الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَجُزْ حَذْفُ الإِمْكانِ عن الاعْتبارِ؛ لأنَّه إذا انْتَفَى حَصَلَ اليقينُ بانْتِفائِه عنه (24)، فلم يَجُزْ إلْحاقُه به مع يَقينِ كَوْنِه ليس منه. وإن ولَدَتِ امرأةُ مَقْطُوعِ الذَّكَرِ والأُنْثَيَيْنِ، لم يَلْحَق نَسَبُه به. فى قولِ عامَّةِ أهلِ العلمِ؛ لأنَّه يَسْتَحِيلُ منه الإِنْزالُ والإِيلاجُ. وإن قُطِعَتْ أُنْثَياهُ دون ذَكَرِه، فكذلك؛ لأنَّه لا يُنْزِلُ ما يُخْلَقُ منه الولدُ. وقال أصحابُنا: يَلْحَقُه النَّسَبُ؛ لأنَّه يُتَصَوَّرُ منه الإِيلاجُ، ويُنْزِلُ ماءً رَقِيقًا. ولَنا، أَنَّ هذا لا يُخْلَقْ (25) منه ولدٌ عادةً، ولا وُجدَ ذلك، فأشْبَهَ ما لو قُطِعَ ذَكَرُه معهما، ولا اعتِبارَ بإِيلاجٍ لا يُخْلَقُ منه الولدُ، كما لو أَوْلَجَ إصْبَعَه. وأمَّا قَطْعُ ذَكَرِه وَحْدَه، فإنَّه يَلْحَقُه الولدُ؛ لأنَّه يُمْكِنُ أن يُسَاحِقَ، فيُنْزِلَ ماءً يُخْلَقُ منه الولدُ. ولأصْحابِ الشافعىِّ اخْتلافٌ فى ذلك، على نحو ما ذكرْنا من الخلافِ عندَنا. قال ابن اللَّبانِ: لا يَلْحَقُه الولدُ فى هاتَيْنِ الصُّورتينِ. [فى قولِ الجمهورِ](26). وقال بعضُهم: يَلْحَقُه بالفِرَاش. وهو غَلَطٌ؛ لأنَّ الولدَ إنَّما يَلْحَقُ بالفِرَاش إذا أمْكَنَ، ألا تَرَى أنَّها إذا وَلَدَتْ بعد شَهْرٍ منذُ تَزَوَّجَها لم يَلْحَقْه، وههُنا لا يُمْكِنُ؛ لِفَقدِ المَنِىِّ من المَسْلُولِ، وَتَعَذُّرِ إيصالِ المنىِّ إلى قَعْرِ الرَّحِمِ من المَجْبُوبِ. ولا مَعْنَى لقولِ مَنْ قال: يَجوزُ أن تَسْتَدْخِلَ المرأةُ مَنِىَّ الرجلِ، فتَحْمِلَ؛ لأنَّ الولدَ مخلوقٌ من مَنِىِّ الرجلِ والمرأةِ جميعًا، ولذلك يأخُذُ الشَّبَهَ منهما، وإذا اسْتَدْخَلَتِ المنىَّ بغير جِماعٍ، لم تَحْدُثْ لها لَذّةٌ تُمْنِى بها، فلا يَخْتَلِطُ نَسَبُهما (27)، ولو صَحَّ ذلك، لَكان الأجْنَبِيَّانِ الرجلُ والمرأةُ إذا تَصادقَا أنها اسْتَدْخَلَتْ مَنِيَّه، وأن الولدَ من ذلك الْمَنِىِّ، يَلْحَقُه نَسَبُه، وما قال ذلك أحدٌ.
فصل:
وإن طَلَّقَ امرأتَه وهى حاملٌ (28)، فوضَعَتْ ولدًا، ثم ولدتْ آخرَ قبلَ مُضِىِّ
(24) سقط من: م.
(25)
فى أ: "يلحق". وفى م: "يحقق".
(26)
سقط من: ب.
(27)
فى أ، ب، م:"منهما".
(28)
فى الأصل: "حائض".
سِتَّةِ أشْهُرٍ، فهو (29) من الزَّوْجِ (30)؛ لأنَّنا نعْلمُ أنهما حَمْلٌ واحدٌ، فإذا كان أحدُهما منه، فالآخَرُ منه. وإن كان بينهما أكثرُ من سِتَّةِ أشْهُرٍ، لم يَلْحَقِ الزوجَ، وانْتَفىَ عنه من غيرِ لِعانٍ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ أن يكونَ الولدان حَمْلًا واحدًا وبينهما مُدَّةُ الحملِ، فعُلِمَ أنَّها عَلِقَتْ به بعدَ زَوالِ الزَّوْجِيَّةِ، وانْقِضاءِ العِدَّةِ، وكَوْنِها أجْنَبِيَّةً، فهى كسائرِ الأجْنَبِيَّاتِ. وإن طَلَّقَها، فاعْتَدّتْ بالأقْراءِ، ثم ولَدَتْ ولدًا قبلَ مُضِىِّ سِتَّةِ أشْهُرٍ من آخِرِ أقْرائِها، لَحِقَه؛ لأنَّنا تَيَقَنَّا أنَّها لم تَحْمِلْه بعدَ انْقضاءِ عِدَّتِها، ونعلمُ أنَّها كانت حاملًا به (31) فى زَمَنِ رُؤْيةِ الدَّمِ، فيَلْزَمُ أن لا يكونَ الدَّمُ حَيْضًا، فلم تَنْقَضِ عِدّتُها به. وإن أتَتْ به لأكثرَ من ذلك، لم يَلْحَقْ بالزَّوْجِ. وهذا قولُ أبى العَبَّاس ابن سُرَيْجٍ. وقال غيرُه من أصحابِ الشافعىِّ: يَلْحَقُ به؛ لأنَّه يُمْكِنُ أن يكونَ منه، والولدُ يَلْحَقُ بالإِمْكانِ. ولَنا، أنَّها أتَتْ به بعدَ الحُكْمِ بانْقِضاءِ عِدَّتِها، فى وقتٍ يُمْكِنُ أن لا يكونَ منه، فلم يَلْحَقْه، كما لو انْقَضَتْ عِدّتُها بوَضْعِ الحَمْلِ، وإنَّما يُعْتَبَرُ الإِمْكانُ مع بقاءِ الزَّوْجِيَّةِ أو العِدَّةِ، وأمَّا بعدَهما، فلا يُكتَفَى بالإِمْكانِ لِلَحاقِه، وإنَّما يُكْتَفَى بالإِمْكانِ لِنَفْيه، وذلك لأنَّ الفِرَاشَ سَبَبٌ، ومع وُجُودِ السَّببَ يُكْتَفَى بإمْكانِ الحِكْمةِ واحتمالِها، فإذا انتفَى السَّببُ وآثارُه، فيَنْتَفِى الحكمُ لِانتِفائِهْ، ولا يُلْتَفَتُ إلى مُجَرَّدِ الإِمْكانِ. واللَّه أعلم. فأمَّا إن وَضَعَتْه قبلَ انقضاءِ العِدَّةِ لأقَل من أرْبَعِ سِنِينَ، لَحِقَ بالزَّوْجِ، ولم يَنْتَفِ عنه إلَّا باللِّعانِ. وإن وضَعَتْه لأكْثرَ من أرْبعِ سِنينَ من حينِ الطَّلاقِ، وكان بائِنًا، انْتَفَى عنه بغيرِ لِعانٍ؛ لأنَّنا عَلِمْنا أنَّها عَلِقَتْ به بعدَ زوالِ الفِرَاشِ. وإن كان رَجْعِيًّا، فوَضَعَتْه لأكثرَ من أربعِ سِنينَ منذ انْقَضَتِ العِدَّةُ، فكذلك؛ لأنَّها عَلِقَتْ به بعَد البَيْنُونةِ. وإن وضَعَتْه لأكثرَ من أربعِ سِنين مُنْذ الطَّلاقِ، ولأقلَّ منها منذُ انْقَضتِ العِدّةُ، ففيه روايتان؛ إحداهما، لا يَلْحَقُه؛ لأنَّها لم تَعْلَقْ به قبلَ طَلاقِها، فأشْبَهتِ
(29) فى م: "فهم".
(30)
فى ب زيادة: "فى قول الجمهور".
(31)
سقط من: أ.