الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب النَّفَقات
نَفَقةُ الزَّوْجةِ واجبةٌ بالكتابِ والسُّنَّةِ والإِجْماعِ؛ أمَّا الكتابُ فقولُ اللَّه تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} (1). ومعنى: {قُدِرَ عَلَيْهِ} أي: ضُيِّقَ عليه. ومنه قولُه سُبْحانه: {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} (2). أي: يُوَسِّعُ لِمَن (3) يَشَاءُ، ويُضَيِّقُ على مَنْ يشاء. وقال اللَّه تعالى:{قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} (4). وأمَّا السُّنَّةُ فما رَوَى جابرٌ، أنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم خَطَبَ الناسَ، فقال:"اتّقُوا اللهَ في النِّساءِ، فَإِنَّهُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُم، أخذْتُمُوهُنَّ بأمَانةِ اللهِ واسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ [بِكَلِمةِ اللهِ] (5)، ولَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وكُسْوَتُهُنَّ بالمَعْرُوفِ". رواه مسلمٌ، وأبو داودَ (6)، ورواه التِّرْمِذِىُّ (7)، بإسنادِه عن عمرِو بن الأحْوَصِ، وقال (8): "ألا إنَّ لَكُم على نِسَائِكُم حَقًّا، ولِنِسائِكُم عَلَيْكُمْ حقًّا؛ فأمَّا حَقّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ، فَلَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُم مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلَا يَأْذَنَّ في بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ، ألَا وحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أنْ
(1) سورة الطلاق 7.
(2)
سورة الرعد 26.
(3)
في م: "على من".
(4)
سورة الأحزاب 50.
(5)
في أ: "بكلمات اللَّه". ولم يرد لفظ الجلالة في: ب، م.
(6)
تقدم تخريجه، في: 5/ 156.
(7)
في: باب ما جاء في حق المرأة على زوجها، من أبواب الرضاع، وفى: باب ومن سورة التوبة، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى 5/ 111، 11/ 227 - 230.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب حق المرأة على الزوج، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 594.
(8)
سقطت الواو من: ب، م.
تُحْسِنُوا إلَيْهِنَّ فِي كُسْوَتِهِنَّ وطَعَامِهِنَّ". وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وجاءت هِنْدُ إلى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالتْ: يا رَسُولَ اللَّه، إنَّ أبا سُفْيانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وليس يُعْطِينِى من النَّفَقةِ ما يَكْفِينِى ووَلَدِى. فقال: "خُذِى مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بالمَعْرُوفِ". مُتَّفَقٌ عليه (9). وفيه دلالةٌ على وُجُوبِ النَّفقةِ لها على زَوْجِهِا، وأنَّ ذلك مُقَدّرٌ بكِفَايَتِها، وأنَّ نَفَقةَ ولَدِه عليه دُونَها مُقَدّرٌ بكِفايَتِهم، وأنَّ ذلك بالمَعْرُوفِ، وأنَّ لها أن تَأخُذَ ذلك بنَفْسِها من غير عِلْمِه إذا لم يُعْطِها إيَّاه. وأمَّا الإِجماعُ، فاتَّفَقَ أهلُ العلمِ على وُجُوبِ نَفَقاتِ الزَّوجاتِ على أزْواجِهِنَّ، إذا كانوا بالِغينَ، إلَّا النَّاشِزَ منهُنَّ. ذكَره ابنُ المُنْذِرِ، وغيرُه. وفيه ضَرْبٌ من العِبْرةِ، وهو أنَّ المرأةَ مَحْبُوسةٌ على الزَّوْجِ، يَمْنَعُها من التَّصَرُّفِ والاكْتِسابِ، فلا بُدَّ من أن يُنْفِقَ عليها، كالعَبْدِ مع سَيِّدِه.
1379 -
مسألة؛ قال أبو القاسم، رَحِمَه اللهُ تعالى:(وَعَلَى الزَّوْجِ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ، مَالَا غِنًى (1) بِهَا عَنْهُ (2)، وكُسْوَتُها)
وجملةُ الأمْرِ أنَّ المرأةَ إذا سَلَّمَتْ نَفْسَها إلى الزَّوجِ، على الوَجْهِ الواجبِ عليها، فلها عليه جميعُ حاجَتِها؛ من مَأْكولٍ، ومَشْروبٍ (2)، ومَلْبُوسٍ، ومَسْكنٍ. قال أصحابُنا: ونَفَقَتُها مُعْتَبَرةٌ بحالِ الزَّوْجينِ جميعًا؛ فإن كانا مُوسِرَيْنِ، [فعليه لها](3) نفقةُ المُوسِرِينَ،
(9) أخرجه البخاري، في: باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون. . .، من كتاب البيوع، وفى: باب إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف، من كتاب النفقات. صحيح البخاري 3/ 103، 7/ 85. ومسلم، في: باب قضية هند، من كتاب الأقضية. صحيح مسلم 3/ 1338، 1339.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 259، 260. والنسائي، في: باب قضاء الحاكم على الغائب إذا عرفه، من كتاب القضاة. المجتبى 8/ 216. وابن ماجه، في: باب ما للمرأة من مال زوجها، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 769. والدارمى، في: باب في وجوب نفقة الرجل على أهله، من كتاب النكاح، سنن الدارمي 2/ 159.
(1)
في أ، ب:"غناء".
(2)
سقط من: أ.
(3)
في م: "فلها عليه".