الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأمير شجاع الدين بكتوت وغيرهم. فقبض عليهم، ثم قبض على الأمير بهاء الدين بغدى «1» الأشرفى، فى شهر ربيع الآخر، واعتقله فلم يزل فى اعتقاله حتى مات.
ذكر تفويض قضاء القضاء بالديار المصرية لقاضى القضاة تاج الدين بن بنت الأعز
وفى هذه السنة فوض السلطان الملك الظاهر قضاء القضاة بالديار المصرية لقاضى القضاة تاج الدين عبد الوهاب بن القاضى الأعز خلف بن بنت الأعز «2» ، وعزل قاضى القضاة بدر الدين السنجارى «3» ، وعوق عشرة أيام، ثم أفرج عنه وعطل عن الحكم.
ونسخة التقليد السلطانى: «لقاضى القضاة تاج الدين» ومثال العلامة الظاهرية عليه بعد البسملة: «المستعلى بالله» .
«أحمد على نعم توالى هطل غمامها، ومنن أضحت متناسقة عفود نظامها» .
«والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذى عزت به أمور الإسلام بعد اهتضامها، وعلى آله وأصحابه الذين أضحت بهم عرى الدين الحنيف وثيقة بعد انفصامها.
وبعد، فلما كان المجلس السامى، القاضى الأجل، الصدر الكبير، الإمام العالم، الفقيه الفاضل، المختار المرتضى، الصاحب تاج الدين، عز الإسلام، مجد الأنام، شمس الشريعة، مفتى الفرق، رئيس الأصحاب، ذخر الملوك والسلاطين، قاضى القضاة عبد الوهاب بن خلف، أدام الله سعادته ونعمته، ممن أحرز فى الفضايل قصب سبقه، ووصل سح «1» غمامه فى العلوم الشرعية ببرقه واجتنى ثمارها الدانية القطوف، واجتلى أقمار معانيها التى لا تتوارى عنه بالسجوف «2» وسلك سهيلا من العفاف أضحى به وحيدا منفردا، ومارس أمور الشريعة فثقف منها أودا، وأعمل فكرته الصافية فحلل منها عقدا، وأنعم نظره فيها فأوضح له من الضلال رشدا.
رسم بالأمر العالى المولوى السلطانى الملكى الظاهرى الركنى، زاد الله فى علائه، وضاعف مواد نفاذه ومضائه «3» أن يفوض إليه الحكم العزيز بجميع الديار المصرية المحروسة، لما علم فيه من فضل مازالت ثماره تجتنى، ومساع حميدة
ما برح بها إلى الخلائق محسنا، ودين متين يشيد من أمور الآخرة ما بنا، وسؤدد مازال فيه وفى بيته مستوطنا، وأوصانى جميلة خصته بنباهة أضحى بها متقدما [وآراء مسددة أضاءت من سبل] الرشاد ما كان مظلما، ونزاهة مازالت له خلقا لا تخلقا، وعفاف ما برح منه مثريا لا معلقا.
فليباشر هذا المنصب الذى أضحى ظل شرفه وارفا، وكعبة حرمه التى يتوجه إليها من كان باديا أو عاكفا، عاملا فيه بالتقوى التى يحافظ عليها مسرا ومعلنا، ويتمسك بأسبابها إذا صد عنها غيره وانثنى، فهى المعقل الذى لا يستباح له حمى، والمقام الذى يجد الخائف أمنه فيه محققا لا غيبا مرجّما «1» ، والعصمة التى تنجى من العطب، والمركب الذى تجد به الأنفس راحتها الكبرى بعد التعب.
وليول من القضاة من يحيى من الحق سننا، ويميت من الباطل بدعا، ويكون رجاؤه بالاخرة متصلا، ومن الدنيا منقطعا، ليرجع به سبيل الحق بعد ضيقه متسعا، وشمل الباطل بعزيمته مفترقا لا مجتمعا.
وليتفقد أمر العدول الذين أضحوا على الحقيقة عدولا عن المنهج القويم، راغبين عن المحامد بما يأتوته من كل وصف ذميم. ولا يترك منهم إلا شاهدا كان عن المعايب غائبا أو متورها، لا يعتمد من الأمور إلا ما كان واجبا، لتسلم عدالته من وصمه التجريح، وتظهر مساعيه التى تذلل له من العلا كل جموح.
وأموال الأيتام والأوقاف فلا يباشرها إلا من كان لمباشرتها أهلا، ومن تتحقق أنه يكون عليها قفلا. فطالما ابتذلت أيدى الخونة منها مصونا، وجعلت
العين منها أثرا حين مدت إليها عيونا. ولا تخلها من نظر يحفظ منها مضاعا ويحسم عنها أطماعا، ويخصها بمزية الزيادة بعد النقصان، ويكتب لها من مخاوف الخونة كتاب أمان.
فقد قلدناك هذه الأحكام التى ترجو بك الخلاص من تبعاتها، ورعينا بك حق الرعية، فلا تخل أمورهم من مراعاتها، وامضى عزيمتك فى إقامة منار الشريعة بعد القمود، واعل همتك فى نظم ما تبدد له من العقود. واجتهد فى أمره الاجتهاد الذى يرفل منه فى ضافى البرود، ومتع الخلائق بأيام بيض من أحكامك غير سود، ففيك من السؤدد ما ينقاد به المفاخر، ومن الأوصاف الجميلة ما تتميز به على الأوائل وأن جئت فى الزمن الآخر.
وقد قررنا لك من الجامكية والجراية نظير ما كان مقررا لمن تقدمك، وهو فى كل شهر أربعون دينارا صرف أربعين وستمائة وسنة وستون درهما ناصرية وثلثان وخمسة وعشرون أردبا غلة نصفين.
فليوصل ذلك إليه على تمامه وكماله عند وجوبه واستحقاقه، بعد العلامة الشريفة أعلاء إن شاء الله تعالى.
وكتب فى السابع عشر من جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وستمائة. الحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد نبيه، وآله وصحبه الظاهرين وسلامه.
وعين جهة الجامكية على الجوالى بالديار المصرية، والغلة على الأهراء المباركة بمصر المحروسة.
واستمر [الصاحب تاج الدين] فى القضاء بجميع الديار المصرية إلى شوال من السنة، فاقتطع منه قضاء مصر والوجه القبلى، وفوض ذلك إلى القاضى برهان