الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستهلت سنة إحدى وستين وستمائة
ذكر البيعة للإمام الحاكم بأمر الله أبى العباس أحمد العباسى
«1»
كان وصوله إلى الديار المصرية فى سنة ستين وستمائة فتلقاه السلطان وأكرمه وخدمه، وأنزله بقلعة الجبل، وأدر عليه النفقات، ثم بايعه فى يوم الخميس الثانى من المحرم سنة إحدى وستين وستمائة على ما قدمنا ذكره فى أخبار الدولة العباسية.
ذكر القبض على الملك المغيث صاحب الكرك واعتقاله
«2»
كان القبض على الملك المغيث فتح الدين عمر صاحب الكرك فى يوم السبت السابع والعشرين من جمادى الأول سنة إحدى وستين وستمائة. وذلك أن السلطان توجه من قلعة الجبل المحروسه لقصد الشام فى سابع شهر ربيع الآخر من السنة، وخيم بظاهر القاهرة إلى أن تجهز الناس، ورحل فى حادى عشر الشهر فوصل إلى غزة المحروسة فوجد والدة الملك المغيث بها، فأحسن إليها وأنعم عليها، وأعطاها شيئا كثيرا، وحصل الحديث معها فى حضور ولدها [إلى السلطان]«3» ، وتقررت الأمور سرا ولم يعلم أحد بما تقرر، وأعاد عليها العطاء والإنعام وعلى كل
من حضر معها، وتوجهت وصحبتها الأمير شرف الدين الجاكى المهندار، برسم تجهيز الإقامات للملك المغيث إذا حضر من الكرك.
ونظر السلطان فى أمر أمراء التركمان وخلع عليهم. وأحضر أمراء العابد وجرم وثعلبة وضمنهم اليلاد، وألزمهم بالعداد «1» وشرط عليهم إقامة خيل البريد فى المراكز.
ثم سار من غزة ونرل الطور، فى ثانى عشر جمادى الأول. وسير الملك الأشرف صاحب حمص إلى السلطان يلتمس الإذن له فى الحضور إلى الخدمة فأذن له، فحضر فى نصف الشهر فتلقاه السلطان وأحسن إليه. وصارت رسل الملك المغيث تتوالى إلى السلطان وهو ينعم عليهم. وخرج [إليه]«2» الملك المغيث من الكرك وأقام مدة فى الطريق. وأظهر السلطان من الإحتفال بأمره شيئا كثيرا وخدعه أعظم خديعة. ولما وصل الملك المغيث إلى بيسان ركب السلطان لتلقيه فالتقاه وساق الملك المغيث إلى جانبه، فلما وصل إلى باب الدهليز ترجل ودخل إلى الخيمة فأدخل إلى خركاه واحتيط عليه وعلى أصحابه. وكان السلطان قد استدعى قبل ذلك قاضى القضاة بدمشق والعلماء وأظهر أن ذلك لمبايعته، ولم يطلع أحد على غير ذلك. فلما وقعت الحوطة على الملك المغيث أحضر السلطان الملوك والأمراء وقاضى القضاة والشهود والأجناد ورسل الفرنج وأخرج كتبا من جهة العدو المخذول إليه. وقال الأتابك لمن حضر:«السلطان يسلم عليهم ويقول ما أخدت الملك المغيث إلا بهذا السبب» . وقرئت الكتب. وانصرف
الملك الأشرف ومن حضر. وقال للقاضى وجماعة العلماء: ما طلبتكم إلا بهذا السبب. وكتب مكتوب بصورة الحال، وكتب فيه القاضى والجماعة. ثم جهز الملك الأشرف وركب السلطان لوداعه.
وفى اليوم الذى قبض فيه على الملك المغيث جلس السلطان بعد انقضاء المجلس وأمر بالكتب إلى الكرك: بعد من فيها بالإحسان، ويحذرهم عاقبة مخالفته.
وسير الأمير بدر الدين بيسرى الشمسى، والأمير عز الدين أيدمر الظاهرى أستاد الدار العالية إلى جهة الكرك وجهز الخلع والأموال ليلحقهما بها «1» ، وجهز الملك المغيث عشية النهار إلى الديار المصرية صحبة من أختاره لذلك، وأطلق أهله وحاشيته، وسير حريمه إلى مصر وأطلق لهم الرواتب.
وكان من خبر وفاة الملك المغيث ما قدمناه فى أخباره، رحمه الله.
وفى هذه المنزلة «2» وصلت رسل دار الدعوة ومعهم الهدايا ووصل ولذا «3» الصاحبين مقدمى الدعوة، فأحسن السلطان إليهما وتوجها.
وفيها: أغار السلطان على عكا، وكان من أخبار الفرنج ما نذكر إن شاء الله تعالى فى غزوات السلطان وفتوحاته.
ولما رجع السلطان من الغارة توجه إلى نحو الكرك، وكان رحيله من منزلة الطور فى يوم الاثنين ثالث عشر جمادى الآخرة من السنة. وجرد صحبته جماعة من العسكر وطائفة أخرى صحبة الأمير علاء الدين أمير جاندار إلى الصالحية.