الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعثليث، فساق إلى باب عثليث فنهب وقتل وأسر، ثم ساق إلى قيسارية واعتمد فيها مثل ذلك. فرجع الذين ببافا.
ذكر محاصرة التتار البيرة وتجريد العساكر وانهزام العدو
«1»
كان السلطان قد توجه إلى جهة العباسة «2» ، فى أوائل سنة ثلاث وستين وستمائة، للصيد ورمى البندق كما قدمناه، فأتته الأخبار أن التتار قد جمعوا ونازلوا البيرة، وللوقت أمر الأمير بدر الدين الخزندار بالركوب على الخيل السوابق إلى القلعة، وأنه ساعة وصوله يجرد أربعة آلاف فارس من العسكر الخفيف. ورجع السلطان إلى القلعة فبات ليلة واحدة، وجهز الأمير عز الدين إيغان، ورسم له بتقدمة العساكر وصحبته الأمير فخر الدين الحمصى، والأمير بدر الدين بيليك الأيدمرى، والأمير علاء الدين كشتغدى الشمسى وجماعة من الأمراء والحلقة «3» .
وتوجهت هذه العساكر فى رابع عشر ربيع الأول، وأمر الأمير جمال الدين أيدغدى الحاجبى بالسفر فى أربعة آلاف فارس أخر، فخرجوا بعد العسكر الأول بأربعة أيام، وشرع السلطان فى التجهيز، وخرج فى خامس شهر ربيع الآخر،
ورحل فى سابع الشهر، ووصل إلى غزة فى العشرين منه، فوصلت كتب النواب: إن العدو نصب على البيرة سبعة عشر منجنيقا. فكتب إلى الأمير عز الدين إيغان يستحثه على سرعة الحركة، ويقول: «متى لم تدركوا هذه القلعة؟
وإلا سقت إليها بنفسى جريدة» . فساق العسكر وحث السير، فلما كان فى السادس والعشرين من شهر ربيع الآخر، ورد البريد من جهة الأمير جمال الدين النجيى نائب السلطنة بالشام وعطف كتابه بطاقة «1» من الملك المنصور صاحب حماة مضمونها: أنه وصل إلى البيرة بالعساكر المنصورة صحبة الأمير عز الدين إيغان، وأن التتار عندما شاهدوهم هربوا، ورموا مجانيقهم وغرقوا مراكبهم، وانهزموا لا يلوى أحد منهم على أحد. ثم وصلت أربعة من مماليك الأمراء بالبشارة. وورد كتاب الأمير جمال الدين أقوش «2» المغيثى النائب بالبيرة يذكر صورة الحال، وأنه لما كثر العدو على القلعة وطم الخندق، حفر أهل البيرة حفيرا قدر قامة، وعملوا منه سردابا نافذا إلى الأحطاب التى كان العدو رماها فى الخندق فأضرموا فيها النار، فاحترقت جميعها، ثم سد المسلمون السرّب المحفور.
وذكر مصابرة أهل الثغر، وأن نساءهم فعلن من حسن البلاء فى مصابرة الأعداء ما لم يفعله الرجال. ومن جملة ما وصف أن برجا واحدا كان عليه خمسة عشر منجنيقا وثبت شهرين. فكتب السلطان بإطابة قلوب من بالثغر، وعينت أمثلة «3»
بالإقطاعات لمن جاهد من البحرية وغيرهم بالبيرة. واستشهد صارم الدين بكتاش الزاهدى «1» أحد الأمراء المجردين بها بحجر منجنيق، وترك موجودا كثيرا وبنتا واحدة؛ فرسم السلطان بجميع ميراثه لابنته. واهتم السلطان بأمر القلعة، وكتب إلى جميع القلاع والولايات «2» بما يحملونه إلى هذا الثغر من الأموال والغلال والأسلحة والعدد وغير ذلك، مما يحتاج أهل هذه القلعة إليه لمدة عشر سنين.
وكتب إلى الأمراء والملك المنصور صاحب حماة أنهم لا يتحركون «3» من مكانهم حتى ينظفوا الخندق وينقلوا الحجارة التى فيه، ففعلوا ذلك وأقاموا مدة بسببه.
ووردت كتب الأمراء يخبرون أنه لما كانت نوبة الأمير عز الدين إيغان والأمير فخر الدين الحمصى والأمير بدر الدين الأيدمرى وجماعة من البحرية، وكانت خيلهم ترعى فى الجانب الشامى وهم يعملون، فأحاط بهم فرقة من التتار المغل ملبسين «4» ، فأجمعوا ورموهم بالنشاب وأنكرهم بالجراحات فولوا منهزمين، وساق العسكر خلفهم فوجد منهم جماعة قد هلكوا فى الطريق من الجراحات، وقتل جماعة فى ذلك اليوم. فاستدعى السلطان من الديار المصرية مائتى ألف درهم ومائتى تشريف، وكتب إلى دمشق بتجهيز مائة تشريف ودراهم، وجهز ذلك إلى البيرة، وكتب إلى الأمير عز الدين إيغان بأن يحضر أهل القلعة جميعهم من