الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَنْدُرُ، ولا يَتَمَكَّنُ مِن العَمَلِ مع بَقائِه. وأمَّا نِضْوُ (16) الخَلْقِ، فإنْ كان يَتَمَكَّنُ معه مِن العملِ أجْرَأَ، وإلَّا فلا. ويُجْزِئُ الأَحْمَقُ، وهو الذى يُخْطِىُّ على بَصِيرةٍ (17)، ويَصْنَعُ الأشياءَ لغيرِ فائِدَةٍ، وَيرَى الخطَأَ صَوابًا، ومَن يُخْنَقُ فى الأحْيانِ، والخَصِىُّ، والمَجْبُوبُ، والرَّتْقاءُ، والكَبيرُ الذى يَقْدِرُ على العَمَلِ؛ لأنَّ ما لا يَضُرُّ بالعَملِ، لا يَمْنَعُ تَمْلِيكَ العَبْدِ مَنافِعَه، وتكْمِيلَ أحْكامِه، فيَحْصُلُ الإجْزاءُ به كالسَّالِمِ مِن العُيُوبِ.
فصل:
ويُجْزِئُ عِتْقُ الجانِى والْمَرهُونِ، وعِتْقُ المُفْلِس عَبْدَه، إذا قُلْنا بصِحَّةِ عِتْقِهم، وعِتْقُ المُدَبَّرِ، والخَصِىِّ (18)، ووَلَدِ الزِّنَى؛ لكَمالِ العِتْقِ فيهم.
فصل: ولا يُجْزِئُ عِتْقُ المَغْصُوبِ؛ لأنَّه لا يَقْدِرُ على تَمْكِينِه مِن مَنافِعِه، ولا غائِبٍ غَيْبَةً مُنْقَطِعة لا يُعْلَمُ خَبَرُه؛ لأنَّه لا يُعْلَمُ حياتُه، فلا يُعْلَمُ صِحَّةُ عِتْقِه. وإِنْ لم يَنْقَطِعْ خَبَرُه، أجْزَأَ عِتْقُه؛ لأنَّه عِتْقٌ صَحِيحٌ. ولا يُجْزِئُ عِتْقُ الحَمْلِ؛ لأنَّه لم تَثْبُتْ له أحكامُ الدُّنْيا، ولذلك لم تَجِبْ فِطْرَتُه، ولا يُتَيَفنُ أيضًا وُجُودُه، وحَياتُه، ولا عِتْقُ أمِّ الوَلَدِ؛ لأنَّ عِتْقَها مُسْتَحَقٌّ بِسَبَبٍ غيرِ الكفَّارةِ، والمِلْكُ فيها غيرُ كامِلٍ، ولهذا لا يجوزُ بَيْعُها. وقال طَاوُسٌ، والبَتِّىُّ: يُجْزِئُ عِتْقُها؛ لأنَّه عِتْقٌ صَحِيحٌ. ولا يجزئُ عِتْقُ مُكاتَبٍ أدَّى مِن كِتابَتِه شَيْئًا. وسَنَذْكُرُ هذا فى الكفَّاراتِ، إنْ شاءَ اللَّه تعالى.
1316 - مسألة؛ قال: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ، فَصِيَامُ شَهْرينِ مُتَتَابِعَيْنِ)
أجْمَعَ أهلُ العِلْمِ، على أَنَّ المُظاهِرَ إذا لم يَجِدْ رَقَبَةً، أَنَّ فَرْضَه صِيامُ شَهْرينِ مُتَتَابِعَيْنِ؛ وذلك لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (1). وحدِيثُ أَوْس بنِ الصَّامِتِ، وسَلَمَةَ بنِ صَخْرٍ (2). وأجْمَعُوا على
(16) النضو: الهزيل.
(17)
فى أ، م:"بصير".
(18)
سقط من: ب، م.
(1)
سورة المجادلة 4.
(2)
تقدم تخريجهما فى صفحة 54 ، 55.
أنَّ مَن وَجَدَ رَقَبَةً فاضِلَةً عَن حاجَتِه، فليس له الانْتِقَالُ إلى الصِّيامِ، وإِنْ كانتْ له رَقَبَةٌ يَحْتَاجُ إلى خِدْمَتِها لِزِمَنٍ (3)، أو كِبَرٍ، أو مَرَضٍ، أو عِظَمِ خَلْقٍ، ونحوِه مِمَّا يُعْجِزُه عنْ خِدْمَةِ نَفْسِه، أو يكونُ مِمَّنْ لا يَخْدُمُ نَفْسَه فى العَادَةِ، ولا يَجِدُ رَقَبَةً فاضِلَةً عن خِدْمَتِه (4)، فليس عليه الإِعْتاقُ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حَنِيفَةَ، ومالِكٌ، والأوْزاعِىُّ: متى وَجَدَ رَقَبَةً، لَزِمَه إعْتاقُها، ولم يَجُزْ له الاْنتِقالُ إلى الصِّيامِ، سواءٌ كان مُحْتاجًا إليها، أو لم يكنْ؛ لأنَّ اللَّه تعالى شَرَطَ فى الانْتِقالِ إلى الصَّيامِ أَنْ لا يَجِدَ رَقَبَةً، بقَوْلِه:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} . وهذا وَاجِدٌ. وإِنْ وَجَدَ ثَمَنَها، وهو مُحْتاجٌ إليه، لمْ يَلْزَمْه شِراؤُها. وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وقال مالِكٌ: يَلْزَمُه شِرَاؤها (5)؛ لأنَّ وِجْدانَ ثَمَنِها كوِجْدانِها. ولَنا، أَنَّ ما اسْتَغْرَقَتْه حاجةُ الإِنْسَانِ، فهو كالمَعْدُومِ، فى جَوازِ الانْتِقالِ إلى البَدَلِ، كَمَنْ وجدَ ماءً يَحْتاجُ إليه لِلعَطَش، يَجُوزُ له الانْتِقَالُ إلى التيَّمُّمِ. وإِنْ كان له خادِمٌ، وهو مِمَّنْ يَخْدِمُ نَفْسَه عادَةً، لَزِمَه إعْتاقُها؛ لأنَّه فاضِلٌ عن حاجَتِه. بخلافِ مَنْ لم تَجْرِ عادتُه بِخِدْمَةِ نَفْسِه، فإنَّ عليه مَشَقَّةً فى إعْتاقِ خادِمِه، وتَضْيِيعًا لِكَثِيرٍ مِن حوائِجه. وإِنْ كانَ له خادِمٌ يَخْدِمُ امرأتَه، وهى مِمَّن عليه إخْدامُها، أو كان له رَقِيقٌ يَتَقَوَّتُ بِخَراجِهِم، أو دَارٌ يَسْكُنُها، أو عَقارٌ يَحْتاجُ إلى غَلَّتِه لمُؤْنَتِه، أو عَرْضٍ للتِّجارَةِ لا يَسْتَغْنِى عنْ ربْحِه فى مُؤْنَتِه، لم يَلْزَمْه العِتْقُ. وإِنْ اسْتَغْنَى عن شىءٍ مِن ذلك مِمَّا يُمْكِنُه أَنْ يَشْتَرِىَ به رَقَبَةً، لَزِمَه؛ لأنَّه واجِدٌ للرَّقَبَةِ. وإِنْ كانتْ له رَقَبَةٌ تَخْدِمُه، يُمْكِنُه بَيْعُها وشِراءُ رَقَبَتَيْنِ بِثمَنِها، يَسْتَغْنِى بِخِدْمَةِ إحْداهما، ويَعْتِقُ الأُخْرَى، لَزِمَه؛ لأنَّه لا ضَرَرَ فى ذلك. وهكذا لو كانتْ له ثِيابٌ فاخِرَةٌ، تَزِيدُ على مَلابِس مِثْلِه، يُمْكِنُه بَيْعُها، وشراءُ ما يَكْفِيهِ فى لِباسِه ورَقَبَةٍ، لَزِمَه ذلك. وإِنْ كانتْ له دارٌ، يُمْكِنُه بَيْعُهَا، وشِراءُ مِا يَكْفِيه لسُكْنَى مِثْلِه ورَقَبَةٍ، أو ضَيْعَةْ يَفْضُلُ منها عنْ كِفَايَتِه ما يُمْكِنُه به (6)
(3) الزِّمَن: العلة الملازمة.
(4)
فى أ: "حاجته".
(5)
سقط من: أ، ب، م.
(6)
سقط من: م.