الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابنه الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل قلعة الصبيبة وبانياس وأعمالها والشغر «1» وغير ذلك.
ولما مات وقعت الأوهام فى نفوس الأمراء وتخيلوا، فإنهم علموا ما أسلفه المذكور من الخدمة للملك السعيد وحفظ الخزائن والعساكر، وأنه أدى الأمانة فى طاعته.
واستناب السلطان بعد وفاته الأمير شمس الدين آقسنقر الفارقانى الظاهرى أستاد الدار ونائب السلطنة بالديار المصرية فى غيبة السلطان، وأقر الصاحب بهاء الدين على وزارته.
وركب «2» السلطان فى يوم الأربعاء سادس عشر شهر ربيع الأول بشعار السلطنة والأمراء فى خدمته، وتوجه صوب الجبل الأحمر، وذلك أول ركوبه، وخلع على الأمراء والأعيان.
ذكر القبض على من يذكر من الأمراء والإفراج عنهم ومن مات منهم
كان من سوء التدبير الذى اعتمده السلطان الملك السعيد: أنه قبض على الأمير شمس الدين سنقر الأشقر، والأمير بدر الدين بيسرى «3» الشمسى فى يوم الجمعة حادى عشرين شهر ربيع الأول، واعتقلهما بقلعة الجبل، وكانا من أكبر الأمراء، وأخصّهم بصحبة السلطان والده، فتغيرت لذلك قلوب الأمراء،
ثم اجتمع مماليكه ومماليك الأمير بدر الدين بيليك الخزندار، وحسنوا له القبض على نائبه الأمير شمس الدين آقسنقر [الفارقانى] واستعانوا بالأمير سيف الدين كوندك الساقى، وأمسكوه وهو جالس عند باب «1» القلعة وسحبوه إلى الدور وضربوه ونتفوا لحيته، وذلك فى يوم السبت ثامن عشر ربيع الآخر، واعتقل فلم يلبث إلا قليلا ومات.
ثم أفرج عن الأمير شمس الدين سنقر الأشقر وبدر الدين بيسرى «2» فى يوم السبت ثانى جمادى الأولى وخلع عليهما وأعادهما إلى ما كانا عليه.
ثم قبض على خاله الأمير بدر الدين محمد بى بن الأمير حسام الدين بركه خان فى يوم الجمعة رابع عشر جمادى الآخرة، واعتقله بقلعة الجبل، فغضبت أخته والدة السلطان لذلك، وأنكرته على ابنها، فأفرج عنه فى ليلة الثلاثاء خامس عشرين الشهر وخلع عليه وأعاده إلى ما كان عليه. وشرع فى خلال ذلك فى تقديم مماليكه وترجيحهم وسماع آرائهم.
قال: ولما صدرت منه هذه الأفعال اجتمع الأمراء وتشاوروا، وقصدوا أن يتوجهوا إلى الشام، ثم رجعوا عن ذلك وبعثوا إلى السلطان وقد اجتمعوا فى يوم خميس، وأمتلأت بهم القلعة، وأنكروا فعله، وحذروه عاقبة ما يطرق إليه، فلاطفهم وحلف لهم أنه لا يريد بهم سوءا، وتولى الأمير بدر الدين الأيدمرى اليمين، فسكنت خواطرهم، واستقر الحال مدة لطيفة.
وكان السلطان لما قبض على الأمير شمس الدين آقسنقر الفارقانى رتب فى النيابة بعده الأمير شمس الدين آقسنقر الألفى المظفرى، فلم يرضه الخاصكية لأنه غير
ظاهرى. واتفق أنه ولى خوشداشه الأمير علم الدين سنجر المظفرى، المعروف بأبى خرص؛ نيابة المملكة الصفدية، وزاده على إقطاع النيابة نواحى من الخاص السلطانى، وهى أريحا وكفرين ونمرين من الغور، فأوهموا السلطان منه وزعموا أنه يقصد إقامة المظفرية ولا تؤمن غائلته، فعزله عن قريب، وولى الأمير سيف الدين كوندك الساقى نيابة السلطنة [لأنه ربى معه فى المكتب «1» ] وقيل إن ولايته كانت فى سنة سبع وسبعين. ولما فوضث إليه النيابة أمر الوزير الصاحب بهاء الدين أن يجلس بين يديه وألا يوقع إلا بأمره.
وتقدم من المماليك السعيدية الأمير حسام الدين لاجين «2» الزينى، وانضم إليه الخاصكية، وقويت شوكته وأخذ لخوشداشيته الإقطاعاث، ونافس النائب.
فضم النائب إليه الأمراء الأكابر، ومال إليهم واستجلبهم، هذا كله فى سنة ست وسبعين وستمائة، وبعضه فى سنة سبع على ما قيل.
وفى سنة ست وسبعين وستمائة أيضا فى يوم السبت سابع ذى القعدة: برز السلطان الملك السعيد بالعساكر إلى منزلة مسجد التبن «3» لقصد الشام، ثم انتقل بخواصه من هذه المنزلة فى يوم السبت حادى عشر الشهر ونزل بالميدان السعيدى وعادت العساكر إلى منازلهم وبطلت الحركة.
وفيها: فى شهر رمضان طلعت سحابة عظيمة بصفد، «4» لمع منها برق عظيم خارق،