الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنَّ الخَلْوةَ عندَه فى النِّكاحِ الصحيحِ لا تُوجِبُ العِدَّة، ففى الفاسدِ أوْلَى. وهذا مُقْتَضَى قولِ ابن حامدٍ.
فصل:
فى عِدَّةِ المُعْتَقِ بعضُها. ومتى كانت مُعْتدَّةً بالحَمْلِ أو بالقُرُوءِ، فعِدَّتُها كعِدَّةِ الحُرَّةِ؛ لأنَّ عِدَّةَ الحاملِ لا تخْتلِفُ بالرِّقِّ والحُرِّيَّةِ، وعِدّةُ الأمَةِ بالقُرُوءِ قُرْءان، فأدْنَى ما يكونُ فيها من الحُرِّيةِ يُوجِبُ قُرْءًا ثالثًا، لأنَّه لا يتَبَعَّضُ. وإن كانتْ مُعْتدَّةً بالشهورِ؛ إِمَّا للوَفاةِ، وإمَّا للإِيَاسِ أو الصِّغَرِ، فعِدَّتُها بالحسابِ من عِدَّةِ حُرَّةٍ وأمَةٍ، فإذا كان نِصْفُها حُرًّا، فاعْتدَّتْ للوفاةِ، فعليها ثلاثةُ أشْهُرٍ وثمانِ ليالٍ؛ لأنَّ الليلَ يُحْسَبُ مع النهارِ، فيكونُ عليها ثلاثةُ أرْبَاعِ ذلك، وإن كانت مُعْتَدَّةً بالشُّهورِ عن الطلاقِ، وقُلْنا: إنَّ عِدَّةَ الأمَةِ شهرٌ ونصفٌ. كان عِدَّةُ المُعْتَقِ نِصْفُها (103) شَهْرَيْن ورُبْعًا. وإن قُلْنا: عِدَّةُ الأمةِ شَهْران أو ثلاثةُ أشْهُرٍ. فعدَّةُ المُعْتَقِ بعضُها، كعِدَّةِ الحُرَّةِ، سَواءً. وأُمُّ الولدِ، والمُدَبَّرةُ، والمكاتَبَةُ، عِدّتُهُنَّ كَعِدَّةِ الأمةِ، سَواءً؛ لأنَّهُنَّ إماءٌ.
1357 - مسألة؛ قال: (وأُمُّ الْوَلَدِ إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا، فَلَا تَنْكِحُ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً كامِلَةً)
هذا هو (1) المشهورُ عن أحمدَ. وهو قولُ ابنِ عمرَ. ورُوِىَ ذلك عن عثمانَ، وعائشةَ، والحسنِ، والشَّعْبىِّ، والقاسمِ بن محمدٍ، وأبي قِلَابةَ، ومَكْحُولٍ، ومالكٍ، والشافعىِّ، وأبي عُبَيْدٍ، وأبي ثورٍ. ورُوِىَ عن أحمدَ، أنَّها تَعْتَدُّ عِدّةَ الوفاةِ أَرْبَعةَ أشهُرٍ وعَشْرًا. وهو قولُ سعيد بن المُسَيَّبِ، وأبي عِياضٍ، وابن سِيرِينَ، وسعيد بن جُبَيْرٍ، ومُجاهدٍ، وخِلَاسِ (2) بن عمرٍو، وعمرَ بن عبد العزيزِ، والزُّهْرِىِّ، ويَزِيدَ بن عبدِ الملكِ، والأوْزاعىِّ، وإسْحاقَ؛ لما رُوِىَ عن عمرِو بن العاصِ، أنَّه قال: لا تُفْسِدُوا
(103) فى ب، م:"نصفه".
(1)
سقط من: أ، ب، م.
(2)
فى النسخ: "خلاص". وتقدم فى: 9/ 439.
علينا سُنَّةَ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم، عدَّةُ أُمِّ الولدِ إذا تُوُفِّىَ عنها سَيِّدُها أرْبَعةُ أشْهُرٍ وعَشْرٌ. رَواه أبو داودَ (3). ولأنَّها حُرَّةٌ تَعْتَدُّ للوفاةِ، فكانت عِدَّتُها أربعةَ أشْهُرٍ وعشرًا، كالزَّوْجةِ الحُرَّةِ. وحَكَى أبو الخَطَّابِ، روايةً ثالثةً، أنَّها (4) تَعْتَدُّ شَهْرينِ وخمسةَ أيَّام. ولم أجِدْ هذه الرِّوايةَ عن أحمدَ، في "الجامعِ"، ولا أَظُنُّها صحيحةً عن أحمدَ. ورُوِىَ ذلك عن عَطاءٍ، وطاوُسٍ، وقَتادةَ؛ لأنَّها (5) حينَ الموتِ أُمَةٌ، فكانتْ عِدَّتُها عِدَّةَ الأَمَةِ، كما لو مات رجلٌ عن زوجَتِه الأمَةِ، فعتقَتْ بعد مَوْتِه. ويُرْوَى (6) عن عليٍّ، وابنِ مسعودٍ، وعَطاءٍ، والنَّخَعىِّ، والثَّوْرِىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ، أنَّ عِدّتَها ثلاثُ حِيَضٍ؛ لأنَّها حُرَّةٌ تُسْتَبْرَأُ، فكان اسْتِبْراؤُها بثلاثِ حِيَضٍ، كالحُرَّةِ المُطَلَّقةِ. وَلنا، أنَّه اسْتِبْراءٌ لزَوالِ المِلْكِ، عن الرَّقَبةِ، فكان حَيْضَةً في حَقِّ مَنْ تَحِيضُ، كسائرِ اسْتِبْراءِ المُعْتَقاتِ والمَمْلُوكاتِ، ولأنَّه اسْتِبْراءٌ لغيرِ الزَّوجاتِ والمَوْطُوءاتِ بشُبْهةٍ، فأشْبَهَ ما ذكرْنا. قال القاسمُ بن محمدٍ: سُبحانَ اللَّه، يقول اللهُ تعالى في كتابه:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} (7). ماهُنَّ بأزْواجٍ. فأمَّا حديثُ عمرِو بن العاص، فضَعِيفٌ. قال ابنُ المنذرِ: ضَعَّفَ أحمدُ وأبو عُبَيْدٍ حَدِيثَ عمرِو بن العاصِ. وقال محمدُ بن موسى (8):
(3) في: باب في عدة أم الولد، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود 1/ 539.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب عدة أم الولد، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه 1/ 673. والإِمام أحمد، في: المسند 4/ 203. والدارقطني، في: باب المهر، من كتاب النكاح. سنن الدارقطني 3/ 309. والبيهقي، في: باب استبراء أم الولد، من كتاب العدد. السنن الكبرى 7/ 447، 448. وابن أبي شيبة، في: باب من قال: عدتها أربعة أشهر وعشرا، من كتاب الطلاق. المصنف 5/ 162.
(4)
سقط من: م.
(5)
في م: "ولأنها".
(6)
في ب: "وروى".
(7)
سورة البقرة 234.
(8)
لعله ابن مشيش البغدادي، كان يستملى للإِمام أحمد، وكان من كبار أصحابه. طبقات الحنابلة 1/ 323. وترجم ابن أبي يعلى لمحمد بن موسى بن أبي موسى النهرتيرى البغدادي أيضًا، وذكر أنه كان عنده جزء مسائل كبار جياد عن الإِمام أحمد. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 323، 324.