الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصر فى إمارة أحمد بن طولون ومن بعده، حتى استولى الروم عليها كما قدمنا.
واستمرت بيد الروم إلى أن استولى عليها مليح بن لاون الأرمنى، وذلك فى أيام العادل نور الدين الشهيد، بمساعدته، وهزم [مليح] جيش الروم فقوى عند ذلك البلاد، وكانت هزيمته للروم فى يوم الأحد سلخ شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وخمسمائة، وأسر من مقدميهم ثلاثين أسيرا، فأحسن إليه نور الدين وخلع عليه، وكتب إلى بغداد يعظم أمر الروم ويذكر أن هذا مليح الأرمنى من جملة غلمانه، وأنه كسر الروم، ومنّ بذلك على أهل بغداد.
واستمر ملك هذه البلاد فى هذا البيت إلى الآن.
نعود إلى أخبار السلطان الملك الظاهر
.
قال: ثم رحل السلطان وخيم بموج أنطاكية، وانبثت العساكر فى تلك المروج ورعت الأعشاب، ثم رحل.
ذكر منازلة حصن القصير وفتحه
«1»
هذا الحصن مما لم يفتحه السلطان الملك الناصر صلاح الدين بن يوسف ابن أيوب رحمه الله، وقيل إنه صالح عليه، وما زال لمن يكون بابا برومية؛ والبابا خليفة عند الفرنج ينفذ أمره وحكمه فى سائر ملوك الفرنج.
وأمر الحصن راجع إلى بترك «2» أنطاكية، والفرنج تميزه وتؤثره. وأهله أهل شره ومنعة وفساد، وكان مضرة على الفرعة «3» وتلك الجهات. ولما فتح السلطان
أنطاكية سأل أهل القصير الهدنة والمناصفة، فأجيبوا إلى ذلك كما قدمنا. فما وفوا وأخفوا فى المناصفة. ولما وصل صمغار [مقدم التتار] إلى جهة حارم ضرب أهل القصير البشائر، ودلوا على الطريق وأمثال ذلك مما يقتضى فسخ الهدنة. وكان السلطان قد رسم للأمير سيف الدين الدوادار بالتردد إلى كليام النائب بالقصير وإظهار مصافاته. واعتمد ذلك وتوجه المذكور إليه فى خامس عشر شوال سنة ثلاث وسبعين وستمائة، ومعه جماعة من السلاح دارية بصورة أصحابه، فوصلوا إلى القصير وأظهر الأمير سيف الدين غضبا كون كليام ما خرج للقائه وقصد الرجوع، فبلغه ذلك فخرج مسرعا ليسترضيه ويرده. فادركه فامتنع من الرجوع واستدرجه حتى أبعد عن الحصن، ثم قتل من كان معه وأخذ كليام وأحضره إلى السلطان. فكتب إلى أصحابه بالتسليم فما رجعوا إلى كلامه.
فجرد السلطان جماعة من أمراء حلب وهم: سيف الدين الصروى «1» وشهاب الدين مروان والى أنطاكية وجماعة من الرجال، فنازلوا القصير.
وتوجه السلطان إلى دمشق واستصحب كليام معه، وكان شيخا كبيرا وكان ابنه فى الأسر، فمات كليام فى الأسر بعد اجتماعه بابنه. ولما اشتد الحصار على القصير وعدموا الأقوات سلموا الحصن المذكور فى يوم الأربعاء ثالث وعشرين جمادى الأولى سنة أربع وسبعين. وحمل أهله إلى الجهات التى قصدوها.