الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فى الوَطْءِ قَبْلَ إتْمامِه إذا لم يُخِلَّ بالتتابعِ المُشْتَرَط، لا يَمْنَعُ صِحَّتَه وإجْزَاءَه، كما لو وَطِئَ قَبْلَ الشَّهْرَيْنِ، أو لو (2) وَطِئَ ليلةَ أوَّلِ الشَّهرينِ وأصْبحِ صائمًا، والإِتيانُ بالصّيامِ قبلَ التَّماسِّ فى حَقِّ هذا لا سبيلَ إليه، سواءٌ بَنَى أو اسْتَأْنَفَ. وإِنْ وَطِئها، أو وَطِئَ غيرَها، فى نَهارِ الشَّهْرينِ عامدًا، أفْطَرَ، وانْقَطَعَ التَّتابُعُ، إجماعًا، إذا كان غيرَ مَعْذُورٍ. وإن وَطِئها، أو وَطِئَ غيرَها، نهارًا ناسيًا، أفطرَ، وانْقَطَع التَّتابُعُ، فى إحْدَى الرِّوايَتَيْن؛ لأنَّ الوَطْءَ لا يُعْذَرُ فيه بالنِّسْيان. وعن أحمدَ، روايةٌ أُخرى، أنَّه (3) لا يُفْطِر، ولا يَنْقَطِعُ التَّتابُعُ. وهو قولُ الشّافعىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وابن المُنْذِرِ؛ لأنَّه فَعل المُفْطِرَ ناسيًا، أشْبَهَ ما لو أكَلَ ناسيًا. وإِنْ أُبِيحَ له الفِطْرُ لعُذْرٍ، فوَطِئَ غيرَها نهارًا، لم يَنْقَطِعِ التَّتابُعُ؛ لأنَّ الوَطْءَ لا أثَرَ له فى قَطْع التَّتابُعِ. وإِنْ وَطِئها، كان كَوَطْئها ليلًا، هلَ يَنْقَطِعِ (4) التَّتابُعُ؟ على وَجْهَيْنِ. وإِنْ وَطِئَ غيرَها ليلًا، لم يَنْقَطِعِ التتابعُ؛ لأنَّ ذلك ليس بِمُحَرَّم عليه، ولا هو مُخِلٌّ بإتْبَاعِ الصَّومِ الصَّوْمَ، فلم يقْطَعِ (5) التَّتابُعَ، كالأَكْلِ لَيلًا. وليس فى هذا اختلافٌ نَعْلَمُه. وإِنْ لَمَسَ المُظاهَرَ منها، أو باشَرَهَا دُونَ الْفَرْجِ على وجهٍ يُفْطِر به، قَطَعَ التَّتابُعَ؛ لإِخْلالِه بمُوالاةِ الصِّيامِ، وإلَّا فلا يَنْقَطِع. واللَّه أعلمُ.
1319 - مسألة؛ قال: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكينًا)
أجْمَعَ أهلُ العلمِ على أَنَّ المُظاهِرَ إذا لم يَجِدِ الرَّقَبَةَ، ولم يَسْتَطِع الصِّيامَ، أَنَّ فَرْضَه إطعامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، على ما أمَرَ اللَّهُ تعالى فى كتابِه، وجاء فى سُنَّة نَبِيِّه صلى الله عليه وسلم، سَواءٌ عَجَزَ عن الصِّيامِ لِكِبَرٍ، أو مَرَضٍ يَخافُ بالصَّومِ تَبَاطُؤَه أو الزِّيادَةَ فيه، أو الشَّبَقِ فلا يَصْبِرُ فيه عن الجِماعِ، فإنَّ (1) أوْسَ بن الصَّامِتِ، لَمَّا أمَرَه رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بالصِّيامِ، قالت
(2) سقط من: م.
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
فى ب: "يقطع".
(5)
فى م: "يقطع".
(1)
فى ب: "قال".
امرأتُه: يا رسولَ اللَّهِ، إنَّه شيخٌ كبيرٌ، ما به مِن صيامٍ. قال:"فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا"(2). ولما أمَرَ سَلَمَةَ بن صَخْرٍ بالصِّيامِ قال: وهل أصَبْتُ الذى أصَبْتُ إلَّا مِن الصِّيامِ! قال: "فَأَطْعِمْ"(3). فَنَقَلَه إلى الإِطْعامِ لمَّا أخْبَرَ أَنَّ به مِن الشَّبَقَ والشَّهْوَةِ ما يَمْنَعُه مِن الصِّيامِ. وقِسْنا على هذينِ ما يُشْبِهُهما فى معناهما. ويجوزُ أَنْ يَنْتَقِلَ إلى الإِطعامِ إذا عَجَز عن الصَّيامِ للمَرضِ، وإن كان مَرْجُوَّ الزَّوالِ؛ لدُخولِه فى قولِه سبحانه وتعالى:{فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} . ولأنَّه لا يَعْلَمُ أن له نهايةً، فأشْبَهَ الشَّبَقَ. ولا يَخوزُ أَنْ يَنْتَقِلَ لأجْلِ السَّفَر؛ لأنَّ السّفرَ لا يُعْجِزُه (4) عن الصِّيامِ، وله نهايةٌ يَنْتِهى إليها، وهو مِن أفْعالِه الاخْتياريَّةِ. والواجبُ فى الإِطعامِ إطْعامُ سِتِّين مسكينًا، لا يُجْزِئُه أقَلُّ من ذلك. وبهذا قال الشّافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لو أطْعَمَ مسكينًا واحدًا فى سِتَّين يومًا، أجْزأَه. وحَكاه القاضى أبو الحسين روايةً عن أحمدَ؛ لأنَّ هذا المسكينَ لم يَسْتَوْفِ قُوتَ يَوْمِه مِن هذه الكفَّارِةِ، فجاز أَنْ يُعْطَى منها، كاليَوْمِ الأوَّلِ. وَلنا، قولُ اللَّه تعالى:{فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} . وهذا لم يُطْعِمْ إلَّا واحدًا، فلم يَمْتَثِلِ الأمرَ، ولأنَّه لم يُطْعِمْ سِتِّين مسكينًا، فلم يُجْزِئْه، كما لو دَفَعَها إليه فى يومٍ واحدٍ، ولأنَّه لو جاز الدَّفْعُ إليه فى أيامٍ، لَجازَ فى يومٍ واحدٍ، كالزَّكاةِ وصدقةِ الفطْرِ، يُحَقَّقُ هذا أَنَّ اللَّهَ أمَرَ بعددِ المساكينِ، [لَا بعَدَدِ الأيامِ، وقائلُ هذا يَعْتبِرُ عددَ الأيامِ دونَ عددِ المساكينِ](5)، والمعنى فى اليومِ الأوَّلِ أنَّه لم يَسْتَوْفِ حَقَّه مِن هذه الكَفّارةِ، وفى اليومِ الثّانِى قد اسْتَوْفَى حقَّه منها، وأخَذَ منها قُوتَ يومٍ، فلم يَجُز أَنْ يَدْفَعَ إليه فى اليوم الثَّانى، كما لو أوْصَى إنسانٌ بشىءٍ لِسِتِّين مسكينًا.
(2) تقدم تخريجه فى صفحة 54.
(3)
تقدم تخريجه فى صفحة 55.
(4)
فى ب: "يعجز".
(5)
سقط من: الأصل. نقل نظر.