الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسلمين، وغير ذلك لا أقبله.» فلما سمعوا هذه المقالة قالوا:«نحن لا ننقض الهدنة ونطلب مراحم السلطان فى استدامتها، ونفك الأسرى» . فقال السلطان:
«كان هذا قبل خروجى فى هذا الشتاء ووصول هذه العساكر «1» » . وانفصلوا على هذه الصورة، وأمر أنهم لا يبيتون فى الوطاق «2» . ورسم بهدم كنيسة الناصرة وهى أكبر مواطن عبادات النصرانية. فتوجه الأمير علاء الدين طيبرس الوزيرى إليها وهدمها إلى الأرض، فلم يجسر أحد من سائر الفرنجية أن يخرج من باب عكا. ثم جرد السلطان الأمير بدر الدين الأيدمرى وصحبته جماعة فتوجهوا إلى جهة عكا وهجموا إلى أبوابها، ثم توجه الأمير المذكور مرة أخرى فأغار على المواشى واستباح منها شيئا كثيرا، وأحضر ذلك إلى المخيم المنصور.
ذكر مسير السلطان إلى عكا
«3»
وفى ليلة السبت رابع جمادى الآخرة سنة إحدى وستين: ركب السلطان وجرد من كل عشرة فارسا صحبته، واستناب الأمير شجاع الدين الشبلى أمير مهمندار «4» فى الدهليز، وساق من منزلة الطور نصف الليل. فلما أصبح وقف قريب عكا فى الوادى الذى بقربها، ومنه يشرف عليها. وأمر الناس بلبس السلاح ورتب العساكر وساق وطاف بعكا من جهة البر، وسير جماعة إلى برج
كان قريبا منها فيه جماعة فحاصروه، وللوقت عملت فيه الثقوب إلى قرب وقت المغرب والفرنج ينظرون من أبواب المدينة وتل الفضول «1» . ثم رجع السلطان إلى الدهليز قريب البرج المذكور عند الماء. ولما أصبح ركب وساق إليها، وكان الفرنج قد حفروا خنادق حول تل الفضول وجعلوها معاثر فى الطريق. ووقف الفرنج صفوفا على التل، ورتب السلطان العساكر للقتال بنفسه، وردمت تلك الخنادق بحوافر الخيل وأيدى الغلمان والفقراء المجاهدين. وطلع الناس إلى تل الفضول وانهزم الفرنج إلى المدينة. وحرق الناس ما حول عكا من الأبراج والأسوار وقطعوا الأشجار. وساق العسكر إلى أبواب عكا يقتلون ويأسرون، فقتل جماعة كثيرة من الفرنج فى ساعة واحدة، وأسرت جماعة بخيولهم، وجرح أكابرهم ووقعوا فى الخندق بخيولهم، وهرب من بقى من الفرنج إلى الأبواب.
ثم ساق السلطان وقت العصر إلى البرج الذى كان النقابون علقوه، ووقف حتى رمى وأخرج منه بالأمان أربعة خيالة أخوة، ونيف وثلاثين راجلا [وبات السلطان على ذلك «2» ] . وأصبح السلطان وكشف بلاد الفرنج مكانا مكانا، وعبر على على كنيسة الناصرة «3» ، ثم رجع وجلس على مسطبة كان قد أمر ببنائها قبالة الطور «4» ، وأوقد الشموع وأحضر الصاحب فخر الدين وزير الصحبة «5» ، وجماعة