المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر توجه السلطان إلى الديار المصرية على خيل البريد وعوده إلى الشام - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٣٠

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌ الجزء الثلاثون

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الثاني عشر من القسم الخامس من الفن الخامس أخبار الديار المصرية]

- ‌[تتمة ذكر اخبار دولة الترك]

- ‌ذكر أخبار السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحى وهو الرابع من ملوك دولة الترك بالديار المصرية المحروسة

- ‌[سنة ثمان وخمسين وستمائة]

- ‌واستهلت سنة تسع وخمسين وستمائة

- ‌فأما ما كان من الأخبار والحوادث فى مقر ملكه بالديار المصرية

- ‌ذكر تفويض الوزارة إلى الصاحب الوزير بهاء الدين على بن القاضى سديد الدين أبى عبد الله محمد بن سليم المعروف بابن حنا

- ‌ذكر القبض على جماعة من الامراء المعزّية

- ‌ذكر تفويض قضاء القضاء بالديار المصرية لقاضى القضاة تاج الدين بن بنت الأعز

- ‌ذكر ما اعتمده السلطان فى ابتداء سلطنته ورتبه من المصالح وقرره من القربات والأوقاف والعماير

- ‌ذكر بناء قلعة الجزيرة

- ‌ذكر وصول من يذكر من الملوك إلى خدمة السلطان وما قرره لكل منهم وما عاملهم به من الإحسان

- ‌ذكر وصول الخليفة المستعصم بالله إلى الديار المصرية ومبايعته وتجهيزه بالعساكر إلى بلاد الشرق وما كان من أمره إلى ان قتل

- ‌ذكر استيلاء الأمير علم الدين سنجر الحلبى على دمشق وسلطنته بها، وأخذها منه، وتقرير نواب السلطان بها

- ‌ذكر ما اتفق بحلب فى أمر النيابة

- ‌ذكر وصول طائفة من التتار إلى البلاد الإسلامية وما فعلوه بحلب وتقدمهم إلى حمص وقتالهم وانهزامهم وما كان من خبر عودهم

- ‌ذكر الغلاء الكائن بحلب

- ‌ذكر اختلاف العزيزية والناصرية، ومفارقة الأمير شمس الدين أقش البرلى البلاد، وتولية الحلبى نيابة حلب وعزله، وعود البرلى إليها وخروجه منها، ونيابة البندقدار وعود البرلى إليها ثانية وخروجه

- ‌ذكر ما اتفق للسلطان بالشام فى مدة مقامه بدمشق وما وقع فى سفرته هذه خلاف ما قدمنا ذكره من أمر الخليفة

- ‌ذكر ركوب السلطان إلى الميدان بدمشق ولعبه بالكره ومن كان فى خدمته من الملوك

- ‌ذكر الصلح مع ملوك الفرنج

- ‌ذكر الغارة على العرب والفرنج

- ‌ذكر عود السلطان إلى الديار المصرية

- ‌ذكر أخذ الشويك

- ‌واستهلت سنة ستين وستمائة

- ‌ذكر وصول الأمير شمس الدين سلار البغدادى وشىء من أخباره

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة الأنيرور

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة صاحب الروم ووصول رسله إلى السلطان، وما قرره السلطان من بلاده

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة الأشكرى وخبر مسجد القسطنطينية

- ‌ذكر حضور الأمير شمس الدين أقش البرلى العزيزى إلى الديار المصرية

- ‌ذكر القبض على علاء الدين طيبرس الوزيرى نائب السلطنة بالشام

- ‌ذكر وصول جماعة من التتار إلى خدمة السلطان

- ‌ذكر إنفاذ الرسل إلى الملك بركة

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالشام إلى الأمير جمال الدين النجيبى الصالحى

- ‌ذكر وفاة شيخ الإسلام عز الدين أبى محمد ابن عبد العزيز بن عبد السلام بن أبى القاسم ابن الحسن بن أبى محمد السلمى الدمشقى الشافعى وشىء من أخياره

- ‌واستهلت سنة إحدى وستين وستمائة

- ‌ذكر البيعة للإمام الحاكم بأمر الله أبى العباس أحمد العباسى

- ‌ذكر القبض على الملك المغيث صاحب الكرك واعتقاله

- ‌ذكر أخذ الكرك

- ‌ذكر القبض على الأمراء وهم: الأمير سيف الدين بلبان الرشيدى والأمير شمس الدين أقش البرلى والأمير عز الدين الدمياطى، وما نقل من الأسباب الموجبة لذلك

- ‌ذكر توجه السلطان إلى ثغر الإسكندرية

- ‌ذكر وصول التتار المستأمنين

- ‌واستهلت سنة اثنتين وستين وستمائة

- ‌ذكر تفويض أمر جيش حماة إلى الطواشى شجاع الدين مرشد الحموى

- ‌ذكر عمارة المدرسة الظاهرية وترتيب الدروس

- ‌ذكر وفاة الملك الأشرف مظفر الدين موسى صاحب حمص والرحبة

- ‌ذكر جلوس السلطان بدار العدل وما رتبه عند غلو الأسعار

- ‌ذكر جلوسه بدار العدل وما قرره من مشاركة أمناء الحكم للأوصياء

- ‌ذكر وصول جماعة من عسكر شيراز

- ‌ذكر سلطنة الملك السعيد

- ‌ذكر ختان الملك السعيد ومن معه

- ‌ذكر خبر غازية الخنافة

- ‌ذكر وصول رسل الملك بركة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الاسكندرية وتقديم سيف الدين عطاء الله على عرب برقة

- ‌ذكر الواقعة الكائنة بين المسلمين والفرنج ببلاد الأندلس- وانتصار المسلمين

- ‌ذكر مقتل الزين الحافظى

- ‌واستهلت سنة ثلاث وستين وستمائة

- ‌ذكر خبر الحريق بالقاهرة ومصر واتهام أهل الذمة وما قرره عليهم من الأموال بسببه

- ‌ذكر تفويض القضاة لأربعة حكام

- ‌ذكر القبض على الأمير شمس الدين سنقر الأقرع

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة بدر الدين السنجارى وشىء من أخباره

- ‌واستهلت سنة أربع وستين وستمائة

- ‌ذكر عمارة جسر دامية

- ‌واستهلت سنة خمس وستين وستمائة ذكر عود السلطان إلى الديار المصرية وبناء الجامع الظاهرى

- ‌ذكر إقامة الجمعة بالجامع الأزهر بالقاهرة المحروسة وشى من أخباره

- ‌ذكر إنشاء القصر الأبلق بالميدان بظاهر دمشق

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وعمارة قلعة صفد

- ‌ذكر تسمير من يذكر بالقاهرة

- ‌واستهلت سنة ست وستين وستمائة

- ‌ذكر أخذ الزكاة من عرب الحجاز

- ‌ذكر ظهور الماء بالقدس الشريف

- ‌ذكر خبر الحبيس النصرانى ومقتله

- ‌ذكر بناء القرية الظاهرية قرب العباسة

- ‌ذكر إيقاع الحوطة السلطانية على الأملاك والبساتين وما تقرر على أربابها من المال

- ‌ذكر وصول الأمير شمس الدين سنقر الأشقر من بلاد التتار والصلح مع التكفور هيتوم صاحب سيس

- ‌واستهلت سنة سبع وستين وستمائة

- ‌ذكر تجديد الحلف للملك السعيد

- ‌ذكر توجه السلطان على خيل البريد إلى الديار متنكرا وعوده إلى مخيمه بخربة اللصوص ولم يعلم من به بتوجهه

- ‌ذكر وفاة الأمير عز الدين أيدمر الحلى [الصالحى نائب السلطنة

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الظاهر إلى الحجاز الشريف

- ‌واستهلت سنة ثمان وستين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام جريدة

- ‌واستهلت سنة تسع وستين وستمائة

- ‌ذكر القبض على الملك العزيز فخر الدين عثمان بن الملك المغيث صاحب الكرك والأمراء الشهرزورية

- ‌ولنرجع إلى سياقة أخبار الدولة الظاهرية:

- ‌ذكر حادثة السيل بدمشق

- ‌ذكر سفر الشوانى الإسلامية إلى قبرس وكسرها وأسر من كان بها وخلاصهم

- ‌ذكر عود السلطان إلى قلعته ووصول رسل اليمن، واهتمامه بأمر الشوانى، وما أنعم به من الخلع والخيول على الأمراء والأجناد

- ‌ذكر القبض على من يذكر من الأمراء

- ‌واستهلت سنة سبعين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الكرك ثم إلى الشام وعزل الأمير جمال الدين النجيبى عن نيابة دمشق وتولية الأمير عز الدين أيدمر نائب الكرك نيابة السلطنة بالشام واستنابة الأمير علاء الدين أيدكن أستاد الدار بالكرك

- ‌ذكر عود السلطان من حلب ورجوعه إلى الديار المصرية وعوده إلى الشام

- ‌ذكر إيقاع الحوطة على القاضى شمس الدين الحنبلى واعتقاله

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الصيد ثم إلى الشام

- ‌واستهلت سنة إحدى وسبعين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الديار المصرية على خيل البريد وعوده إلى الشام

- ‌واستهلت سنة اثنتين وسبعين وستمائة

- ‌ذكر الطلسم الذى وجد بباب القصر بالقاهرة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام

- ‌ذكر الظفر بملك الكرج

- ‌ذكر ختان الملك المسعود نجم الدين خضر ولد السلطان الملك الظاهر

- ‌ذكر نكتة غريبة

- ‌ذكر ورود كتاب متملك الحبشة

- ‌واستهلت سنة ثلاث وسبعين وستمائة

- ‌واستهلت سنة أربع وسبعين وستمائة

- ‌ذكر متجددات اتفقت بعد وصول السلطان إلى الديار المصرية غير ما تقدم ذكره

- ‌ذكر توجه رسل السلطان إلى أشبيلية وما كان من خبرهم

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الكرك واستبداله بمن فيها من الرجال وعوده

- ‌واستهلت سنة خمس وسبعين وستمائة

- ‌ذكر وصول جماعة من أمراء الروم إلى خدمة السلطان وطاعتهم له

- ‌ذكر ظهور المسجد بجوار دير البغل وإقامة شعائر الإسلام به

- ‌ذكر غزوات السلطان الملك الظاهر وفتوحاته وما استولى عليه من البلاد الإسلامية

- ‌ذكر ما استولى عليه من القلاع والحصون والبلاد الإسلامية وأضافه إلى ممالكه

- ‌ذكر فتوح سواكن

- ‌ذكر فتوح خيبر

- ‌ذكر فتوح قرقيسيا

- ‌ذكر أخذ بلاطنس وخبرها

- ‌ذكر تسليم صهيون وبرزية

- ‌ذكر أخبار الإسماعيلية وابتداء أمرهم والاستيلاء على حصونهم

- ‌ذكر استيلاء السلطان على بلاد الإسماعيلية وشىء من أخبارها

- ‌ذكر فتوح العليقة والرّصافة

- ‌ذكر فتوح بقية حصون الدعوة

- ‌ذكر أخبار هذه الحصون

- ‌ذكر غزوات السلطان وفتوحاته وما وقع من المصالحات والمهادنات

- ‌ذكر مسير السلطان إلى عكا

- ‌ذكر قصد متملك الأرمن حلب المحروسة

- ‌ذكر محاصرة التتار البيرة وتجريد العساكر وانهزام العدو

- ‌ذكر الفتوحات بالبلاد الفرنجية فى هذه السفرة

- ‌ذكر فتوح قيسارية

- ‌ذكر فتوح أرسوف

- ‌ذكر ما ملكه السلطان لأمرائه من النواحى التى فتحها الله على يده

- ‌ذكر قصد البرنس صاحب طرابلس حمص وانهزامه

- ‌ذكر إغارة العساكر على طرابلس بالشام وفتح قلعة حلبا وقلعة عرقا

- ‌ذكر إغارة العسكر على صور

- ‌ذكر فتوح صفد

- ‌ذكر غزوة سيس وأسر ملكها وقتل أخيه وعمه وأسر ولد عمه

- ‌ذكر وقعة مع الفرنج كانت النصرة فيها للمسلمين

- ‌ذكر إغارة السلطان على عكا

- ‌ذكر الصلح مع بيت الإسبتار على حصنى الأكراد والمرقب

- ‌ذكر فتوح يافا

- ‌ذكر فتوح شقيف أرنون

- ‌ذكر فتوح أنطاكية

- ‌ذكر ملخص أخبار أنطاكية

- ‌ذكر ما اعتمده السلطان فى قسمة عنائم أنطاكية وإحراقه قلعتها وما افتتحه مما هو مضاف إليها وهو: ديركوش وشقيف كفردنين وشقيف كفر تلميس

- ‌ذكر صلح القصير على المناصفة

- ‌ذكر الإغارة على صور

- ‌ذكر الإغارة على عكا

- ‌ذكر فتوح قلعة صافيتا

- ‌ذكر صلح أنطرطوس والمرقب

- ‌ذكر فتوح حصن عكّار

- ‌ذكر صلح طرابلس

- ‌ذكر فتوح القرين

- ‌ذكر صلح صور وما تقرر من المناصفة

- ‌ذكر منازلة التتار البيرة وكسرهم على الفرات وقتل مقدمهم جنقر

- ‌ذكر فتوح كينوك

- ‌ذكر إغارة عيسى بن مهنا على الأنبار

- ‌ذكر الإغارة على مرعش

- ‌ذكر غزوة سيس

- ‌ذكر شىء من أخبار بلاد سيس وسبب استيلاء الأرمن عليها

- ‌نعود إلى أخبار السلطان الملك الظاهر

- ‌ذكر منازلة حصن القصير وفتحه

- ‌ذكر وفاة الأبرنس صاحب طرابلس وما انفق بعد وفاته

- ‌ذكر غزوة النوبة

- ‌ذكر غزوات النوبة فى الإسلام

- ‌ذكر غزوة الروم وقتل التتار

- ‌ذكر رحيل السلطان عن قيسارية وهرب عز الدين أيبك الشيخى ولحاقة بأبغا وعود السلطان إلى ممالكه

- ‌ذكر ما اعتمده الأمير شمس الدين محمد بك بن قرمان أمير التركمان فى البلاد الرومية

- ‌نعود إلى سياقة أخبار السلطان الملك الظاهر

- ‌واستهلت سنة ست وسبعين وستمائة

- ‌ذكر وفاة السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحى رحمه الله تعالى

- ‌مدة حكمه

- ‌ذكر وفاة الأمير بدر الدين بيليك الخزندار

- ‌ذكر القبض على من يذكر من الأمراء والإفراج عنهم ومن مات منهم

- ‌ذكر عزل قاضى القضاة محيى الدين عبد الله بن محمد بن عين الدولة وإضافة عمله إلى قاضى القضاة تقى الدين بن رزين

- ‌ذكر وفاة الشيخ خضر وشىء من أخباره

- ‌واستهلت سنة سبع وسبعين وستمائة

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وإقامته بدمشق وتجريد العساكر

- ‌[ذكر] أمر شاد الدواوين

- ‌[ذكر] وفاة الأمير جمال الدين أقش النجيبى الصالحى

- ‌ذكر وفاة الصاحب بهاء الدين

- ‌[ذكر] وفاة مجد الدين عبد الرحمن بن الصاحب كمال الدين عمر بن العديم

- ‌[ذكر] وفاة الشيخ العارف نجم الدين أبو المعالى محمد بن الخضر الشيبانى الحريرى

- ‌واستهلت سنة ثمان وسبعين وستمائة

- ‌ذكر عود الأمراء من الغزاة وظهور الوحشة والمنافرة بينهم وبين السلطان الملك السعيد وتوجيههم إلى الديار المصرية

- ‌ذكر وصول السلطان إلى قلعة الجبل وما كان من أمره إلى أن انخلع من السلطنة

- ‌فهرس موضوعات الجزء الثلاثون

الفصل: ‌ذكر توجه السلطان إلى الديار المصرية على خيل البريد وعوده إلى الشام

‌واستهلت سنة إحدى وسبعين وستمائة

‌ذكر توجه السلطان إلى الديار المصرية على خيل البريد وعوده إلى الشام

قال: لما عاد السلطان من كشف الحصون فى خامس المحرم من هذه السنة، استشار خواص الأمراء فى أن التتار تواترت الأخبار بحركتهم، وأنهم متى قصدوا البلاد والعساكر والخزائن غير حاضرة صعب الأمر، وعرفهم أنه بتوجه إلى الديار المصرية على البريد.

وركب ليلة السادس من المحرم بعد عشاء الآخرة، وصحبته الأمير بدر الدين بيسرى، والأمير جمال الدين أقش الرومى، وجبرك «1» السلاح دار، وجرمك الناصرى، وسنقر الألفى السلاح دار، وعلم الدين شقير مقدّم البريدية. فدخل قلعته يوم السبت ثالث عشر المحرم، ولم يشعر الناس إلا وهو داخل من باب القلعة، فدخل وتوجه إلى الميدان ولعب الكرة، وكتب إلى الأمراء المقيمين بالشام أنه سطرها من البيرة، وسير علائم بخطه ليكتب عليها أجوبة البريد من دمشق إلى الأطراف. وكان الأمير سيف الدين الدوادار بقلعة دمشق لتجهيز الكتب والبريد. وفى يوم الثنين توجه إلى مصر وركب فى البحر ولعبت الشوانى. وفى ليلة الأربعاء سابع عشرين المحرم جهز العسكر المجرد إلى الشام،

ص: 197

وتوجه هو إلى الشام فى ليلة التاسع والعشرين من الشهر هو ومن كان معه من الأمراء. ووصل إلى دمشق فى ثالث صفر، ودخل قلعتها ليلا.

وحضر إليه رسل أبغا وكان مضمون مشافهتهم طلب الاتفاق.

ثم توجه السلطان إلى قلعة البيرة عند ما نازلها التتار. وكان من انهزامهم ما نذكره إن شاء الله تعالى فى الغزوات والفتوحات.

ثم عاد السلطان إلى الديار المصرية فدخل قلعته فى الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة إحدى وسبعين وستمائة.

وفى السابع والعشرين من الشهر: أفرج عن الأمير عز الدين الدمياطى «1» وأنزله بدار الوزارة ورتب له الرواتب، وكان فى الإعتقال من شهر رجب سنة إحدى وستين وستمائة.

وفى شهر رجب: خلع السلطان على الأمراء والوزراء والقضاة «2» والمقدمين، وعم بذلك المسافرين والمقيمين.

وفى هذه السنة: نجزت عمارة قبة الصخرة الشريفة «3» ، وذلك فى يوم عرفة، وكان السلطان قد توجه إليها وجميع الصناع لعمارتها كما قدمناه.

ذكر اعتقال الشيخ خضر «4» والأسباب التى أوجبت ذلك

وفى يوم الاثنين ثانى عشر شوال سنة إحدى وسبعين: أحضر الشيخ خضر

ص: 198

ابن أبى بكر بن موسى العدوى المهرانى شيخ السلطان إلى قلعة الجبل، وأحضر جماعة خانقوه على أشياء كثيرة منها اللواط والزنا وغيره، فتقدم أمر السلطان باعتقاله. وكان سبب ذلك أنه تعاطى أمورا منكرة وأفحش، ثم شرع يغض من الأمير بدر الدين بيليك الخزندار نائب السلطنة، والصاحب بهاء الدين، وانتقل إلى حد المهاجرة لهما بالقول بحضرة السلطان، وهو أن السلطان أطلق له شيئا فتوقف الأمير بدر الدين فى إمضائه، فقال له بين يدى السلطان:«كأنك تشفق على السلطان وعلى أولاده، كما فعل قطز بأولاد الملك المعز» . فخشى عاقبة ذلك.

فاتفق هو والصاحب بهاء الدين على التدبير عليه وإطلاع السلطان على ما خفى عنه من حقيقة حاله، ووافقهما على ذلك الأمير عز الدين أيدمر نائب السلطنة بالشام، ورتبه، وذلك أنه طلب إسماعيل ومظفر نائبه بدمشق وآخر من أتباعه اسمه محمد بن بطيخ وتهددهم أولا، ثم وعدهم أنهم متى اعترفوا على شيخهم بما يعتمده أحسن إليهم وجعل لهم الرواتب. فذكروا عنه أشياء كثيرة وأشهدوا على أنفسهم بذلك. فكاتب السلطان فى أمره، فأمر بإرسالهم على خيل البريد فأرسلوا. ولما حضروا بين يدى السلطان سمع كلامهم. ثم أحضره وقال له:

«هؤلاء نوابك بالشام، ما تقول فيهم؟» فذكر من خبرهم وصدقهم وأنه رضى بما يقولونه فيه. فذكروا عنه من القبائح والمنكرات وارتكاب المحرمات شيئا كثيرا، وخانقوه على ذلك. فأطلقهم السلطان وأمر بإيقاع الحوطة على موجوده.

وحكى الشيخ قطب الدين اليونينى فى تاريخه: أنه لما حضر أولئك لمخانقته كان ذلك بحضور الأمير فارس الدين أقطاى المستعرب الأتابك، والأمير سيف الدين قلاون، والأمير بدر الدين بيسرى، والأمير سيف الدين قشتمر

ص: 199

العجمى، فخانقه أصحابه على كل عظيمة لا تصدر من مسلم. فقال:«ما أعرف ما تقولون. ومع هذا، أنا ما قلت إنى رجل صالح، أنتم قلتم هذا. فإن كان الذى تقولون صحيح فأنتم كذبتم» . فقام السلطان وقال للأمراء: «قوموا بنا لئلا نحترق بمجاورته» . فقاموا وانتقلوا إلى طرف الإيوان. فاستشار السلطان الأمراء فى أمره، فقال له الأتابك:«هذا مطلع على أسرار الدولة وبواطن أحوالها وما ينبغى إبقاؤه، ووافقه من حضر من الأمراء على هذا الرأى، وقالوا: ببعض ما قيل عنه يباح دمه. ففهم ما هم فيه، فقال للسلطان: «اسمع ما أقول لك، أنا أجلى قريب من أجلك، وما بينى وبينك إلا مدة أيام يسيرة، من مات منا لحقه الآخر عن قريب» . فلما سمع السلطان كلامه وجم، وقال للأمراء:«ما تشيرون فى هذا» ؟ فسكتوا. فقال السلطان: «أرى أن يحبس فى مكان لا يصل إليه أحد ولا يسمع كلامه، فيكون كمن قبر وهو حى» . ثم أمر به فحبس فى مكان منفرد بقلعة الجبل، ولم يدخل إليه إلا من يثق السلطان به غاية الوثوق. وكان يرسل إليه الأطعمة الفاخرة والفواكه والملابس، واستمر فى الإعتقال إلى أن توفى فى سنة ست وسبعين وستمائة قبل وفاة السلطان بأحد وعشرين يوما. وسنذكر إن شاء الله تعالى، مبدأ أمره وسياقة أخباره عند ذكر وفاته.

وفيها: هرب الأمير عمرو بن مخلول من آل فضل من قلعة عجلون هو وحامد رفيقه. وكان السلطان قد اعتقلهما فى برج من أبراج القلعة، فحفر حفيرة ملاصقة للسور ووقدوا النار حتى تكلس حجر السور، فنقباه وخرجا منه، وقد كانت أعدت لهما خيل سوابق فركباها وتوجها إلى بلاد التتار، ثم ندما على ما فعلاه، فكتبا إلى السلطان يسألان مراحمه، فحلف أنه لا يرضى عنهما إلا أن

ص: 200

يعودا الى قلعة عجلون ويضعا أرجلهما فى القيود على ما كانا عليه، ففعلا ذلك.

وكان عودهما من بلاد التتار فى ذى الحجة سنة اثنين وسبعين وستمائة. ولما رجعا إلى الطاعة وفعلا ما أمر السلطان به عفا عنهما وأطلقهما وأحسن إليهما.

وفى هذه السنة فى رابع عشرين ذى الحجة: توفى الملك المغيث فتح الدين عمر ابن الملك الفائز إبراهيم بن الملك السلطان العادل سيف الدين أبى بكر محمد بن أيوب، رحمهم الله تعالى، فى معتقله بجب خزانة البنود، ودفن بتربتهم بالقرافة بجوار الإمام الشافعى. ومولده فى صفر سنة ست وستمائه، رحمه الله تعالى «1» .

وفيها: كانت وفاة الأمير سيف الدين محمد بن الأمير مظفر الدين عثمان ابن الأمير ناصر الدين منكورس بن بدر الدين خمردكين «2» صاحب صهيون وبرزية فى شهر ربيع الأول. وكانت وفاته بصهيون وقد ناف على ستين سنة، ودفن بتربة والده. وتسلم صهيون وبرزية بعده ولده الأمير سابق الدين سليمان، ثم أخذهما السلطان منه فى هذه السنة على ما نذكره إن شاء الله تعالى.

وفيها: كانت وفاة الحافظ الخطيب فخر الدين أبى محمد وأبى الفرج عبد القاهر ابن الشيخ علاء الدين عبد الغنى بن محمد بن تيمية الحرانى. وكانت وفاته بدمشق فى ثانى عشر شوال من هذه السنة. ودفن بمقابر الصوفية. ومولده فى سنة ثنتى عشرة وستمائة، سمع الحديث من جده ومن ابن اللتى، وخطب بجامع حران وكان فاضلا دينيا، وهو من بيت معروف بالعلم والفضيلة، رحمه الله تعالى «3» .

ص: 201