الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تُؤْمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ، أنْ تَحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إلَّا عَلَى زَوْجٍ، أرْبعَةَ أشْهُرٍ وعَشْرًا" (3). ولا إحْدادَ على الرَّجْعِيَّةِ. بغير خِلافٍ نَعْلَمُه؛ لأنَّها في حُكمِ الزَّوجاتِ، لها أن تتَزَيَّنَ لزَوْجِها، وتَسْتَشْرِفَ له، ليَرْغَبَ فيها، وتَنْفُقَ عندَه، كما تَفْعَلُ في صُلْبِ النكاحِ. ولا إحْداد على المَنْكُوحةِ نِكاحًا فاسِدًا؛ لأنَّها ليست زَوْجةً على الحقيقةِ، ولا لها مَن كانتْ تَحِلُّ له ويَحِلُّ لها، فتَحْزَنَ على فَقْدِه.
فصل:
وتَجْتَنِبُ الحادَّةُ ما يَدْعُو إلى جِماعِها (4)، ويُرَغِّبُ في النَّظَرِ إليها، ويُحَسِّنُها، وذلك أربعةُ أشْياء؛ أحدها، الطِّيبُ، ولا خِلافَ في تَحْرِيمِه عندَ مَنْ أوْجَبَ الإِحْدادَ؛ لقولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"لَا تَمَسُّ طِيبًا، إلَّا عِنْدَ أدْنَى طُهْرِهَا، إذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِها بِنُبْذَةٍ مِنْ قُسْطٍ أو أَظْفارٍ (5) ". مُتَّفَقٌ عليه (6). ورَوَتْ زينبُ بنتُ أُمِّ سَلَمةَ، قالت: دَخَلْتُ على أُمِّ حَبِيبةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، حين تُوُفِّىَ أبُوها أبو سُفْيانَ، فدَعَتْ بطِيبٍ فيه صُفْرةٌ، خَلوقٌ أَو غيرُه، فدَهَنَتْ منه جارِيةً، ثم مَسَّتْ بعارِضِها، ثم قالت: واللَّه مالِى بالطِّيبِ مِن حَاجةٍ، غيرَ أنِّى سَمِعْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ، أن تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيالٍ (7)، إِلَّا على
(3) تقدم تخريجه، في صفحة 193.
(4)
في أ: "نكاحها".
(5)
القسط والكست والأظفار: نوعان من البخور.
(6)
أخرجه البخاري، في: باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض، من كتاب الحيض، وفى: باب تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا، وفى: باب تلبس الحادة ثياب العصب، من كتاب الطلاق. صحيح البخاري 1/ 85، 7/ 76، 78. ومسلم، في: باب وجوب الإِحداد في عدة الوفاة. . .، من كتاب الطلاق. صحيح مسلم 2/ 1127.
كما أخرجه أبو داود، في: باب فيما تجتنب المعتدة في عدتها، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود 1/ 537، والنسائي، في: باب ما تجتنب الحادة من الثياب المصبغة، وباب الخضاب للحادة، من كتاب الطلاق. المجتبى 6/ 168، 169. وابن ماجه، في: باب هل تحد المرأة على غير زوجها، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه 1/ 674، 675. والدارمى، في: باب النهي للمرأة عن الزينة، من كتاب الطلاق 2/ 167، 168. والإِمام أحمد، في: المسند 5/ 85، 6/ 408.
(7)
سقط من: ب.
زَوْجٍ، أرْبَعةَ أشْهُرٍ وعَشْرًا". مُتَّفَقٌ عليه (8). ولأنَّ الطِّيبَ يُحَرِّكُ الشَّهْوةَ، ويَدْعُو إلى المُباشرةِ. ولا يَجُوزُ لها اسْتِعْمالُ الأدْهانِ المُطَيّبةِ، كدُهْنِ الوَرْدِ والبَنَفْسَجِ والياسَمِينِ والْبَانِ، وما أشْبَهه؛ لأنَّه اسْتِعمالٌ للطِّيبِ. فأمَّا الادِّهانُ بغير المُطَيَّبِ (9)، كالزَّيْتِ والشَّيْرَجِ والسَّمْنِ، فلا بَأْسَ به؛ لأنَّه ليس بِطِيبٍ. الثاني، اجْتِنابُ الزِّينةِ، وذلك واجبٌ في قولِ عامةِ أهلِ العِلْمِ؛ منهم ابنُ عمرَ، وابنُ عباسٍ، وعَطاءٌ. وجماعةُ أهلِ العلمِ يَكْرَهُون ذلك، ويَنْهَوْنَ عنه، وهو ثلاثة أقسامٍ؛ أحدها، الزِّينةُ في نَفْسِها، فيَحْرُمُ عليها أن تَخْتَضِبَ، وأن تُحَمِّرَ وَجْهَها بالكَلْكُون (10)، وأن تُبَيِّضَه بأَسْفِيدَاجِ (11) العَرايسِ، وأن تَجْعَلَ عليه صَبِرًا يُصَفِّرُه، وأن تَنْقُشَ وَجْهَها ويَدَيْها، وأن تُحَفِّفَ وَجْهَها، وما أَشْبهه ممَّا يُحَسِّنُهَا، وأن تَكْتَحِلَ بالإِثْمِد مِن غيرِ ضَرُورةٍ؛ وذلك لما رَوَتْ أُمُّ سَلَمةَ، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُها، لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيابِ، ولَا المُمَشَّقَ، ولَا الحَلْىَ، ولَا تَخْتَضِبُ، ولَا تَكْتَحِلُ". روَاه النَّسائِيُّ، وأبو داودَ (12). ورَوَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ، أنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال: "لَا تَحِدُّ الْمَرْأةُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ
(8) أخرجه البخاري، في: باب حد المرأة على غير زوجها، من كتاب الجنائز. صحيح البخاري 2/ 99. ومسلم، في: باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة. . .، من كتاب الطلاق. صحيح مسلم 2/ 1123 - 1127.
كما أخرجه أبو داود، في: باب إحداد المتوفى عنها زوجها، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود 1/ 535. والترمذي، في: باب ما جاء في عدة المتوفى عنها زوجها، من أبواب الطلاق عارضة الأحوذى 5/ 172، 173. والنسائي، في: باب سقوط الإحداد عن الكتابية المتوفى عنها زوجها، من كتاب الطلاق. المجتبى 6/ 165. والدارمى، في: باب النهى للمرأة عن الزينة في العدة، من كتاب الطلاق. سنن الدارمي 2/ 167. والإِمام مالك، في: باب ما جاء في الإِحداد، من كتاب الطلاق. الموطأ 2/ 596، 597. والإِمام أحمد، في: المسند 6/ 325، 326، 426.
(9)
في ب: "الطيب".
(10)
الكلكون: طلاء تحمِّر به المرأة وجهها، مركب من كل، أي ورد، وكون، أي لون. الألفاظ الفارسية المعربة 137.
(11)
الأسفيداج: رماد الرصاص. تعريب أسفيداب، وأصل معناه الماء الأبيض. الألفاظ الفارسية المعربة 10.
(12)
أخرجه النسائي، في: باب ما تجتنب الحادة من الثياب المصبغة، من كتاب الطلاق. المجتبى 6/ 169. وأخرجه أبو داود، في: باب فيما تجتنب المعتدة في عدتها، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود 1/ 538.
كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند 6/ 302.
أيَّامٍ، إلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإنَّهَا (13) تَحِدُّ أرْبَعةَ أشْهُرٍ وعَشْرًا، ولا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، إلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، ولا تَكْتَحِلُ، ولَا تَمَسُّ طِيبًا إلَّا عِنْدَ أدْنَى طُهْرِهَا، إذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا، بِنُبْذَةٍ مِنْ قُسْطٍ أو أظْفارٍ". مُتَّفَقٌ عليه (14). وعن أُمِّ سَلَمةَ، قالت: جاءتِ امْرَأةٌ إلى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسولَ اللَّه، إنَّ ابْنَتِى تُوُفِّىَ عنها زَوْجُها، وقد اشْتَكَتْ عَيْنُها، أفتَكْحَلُها؟ فقال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لَا". مَرَّتَيْنِ أو ثلاثًا. مُتَّفَقٌ عليه (15). وروَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، قالتْ: دَخَلَ علىَّ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، حين تُوُفِّىَ أبو سَلَمةَ، وقد جَعَلْتُ على عَيْنَيَّ صَبِرًا، فقال: "مَاذَا يَا أُمَّ سَلَمةَ؟ ". قلتُ: إنَّما هو صَبِرٌ، ليس فيه طِيبٌ. قال: "إنَّهَ يَشِبُ الوَجْهَ (16)، لَا تَجْعَلِيهِ إلَّا باللَّيْلِ، وتَنْزِعِيهِ بِالنَّهَارِ، وَلَا تَمْتَشِطِى بالطِّيبِ، وَلَا بالحِنَّاءِ، فإنَّه خِضَابٌ". قالتْ: قلتُ: بأَيِّ شيءٍ أمْتَشِطُ؟ قال: "بالسّدْرِ، تُغَلِّفِينَ بِه رَأْسَكِ"(17). ولأنَّ الكُحْلَ مِن أبْلَغِ الزِّينةِ، والزِّينةُ تَدْعُو إليها، وتُحَرِّكُ الشَّهْوةَ، فهى كالطِّيبِ وأبْلَغُ منه. وحُكِىَ عن بعضِ الشَّافعيَّةِ، أنَّ للسَّوْداءِ أن تَكْتَحِلَ. وهو مُخالِفٌ للخبرِ والمَعْنَى، فإنَّه يُزَيِّنُها ويُحَسِّنُها. وإن اضْطُرَّتِ الحادَّةُ إلى الكُحْلِ بالإِثْمِدِ للتَّدَاوِى، فلها أن تَكْتَحِلَ ليلًا، وتَمْسَحَه نهارًا. ورَخَّصَ
(13) في أ، م:"فإنه".
(14)
هو الذي مر في صفحة 285.
(15)
أخرجه البخاري، في: باب تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا، من كتاب الطلاق. صحيح البخاري 7/ 77. ومسلم، في: باب وجوب الإِحداد في عدة الوفاة. . .، من كتاب الطلاق. صحيح مسلم 7/ 1124، 1126.
كما أخرجه أبو داود، في: باب إحداد المتوفى عنها زوجها، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود 1/ 536. والترمذي، في: باب ما جاء في عدة المتوفى عنها زوجها، من كتاب الطلاق. عارضة الأحوذى 5/ 173، 174. والنسائي، في: باب عدة المتوفى عنها زوجها، وباب ترك الزينة للحادة المسلمة. . .، من كتاب الطلاق. المجتبى 6/ 155، 167، 168.
(16)
أي يزيد في حسنه.
(17)
أخرجه أبو داود، في: باب فيما تجتنب المعتدة في عدتها، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود 1/ 538. والنسائي، في: باب الرخصة للحادة أن تمتشط بالسدر، من كتاب الطلاق. المجتبى 6/ 170.
فيه عند الضَّرُورةِ عَطاءٌ، والنَّخَعِيُّ، ومالكٌ، وأصْحابُ الرَّأْىِ؛ لما رَوَتْ أُمُّ حَكِيمٍ بنت أَسِيد (18)، عن أُمِّها، أنَّ زَوْجَها تُوُفِّىَ، وكانت تَشْتَكِى عَيْنَيْها، فتَكْتَحِلُ بالجِلاءِ، فأَرْسَلَتْ مَوْلاةً لها إلى أُمِّ سَلَمةَ، تَسْألُها عن كُحْلِ الجِلَاءِ، فقالت: لا تَكْتَحِلِى إلَّا لما لا (19) بُدَّ منه، يَشْتَدُّ عليك، فتَكْتَحِلِينَ بالليلِ، وتَغْسِلِينَه بالنهار. روَاه أبو داودَ، والنَّسَائِيُّ (20). وإنَّما مُنِعَ من الكُحْلِ بالإِثْمِدِ، لأنَّه الذي تَحْصُلُ به الزِّينةُ، فأمَّا الكُحْلُ بالتُّوتِيَا (21) والعَنْزَرُوتِ (22) ونحوهما، فلا بَأْسَ به؛ لأنَّه لا زِينَةَ فيه، بل يُقَبِّحُ العَيْنَ، ويَزِيدُها مَرَهًا (23). ولا تُمْنَعُ من جَعْلِ الصَّبِرِ على غيرِ وَجْهِها من بَدَنِها؛ لأنَّه إنَّما مُنِعَ منه في الوَجْهِ لأنَّه يُصَفِّرُه، فيُشْبِهُ الخِضَابَ، ولهذا قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إنَّهُ يَشِبُّ الوَجْهَ" ولا تُمْنَعُ من التَّنْظِيفِ بتَقْلِيمِ الأظْفارِ، ونَتْفِ الإِبْطِ، وحَلْقِ الشَّعَرِ المَنْدُوبِ إلى حَلْقِه، [ولا من](24) الاغْتِسالِ بالسِّدْرِ، والامْتِشاط به (25)، لحديثِ أُمِّ سَلَمةَ، ولأنَّه يُرَادُ للتَّنْظِيفِ لا لِلطِّيبِ. القسم الثاني، زِينَةُ الثِّيابِ، فتَحْرُمُ عليها الثِّيابُ المُصَبَّغةُ للتَّحْسِينِ، كالمُعَصْفَرِ، والمُزَعْفَرِ، وسائرِ الأحْمَرِ، وسائرِ المُلَوَّنِ للتَّحْسينِ، كالأزْرَقِ الصافِى، والأخْضَرِ الصَّافِى، والأصْفَرِ، فلا يجوزُ لُبْسُه؛ لقولِ النَّبِيِّ:"لا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا"(26). وقولُه: "لا تَلْبَسُ المُعَصْفَرَ مِنَ
(18) في النسخ: "أسد". وانظر: التخريج الآتى، والإكمال 1/ 63.
(19)
في الأصل، ب:"ما".
(20)
أخرجه أبو داود، في: باب فيما تجتنب المعتدة في عدتها، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود 1/ 538. وأخرجه النسائي، في: باب الرخصة للحادة أن تمتشط بالسدر، من كتاب الطلاق. المجتبى 6/ 169، 170.
(21)
التوتيا: تكون في المعادن، منها بيضاء، ومنها إلى الخضرة، ومها إلى الصفرة مشرب بحمرة، وهى جيدة لتقوية العين. الجامع لمفردات الأدوية 1/ 143 - 145.
(22)
العنزروت: هو الأنزروت، وهو صمغ شجرة تنبت في بلاد الفرس، شبيهة بالكندر، صغيرة الحصا، في طعمه مرارة، ولونه إلى الحمرة، تقطع الرطوبة السائلة في العين. الجامع لمفردات الأدوية 1/ 63.
(23)
مرت العين: ابيضت حماليقها، أو فسدت لترك الكحل.
(24)
في الأصل: "ومن".
(25)
سقط من: أ.
(26)
تقدم تخريجه، في صفحة 193.
الثِّيَابِ، وَلا المُمَشَّقَ". فأمَّا ما لا يُقْصَدُ بصَبْغهِ حُسْنُه، كالكُحْلِيِّ، والأَسْوَدِ، والأخْضَرِ المُشْبَعِ، فلا تُمْنَعُ منه؛ لأنَّه ليس بزِينةٍ. وما صُبِغَ غَزْلُه ثم نُسِجَ، فيه احْتمالان؛ أحدهما، يَحْرُمُ لُبْسُه؛ لأنَّه أرْفَعُ وأحْسَنُ، ولأنَّه مَصْبوغٌ للحُسْنِ، فأشْبَهَ ما صُبِغَ بعدَ نَسْجِه. والثانى، لا يَحْرُمُ؛ لقولِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم في حديثِ أُمِّ سَلَمةَ: "إلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ" (27). وهو ما صُبِغَ غَزْلُه قبلَ نَسْجِه. ذكَرَه القاضِى، ولأنَّه لم يُصْبَغْ وهو ثَوْبٌ، فأشْبَهَ ما كان حَسَنًا من الثِّيابِ غيرَ مَصْبُوغٍ. والأوَّلُ أصَحُّ، وأمَّا العَصْبُ، فالصحيحُ أنَّه نَبْتٌ تُصْبَغُ به الثِّيابُ. قال صاحب "الرَّوْضِ الأُنُفِ" (28): الوَرْسُ والعَصْبُ نَبْتانِ (29) باليَمَنِ، لا يَنْبُتانِ إلَّا به. فأرْخَصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم للحادَّةِ (30) في لُبْسِ ما صبِغَ بالعَصْبِ؛ لأنَّه في معنى ما صُبِغَ لغيرِ التَّحْسِينِ، أمَّا ما صُبِغَ غَزْلُه للتَّحْسِينِ، كالأحْمَرِ والأصْفَرِ، فلا معنى لتَجْوِيزِ لُبْسِه، مع حُصُولِ الزِّينةِ بصَبْغِه، كحُصُولِها بما صُبِغَ بعد نَسْجِه. ولا تُمْنَعُ من حِسَانِ الثِّيابِ غيرِ المَصْبُوغةِ، وإن كان رَقِيقًا، سواءٌ كان من قُطْنٍ أو كَتَّانٍ أو إبْريسَمٍ (31)؛ لأنَّ حُسْنَه من أصْلِ خِلْقَتِه، فلا يلزمُ تغييرُه، كما أنَّ المرأةَ إذا كانت حَسَنةَ الخِلْقةِ، لا يَلْزَمُها أن تُغَيِّرَ لَوْنَها، وتُشَوِّهَ نَفْسَها. القسم الثالث، الحَلْىُ، فيَحْرُمُ عليها لُبْسُ الحَلْيِ كلِّه، حتى الخاتَمِ، في قولِ عامَّةِ أهلِ العلمِ؛ لقولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "وَلا الحَلْىَ". وقال عَطاءٌ: يُباحُ حَلْىُ الفِضَّةِ دُونَ الذَّهَبِ. وليس بصَحِيحٍ؛ لأنَّ النَّهْىَ عامٌّ، ولأنَّ الحَلْىَ يَزِيدُ حُسْنَها، ويَدْعُو إلى مُباشَرَتِها، قالت امرأةٌ:(32):
وما الحَلْىُ إلَّا زِينَةٌ لِنَقِيصَةٍ
…
تُتَمِّمُ مِنْ حُسْنٍ إذا الحُسْنُ قَصَّرَا
(27) تقدم تخريجه، في صفحة 287، من حديث أم عطية، وليس من حديث أم سلمة.
(28)
انظر: الروض الأنف 7/ 96.
(29)
في الأصل: "نبتتان".
(30)
سقط من: الأصل.
(31)
الإبريسم: الحرير.
(32)
البيت في: نفح الطيب 5/ 165، ولم ينسبه المقرى.