الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر غزوات السلطان وفتوحاته وما وقع من المصالحات والمهادنات
ولنبدأ من ذلك بالأمور التى أوجبت انحراف السلطان عن الفرنج بالبلاد الساحلية «1» وأخذ بلادهم.
قد ذكرنا ما كان قد تقرر من الهدنة عند وصول السلطان إلى الشام فى سنة تسع وخمسين وستمائة، وأن الفرنج لم يفوا بما تقرر من إطلاق الأسرى. فلما وصل السلطان إلى جهة الطور «2» على ما قدمناه فى سنة إحدى وستين عند القبض على الملك المغيث صاحب الكرك، وكان الفرنج قد شرعوا يحيدون عن الحق ويطلبون زرعين، والسلطان يجاوبهم «إنكم أخذتم العوض عنها فى الأيام الناصرية ضياعا من مرج «3» عيون، وقايضتم «4» بها صاحب تبنين «5» » . ثم وردت رسلهم الآن يهنئون بالسلامة ويقولون:«ما عرفنا بوصول السلطان» . فأجابهم: «إن من يريد يتولى أمرا ينبغى أن يكون فيه يقظة، ومن خفى عنه هذه العساكر وجهل ما علمه الوحوش فى الفلاة والحيتان فى المياه من كثرة هذه العساكر، التى لعل بيوتكم ما فيها موضع إلا ويكنس منه التراب الذى أثارته خيل هذه العساكر، ولعل وقع سنابكها
قد أصمّ سماع من وراء البحر من الفرنج وفى موغان «1» من التتار. فإذا كانت هذه العساكر تصل إلى أبواب بيوتكم ولا تدرون بها فأى شىء تعلمون» . وانفصل الرسل على هذا الحال.
ووصلت نواب يافا، ونواب أرسوف «2» بهدية أخذت منهم «3» ، وكانت كتبهم وردت قبل ذلك مضمونها: طلب فسخ الهدنة والندم عليها، فصارت ترد الآن ببقائهم عليها وتمسكهم بالمواثيق.
وجرت أمور ومراسلات يطول شرحها اقتضت تغير السلطان، ثم كاتبهم السلطان يقول: «أنتم فى أيام الملك الصالح إسماعيل أخذتم صفد والشقيف على أنكم تنجدونه على السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب، وخرجتم جميعا خدمته ونجدته، وجرى ما جرى من خذلانه، وقتلكم وأسركم وأسر ملوككم ومقدميكم. وقد نقضت تلك الدولة ولم يؤاخذكم السلطان الشهيد عند فتوحه البلاد وأحسن إليكم، فقابلتم ذلك بأنكم رحتم إلى الريذ افرانس وأتيتم صحبته إلى مصر وساعدتموه حتى حوى عليكم ما جرى من القتل والأسر، فأى مرة وفيتم فيها لمملكة مصر. وبالجملة فأنتم أخذتم هذه البلاد من الصالح إسماعيل لإعانة مملكة الشام وطاعة ملكها ونصرته، وقد صارت مملكة الشام وغيرها لى وأنا لا أحتاج إلى نصرتكم، فتردّون ما أخذتموه بهذا الطريق، وتفكون جميع أسرى