الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البائِنَ. والثانية، يَلْحَقُه؛ لأنّها فى حُكْمِ الزَّوْجاتِ فى السُّكْنَى والنَّفَقةِ والطلاقِ والظِّهارِ والإِيلاءِ والحلِّ، فى رِوايةِ، فأشْبَهَ مَا قبلَ الطَّلاقِ.
فصل:
فإن غابَ عن زَوْجَتِه سنِينَ، فبَلَغَتْها وفاتُه، فاعْتَدّتْ، ونَكَحَتْ نِكاحًا صحيحًا فى الظاهرِ، ودَخَلَ بها الثانى، وأوْلَدَها أولادًا، ثم قَدِمَ الأوَّلُ، فُسِخَ نِكاحُ الثانى، ورُدَّتْ إلى الأوَّلِ، وتَعْتَدُّ من الثانى، ولها عليه صداقُ مِثْلِها، والأولادُ له؛ لأنَّهم وُلِدُوا على فِرَاشِه. رُوِىَ ذلك عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وهو قولُ الثَّوْرىِّ، وأهلِ العراقِ، وابنِ أبى لَيْلَى، ومالكٍ، وأهلِ الحجازِ، والشافعىِّ، وإسحاقَ، وأبى يوسفَ، وغيرِهم من أهلِ العلمِ، إلَّا أبا حنيفةَ، قال: الولدُ للأَوَّلِ؛ لأنَّه صاحِبُ الفِرَاشِ؛ لأنَّ نِكاحَه صحيحٌ ثابتٌ، ونِكاحُ الثانى غيرُ ثابتٍ، فأشْبَهَ الأجْنَبِىَّ. ولَنا، أن الثانىَ انْفَرَدَ بوَطْئِها فى نكاحٍ يَلْحَقُ النَّسَبُ فى مِثْلِه، فكان الولدُ له دونَ غيرِه، كوَلَدِ الأَمَةِ من زَوْجِها يَلْحَقُه دُونَ سَيِّدِها، وفارَقَ الأجْنَبِىَّ، فإنَّه ليس له نِكاحٌ.
فصل: وإن وَطِئَ رَجُلٌ امرأةً لا زَوْجَ لها بشُبْهةٍ، فأتَتْ بوَلَدٍ، لَحِقَه نَسَبُه. وهذا قولُ الشافعىِّ، وأبى حنيفةَ. وقال القاضى: وَجَدْتُ بخَطِّ أبى بكرٍ، أنَّه لا يَلْحَقُ به؛ لأنَّ النَّسَبَ لا يَلْحَقُ إلَّا فى نكاحٍ صحيحٍ، أو فاسدٍ، أو مِلْكِ يْمَينٍ (32)، أو شُبْهةِ مِلْكٍ، ولم يُوجَدْ شىءٌ من ذلك، ولأنَّه وَطْءٌ لا يستنِدُ إلى عَقْدٍ، فلم يَلْحَقِ الولدُ فيه بالوَطْءِ، كالزِّنَى. والصحيحُ فى المذهبِ الأوَّلُ. قال أحمدُ: كلَّ من دَرَأْتَ عنه الحَدَّ أَلْحَقْتَ به الولدَ. ولأنَّه وَطْءٌ اعْتَقَدَ الواطئُ حِلَّه، فلَحِقَ به النَّسَبُ، كالوَطْءِ فى النِّكاحِ الفاسدِ. وفارق وَطْءَ الزِّنَى، فإنَّه لا يَعْتَقِدُ الحِلَّ فيه. ولو تَزَوّجَ رَجُلانِ أُخْتَيْنِ؛ فغُلِطَ بهما عندَ الدُّخُولِ، فزُفَّتْ كلُّ واحدةٍ منهما إلى زَوْجِ الأُخْرَى، فوَطِئها، وحَمَلَتْ منه، لَحِقَ الولدُ بالواطئ؛ لأنَّه وَطْءٌ يَعْتَقِدُ حِلَّه، فلَحِقَ به النَّسَبُ، كالوَطْءِ فى نكاحٍ فاسدٍ.
(32) سقط من: أ، ب، م.
وقال أبو بكرٍ: لا يكونُ الولدُ للْواطئ، وإنَّما يكونُ للزَّوْجِ. وهذا الذى يَقْتَضِيه مذهبُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّ الولدَ للفِرَاشِ. ولَنا، أَنَّ الوَاطِىءَ انْفَرَدَ بوَطْئِها فيما يَلْحقُ به النَّسَبُ، فلَحِقَ به كما لو لم تكُنْ ذاتَ زَوْجٍ، وكما لو تزَوَّجتِ امرأةُ المفْقُودِ عندَ الحُكْمِ بوَفاتِه ثم بان حَيًّا، والخبرُ مخصوصٌ بهذا، فنَقِيسُ عليه ما كان فى معناه. وإن (33) وُطِئَتِ امرأتُه أو أمَتُه بشُبْهةٍ فى طُهْرٍ لم يُصِبْها فيه، فاعْتَزَلها حتى أتَتْ بوَلَدٍ لسِتَّةِ أشْهُرٍ من حينِ الوَطْءِ، لَحِقَ الواطئَ، وانْتَفَى عن الزَّوْجِ من غيرِ لِعانٍ، وعلى قولِ [أبى بكرٍ](34)، وأبى حنيفةَ: يَلْحَقُ بالزَّوْجِ (35)؛ لأنَّ الولدَ للفِرَاشِ. وإن أنكرَ الواطئُ الوَطْءَ، فالقولُ قولُه بغيرِ يَمِينٍ، ويَلْحَقُ نَسَبُ الولدِ بالزَّوْجِ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ إلْحاقُه بالمُنْكِرِ، ولا تُقْبَلُ دَعْوَى الزَّوْجِ فى قَطْعِ نَسَبِ الولدِ. وإن أتَتْ بالولدِ لدُونِ ستَّةِ أشْهُرٍ من حينِ الوَطْءِ لَحِقَ الزَّوجَ بكلِّ حالٍ؛ لأنَّنا نعلمُ أنَّه ليس من الواطئ. وإن اشْتَركا فى وَطْئِها فى طُهْرٍ، فأتَتْ بولد يُمْكِنُ أن يكونَ منهما، لَحِقَ الزَّوجَ (36)؛ لأنَّ الولدَ للفِرَاشِ، وقد أمْكَنَ كونُه منه (37). وإن ادَّعَى الزَّوْجُ أنَّه من الواطئ. فقال بعضُ أصحابِنا: يُعْرَضُ على الْقافَةِ معهما فيُلْحَقُ بمن ألْحَقَتْه به فهما، فإن ألْحَقَتْه بالواطىء لَحِقَه، ولم يَمْلِكْ نَفْيَه عن نَفْسِبما، وانتفَى عن الزَّوجِ بغيرِ لِعانٍ، وإن ألْحَقَتْهُ بالزَّوجِ لَحِقَه، ولم يملكْ نَفْيَه باللِّعانِ فى أصَحِّ الرِّوايتينِ. والأُخْرَى، له ذلك. وإن ألْحَقَتْهُ (38) بهما، لَحِقَ بهما، ولم يَمْلِك الواطئُ نَفْيَه عن نَفْسِه. وهل يَمْلِكُ الزَّوْجُ نَفْيَه باللِّعانِ؟ على روايتَيْنِ. وإن لم تُوجَدْ قَافةٌ، أو أنكَرَ الواطئ الوَطْءَ، أو اشْتَبَه على القافةِ، لَحِقَ الزَّوْجَ؛ لأنَّ المُقْتَضِىَ لِلَحاقِ النَّسَبِ به مُتَحَقِّقٌ، ولم يُوجَدْ ما يُعارِضُه، فوَجَبَ إثْباتُ حُكْمِه. ويَحْتَمِلُ أن
(33) سقط من: م.
(34)
سقط من: ب.
(35)
فى ب، م:"الزوج".
(36)
فى أزيادة: "بكل حال".
(37)
سقط من: الأصل.
(38)
فى أ، م:"ألحقه".