المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر فتوح صفد - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٣٠

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌ الجزء الثلاثون

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الثاني عشر من القسم الخامس من الفن الخامس أخبار الديار المصرية]

- ‌[تتمة ذكر اخبار دولة الترك]

- ‌ذكر أخبار السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحى وهو الرابع من ملوك دولة الترك بالديار المصرية المحروسة

- ‌[سنة ثمان وخمسين وستمائة]

- ‌واستهلت سنة تسع وخمسين وستمائة

- ‌فأما ما كان من الأخبار والحوادث فى مقر ملكه بالديار المصرية

- ‌ذكر تفويض الوزارة إلى الصاحب الوزير بهاء الدين على بن القاضى سديد الدين أبى عبد الله محمد بن سليم المعروف بابن حنا

- ‌ذكر القبض على جماعة من الامراء المعزّية

- ‌ذكر تفويض قضاء القضاء بالديار المصرية لقاضى القضاة تاج الدين بن بنت الأعز

- ‌ذكر ما اعتمده السلطان فى ابتداء سلطنته ورتبه من المصالح وقرره من القربات والأوقاف والعماير

- ‌ذكر بناء قلعة الجزيرة

- ‌ذكر وصول من يذكر من الملوك إلى خدمة السلطان وما قرره لكل منهم وما عاملهم به من الإحسان

- ‌ذكر وصول الخليفة المستعصم بالله إلى الديار المصرية ومبايعته وتجهيزه بالعساكر إلى بلاد الشرق وما كان من أمره إلى ان قتل

- ‌ذكر استيلاء الأمير علم الدين سنجر الحلبى على دمشق وسلطنته بها، وأخذها منه، وتقرير نواب السلطان بها

- ‌ذكر ما اتفق بحلب فى أمر النيابة

- ‌ذكر وصول طائفة من التتار إلى البلاد الإسلامية وما فعلوه بحلب وتقدمهم إلى حمص وقتالهم وانهزامهم وما كان من خبر عودهم

- ‌ذكر الغلاء الكائن بحلب

- ‌ذكر اختلاف العزيزية والناصرية، ومفارقة الأمير شمس الدين أقش البرلى البلاد، وتولية الحلبى نيابة حلب وعزله، وعود البرلى إليها وخروجه منها، ونيابة البندقدار وعود البرلى إليها ثانية وخروجه

- ‌ذكر ما اتفق للسلطان بالشام فى مدة مقامه بدمشق وما وقع فى سفرته هذه خلاف ما قدمنا ذكره من أمر الخليفة

- ‌ذكر ركوب السلطان إلى الميدان بدمشق ولعبه بالكره ومن كان فى خدمته من الملوك

- ‌ذكر الصلح مع ملوك الفرنج

- ‌ذكر الغارة على العرب والفرنج

- ‌ذكر عود السلطان إلى الديار المصرية

- ‌ذكر أخذ الشويك

- ‌واستهلت سنة ستين وستمائة

- ‌ذكر وصول الأمير شمس الدين سلار البغدادى وشىء من أخباره

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة الأنيرور

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة صاحب الروم ووصول رسله إلى السلطان، وما قرره السلطان من بلاده

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة الأشكرى وخبر مسجد القسطنطينية

- ‌ذكر حضور الأمير شمس الدين أقش البرلى العزيزى إلى الديار المصرية

- ‌ذكر القبض على علاء الدين طيبرس الوزيرى نائب السلطنة بالشام

- ‌ذكر وصول جماعة من التتار إلى خدمة السلطان

- ‌ذكر إنفاذ الرسل إلى الملك بركة

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالشام إلى الأمير جمال الدين النجيبى الصالحى

- ‌ذكر وفاة شيخ الإسلام عز الدين أبى محمد ابن عبد العزيز بن عبد السلام بن أبى القاسم ابن الحسن بن أبى محمد السلمى الدمشقى الشافعى وشىء من أخياره

- ‌واستهلت سنة إحدى وستين وستمائة

- ‌ذكر البيعة للإمام الحاكم بأمر الله أبى العباس أحمد العباسى

- ‌ذكر القبض على الملك المغيث صاحب الكرك واعتقاله

- ‌ذكر أخذ الكرك

- ‌ذكر القبض على الأمراء وهم: الأمير سيف الدين بلبان الرشيدى والأمير شمس الدين أقش البرلى والأمير عز الدين الدمياطى، وما نقل من الأسباب الموجبة لذلك

- ‌ذكر توجه السلطان إلى ثغر الإسكندرية

- ‌ذكر وصول التتار المستأمنين

- ‌واستهلت سنة اثنتين وستين وستمائة

- ‌ذكر تفويض أمر جيش حماة إلى الطواشى شجاع الدين مرشد الحموى

- ‌ذكر عمارة المدرسة الظاهرية وترتيب الدروس

- ‌ذكر وفاة الملك الأشرف مظفر الدين موسى صاحب حمص والرحبة

- ‌ذكر جلوس السلطان بدار العدل وما رتبه عند غلو الأسعار

- ‌ذكر جلوسه بدار العدل وما قرره من مشاركة أمناء الحكم للأوصياء

- ‌ذكر وصول جماعة من عسكر شيراز

- ‌ذكر سلطنة الملك السعيد

- ‌ذكر ختان الملك السعيد ومن معه

- ‌ذكر خبر غازية الخنافة

- ‌ذكر وصول رسل الملك بركة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الاسكندرية وتقديم سيف الدين عطاء الله على عرب برقة

- ‌ذكر الواقعة الكائنة بين المسلمين والفرنج ببلاد الأندلس- وانتصار المسلمين

- ‌ذكر مقتل الزين الحافظى

- ‌واستهلت سنة ثلاث وستين وستمائة

- ‌ذكر خبر الحريق بالقاهرة ومصر واتهام أهل الذمة وما قرره عليهم من الأموال بسببه

- ‌ذكر تفويض القضاة لأربعة حكام

- ‌ذكر القبض على الأمير شمس الدين سنقر الأقرع

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة بدر الدين السنجارى وشىء من أخباره

- ‌واستهلت سنة أربع وستين وستمائة

- ‌ذكر عمارة جسر دامية

- ‌واستهلت سنة خمس وستين وستمائة ذكر عود السلطان إلى الديار المصرية وبناء الجامع الظاهرى

- ‌ذكر إقامة الجمعة بالجامع الأزهر بالقاهرة المحروسة وشى من أخباره

- ‌ذكر إنشاء القصر الأبلق بالميدان بظاهر دمشق

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وعمارة قلعة صفد

- ‌ذكر تسمير من يذكر بالقاهرة

- ‌واستهلت سنة ست وستين وستمائة

- ‌ذكر أخذ الزكاة من عرب الحجاز

- ‌ذكر ظهور الماء بالقدس الشريف

- ‌ذكر خبر الحبيس النصرانى ومقتله

- ‌ذكر بناء القرية الظاهرية قرب العباسة

- ‌ذكر إيقاع الحوطة السلطانية على الأملاك والبساتين وما تقرر على أربابها من المال

- ‌ذكر وصول الأمير شمس الدين سنقر الأشقر من بلاد التتار والصلح مع التكفور هيتوم صاحب سيس

- ‌واستهلت سنة سبع وستين وستمائة

- ‌ذكر تجديد الحلف للملك السعيد

- ‌ذكر توجه السلطان على خيل البريد إلى الديار متنكرا وعوده إلى مخيمه بخربة اللصوص ولم يعلم من به بتوجهه

- ‌ذكر وفاة الأمير عز الدين أيدمر الحلى [الصالحى نائب السلطنة

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الظاهر إلى الحجاز الشريف

- ‌واستهلت سنة ثمان وستين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام جريدة

- ‌واستهلت سنة تسع وستين وستمائة

- ‌ذكر القبض على الملك العزيز فخر الدين عثمان بن الملك المغيث صاحب الكرك والأمراء الشهرزورية

- ‌ولنرجع إلى سياقة أخبار الدولة الظاهرية:

- ‌ذكر حادثة السيل بدمشق

- ‌ذكر سفر الشوانى الإسلامية إلى قبرس وكسرها وأسر من كان بها وخلاصهم

- ‌ذكر عود السلطان إلى قلعته ووصول رسل اليمن، واهتمامه بأمر الشوانى، وما أنعم به من الخلع والخيول على الأمراء والأجناد

- ‌ذكر القبض على من يذكر من الأمراء

- ‌واستهلت سنة سبعين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الكرك ثم إلى الشام وعزل الأمير جمال الدين النجيبى عن نيابة دمشق وتولية الأمير عز الدين أيدمر نائب الكرك نيابة السلطنة بالشام واستنابة الأمير علاء الدين أيدكن أستاد الدار بالكرك

- ‌ذكر عود السلطان من حلب ورجوعه إلى الديار المصرية وعوده إلى الشام

- ‌ذكر إيقاع الحوطة على القاضى شمس الدين الحنبلى واعتقاله

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الصيد ثم إلى الشام

- ‌واستهلت سنة إحدى وسبعين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الديار المصرية على خيل البريد وعوده إلى الشام

- ‌واستهلت سنة اثنتين وسبعين وستمائة

- ‌ذكر الطلسم الذى وجد بباب القصر بالقاهرة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام

- ‌ذكر الظفر بملك الكرج

- ‌ذكر ختان الملك المسعود نجم الدين خضر ولد السلطان الملك الظاهر

- ‌ذكر نكتة غريبة

- ‌ذكر ورود كتاب متملك الحبشة

- ‌واستهلت سنة ثلاث وسبعين وستمائة

- ‌واستهلت سنة أربع وسبعين وستمائة

- ‌ذكر متجددات اتفقت بعد وصول السلطان إلى الديار المصرية غير ما تقدم ذكره

- ‌ذكر توجه رسل السلطان إلى أشبيلية وما كان من خبرهم

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الكرك واستبداله بمن فيها من الرجال وعوده

- ‌واستهلت سنة خمس وسبعين وستمائة

- ‌ذكر وصول جماعة من أمراء الروم إلى خدمة السلطان وطاعتهم له

- ‌ذكر ظهور المسجد بجوار دير البغل وإقامة شعائر الإسلام به

- ‌ذكر غزوات السلطان الملك الظاهر وفتوحاته وما استولى عليه من البلاد الإسلامية

- ‌ذكر ما استولى عليه من القلاع والحصون والبلاد الإسلامية وأضافه إلى ممالكه

- ‌ذكر فتوح سواكن

- ‌ذكر فتوح خيبر

- ‌ذكر فتوح قرقيسيا

- ‌ذكر أخذ بلاطنس وخبرها

- ‌ذكر تسليم صهيون وبرزية

- ‌ذكر أخبار الإسماعيلية وابتداء أمرهم والاستيلاء على حصونهم

- ‌ذكر استيلاء السلطان على بلاد الإسماعيلية وشىء من أخبارها

- ‌ذكر فتوح العليقة والرّصافة

- ‌ذكر فتوح بقية حصون الدعوة

- ‌ذكر أخبار هذه الحصون

- ‌ذكر غزوات السلطان وفتوحاته وما وقع من المصالحات والمهادنات

- ‌ذكر مسير السلطان إلى عكا

- ‌ذكر قصد متملك الأرمن حلب المحروسة

- ‌ذكر محاصرة التتار البيرة وتجريد العساكر وانهزام العدو

- ‌ذكر الفتوحات بالبلاد الفرنجية فى هذه السفرة

- ‌ذكر فتوح قيسارية

- ‌ذكر فتوح أرسوف

- ‌ذكر ما ملكه السلطان لأمرائه من النواحى التى فتحها الله على يده

- ‌ذكر قصد البرنس صاحب طرابلس حمص وانهزامه

- ‌ذكر إغارة العساكر على طرابلس بالشام وفتح قلعة حلبا وقلعة عرقا

- ‌ذكر إغارة العسكر على صور

- ‌ذكر فتوح صفد

- ‌ذكر غزوة سيس وأسر ملكها وقتل أخيه وعمه وأسر ولد عمه

- ‌ذكر وقعة مع الفرنج كانت النصرة فيها للمسلمين

- ‌ذكر إغارة السلطان على عكا

- ‌ذكر الصلح مع بيت الإسبتار على حصنى الأكراد والمرقب

- ‌ذكر فتوح يافا

- ‌ذكر فتوح شقيف أرنون

- ‌ذكر فتوح أنطاكية

- ‌ذكر ملخص أخبار أنطاكية

- ‌ذكر ما اعتمده السلطان فى قسمة عنائم أنطاكية وإحراقه قلعتها وما افتتحه مما هو مضاف إليها وهو: ديركوش وشقيف كفردنين وشقيف كفر تلميس

- ‌ذكر صلح القصير على المناصفة

- ‌ذكر الإغارة على صور

- ‌ذكر الإغارة على عكا

- ‌ذكر فتوح قلعة صافيتا

- ‌ذكر صلح أنطرطوس والمرقب

- ‌ذكر فتوح حصن عكّار

- ‌ذكر صلح طرابلس

- ‌ذكر فتوح القرين

- ‌ذكر صلح صور وما تقرر من المناصفة

- ‌ذكر منازلة التتار البيرة وكسرهم على الفرات وقتل مقدمهم جنقر

- ‌ذكر فتوح كينوك

- ‌ذكر إغارة عيسى بن مهنا على الأنبار

- ‌ذكر الإغارة على مرعش

- ‌ذكر غزوة سيس

- ‌ذكر شىء من أخبار بلاد سيس وسبب استيلاء الأرمن عليها

- ‌نعود إلى أخبار السلطان الملك الظاهر

- ‌ذكر منازلة حصن القصير وفتحه

- ‌ذكر وفاة الأبرنس صاحب طرابلس وما انفق بعد وفاته

- ‌ذكر غزوة النوبة

- ‌ذكر غزوات النوبة فى الإسلام

- ‌ذكر غزوة الروم وقتل التتار

- ‌ذكر رحيل السلطان عن قيسارية وهرب عز الدين أيبك الشيخى ولحاقة بأبغا وعود السلطان إلى ممالكه

- ‌ذكر ما اعتمده الأمير شمس الدين محمد بك بن قرمان أمير التركمان فى البلاد الرومية

- ‌نعود إلى سياقة أخبار السلطان الملك الظاهر

- ‌واستهلت سنة ست وسبعين وستمائة

- ‌ذكر وفاة السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحى رحمه الله تعالى

- ‌مدة حكمه

- ‌ذكر وفاة الأمير بدر الدين بيليك الخزندار

- ‌ذكر القبض على من يذكر من الأمراء والإفراج عنهم ومن مات منهم

- ‌ذكر عزل قاضى القضاة محيى الدين عبد الله بن محمد بن عين الدولة وإضافة عمله إلى قاضى القضاة تقى الدين بن رزين

- ‌ذكر وفاة الشيخ خضر وشىء من أخباره

- ‌واستهلت سنة سبع وسبعين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وإقامته بدمشق وتجريد العساكر

- ‌[ذكر] أمر شاد الدواوين

- ‌[ذكر] وفاة الأمير جمال الدين أقش النجيبى الصالحى

- ‌ذكر وفاة الصاحب بهاء الدين

- ‌[ذكر] وفاة مجد الدين عبد الرحمن بن الصاحب كمال الدين عمر بن العديم

- ‌[ذكر] وفاة الشيخ العارف نجم الدين أبو المعالى محمد بن الخضر الشيبانى الحريرى

- ‌واستهلت سنة ثمان وسبعين وستمائة

- ‌ذكر عود الأمراء من الغزاة وظهور الوحشة والمنافرة بينهم وبين السلطان الملك السعيد وتوجيههم إلى الديار المصرية

- ‌ذكر وصول السلطان إلى قلعة الجبل وما كان من أمره إلى أن انخلع من السلطنة

- ‌فهرس موضوعات الجزء الثلاثون

الفصل: ‌ذكر فتوح صفد

بدر الأيدمرى والأمير بدر الدين يسرى «1» إلى جهة القرين «2» ، وجرد الأمير فخر الدين الحمصى إلى جبل عاملة «3» ، فأغارت العساكر [على الفرنج «4» ] من كل جهة، وحاصر الأمراء القرين، وأخذت قلعة بالقرب من عكا، وتوالت المكاسب حتى لم يوجد من يشترى الأبقار والجواميس لكثرتها.

‌ذكر فتوح صفد

«5»

كان السلطان، قبيل توجهه إلى عكا، قد رسم للأمير علاء الدين أيدكين الشهابى أحد الأمراء بالشام ولجماعة من العسكر أن يتوجهوا إلى بلاد الفرنج، ولم يعلم إلى أى جهة. ثم كتب كتابا وأمره أن لا يقرأه إلا إذا ركب هو والعساكر، وكان مضمونه أن يتوجه إلى صفد، ويتوجه الأمير فخر الدين الفايزى إلى الشقيف. فتوجه الأمير علاء الدين إليها وأحاط بها إحاطة حافظ لا مقاتل، ثم جرد الأمير بدر الدين بكتاش الفخرى أمير سلاح ومعه دهليز «6»

ص: 285

إلى صفد، ثم حضر إليها الأمير علاء الدين البندقدار والأمير عز الدين إيغان الركنى بعد إغارتهم على صور فنزلوا إليها وضايقوها، وأقام السلطان على عكا.

ثم حضرت عساكر الغارات، وعمل [السلطان «1» ] عدة مجانيق وفرقها على الأمراء ليحملوها، ثم رحل والعساكر لابسة وساق إلى قريب باب عكا ووقف على تل الفضول، ثم دخل إلى عين جالوت، وكان الأمير سيف الدين الزينى قد توجه إلى دمشق لإحضار المجانيق، فأحضرها وحملت على الرقاب، وسار السلطان ونزل على صفد فى يوم الاثنين ثامن شهر رمضان سنة أربع وستين وستمائة.

وأنفق السلطان فى العساكر، وأتفق أن الناس تناوشوا القتال فساق الأمير عز الدين خاص ترك الظاهرى وحمل وواصل «2» الطعن، فتقدم الحجارون وأخذوا فى النقوب ورمى الزراقون «3» بالنفط فاحترق الباب. وأنعم السلطان على خاص ترك بعشرة آلاف درهم وفرس وجوشن «4» وخلعة. ثم أقيمت المجانيق ورمت فى سادس وعشرين الشهر، وكان وصولها فى الحادى والعشرين منه، ولما وصلت إلى جسر يعقوب «5» عجز الجمال عن نقلها، فندب السلطان الأمراء والجند وسائر الناس لحملها على الرقاب، وخرج [السلطان «6» ] بنفسه وخواصه وجر أخشابها بيده.

ووصلت العساكر التى كانت فى الغارة ببلاد طرابلس، واستمر الحصار وشرع الناس فى الزحف فى شوال، وأمر السلطان بتحريك الطلبخاناه فى نصف الليل،

ص: 286

وركب وهجم خندق الباشورة، فقاتل الفرنج قتالا شديدا، وأبلى المؤمنون بلاء حسنا واستشهد جماعة من المجاهدين، وصار الإنسان يرى رفيقه قد قتل فيجره ويقف مكانه، وتكاثرت النقوب ودخلت «1» النقابون إليها، وأعطاهم السلطان ثلاثمائة دينار، وصار كل من عمل شيئا جزاه السلطان لوقته عنه بالخلع والمال.

وفى أثناء ذلك نظر السلطان إلى الناس وقد تعبوا فى وقت القائلة من القتال، وتفرق بعضهم وهو راكب ملازم، فأمر خواصه بالسّوق إلى الصواوين وإقامة الأمراء والجند منها بالدبابيس، وسبّ الأمراء. وقال:«المسلمون على هذه الصورة وأنتم تستريحون» ورسم بأمساك الأمراء وكانوا نيفا وأربعين أميرا فقيدهم ونقلهم إلى الزردخاناه «2» ، فوقعت الشفاعة فيهم فأطلقهم وأمرهم بملازمة مواضعهم.

ووسعت النقوب وشرطت الأسوار، فحرق الفرنج الستائر التى كانت على الباشورة ليحموها «3» من التسلق «4» . فأمر السلطان بضرب الطبلخاناه، وقام كل أحد إلى جهته، فضرب المسلمون سكك الخيل «5» فى سفح الباشورة، فما أصبح الصبح إلا والصناجق على أسوار الباشورة من كل جهة، وأندفع الفرنج إلى القلعة وسلموا الباشورة فى يوم الثلاثاء نصف شوال. وفى هذا اليوم أخذت النقوب فى

ص: 287

برج اليتيم «1» وغيره من أبراج القلعة. فعند ذلك أتت رسل الفرنج إلى السلطان يسألون الأمان، فاشترط عليهم ألا يستصحبوا «2» سلاحا ولا لامة حرب ولا شيئا من الفضيات، ولا يتلفوا «3» ذخائر القلعة بنار ولا هدم، فعادوا لأصحابهم على ذلك.

وبقى السلطان يعطى الأمانات من المرامى ويسير المناديل، وتقرر مع جماعة أنهم يفتحون الأبواب. فتسامع الفرنج بذلك، ووقع بينهم الاختلاف، وحضر خمسة عشر نفرا من القلعة منفردين «4» فى وقت واحد فخلع عليهم، ونودى فى العسكر بأن لا يرموا أحدا من الفرنج غير الديوية. فأمسك الفرنج من تلك الساعة عن القتال، وردوا الأمان وقالوا:«ما ندخل فى شرط» ، ورمى الرسل الخلع والمال المنعم عليهم من الأسوار. ثم أيقنوا بالهلاك، فسيروا رسلهم فى يوم الجمعة ثامن عشر الشهر يطلبون ما كانوا طلبوه أولا، فامتنع السلطان من ذلك. فأخذ الأتابك منديل جمال الدين أقش القليجى مقدم الجمدارية «5» وأعطاه لهم على أنهم لا يخرجون شيئا «6» مما ذكرناه. فتوجه الرسل وصاح الفرنج بعد صلاة الجمعة:«يا مسلمين! الأمان» وفتحت أبواب القلعة وقت العصر، وطلعت الصناجق. ووقف السلطان راكبا على باب صفد، ونزل الفرنج أولا فأولا وصاروا جميعهم بين يديه، وأخرجوا معهم الأسلحة والفضيات «7» وأخفوها فى قماشهم «8» ، وأخذوا جماعة من أسرى

ص: 288

المسلمين وصغارهم على أنهم نصارى. فلم يخف الله ذلك، ورسم بتفتيشهم فوجد ذلك معهم فأخذ منهم، وأنزلوا عن خيولهم، وجعلوا فى خيمة، وقد حصل منهم ما ينقض العهد أن لو كان، فكيف ولم يكن حقيقة. وأمر السلطان بضرب أعناقهم، فضربت رقابهم على تل بالقرب من صفد كانوا يضربون رقاب المسلمين فيه. ولم يسلم منهم غير نفرين، أحدهما الرسول بحكم أن السلطان كان قد شرب قمزا فى النقب وخرج إليه الرسول فسقاه منه، فعفا السلطان عنه وخيّره فى التوجه إلى قومه او الإقامة عنده، فاختار المقام فى خدمة السلطان وأسلم «1» ، فأعطاه السلطان إقطاعا، وأما الآخر فإن الأتابك «2» شفع فيه قأطلقه السلطان. ودخل السلطان القلعة وفرق على الأمراء ما فيها من العدد الفرنجية والجوارى والمماليك، واستناب فى القلعة الأمير عز الدين العلائى، وولى الأمير مجد الدين الطورى ومقدم العسكر الأمير علاء الدين أيدغدى السلاح دار، ونقلت إليها الزردخاناه التى كانت صحبة السلطان، وصار يحمل النشاب على كتفه، فنقلت فى أسرع وقت، وطلب لها الرجال من دمشق، وتقررت نفقة رجالها فى كل شهر ثمانين ألف درهم. واستخدم على جميع بلادها الأمراء، وعمل بها جامع بالقلعة وجامع فى الربض، ووقف على الشيخ على المجنون نصف وربع الحفاف «3»

ص: 289