الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم يرزق فى عصره ولدا. وكان عظيم الشكل والخلقة، كبير البطن، جهورى الصوت، أكولا، رحمه الله تعالى.
ذكر وفاة الصاحب بهاء الدين
وفى هذه السنة: كانت وفاة الصاحب الوزير بهاء الدين [أبو الحسن «1» ] على بن محمد بن سليم المعروف بابن حنا، بمصر وقت آذان العصر من يوم الخميس سلخ ذى القعدة. ودفن يوم الجمعة قبل الصلاة بتربته بالقرافة. ومولده بمصر فى سنة ثلاث وستمائة، ومات وهو جد جد «2» . وكان فى ابتداء أمره فى دكان يبيع الخام، ثم تنقلت به الأحوال وباشر فى الديوان السلطانى حتى انتهى إلى هذه الغاية. وكان من رجال الدهر حزما وعزما وتدبيرا، وكتابة وتحصيلا للأموال، وقياما بمصالح الدولة، وكان شديد الغيرة على منصبه، فإذا تعرض أحد من المتعممين المباشرين إلى الاجتماع بالسلطان عمل على إتلاقه «3» ، وكذلك «4» من يجتمع بأكابر الأمراء من هذه الطائفة، ويحسن إلى من يتصل بخدمته وخدمة أولاده، وينتمى إليهم ويقدمهم، وكان حسن الظن بالفقراء والمشايخ كثير الإكرام لهم ولا يمل من حوائجهم، ويتشفع الناس عنده بهم فلا يردهم، وكان أمينا فى وزارته، ما تكلم عليه ولا على أولاده بخيانة وإنما كانوا كلهم يتجهون تجاه الغل «5» ويزرعون فاتسعت بذلك أحوالهم وكثرت أموالهم، وعمروا الأبنية العظيمة
والمساكن البديعة والمتنزهات، وعمر هو مدرسة بزقاق القناديل بمصر، ووقف عليها أوقافا، وكان كثير الصدقة، والتزم صوم الدهر فى وزارته. وكان يثيب الشعراء «1» على مدائحهم، وامتدحه الشيخ رشيد الدين الفارقى فقال:-
وقايل فى الورى نبه لها عمرا
…
فقلت إن علينا قد تنبه لى
ما لى إذا كنت محتاجا إلى عمر
…
من حاجة فليتم حسبى انتباه على
وكان متمكنا من السلطان الملك الظاهر، يصرح باعتقاد بركته، حتى رام جماعة من الأمراء الأكابر خوشداشية السلطان أذاه عند السلطان وذكر معايبه فى أوقات، فكان السلطان إذا تنسم «2» ذلك منهم أو من أحدهم بادره السلطان بذكر محاسنه وأنه فى بركته، فيقف من يقصد أذاه عن ذلك. ولما مات وصل الخبر إلى السلطان وهو بمنزلة الكسوة، فأمر بايقاع الحوطة على الصاحب تاج الدين ولد ولده، وكان صحبته، وأخذ خطه بمائة ألف دينار، وأرسله إلى مصر، ورسم أن يستخرج من أخيه الصاحب زين الدين مائة ألف دينار، ومن الصاحب عز الدين بن الصاحب محيى الدين مائة ألف دينار.
وفوض السلطان وزارته للصاحب برهان الدين الخضر السنجارى، وفوضت «3» وزارة الصحبة للصاحب فخر الدين إبراهيم بن لقمان صاحب ديوان الإنشاء فى هذا التاريخ، ودخل إلى دمشق متوليا.