الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستهلت سنة ثلاث وستين وستمائة
فى المحرم منها، وصل الأمير جمال الدين سكز بن «1» الدوادار، وكان أبوه المجاهد دوادار الخليفة ببغداد، وكانت له نعمة عظيمة، فأحسن إليه السلطان وأمره بطبلخاناه.
وفى صفر من السنة، وقف السلطان الخان بالقدس الشريف، وقرىء كتاب وقفه بحضور السلطان وقاضى القضاة تاج الدين.
ووقف اسطبلين تحت القلعة يعرف أحدهما بجوهر النوبى، وحبسهما على وجوه البر.
وفيها فى العشر الآخر من المحرم، انهى إلى السلطان أن جماعة من الأمراء والأجناد اجتعموا فى دار على أكل ططماج وجرى بينهم كلام كثير أفض إلى الغض من الدولة، فاتصل ذلك بالسلطان وعين له ثلاثة نفرا وسعوا فى الكلام فى ذلك فأمر بتسميرهم، فسمر أحدهم، وكحل الثانى، وقطعت رجل الثالث.
وأفرج عن بقيتهم، وأمر ألا يجتمع أميران فى مكان، وألا تعمل وليمة ولا ضيافة عن غير موجب، فحسمت مادة الاجتماعات.
وفى صفر ورد كتاب الأمير عز الدين أيدمر النائب بالكرك أنه رتب راتب الأسمطة والضيافة بحرم الخليل عليه الصلاة والسلام للوافدين. وكان ذلك قد قطع من مدة طويلة.
وفيها فى تاسع عشر شهر ربيع الأول قطع السلطان أيدى جماعة من نواب متولى القاهرة والخفراء وأصحاب الأرباع والمقدمين، وكانوا ثلاثة وأربعين رجلا «1» ، وكان سبب ذلك على ما حكاه الصاحب عز الدين بن شداد، ظهور شلوح ومناسر بالقاهرة وضواحيها ينهبون ويقتلون حتى تعرضوا للعربان الذين تحت القلعة، فارتفعت أصواتهم حتى سمعها السلطان وسأل عن خبرهم فأخبر بصورة الحال، فلما أصبح أتته ورقة الصباح وليس فيها ذكر هذه الحادثه، فأنكر على متولى القاهرة، فاعتذر أن نوابه لم يطالعوه بها، فأمر السلطان بقطع أيديهم فمات بعضهم وسلم البعض.
وحكى غيره، عن الأمير عز الدين أيدمر الظاهرى، أن السلطان خرج ليلة متنكرا وجعل يطوف أزقة القاهرة، وكان يفعل ذلك ويتفقد أمور الناس وأحوالهم ويسمع من ألفاظهم ما لا ينقل إليه، فمر فى بعض أزقة المدينة فوجد بعض مقدمى «2» الوالى قد أمسك امرأة وهو يتهددها، وهى تقول له: اتق الله، والله ما أفعل هذا [إلا «3» ] من حاجة وأنت تعلم أن عندى خمسة أيتام. فقال:
أنا ما أعرف هذا، ولا بد أفعل وأصنع. فقالت له تقدم عنى ناحية. وخلعت لباسها وناولته إياه، وقالت: والله ما أمسك سواه فأخذه وأطلقها. فعرفه السلطان ثم لم تكن له همة إلا أن جمعهم وقطع أيديهم، وشاهد فيمن قطع، ذلك المقدم بعينه.
وفى هذه السنة توجه السلطان إلى الصيد بجهة العباسة، وذلك بعد عوده من ثغر الإسكندرية، فرمى البندق، وأصرع جماعة وادعوا للسلطان «1» ، ومن جملتهم الملك العزيز فخر الدين عثمان بن الملك المغيث صاحب الكرك.
وتوجه السلطان من العباسية إلى قلعة الجبل فأقام ليلة واحدة، وجهز العساكر، ثم توجه هو بعدها إلى الشام وصرع بشرا «2» بالقرب من رأس الماء، وذلك فى ثالث شهر ربيع الأول. وكان سبب توجهه ما بلغه من محاصرة التتار البيرة وكان فى هذه السفرة من الغزوات والفتوحات ما نذكره، إن شاء الله تعالى، فى موضعه.
وفى هذه السنة رسم السلطان بتبطيل المزر «3» بالديار المصرية وأن تخرب البيوت التى يعمل فيها وتكسر مواعينه ويسقط من الديوان ارتفاعه، ورسم بتعويض المقطعين عنه. وكتب بذلك إلى الأمير عز الدين الحلى فأبطلها.
ولما فتح السلطان فى هذه السفرة ما نذكره من بلاد الفرنج عاد إلى مقر ملكه، وكان رحيله من أرسوف فى يوم الثلاثاء ثالث وعشرين شهر رجب سنة ثلاث وستين وستمائة، ودخوله إلى القاهرة فى يوم الخميس حادى عشر شعبان من السنة، وشق المدينة والأسارى بين يديه، وعم الناس بالخلع والإنعام،