الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما زَنَتْ. تَكْذِيبٌ للبَيِّنةِ واللِّعانِ (9)، فلا تَثْبُتُ له حُجَّةٌ قد أكْذْبَها. وجَرَى هذا مَجْرَى قولِه فى الوَدِيعةِ إذا ادُّعِيَتْ عليه، فقال: ما أَوْدَعْتَنِى. فقامتْ عليه البَيِّنَةُ بالوَدِيعةِ، فادَّعَى الرَّدَّ أو التَّلَفَ (10)، لم يُقْبَلْ. ولو أجابَ بأنَّه مَالَه عندِى شىءٌ. أو لا (11) يَسْتَحِقُّ علَىَّ شيئًا. فقامتْ عليه البَيِّنةُ، فادَّعَى الرَّد أو التَّلفَ، قُبِلَ منه.
1331 - مسألة؛ قال: (وَإِنْ قَذَفَهَا، وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِها، وَثمَّ اللِّعان بَيْنَهُمَا بتَفْرِيقِ الْحَاكِمِ، نْفِىَ عَنْهُ، إِذَا ذَكَرَهُ فِى اللِّعَانِ)
وجملةُ ذلك أَنَّ الزَّوْجَ إذا ولَدتِ امرأته ولَدًا يُمْكِنُ كَوْنُه (1) منه، فهو ولدُه فى الحُكْمِ؛ لقولِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"الوَلَدُ للفِرَاشِ"(2). ولا يَنْتَفِى عنه إلَّا أَنَّ يَنْفِيَه باللِّعانِ التَّامِّ، الذى اجْتَمَعتْ شُرُوطُه، وهى أربعة؛ أحدُها، أَنَّ يُوجَدَ اللِّعانُ (3) منهما جميعًا. وهذا قول عامةِ أهلِ العلمِ. وقال الشافعىُّ: يَنْتَفِى بلِعانِ الزَّوجِ وحدَه؛ لأنَّ نَفْىَ الولدِ إنَّما كان بيَمِينِه والْتِعانِه (4)، لا بيَمِينِ المرأةِ على تَكْذِيبِه، ولا مَعْنَى ليَمينِ المرأةِ فى نَفْى النَّسَبِ، وهى تُثْبِتُه وتُكَذِّبُ قولَ من يَنْفِيه، وإنَّما لِعانُها لِدَرْءِ الحَدِّ عنها (5)، كما قال اللَّه تعالى:{وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} (6). ولَنا، أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم إنَّما نَفَى الولدَ عنه بعدَ تَلَاعُنِهِما، فلا يجوزُ النَّفْىُ ببعضِه، كبعضِ لِعانِ الزَّوجِ. والثانى: أَن تَكْمُلَ ألفاظُ اللِّعانِ منهما جميعًا. الشَّرط الثالث، أَن يَبْدَأَ بلِعانِ الزَّوجِ قبلَ المرأةِ، فإن بَدَأَ بلِعانِ المرأةِ لم يُعْتَدَّ به. وبه قال
(9) سقط من: الأصل.
(10)
فى ب: "والتلف".
(11)
فى أ، ب، م:"ولا".
(1)
فى أ: "أن يكون".
(2)
تقدم تخريجه، فى: 7/ 316.
(3)
فى م: "باللعان".
(4)
فى الأصل: "ولعانه".
(5)
فى م: "منها".
(6)
سورة النور 8.
أبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال مالكٌ، وأصْحابُ الرَّأْىِ: إن فَعَلَ أخْطَأ السُّنّةَ، والفُرْقةُ جائزةٌ، ويَنْتَفِى الولدُ عنه؛ لأنَّ اللَّه تعالى عَطَفَ لِعانَها على لِعَانِه بالواوِ، وهى لا تَقْتَضِى تَرْتِيبًا (7)، ولأنَّ اللِّعانَ قد وُجِدَ منهما جميعًا، فأشْبَهَ ما لو رتّبَتْ. وعند الشافعىِّ، لا يَتِمُّ اللِّعانُ إلّا بالتَّرْتيبِ، إلَّا أنَّه (8) يَكْفِى عنده لِعَانُ الرَّجُلِ وحدَه لنَفْىِ الولدِ، وذلك حاصلٌ مع إخْلالِه بالتَّرْتيبِ، وعَدَمِ كَمالِ ألَفاظِ اللِّعانِ من المرأةِ. ولَنا، أَنَّه أتَى باللِّعانِ على غيرِ ما وَرَدَ به القرآنُ والسُّنَّةُ، فلم يَصِحَّ، كما لو اقْتَصَرَ على لَفْظةٍ واحدةٍ، ولأنَّ لِعانَ الرجلِ بَيِّنَتُه لإِثْباتِ زِنَاها وَنَفْىِ ولدِها، ولِعانَ المرأةِ للإِنْكارِ، فقُدِّمَتْ بَيِّنةُ الإِثْباتِ، كتَقْديمِ الشُّهودِ على الأيْمانِ، ولأنَّ لِعانَ المرأةِ لدَرْءِ العَذابِ عنها، ولا يتَوَجَّهُ عليها ذلك إلَّا بلِعانِ الرَّجُلِ، فإذا قَدَّمَتْ لِعانَها على لِعانِه، فقد قَدَّمَتْه على وَقْتِه، فلم يَصِحَّ، كما لو قدّمَتْه على القَذْفِ. الشَّرْط الرابع، أَن يَذْكُرَ نَفْىَ الولدِ فى اللِّعانِ، فإنْ (9) لم يَذْكُرْ، لم يَنْتَفِ (10)، إلّا أَن يُعِيدَ اللّعانَ ويذكرَ نَفْيَه. وهذا ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، واختيارُ القاضِى، ومذهبُ الشافعىِّ. وقال أبو بكرٍ: لا يَحْتاجُ إلى ذِكْرِ الولدِ ونَفْيِه، ويَنْتَفِى بزَوَالِ الفِرَاشِ؛ لأنَّ حَدِيثَ سَهْلِ بن سعدٍ، الذى وَصَفَ فيه اللعانَ، لم يذَكُرْ فيه الولدَ، وقال فيه: ففَرَّقَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بينهما، وقَضَى أَن لا يُدْعَى وَلَدُها (11) لأبٍ، ولا يُرْمَى ولدُها. روَاه أبو داودَ (12). وفى حديثٍ روَاه مسلمٌ (13)، عن عبد اللَّه (14)، أَن رَجُلًا لَاعَنَ امرأتَه على عهدِ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، ففَرّقَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بينهما، وألْحَقَ الولدَ
(7) فى أ، ب، م:"ترتيبها".
(8)
فى الأصل زيادة: "مما".
(9)
فى ب، م:"فإذا".
(10)
فى أزيادة: "عنه".
(11)
فى سقط من: ب.
(12)
فى: باب اللعان، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود 1/ 521.
(13)
تقدم تخريجه فى: 8/ 373.
(14)
أى ابن عمر.