الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَجُلَيْنِ لو شَهِدَا أنَّ فُلَانًا طَلَّقَ زَوْجَتَه، وأعْتَقَ أمَتَه، قُبِلَتْ (16) شَهادتُهما، وإن كان يَحِلُّ لهما نِكاحُهما بذلك.
فصل:
ولا تُقْبَلُ الشَّهادةُ على الرَّضاعِ إلَّا مُفَسَّرَةً، فلو قالتْ: أشْهَدُ أنَّ هذا ابنُ هذه من الرَّضاعِ. لا تُقْبَلُ؛ لأنَّ الرَّضَاعَ المُحَرِّمَ يَخْتَلِفُ الناسُ فيه، منهم مَن يُحَرِّمُ بالقليلِ (17)، ومنهم مَن يُحَرِّمُ بعدَ الحَوْلَيْنِ، فلَزِمَ الشاهِدَ تَبْيِينُ كَيْفِيَّتِه، ليَحْكُم الحاكمُ فيه باجْتِهادِه، فيَحْتاجُ الشَّاهِدُ أن يَشْهَدَ أنَّ هذا ارْتَضَعَ من ثَدْىِ هذه خَمْسَ رَضَعاتٍ مُتَفَرِّقاتٍ (18)، خَلَصَ اللَّبَنُ فِيهنَّ (19) إلى جَوْفِه، في الحَوْلَيْنِ. فإن قيل: خُلُوصُ اللَّبَنِ إلى جَوْفِه لا طَرِيقَ لهم (20) إلى مُشاهَدَتِه، فكيف تجوزُ الشَّهادَةُ؟ قلنا: إذا عَلِمَ أنَّ هذه المرأةَ ذاتُ لَبَنٍ، ورَأَى الصَّبِىَّ قد الْتَقَمَ ثَدْيَها، وحَرَّكَ فَمَه في الامْتِصاصِ، وحَلْقَه في (21) الاجْتِراعِ، حَصَلَ ظَنٌّ يَقْربُ إلى الْيَقِينِ أنَّ اللَّبَنَ قد وَصَلَ إلى جَوْفِه، وما يتَعَذّرُ الوُقُوفُ عليه بالمُشاهَدةِ، اكْتُفِىَ فيه بالظَّاهِرِ (22)، كالشَّهادَةِ بالمِلْكِ، وثُبُوتِ الدَّيْنِ في الذِّمَّةِ، والشَّهادَةِ على النَّسَبِ بالاسْتِفاضَةِ. ولو قال الشاهِدُ: أدْخَلَ رَأْسَه تحتَ ثِيابِها، والْتَقَمَ ثَدْيَها. لا (23) يُقْبَلُ؛ لأنَّه قد يُدْخِلُ رأسَه ولا يَأْخُذُ الثَّدْىَ، وقد يأخذُ الثَّدْىَ ولا يَمُصُّ، فلا بُدَّ من ذِكْرِ ما يَدُلُّ عليه. وإن قال: أشْهَدُ أنَّ هذه أرْضَعَتْ هذا. فالظَّاهرُ أنَّه يُكْتَفَى به (24) في ثُبُوتِ أصْلِ الرَّضَاعِ؛ لأنَّ المرأةَ التي قالتْ: قد أرْضَعْتُكُما. اكْتُفِىَ بقَوْلِها.
(16) في م: "قبل".
(17)
في ب: "القليل".
(18)
في أ: "منفردات".
(19)
سقط من: أ.
(20)
في م: "له".
(21)
سقط من: ب.
(22)
في م: "بالظاهرة".
(23)
في أ: "لم".
(24)
سقط من: م.
1377 -
مسألة؛ قال: (وَإذَا تزَوَّجَ امْرَأةً (1)، ثُمَّ قَالَ قَبْلَ الدُّخُولِ: هِىَ أُخْتِى مِنَ الرَّضَاعةِ. انْفَسَخَ النِّكَاحُ، فَإنْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأةُ، فَلَا مَهْرَ لَهَا (2)، وإنْ أكْذَبَتْهُ (3)، فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ)
وجملتُه أنَّ الزَّوْجَ إذا أقَرَّ أنَّ زَوْجَتَه أُخْتُه من الرَّضاعةِ (4)، انْفَسَخَ نِكاحُه، ويُفَرَّقُ بينهما. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: إذا قال: وَهِمْتُ، أو أخْطَأْتُ. قُبِلَ قولُه؛ لأنَّ قولَه ذلك يتَضَمَّنُ أنَّه لم يَكُنْ بينهما نِكاحٌ، ولو جَحَدَ النِّكاحَ، ثم أقَرَّ به، قُبِلَ، كذلك (5) ههُنا. ولَنا، أنَّه أقرَّ بما يتَضَمَّنُ تَحْرِيمَها عليه، فلم يُقْبَلْ رُجُوعُه عنه، كما لو أقَرَّ بالطَّلاقِ ثم رَجَعَ، أو أقَرَّ أنَّ أمَتَه أخْتُه من النَّسَبِ، وما قاسُوا عليه غيرُ مُسَلَّمٍ، وهذا الكلامُ في الحُكْمِ، فأمَّا فيما بَينَه وبينَ رَبِّه، فيَنْبَنِى ذلك على عِلْمِه بصِدْقِه، [فإن عَلِمَ](6) أنَّ الأمْرَ كما قال، فهى مُحَرَّمةٌ عليه، ولا نِكاحَ بينهما، وإن عَلِمَ كَذِبَ نَفْسِه، فالنِّكاحُ باقٍ بحالِه، وقولُه كَذِبٌ لا يُحَرِّمُها عليه؛ لأنَّ المُحَرِّمَ حَقِيقةُ الرَّضاعِ، لا القَوْلُ. وإن شَكَّ في ذلك، لم تَزُلْ عن اليَقِينِ بالشَّكِّ. وقِيلَ في حِلِّها له إذا عَلِمَ كَذِبَ نَفْسِه رِوَايتان. والصَّحيحُ ما قُلْناه؛ لأنَّ قَوْلَه ذلك إذا كان كَذِبًا، لم يُثْبِتِ التَّحْريمَ، كما لو قال لها وهى أكْبَرُ منه: هي ابْنَتِى من الرَّضاعةِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه إن كان قبلَ الدُّخُولِ، وصَدَّقَتْه المرأةُ، فلا شىءَ لها؛ لأنَّهما اتَّفَقَا على أنَّ (7) النِّكاحَ فاسدٌ من أصْلِه (8)، لا يُسْتَحَقُّ فيه مَهْرٌ، فأشْبَهَ ما لو ثَبَتَ ذلك ببَيِّنَةٍ، وإن أكْذَبَتْه، فالقولُ
(1) في ب: "بامرأة".
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في أ، ب، م:"كذبته".
(4)
في أ: "الرضاع".
(5)
في ازيادة: "أيضًا".
(6)
في ب: "فإنه أعلم".
(7)
سقط من: ب، م.
(8)
سقط من: ب.