الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والربع منها على الشيخ إلياس، ووقف على قبر خالد بن الوليد قرية منها.
ورحل منها إلى دمشق فى سابع وعشرين شوال، فنزل بالجسورة، وأمر أن العساكر لا تدخل دمشق بل تتوجه إلى سيس «1» .
ذكر غزوة سيس وأسر ملكها وقتل أخيه وعمه وأسر ولد عمه
قال: وجهز السلطان الملك المنصور صاحب حماة، وجرد معه الأمير عز الدين إيغان، والأمير سيف الدين قلاون، ورسم للأمراء بتعظيمه.
وتوجهوا فى خامس ذى القعدة من سنة أربع وستين. فوصلوا إلى الدرب ساك «2» ودخلوا الدربند. وكان الملك المجير هيتوم بن قسطنطين بن باساك «3» قد ملّك ولده ليفون وانقطع هو مترهبا، فلما طلب «4» المسلمون وقف ليفون فى عسكره وطلّب، وتوهم أن المسلمين لا يقدرون على الطلوع فى الجبال لأن التكفور كان قد بنى على رءوس الجبال أبراجا، فكانت كقول الشاعر:
وإن بين حيطانا عليه فانما
…
أولئك عقالاته لا معاقله
فطلعت العساكر «1» فى رءوس الجبال، فلما وقعت العين فى العين أسر الملك ليفون، وقتل أخوه وعمه، وانهزم كندا سطبل عمه الآخر، وأسر ولده، وهرب صاحب حموص «2» . وكان فيهم اثنا عشر ملكا تمزقوا كل ممزق، وقتلت أبطالهم. وساقت العساكر فى هذا النهار وأقامت على كونجيد «3» من عمل سرفندكار، ونزلت فى اليوم الثانى بأعمال تل حمدون، وهى تقتل وتأسر وتحرق. وأحرقوا حموص، ثم توجهوا إلى نهر جهان فخاضته العساكر ونزلوا بقرب العمودين «4» ، وهى قلعة حصينة شاهقة للداوية. فلما طافت بها العساكر أذعن أهلها لتسليمها وكان فيها ألفان ومائتان نفرا، فقتل الرجال، وفرقت السبايا على العساكر.
وأحرقت هذه القلعة وما فيها من الحواصل والذخائر. ورحلوا إلى سيس فأخربوها وأقامت العساكر أياما تحرق وتقتل وتأسر. وأقام الملك المنصور صاحب حماة بها. وتوجه الأمير عز الدين إيغان إلى جهة الروم، والأمير سيف الدين قلاون إلى المصيصة وأدنة وإياس وطرسوس فقتلوا وأسروا وأحرقوا. وهدمت قلعة الداوية المعروفة بالبنية «5» ، وحرقت لهم أماكن كثيرة من حصون وبلاد وهدمت.
ثم عادت العساكر إلى سيس بعد أن غنمت غنائم كثيرة، حتى بيع الرأس البقر بدرهمين ولم يجد من يشتريه، وأستاقت العساكر الغنائم.
ووردت هذه الأخبار إلى السلطان وهو يتصيد بجرود «1» ، فأعطى المبشر ألف دينار، ودخل دمشق فتجهز وخرج لتلقى عساكره.
ذكر قتل أهل «2» قارا وسبى ذراريهم
لما توجه السلطان من دمشق ليلقى عساكره الواردة من سيس مر بقارا فى سادس ذى الحجة فأمر بنهبها وقتل من بها.
وكان سبب ذلك أن بعض الركابية كان قد خدم الطواشى مرشد مقدم العسكر بحماة لما عاد من الخدمة السلطانية كما تقدم، ووصل إلى منزلة العيون مرض بها وبات ولم يشعر به الطواشى. فأتاه رجلان من أهل قارا وتوجها به إليها ليضيفاه، فأقام عندهما ثلاثة أيام حتى عوفى، ثم أخذاه بالليل وتوجها به إلى حصن الأكراد فأباعاه «3» بها بأربعين دينارا صورية. واتفق فى تلك السنة توجّه بعض تجار دمشق إلى حصن الأكراد لإبتياع أسرى، فاشترى ذلك الركابى فى جملة ما اشتراه وحمله إلى دمشق وأطلقه، فخدم بعض الجند وخرج فيمن خرج مع السلطان. فلما وصل إلى قارا حضر الركابى إلى مجلس الأمير
فارس الدين الأتابك وأنهى إليه صورة الحال، فسأله هل يعرف الذى باعه؟
قال: «نعم» فسير معه جاندارية، فتوجه ووجد أحد الرجلين فقبض عليه وأحضره. فأنهى الأتابك ذلك إلى السلطان فأحضرهما بين يديه، وتقابلا فأنكر القارى «1» . فقال الركابى:«فأنا أعرف بيته وما فيه» ، فعند ذلك أعترف القارى، وقال:«ما أنا أفعل هذا جميع من بقارا يفعله» . وكان قد حضر من قارا رهبان بضيافة إلى باب الدهليز، فأمر السلطان بالقبض عليهم، وركب بنفسه وقصد الديرة التى خارج قارا، فقتل من بها ونهبها، ثم عاد وأمر العسكر بالركوب، وقصد التل الذى بظاهر قارا من جهة الشمال، واستدعى أبا العز الريس بها، وقال له:
«نحن بقصد الصيد، فمر أهل قارا بالخروج بأجمعهم» . فخرج منهم جماعة إلى ظاهر القرية، فلما أبعدوا عنها، أمر بضرب رقابهم فضربت ولم يسلم منهم إلا من هرب واختفى بالعمائر والآبار، وعصى بالأبرجة بها جماعة فأمّنوا وأخذوا أسرى، وكانوا ألفا وسبعين نفرا من رجل وامرأة وصبى. وانتمى جماعة إلى أبى العز ريسها فأطلقهم السلطان له، ثم أمر بتوسيط «2» الرهبان الذين حضروا بالضيافة فوسطوا. وتقدم إلى العسكر بنهب قارا فنهبوها «3» ، ثم أمر أن يجعل كنيستها جامعا، ونقل إليها الرعية من التركمان وغيرهم حتى شحنها بالناس، ورتب فيها خطيبا وقاضيا، وكانت قبل ذلك يسكنها النصارى. وكان السبب فى إبقاء الرئيس أبى العز أن السلطان الملك الظاهر لما ساق خلف التتار بعد وقعة عين