: 193

والجاه ونفوذ الكلمة، [بلغ] مالم يبلغه أحد من أمثاله. وكانت كتبه تنفذ عند سائر الملوك، حتى عند ملوك الفرنج بالساحل. وكانت النجابون تأتيه من بغداد إلى دمشق فى مهمات تتعلق بالخلافة. وكانت متاجره لا يتعرض إليها.

وكان خصيصا بالملك الناصر صاحب الشام لا يخرج عن إشارته ورأيه.

وانبسطت يده فى دولته. وكان عنده فضة كثيرة، مراود وجسرا «1» ، فاستأذن الملك الناصر على ضربها دراهم فأذن له، وجعل دار الضرب بدمشق بيده، فضرب منها شيئا كثيرا، وكانت مغشوشة، فخسر الناس فيها أموالهم. ولما ملك هولاكو البلاد وصل إليه فرسان من جهتة يتضمن تأمينه على نفسه وماله فما وثق به. وفارق دمشق إلى الديار المصرية. وغرم جملة مقارب ألف ألف درهم بسبب الدراهم المغشوشة وغيرها. ثم تمكن فى الدولة الظاهرية تمكنا كبيرا، ووكله السلطان الملك الظاهر، وجعله وصيّه على أولاده من بعده وناظر أوقافه، وخوطب فى مكاتباته بالمجلس السامى المولوى. وكان مع تمكنه من الملك الناصر لا يكتب له عنه إلا الصدر الأجل. وكان سبب تمكنه من السلطان الملك الظاهر ما حكاه شمس الدين محمد بن إبراهيم بن أبى بكر الجزرى فى تاريخه عن والده، رحمه الله تعالى، قال: كنت عند وجيه الدين فى داره فى أيام الملك الناصر، وقد جاء إليه الملك الظاهر وهو يومئذ فى خدمة الملك الناصر من أمرائه، وشكى إليه ضعف إقطاعه، وأنه قد ركبه دين كثير، وليس عنده كسوة لصغاره، وسأله أن يتحدث له مع الملك الناصر، وكان قد وصل إلى وجيه الدين فى تلك الساعة من عكا جوخ سقلاط وغيره، فأعطاه منه كفاية

ص: 194

عشرة أقبية، وخرق كتان فرنجى مائتى دراع، وخمس تقاطيع سكندرى، وتفصيلتين حرير، وألف درهم. وقال له:«ياخوند «1» مهما كان لك من حاجة أو خدمة أطلب ذلك منى، ولا حاجة بقول السلطان» . قال: والله لقد رأيت الملك الظاهر وقد أهوى إلى أقدام وجيه الدين ليقبلها، فرعى له السلطان الملك الظاهر حق هذا الإحسان. وملك وجيه الدين المذكور عدة من ضياع دمشق وأملاكها. وكان مع ذلك كله فيما حكى عنه شحيحا على طعامه، لكنه كان يتكرم بماله. وكانت وفاته بدمشق فى ليلة الجمعة التاسع والعشرين من شوال سنة سبعين وستمائة. ومولده بتكريت فى ذى القعده سنة تسع وستمائة، رحمه الله تعالى.

ص: 195