الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهلها وعذبهم واستخرج منهم ألف ألف درهم وستمائة ألف درهم بيروتية، وأقام بها إلى أن وصل الأمير شمس الدين أقش البرلى، ففارقها.
ذكر الغلاء الكائن بحلب
قال الشيخ شمس الدين بن الجزرى فى تاريخه: وفى سنة تسع وخمسين وستمائة بعد أن توجه «1» التتار من البلاد الإسلامية غلت الأسعار بحلب، وقلت الأقوات فبلغ رطل اللحم سبعة عشر درهما، ورطل السمك ثلاثين، ورطل اللبن خمسة عشر، ورطل الشيرج سبعين، ورطل الخل ثلاثين، ورطل الأرز عشرين، ورطل الحب رمان ثلاثين، ورطل السكر خمسين، والحلوى كذلك، ورطل العسل ثلاثين، ورطل الشراب ستين، والجدى الرضيع بأربعين درهما، والدجاجة بخمسة دراهم، والبيضة بدرهم ونصف «2» ، والبصلة بنصف درهم، وباقة البقل بدرهم، والبطيخة بأربعين درهما، والتفاحة بخمسة دراهم، ولم يذكر سعر الخبز والقمح، ولعل ذلك لعدمه.
قال: وكانت المكاسب كثيرة والدرهم متيسر الحصول.
ذكر اختلاف العزيزية والناصرية، ومفارقة الأمير شمس الدين أقش البرلى البلاد، وتولية الحلبى نيابة حلب وعزله، وعود البرلى إليها وخروجه منها، ونيابة البندقدار وعود البرلى إليها ثانية وخروجه
وفى سنة تسع وخمسين وستمائة، بعد وقعة التتار، اختلف الأمراء العزيزية
والناصرية، وحضروا إلى الساحل، فأعطى السلطان بعضهم الإقطاعات، وحضر الباقون إلى الديار المصرية، وكان الأمير شمس الدين أقش البرلى مقطعا مدينة نابلس من الأيام المظفرية، فزاده السلطان بيسان وجعل لمملوكه قجقار عدة نواحى وتوجه إلى دمشق. ثم أمر السلطان بإمساك الأمير بهاء الدين بغدى الأشرفى فغضب البرلى لذلك، واجتمع معه العزيزية والناصرية، ونزلوا بالمرج وتوجهو إلى حلب. وكان السلطان قد استناب الأمير علم الدين الحلبى بحلب قبل حدوث هذه الواقعة، وأمّر جماعة وقرر لهم وظائف وهم: الأمير شرف الدين قيران «1» الفخرى وجعله استاذ الدار، والأمير بدر الدين جماق وجعله أمير جاندار، والأمير علاء الدين ايدكين الشهابى وجعله شاد الدواوين. فتوجه الأمير علم الدين ووصل إلى حلب فى يوم السبت ثالث شعبان من السنة ووصلت مطالعته إلى السلطان يذكر عبوره إلى حلب، وأن جماعة من العزيزية والناصرية حضروا إليه يطلبون الأمانات. ولما وصل الحلبى إلى حلب جرد جماعه من العسكر خلف البرلى ومن معه من العزيزية والناصرية، فعطف عليهم العزيزية والناصرية فهزموهم، فعزل السلطان الحلبى لذلك. وقيل إنه إنما عزله لأسباب أخر اتفقت أوجبت عزله. ولما عزل الحلبى فارق حلب وعاد إلى دمشق، فخلت مدينة حلب، فحضر الأمير شمس الدين البرلى إليها وأقام بها، وسير الأمير بدر الدين أيدمر الحلى رسولا منه إلى السلطان يبذل له الطاعة، فأبى السلطان إلا حضوره إلى الخدمة. وأقام البرلى بحلب إلى أن وصل السلطان إلى دمشق فى سنة تسع وخمسين، فجرد العساكر إليها ففارقها البرلى وتوجه إلى الفرات، وعاد العسكر
وأغار على بلاد أنطاكية «1» ، وكان فى العسكر صاحب حمص وصاحب حماة، فأخذت الينا وأحرقت المراكب، وأخذت الحواصل، وعادت العساكر إلى القاهرة فى يوم الخميس تاسع وعشرين شهر رمضان سنة ستين وستمائة وصحبتهم ما يزيد على مائتين وخمسين أسيرا «2» .
ثم استناب السلطان بحلب الأمير علاء الدين ايدكين البندقدار «3» ، فتوجه إليها وأقام بها. ثم خشى عاقبة عود الأمير شمس الدين اقش البرلى، ففارق حلب وعاد وأقام بحماة واعتذر أنه إنما فارق حلب لشدة الغلاء وعدم الأقوات.
وكان الأمير شمس الدين البرلى قد أرسل إلى السلطان الأمير علم الدين جكم بكتبه يسأله الصفح، فلما فارق البندقدار حلب عاد البرلى إليها وكتب إلى السلطان يعتذر من رجوعه إلى حلب، وأنه مارجع إلا طائعا، وأن الأمير علاء الدين انفصل عن حلب اختيارا منه، ولو أقام لما قصده أحد، وتوالت كتبه بالاعتذار واستأذن فى توجهه إلى الموصل، والسلطان يغلظ له تارة ويلين أخرى.
ثم جرد السلطان عسكرا صحبه الأمير شمس الدين سنقر الأشقر نجدة لصاحب الموصل، وانفق فيهم الأموال. فلما اتصل الخبر بالأمير شمس الدين البرلى توجه إلى سنجار والنقى التتار وقاتلهم قتالا شديدا. وكان معه نحو ألف فارس وهم فى جموع كثيرة فلم تساعده المقادير، وذلك أنه سقط عن فرسه فأنكسرت رجله، فركبه أحد مماليكه وساق يوما كاملا ولم يعلم من معه أن رجله كسرت، ثم كان من أمره ما نذكره، إن شاء الله تعالى.