الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووصل السلطان إلى القدس الشريف فى يوم الجمعة، فزار تلك الأماكن الشريفة وعاين ما يحتاج إليه من العمارة، وكتب إلى دمشق يتجهيز جميع ما يحتاج إليه من الأصناف والصناع. ثم صلى الجمعة، وتصدق وكتب بحماية الأوقاف، وتوجه نحو الكرك.
ذكر أخذ الكرك
«1»
وفى يوم الخميس ثالث وعشرين جمادى الآخرة سنة إحدى وستين وستمائة نزل السلطان على الكرك وصحبته العساكر، وأحضرت السلاليم الخشب من الصلت وغيرها. وكان السلطان قد استصحب من الديار المصرية جماعة من الحجارين والبنائين والنجارين والصناع على أنه يبتى الطور، وأحضر جماعة من دمشق وغيرها وسيروا إلى عين جالوت، وأشاع أن ذلك لبناء جامع، ولم يكن ذلك إلا لأجل الكرك. وعزم على الطلوع إليها بنفسه. فخاف أهل الكرك، ونزل أولاد الملك المغيث، وقاضى المدينة، وخطيبها وجماعة من أهلها، ومعهم مفاتيح الحصن والمدينة، وطلبوا العوض فحلف السلطان على ما طلبوا وأرضاهم بالعطاء، وسير الأمير عز الدين أيدمر أستاد الدار، والصاحب فخر الدين «2» لتسلم الحصن.
قطلعا فى ليلة الجمعة وقت المغرب وتسلماه. ودعى للسلطان فى بكرة الجمعة على أسوارها، ونصبت الصناجق السلطانية على أبراجها. وأصبح السلطان وطلع إلى الحصن فى الثالثة من نهار الجمعة وجلس فى القاعة الناصرية ورتب أحوال الحصن واهتم بأمره، وعين للقلعة خاصا. وأعطى أولاد الملك المغيث جميع
ما حواه الحصن من مال وقماش وأثاث، وكذلك سائر غلمانهم وجميع الأمراء والمغادره والأجناد، ولم يتعرض لأحد منهم فى «1» شىء، ونزلوا جميعهم فى ذلك النهار، وصلى السلطان بها الجمعة وخطب له. ونزل وقت المغرب.
وفى يوم الأحد، سير إلى الملك العزيز ولد الملك المغيث الخلع والقماش، وكذلك [إلى]«2» الطواشى بهاء الدين صندل والأمير شهاب الدين بن صعلوك أتابكه.
وكتب السلطان إلى الشام بحمل الغلال والذخائر والأصناف إليها. وطلع إليها يوم الاثنين وكتب المناشير لعربانها ومن بها. وكانت تزيد على ثلاثمائة منشور فى وقت واحد، وعلم عليها، وثبتت، وسلمت لأصحابها بعد تحليفهم بين يدى السلطان، كل هذا فى بعض يوم. وجرد السلطان بها جماعة من البحرية والظاهرية، واستناب الأمير عز الدين أيدمر أستاد الدار بالكرك، وأضاف إليه النظر على الشوبك وأعمالها. وحلف مقدمى المدينة وحلف نصارها على الإنجيل. وحمل ما كان معه إلى الحصن من الزرد خاناه والأغنام والشعير وغير ذلك من سائر الأصناف والأقمشة وسبعين ألف دينار عينا، ومائة ألف وخمسين ألف درهم، وأعطى الأمير عز الدين أستاد الدار ثلاثين ألف درهم وجملة من القماش.
وتوجه السلطان إلى القاهرة فى يوم الأربعاء [تاسع عشر جمادى الآخرة]«3» فكان دخوله إليها فى سابع عشر رجب، وزينت المدينة أحسن زينة. وشق