الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تتمة الفن الخامس في التاريخ]
[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]
[تتمة الباب الثاني عشر من القسم الخامس من الفن الخامس أخبار الديار المصرية]
[تتمة ذكر اخبار دولة الترك]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
وبه توفيقى
ذكر أخبار السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحى وهو الرابع من ملوك دولة الترك بالديار المصرية المحروسة
،
[سنة ثمان وخمسين وستمائة]
وهو تركى الجنس من قبيلة البرلى، ملك الديار المصرية والبلاد الشامية فى يوم السبت المبارك الخامس عشر من ذى القعدة سنة ثمان وخمسين وستمائة، وكان ذلك بمنزلة القصير «1» من منازل الرمل، فى اليوم الذى قتل فيه السلطان الملك المظفر سيف الدين قطز المعزى.
وذلك أنه لما قتل الملك المظفر ساق الأمراء إلى الدهليز ونزلوا به، وجلسوا كلهم دون طراحة السلطنة، وتشاوروا فيمن يملكونه «2» عليهم، فوقع اختيارهم عليه. ويقال إن الأمير فارس الدين أقطاى المستعرب الصالحى الأتابك قال فى ذلك المجلس:«ينبغى ألا يلى السلطنة إلا من خاطر بنفسه فى قتل السلطان وأقدم على هذا الأمر العظيم» فقال الملك الظاهر: «أنا قتلته» ووثب وجلس
على طراحة السلطنة، فبايعه الأمير فارس الدين المذكور، وحلف له، ثم الأمير سيف الدين بلبان الرشيدى، ثم الأمراء على طبقاتهم. ثم قال له الأمير فارس الدين الأتابك:«ان السلطنة لا تسم لك إلا بدخولك إلى قلعة الجبل» ، فركب لوقته، وركب معه الأمير فارس الدين الأتابك، والأمير سيف الدين قلاون الألفى، والأمير بدر الدين بيسرى «1» الشمسى، ومماليكه وخواصه.
وتوجه [بيبرس] إلى قلعة الجبل، ورتب فى مسيره إليها أرباب الوظائف:
فرتب الأمير جمال الدين أفش «2» النجيبى الصالحى استاد دارا «3» ، والأمير عز الدين أيبك الأقرم الصالحى أمير جاندار، والأمير حسام الدين لاجين الدرفيل، والأمير سيف الدين بلبان الرومى فى الدوادارية، والأمير بهاء الدين أمير آخور على عادته. ولفيه فى طريقه الأمير عز الدين إيدمر الحلى، وكان ينوب عن الملك المظفر بقلعة الجبل، وقد خرج لتلقيه، فأعلمه الملك الظاهر بما اتفق، وعرض عليه أن يحلف، ثم تقدم [إيدمر] إلى القلعة واجتمع بمن بها، ووعدهم عن السلطان المواعيد الجميله فأجابوه، ولم يزل على باب القلعة إلى أن وصل السلطان إليها، فدخلها ليلا وتسلمها.
ويقال إنه لما ملك [بييرس] تلقب بالملك القاهر ووصل إلى قلعة الجبل ولقبه ذلك، فأشار الصاحب زين الدين بن الزبير بتغيير هذا اللقب، وقال إنه ما لقب به أحد فأفلح: لقب به القاهر بن المعتضد فلم تطل أيامه وخلع وسمل.
ولقب به القاهر صاحب الموصل فسم. فنقل السلطان لقبه إلى الملك الظاهر والله أعلم.
قال المؤرخ «1» وكانت القاهرة ومصر قد زينتا لقدوم الملك المظفر، والناس فى سرور لمقدمه إثر هذا النصر العظيم «2» ، فلم يرعهم إلا ومناد ينادى:«معشر الناس، رحمكم الله، ترحموا على الملك المظفر، وادعوا لسلطانكم الملك الظاهر ركن الدين» فوجم الناس لذلك، وتألموا خوفا من شدة البحريه وما كانوا «3» يعتمدونه من الظلم والسلطنة فى غيرهم، فكيف وقد صارت فيهم. فعاملهم السلطان بما سرهم به، وهو أن الملك المظفر كان قد جدد على الناس حوادث «4» فى سنة ثمان وخمسين وستمائة: منها تصقيع الأملاك وتقويمها وأخذ زكاتها، وأخذ ثلث الترك الأهلية، ومضاعفه الزكاة، رجباية الدينار من كل إنسان، ومبلغ ذلك ستمائة ألف دينار. فأبطل السلطان [بيبرس] ذلك، وكتب به توقيعا قرىء على المنابر، فطابت قلوب الناس.
قال: ولما أصبح السلطان [بيبرس] فى يوم الأحد جلس بالإيوان بقلعة الجبل وحلف العساكر لنفسه، واستناب مملوكه الأمير بدر الدين بيليك الخزندار «5»
وأقر الأمير فارس الدين أقطاى المستعرب فى الأتابكية.
وكاتب الملوك والنواب والأمراء بالممالك الشامية يخبرهم بما جدده الله تعالى له من أمر السلطنة، ويطلب منهم بذل الطاعة والموافقة.