الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عين تاب، وهرب شرف الدين بن الخطير «1» إلى بعض القلاع فتقرب إلى العدو بتسليمه [السلطان] إليهم. وبقى أخوه ضياء الدين فى خدمة السلطان [الظاهر بيبرس] لأنه كان حضر إليه مستنجدا وسير هذا العسكر بسبب حضوره. وأما السلطان غياث الدين فعلم التتار أنه محكوم عليه فعفوا عنه، وسلموه «2» إلى الصاحب والبرواناه.
وعاد السلطان إلى دمشق ومنها إلى الديار المصرية، فدخل قلعة الجبل فى رابع عشر شهر ربيع الأول سنة خمس وسبعين وستمائة، فأقام إلى شهر رمضان من السنة وتوجه إلى الشام فى العشرين من الشهر، فكانت غزوة الروم، على ما نذكر ذلك إن شاء الله تعالى، فى الغزوات.
ذكر ظهور المسجد بجوار دير البغل وإقامة شعائر الإسلام به
وفى التاسع عشر من شوال من هذه السنة: خرج جماعة إلى دير القصير، المعروف بدير البغل ظاهر مصر، فرأوا أثر باب بجوار الدير، فدخلوا المكان فرأوا آثار محاريب المسلمين، فأنهوا ذلك إلى الصاحب بهاء الدين، فتقدم إلى القاضى بهاء الدين ناظر الأحباس أن يتوجه وصحبته نواب الحكم والعدول والمهندسون ومن يعتبر حضوره فى مثل ذلك. فتوجه وصحبته القضاة [و] المشايخ: وجيه الدين البهنسى، وظهير الدين التّزمنّى، وعلم الدين السمنودى نائب الحكم، ونظام الدين الخليلى، وجماعة من المهندسين، فشاهدوا المكان ورأوا به من
من الأثار ما يدل على أنه مسجد، وشهدوا بذلك عند القاضى علم الدين السمنودى فأثبته، ونقل الحكم إلى قاضى القضاة محيى الدين بن عين الدولة. وطولع الملك السعيد بذلك، فأمر الصاحب بهاء الدين بعمارته وإقامة من يحتاج إليه من إمام ومؤذن وزيت وفرش، فرتب ذلك له، وهو باق إلى يومنا هذا.
وفى هذه السنة فى رابع شوال: كانت وفاة الصاحب بدر الدين جعفر بن محمد بن على بن محمد المذحجى الآمدى «1» بدمشق وهو يومئذ ناظر النظار بها، ودفن بقاسيون. ومولده فى سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وكان هو وأخوه موفق الدين من أمناء المباشرين وأرباب الستر على الكتاب، ولقب كل منهما بالصاحب، ولم يليا وزارة. ولما حضرا من بلاد آمد فى سنة ثلاثين وستمائة هما وابن اختهما شمس الدين، لما نقل الملك الكامل أهل آمد منها. فلما عبرا الفرات قال موفق الدين لهما:«اعلما أننا نقدم على بلاد لا نعرف فيها أحدا، وليس لنا فيها معين إلا الله تعالى، فتعاهدانى والله تعالى، على الأمانة وألا نخون السلطان ولا الناس» . فتعاهدوا على ذلك ودخلوا إلى الديار المصرية. وولوا المناصب فوفيا بما عاهدا عليه، ونكث ابن اختهما شمس الدين، فسلما فى مباشراتهما. وكان شمس الدين كثير النكبات والمصادرات.
وفيها: كانت وفاة الشيخ الصالح برهان الدين أبى إسحق بن سعد الله بن جماعة ابن على بن جماعة الكنانى الحموى بالقدس الشريف يوم عيد الفطر، رحمه الله تعالى.
وفيها: كانت وفاة القاضى شرف الدين محمد بن يشكور المصرى الكاتب، ولى مناصب جليلة، منها: نظر الجيش ونظر الدواوين بالديار المصرية. وكان بينه وبين الصاحب بهاء الدين مصاهرة ووحشة. وكانت وفاته بداره على الخليج بالقرب من مصر فى ليلة الأحد خامس عشرين جمادى الأولى. ودفن يوم الأحد بالقرافة الصغرى. ومولده سنة ست عشرة وستمائة.
وفيها: توفى الأمير عز الدين إيغان ولا دمر «1» الركنى المعروف بسم الموت فى محبسه بقلعة الجبل، وسلم إلى أهله فى يوم الخميس ثامن عشر جمادى الآخرة، فدفن من يومه بمقابر باب النصر. وكان من الأمراء الأكابر، وقد تقدم «2» ذكر اعتقاله.
هذا آخر ما لخصناه من الحوادث فى الأيام الظاهرية، فلنذكر الغزوات والفتوحات الظاهرية.