الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأول ما فتحه السلطان بنفسه: فيسارية الساحل، وآخر ما فتحه فيسارية الروم، واستمر بقلعة دمشق إلى أن ابتاع ولده السلطان الملك السعيد دار العقيقى بدمشق بستين ألف درهم، وحصل الشروع فى عمارتها ووضع الأساس فى يوم الأربعاء خامس جمادى الآخرة من السنة. وكانت النفقة على العمارة من ربع أملاكه. وحمل إليها ليلة الرغائب الخامس من شهر رجب سنة ست وسبعين وستمائة، [و] بعد أن صلى عليه فى صحن جامع دمشق ليلا، أدخل من باب البريد وخرجوا به من باب النطاقين إلى تربته وتولى حمله الأمير عز الدين أيدمر نائب السلطنة بالشام والأمير عز الدين الداودار والطواشى صفى الدين جوهر الهندى، وألحده القاضى عز الدين الشافعى.
ولما تمت له سنة من يوم وفاته عملت له الأعزية بالقرافتين «1» ، ومدت الأسمطة للقراء والفقراء وفرقت على الزوايا، وحضر الناس على اختلاف طبقاتهم. وقرىء له عدة ختمات، وعمل له بعد ذلك عدة أعزبة بمدرسة الشافعى، والجامع الطولونى، والجامع الظاهرى، والمدارس الظاهرية، والصالحية، ودار الحديث الكاملية، والخانقاه الصلاحية، والجامع الحاكمى، وعمل للتكاررة «2» خوان حضره جماعة من الفقراء والصالحين.
مدة حكمه
وكانت مدة ملكه، رحمه الله تعالى، سبع «3» عشرة سنة وشهرين واثنى عشرة يوما.
وكان له من الأولاد: السلطان الملك السعيد ناصر الدين محمد قاءان بركه، وأمه ابنة الأمير حسام الدين بركه خان بن دولة خان الخوارزمى «1» ، والملك المسعود نجم الدين الخضر، والملك العادل بدر الدين سلامش، وسبع ينات.
وتزوج أيضا ابنة الأمير سيف الدين نوكبة «2» التتارى، وابنة الأمير سيف الدين كراى التتارى، وابنة الأمير سيف الدين تماجى «3» التتارى، وامرأة شهرزورية تزوجها لما قدم غزة وحالف الشهرزورية، ثم طلقها لما ملك الديار المصرية.
نائبه: مملوكه الأمير بدر الدين بيليك الخزندار.
وزراؤه: الصاحب زين الدين بن الزبير مدة يسيرة. ثم استوزر بعده الصاحب بهاء الدين على بن محمد المعروف بابن حنا.
قضاته: وقد تقدم ذكر قضاته فى أخبار دولته.
***
ذكر أخبار السلطان الملك السعيد ناصر الدين محمد بركه قاءان «1» ابن السلطان الملك الظاهر ركن الدين بييرس البندقدار الصالحى وهو الخامس من ملوك دولة الترك.
ملك الديار المصرية والبلاد الشامية، بعد وفاة والده السلطان الملك الظاهر، فى يوم الخميس سابع عشرين المحرم سنة ست وسبعين وستمائة، وكان ولى عهد أبيه، على ما قدمناه فى أخبار الدولة الظاهرية «2» ، فى يوم الخميس ثالث عشر شوال سنة اثنتين وستين وستمائة، وجدّد له الحلف، فى يوم الخميس تاسع صفر سنة سبع وستين وستمائة.
قال: ولما توفى السلطان بدمشق كان الملك السعيد بمصر، وكان الأمير بدر الدين بيليك الخزندار نائب السلطنة وأكابر الأمراء قد أخفوا موت السلطان «3» .
وكتب الأمير بدر الدين بيليك الخزندار إلى الملك السعيد كتابا بخطه يخبره بوفاة السلطان، ويعلمه بما دبره من كتمان ذلك إلى أن يصل بالعساكر والخزائن إلى خدمته، وسأله كتمان الحال الى أن يصل اليه، وسير اليه المطالعة على يد الأمير بدر الدين الجو كان دار الحموى، والأمير علاء الدين أيدغمش الحكمى الجاشنكير، فلما وصلا بالمطالعة وأنهيا ما معهما من المشافهة خلع عليهما وأنعم على كل منهما بخمسة آلاف درهم، وأظهر أن ذلك بسبب بشارتهما بعود السلطان إلى دمشق.
ثم ركب الأمراء فى بكرة يوم السبت تاسع عشرين الشهر على العادة إلى سوق الخيل بدمشق.
ثم رحلوا من دمشق فى صفر بالجيوش والعساكر، وبينهم محفة محمولة، وجماعة من المماليك السلطانية فى خدمتها يظهرون أن السلطان الملك الظاهر فيها وهو ضعيف، كل ذلك حفظا للمهابة، وما زال الأمر كذلك إلى أن وصلوا إلى الديار المصرية، وكان وصول المحفة والأمراء إلى قلعة الجبل فى يوم الخميس خامس عشرين صفر سنة ست وسبعين وستمائة، وسلم الأمير بدر الدين الخزندار الخزائن والعساكر للسلطان الملك السعيد، وأظهروا عند ذلك وفاة السلطان وحلف الناس للملك السعيد، واستقر له الملك وعمره يومئذ تسع عشرة «1» سنة.
وكتب [الملك السعيد] إلى دمشق وسائر الممالك الشامية يخبر «النواب» بوفاة السلطان وسلطنته، ويطلب منهم اليمين، فوصل الأمر «2» فى البريد بذلك إلى دمشق فى يوم الأحد ثالث عشر شهر ربيع الأول، فجمع النائب عن السلطنة بها وهو الأمير عز الدين أيدمر الظاهرى، الأمراء والمقدمين، وقرىء عليهم كتاب السلطنة فحلفوا، وحلف جميع العسكر والقضاة والأعيان، ثم رسم لمتولى دمشق أن يحلف أهل دمشق، فحلف أهل كل حارة بحضور عدلين، ورسم لمتولى البريد بذلك، فحلف أهل القرى والضياع، ودامت مدة الحلف بدمشق أحد عشر يوما حتى كملت. ثم خلع على الأمراء والمقدمين والقضاة والأعيان والنظار وكتاب الإنشاء بدمشق فى سادس عشر الشهر، وخلع على الأعيان والأكابر بالطرحات، وما كان قبل ذلك يخلع بالطرحة، إلا على قاضى القضاة، وحلف أيضا صاحب حماة وأهل بلده، ونائب حلب وأمراؤها وجندها وأهلها، وسائر الممالك الشامية لم يختلف منهم أحد ولا توقف عن اليمين.