الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأصروا على منعهم، فركب السلطان فى العشرين من شهر رمضان، وساق بنفسه ومن معه من العسكر الخفيف، وتوجه الأمير جمال الدين المحمدى من جهة، والأتابك من جهة، ووصلوا إلى صور، فأمسكوا جماعة من الرجال والنساء والصغار، وهرب فى ذلك الوقت مملوك للأمير جمال الدين أقش الرومى فنصّره صاحب صور لوقته. وطلب منه فدافع عنه، وأمسك السلطان عن إتلاف زرعه ورد الحريم والأطفال ورجع إلى المخيم وأمهل عليه مدة، فلما استمر على منع البنت والمملوك، جرد السلطان جماعة لاستغلال بلاده «1» .
ذكر الإغارة على بلاد كركر «2» وأخذ قلعة شرموشاك
وفى هذه السنة توجهت الغّيارة من البيرة وغيرها إلى جهة كركر فأحرقوا بلدها وأخذوا مواشى، وتوجهوا إلى قلعة بين كركر والكختا «3» اسمها شرموشاك، فزحفوا عليها وأخذوها وقتلوا رجالها ونهبوا من المواشى شيئا كثيرا، وأخرجوا من الفلاحين إلى البلاد السلطانية خلقا كثيرا، وأخذ الخمس من الغنيمة للديوان ورسم بترتيب الناجعين فى البلاد الحمصية والشيزرية وجهات أنطاكية.
ذكر الإغارة على عكا
وفى سنة ثمان وستين وستمائة، توجه السلطان جريدة إلى الشام، وكان الفرنج بعكا اعتمدوا أشياء لا يصبر عليها: منها أن أربعة من مماليك السلطان
هربوا ودخلوا عكا، فلما طلبهم منهم طلبوا العوض عنهم، فأنكر السلطان ذلك عليهم، فنصّروهم، وذلك فى سنة سبع وستين. فكتب السلطان إلى النواب بوقوع الفسخ، فأغار عليهم الأمير جمال الدين أقش الشمسى فقتل وأسر منهم جماعة. واتفقت حركة للسلطان إلى الحجاز فأطلق الذين أسروا، وعوق «1» رسل الفرنج على إحضار المماليك، وأطلق منهم وزير الإستبار خاصة، لأنه كان يخدم السلطان. فلما كان فى هذه السنة بلغ السلطان أن الفرنج وصل إليهم سفائن من جهة الريدراكون «2» ، أحد ملوك الغرب، فيها جماعة من أصحابه وأقار به وكتبه، يقول فيها: أنه واعد أبغا بن هولاكو أنه يوافيه بالبلاد الإسلامية، وأنه «3» واصل لمواعدته [من جهة سيس فى سفن كثيرة] ، «4» فأرسل الله تعالى ريحا مزعجة كسرت عدة من سفائنه ولم يسمع لهم خبر. وأما أهل عكا فانهم خرجوا هم ومن وصل إليهم من الغرب إلى ظاهر عكا، وخيموا وصاروا يركبون [وتوجهت طائفة منهم إلى عسكر جينين وعسكر صفد «5» ] ، وبلغهم أن السلطان وصل جريدة فتوهموا أنه لا يقصدهم. واتفق أن السلطان خرج متصيدا إلى جهة الحارسة، وعاد مسرعا وتوجه على أنه يتصيد فى مرج برغوث «6» . ولما وصل فى أثناء الطريق إلى برج الفلوس «7» سير الأمير عز الدين معن الظاهرى السلاح دار لإحضار السلاح
وسير الأمير ركن الدين إياجى لإحضار العسكر الشامى كله، فتكامل الناس عنده فى مرج برغوث، فى بكرة نهار الثلاثاء الحادى والعشرين من شهر ربيع، وركب وساق فوصل جسر يعقوب عشية النهار، وساق فأصبح الصبح وهو بأول المرج.
وكان قد سير إلى الأمير جمال الدين الشمسى مقدم عسكر عين جالوت، والأمير علاء الدين أيدغدى مقدم عسكر صفد بالإغارة فى ثانى وعشرينه، وأنهم ينهزمون قدام الفرنج. فخرج جماعة من الفرنج مقدمهم كندلوفير «1» المسمى زيتون، وفيهم أقارب الريدراكون وغيرهم، ودخل السلطان الكمين. فعند ما خرج الفرنج لقتال العسكر الصفدى تقدم الأمير عز الدين إيغان الركنى، وبعده الأمير جمال الدين الحاجبى، ومعهما أمراء الشام. وساق قدام السلطان الأمير شمس الدين أيتمش السعدى، والأمير علاء الدين كتدغدى الظاهرى أمير مجلس ومعهما مقدموا الحلقة. وقاتل الأمراء الشاميون أحسن قتال، وأمسك الأمير عز الدين إيغان فارسا اسمه ريمون «2» دكوك. وأما السلطان ومن كان قدامه من الأمراء، فما وصلوا إلى الأمراء المتقدمين إلا والعدو قد انكسر فلم يحصل لهم اختلاط.
وكان القتال شديدا تماسكوا فيه بالأيدى، وأكمن زيتون فجال العسكر بينهم وأخذوا عليه وعلى أكابر الفرنج حلقة وقتل أخو زيتون، وابن أخت الريدراكون، وجماعة من الخيالة، ونائب فرنسيس «3» بعكا، ولم يعدم من عسكر الإسلام إلا الأمير فخر الدين الطونبا الفائزى. وعاد السلطان ورءوس القتلى بين يديه إلى صفد، وتوجه منها إلى دمشق، فدخلها فى يوم الأحد سادس وعشرين الشهر، والأسرى والرءوس بين يديه.