الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ورود كتاب متملك الحبشة
«1»
قال القاضى محيى الدين عبد الله بن عبد الظاهر فى السيرة الظاهرية: فى هذه السنة وصل كتاب متملك الحبشة إلى السلطان عطف كتاب صاحب اليمن.
وهو يقول: «إن سلطان الحبشة قد قصدنى فى حاجة عند السلطان، وقد سيرت كتابه عطف كتابى» فكان مضمون كتاب متملك الحبشة إلى السلطان «2» :- «أقلّ المماليك، محرا «3» ملاك يقبل الأرض وينهى بين يدى السلطان الملك الظاهر، خلد الله ملكه، أن رسولا وصل من [جهة] والى قوص بسبب الراهب الذى جاءنا، فنحن ما جاءنا مطران وبلادنا بلاد مولانا السلطان ونحن عبيده. فيرسم مولانا يأمر الأب البطرك يعمل لنا مطرانا رجلا جيدا عالما لا يحب ذهبا ولا فضة، ويسيره إلى مدينة عوان و «4» أقل المماليك يسير إلى أبواب «5» الملك المظفر صاحب اليمن ما يلزمه، وهو يسيره إلى أبواب السلطان. وما كان سبب تأخر الرسل عن الحضور إلى السلطان إلا أننى كنت فى بيكار. والملك داود «6» توفى، وقد ملك ولده، يا مولانا. وعندى فى عسكرى
مائة ألف فارس مسلمين. وإنما النصارى كثير لا تعد. وكلهم غلمانك وتحت أوامرك. والمطران [الكبير «1» ] هو يدعو لك، وهذه الخلق «2» كلهم يقولون: آمين بطول بقاء عمر سلطاننا «3» مالك مصر، ويهلك الله عدوه، ويقول الخلق آمين.
وكل من بصل «4» من المسلمين إلى بلادنا أقل المماليك يحفظهم ويسفرهم كما يحبون «5» . وإنما الرسول الذى سيره وإلى قوص فجدر «6» وهو مريض. وبلادنا بلاد وخمة أى من مرض ما يقدر أحد يدخل إليه، وأى من شم رائحته يمرض ويموت. والراهب قال: ما يروح [بغير «7» ] رفيق. ونحن فنحفظ كل من يأتى من المسلمين، وارسموا فسيروا مطرانا يحفظهم» . أنهى ذلك.
هذا نص كتابه ومخاطبة ملك اليمن له بالسلطان «8» .
قال: فكتب جوابه عن السلطان:
«ورد كتاب الملك الجليل الهمام العادل فى مملكة حطى ملك امحره، أكبر ملوك الحبشان، الحاكم على ما لهم من البلدان، نجاشى عصره [وفريد مملكته فى دهره] سيف الملة المسيحية، عضد [دولة] دين النصرانية، صديق
الملوك والسلاطين سلطان الأمحره، حرس الله نفسه، وبنى على الخير رأسه.
فوقفنا عليه وفهمنا ما فيه فأما طلب المطران، فلم يحضر من جهة الملك رسول حتى كنا نعرف الغرض المطلوب، وانما كتاب مولانا السلطان الملك المظفر ورد. مضمونه: أنه وصل من جهته كتاب وقاصد، وأنه أقام عنده حتى يسير إليه الجواب. وأما ما ذكره من كثرة عساكره وأن من جملتها مائة ألف فارس مسلمين، فأخبار البلاد عندنا، ولا تخفى عنا، فالله يكثر عساكر المسلمين.
وأما وخم بلاده، فالآجال مقدرة من الله، وما يموت أحد الا بأجله، ومن فرغ أجله مات، وكم من جريح بالسيف عاش وصحيح مات، والأمر لله فى الجميع» .
وفى هذه السنة: كانت وفاة الصاحب محيى الدين أبى العباس أحمد بن الصاحب بهاء الدين على بن محمد، فى ليلة الأحد التاسع والعشرين من شعبان؛ ودفن من الغد بسفح المقطم؛ سمع من جماعة، وحدّث ودرّس بمدرسة والده [التى أنشأها بزقاق القناديل بمصر «1» ] وكان منقطعا عن المناصب يحب التخلى والإنفراد كثير الصدقة، وبنى رباطا بمصر، ومولده بالفسطاط فى سنة ست وثلاثين وستمائة، رحمه الله تعالى.
وفيها: فى ليلة الثلاثاء رابع عشر الآخر توفى الشيخ العالم الزاهد الورع أبو محمد عبد الله بن عمر بن يوسف الحميدى القصرى، ودفن من يومه بالقرافة الصغرى.
كان أوحد أهل زمانه فى أصول الدين والفقه، وله معرفة بكلام الفقراء وأحوالهم رحمه الله تعالى.
وفيها: فى ليلة الاثنين الرابع والعشرين من شهر ربيع الآخر توفى أبو المحاسن يوسف بن عبد الله بن نهار البكرى، خطيب جامع ابن طولون، ودفن بالقرافة.
ومولده بالقاهرة فى سنة ثلاث وستمائة، رحمه الله تعالى.
وفيها: فى يوم الأحد رابع عشر المحرم توفى الصدر الرئيس الأصيل مؤيد الدين أبو المعالى أسعد بن المظفر بن أسعد بن حمزة بن أسد بن على بن محمد التميمى الدمشقى، المعروف بابن القلانسى «1» رئيس دمشق وكبيرها والمشار إليه. وكان متواضعا كريما سمحا جوادا متصدقا «2» حسن السيرة جميل الطريقة طاهر اللسان.
وكان السلطان الملك الظاهر قد عرض عليه نظر الشام فلم يقبل، فألزمه بوكالته الخاصة والنظر فى ديوان ولده الملك السعيد، فباشر ذلك. وكانت وفاته بدمشق ودفن بتربته بسفح قاسيون، ومولده بدمشق فى سنة تسع وتسعين وخمسمائة، رحمه الله تعالى، وهو والد الصاحب الرئيس عز الدين حمزة.
وفيها: فى ليلة الأربعاء ثالث عشر شعبان توفى الشيخ الإمام العالم العلامة شيخ النحاة جمال الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك الطائى «3» الجيانّى. وكانت وفاته بالمدرسة العادلية بدمشق، ودفن بقاسيون بتربة بنى الصايغ، له التصانيف المفيدة فى علم العربية، وشهرته أكثر من أن يؤتى على شرحها، رحمه الله تعالى.