الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورسم للعسكر بعمل سلاليم وعين لكل أمير عدة منها، ورحل إلى قريب عيون الأساور «1» وأمر العسكر بعد العشاء الآخرة بلبس السلاح وأخذ أهبة الحرب، وركب قريب وقت الصبح وساق إلى قيسارية على حين غفلة من أهلها.
ذكر فتوح قيسارية
«2»
نزل السلطان عليها فى يوم الخميس تاسع جمادى الأولى سنة ثلاث وستين وستمائة، وللوقت طاف بها وهاجمها الناس، وألقوا نفوسهم فى خنادقها، وعمدوا إلى سكك الخيل الحديد «3» والشّبح والمقاود «4» فتعلقوا فيها وطلعوا من كل جانب، ونصبت عليها الصناجق، وحرقت أبوابها، فهرب أهلها إلى قلعتها. فنصبت المجانيق على القلعة وهى من أحصن القلاع وأحسنها، وتعرف بالخضراء. وكان الريدا فرانس حمل إليها العمد الصوان وأتقنها، ولم ير فى الساحل أحسن منها عمارة ولا أمنع ولا أرفع، لأن البحر حافّ بها، وجايز فى خنادقها، والنقوب لا تعمل فيها للعمد الصوان المصلبة فى بنائها، حتى إذا علقت لا تقع. فاستمر الزحف عليها ورمى المنجينقات وعملت دبابات «5» وزحافات «6» . وكان السلطان يركب فى بعض الدبابات وتجر من
تحته بالعجل حتى يصل إلى الأسوار ويرى النقوب. وأخذ فى بعض الأيام بيده ترسا وقاتل، وما رجع إلا وفى ترسه عدة سهام. وفى ليلة الخميس منتصف الشهر حضر الفرنج وسلموا القلعة بما فيها، وتسلق المسلمون إليها من الأسوار وحرقوا الأبواب ودخلوا من أعلاها وأسفلها، وأذن بالصبح عليها. وطلع السلطان إلى القلعة وقسم المدينة على أمرائه وخواصه ومماليكه وحلقته، وشرع فى الهدم وأخذ بيده قطاعة وهدم بنفسه ويده.
وقيسارية هذه من المدن القديمة فتحت فى صدر الإسلام فى سنة تسع عشرة للهجرة، على يد معاوية بن أبى سفيان، بعد قتال عظيم، ولم يكن معاوية أمير الجيش، إنما كان من قبل أخيه يزيد بن معاوية.
وفى جماد الأول: جرد السلطان الأمير شهاب الدين القيمرى بجماعة من عسكر الساحل لجهة بيسان «1» ، فسير جماعة من العربان والتركمان للإغارة على عكا، فأغاروا ووصلوا إلى أبوابها وغنموا وعادوا.
ذكر التوجه إلى عثليث «2» وأخذ حصن الملوحة وحيفا
قال: ولما قارب السلطان الفراغ من هدم قيسارية سير الأمير شمس