الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستهلت سنة سبعين وستمائة
ذكر توجه السلطان إلى الكرك ثم إلى الشام وعزل الأمير جمال الدين النجيبى عن نيابة دمشق وتولية الأمير عز الدين أيدمر نائب الكرك نيابة السلطنة بالشام واستنابة الأمير علاء الدين أيدكن أستاد الدار بالكرك
وفى سنة سبعين وستمائة: بلغ السلطان أن الأمير شرف الدين عيسى بن مهنا وغيره من العربان تغيرت نياتهم وعزموا على الإنضمام إلى التتار. فعلم أنه إن استدعاهم لا يحضرون وينكشف الحال، وإن قصد الشام تسحبوا، فنزل إلى الميدان فى سابع المحرم وفرق على خواصه أربعمائة ألف درهم، واثنى عشر ألف دينار عينا، وستين حياصة ذهبا، وأمر بتجهيز العساكر إلى عكا بعد الربيع. وتوجه السلطان من قلعته بعد المغرب من ليلة تسفر عن سابع وعشرين المحرم فى جماعة يسيرة من خواصه، وخرج من الزعقة «1» فى البرية إلى الكرك وأخفى مقصده، فوصل فى سادس صفر، وطلع إلى قلعة الكرك، وكتب تقليد الأمير عز الدين أيدمر نائب الكرك بنيابة الشام، ولم يعلمه بذلك [حتى تسلم أيدكين نيابة الكرك] بل أفهمه أنه يستنيبه بحصن الأكراد، وتوجه إلى دمشق فوصل إليها فى ثالث عشر الشهر وسير للأمير جمال الدين النجيبى [نائب دمشق] تشريفا وأمره أن
أن يتوجه إلى الديار المصرية، وولى الأمير عز الدين ايدمر الظاهرى نيابة السلطنة بالشام. وركب السلطان فى ليلة سادس عشر صفر وتوجه إلى حماة ونزل بظاهرها بالجوسق، ونزل صاحب حماة فى خيمة أسوة الناس، ورتب استاد داره وأمير جانداره وحواشيه فى خدمة السلطان لأنه كان جريدة. فكان أول ما شرع فيه أمر العربان. وكان سبب نفورهم أشياء من جملتها أخذ أولادهم رهائن.
ولما وصل إلى حماة وجد عثمان بن مانع وعمرو بن مخلول وجماعة من أكابر العربان بغتة فأكرمهم، وما أظهر لهم شيئا، وكتب إلى الأمير شرف الدين عيسى ابن مهنا يطلب منه فرس فلان، والفرس الفلانى تسكينا له، وكان عيسى قد كتب إلى السلطان قبل خروجه من الديار المصرية يستأذن فى الحضور خديعة، فخدعه السلطان ورسم أن لا يحضر حتى يطلب. فكتب إليه الآن:«إنك كنت طلبت الحضور، ونحن الآن بحماة، فإن أردت الحضور فاحضر» . فحضر فسأله السلطان عما نقل عنه العربان، فاعترف به، فرعى له حق الصدق.
وأحسن إليه وإلى أمراء العربان، وأطلق رهائنهم، وأطلق لعيسى نصف خبزه الذى كان أخذه منه فى سنة ثمان وستين من سلمية وغيرها، وهو مائة ألف وثلاثون ألف درهم، وأطلق له من حلب ألف مكوك غلة إنعاما، وأطلق لغيره من العربان من خمسمائة مكوك إلى ما دونها.
وفى مستهل شهر ربيع الأول، ركب السلطان من حماة بعد العشاء الآخرة ولم يعلم بقصده، وسار على طريق حلب، ثم عرج فأصبح بظاهر حمص، وتوجه إلى حصنى الأكراد وعكار فكشفهما «1» ، وتوجه إلى دمشق.
وورد الخبر أن جماعة من التتار أغاروا على عين تاب، وتوجهوا إلى عمق حارم «1» فى نصف شهر ربيع الأول، فكتب [السلطان] إلى الديار المصرية بتجريد الأمير بدر الدين بيسرى بثلاثة آلاف فارس، وتوجه بذلك صارم الدين المشرقى، وخرج من دمشق الثالثة من نهار الأحد ثامن عشر شهر ربيع الأول، ودخل القاهرة الثالثة من ليلة الأربعاء حادى عشرينه، فخرج الأمير بدر الدين بيسرى والعسكر بكرة نهار الأربعاء المذكور.
ووصل الأمير شمس الدين أستاد الدار بالعسكر المجرد وكانوا على جينين وهم خمسمائة فارس. وكان التتار قد أغاروا على حارم والمروج وقتلوا جماعة، وتأخر ابن مجلى والعسكر الحلبى إلى حماة، وجفل أهل دمشق، وبلغت قيمة الجمل ألف درهم، وأجرته إلى مصر مائتى درهم.
ووصل الأمير بدر الدين بيسرى والعسكر إلى دمشق فى رابع شهر ربيع الآخر، وتوجه السلطان بالعسكر إلى حلب، وجرد الأمير شمس الدين أستاد الدار وجماعة معه إلى مرعشن، وجرد الأمير الحاج علاء الدين طيبرس الوزيرى والأمير شرف الدين عيسى بن مهنا إلى حران والرها، فتوجها ووصلا إلى حران، فاتصل الخبر بمن فيها من نواب التتار فخرجوا فالتقاهم الأمير شرف الدين عيسى وطاردهم وطاردوه، ثم وصل العسكر فخرج عليهم كمينه، فلما رأوه نزلوا عن خيولهم، وقبلوا الأرض، وألقوا سلاحهم، فقبضوا عن آخرهم، فكانوا ستين رجلا. ثم سار الأمير علاء الدين طيبرس إلى حران، فلما أشرف عليها أغلق من فيها أبوابها وتركوا بابا واحدا، فخرج منه الشيخ محاسن أحد أصحاب الشيخ