الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَلَفْتُمْ} (3). وقال سبحانَه: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (4). وقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْها، فَأْتِ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ". مُتَّفَقٌ عليه (5). ولِأنَّه حالِفٌ حانِثٌ فى يَمِينِه، فَلَزِمَتْهُ الكفَّارةُ كما لو حَلَفَ على تَرْكِ فريضةٍ ثم فَعَلَها، والمغْفِرَةُ لا تُنافِى الكفَّارةَ، فإنَّ اللَّهَ تَعالَى قد غَفَرَ لرسولِه صلى الله عليه وسلم ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِه وما تَأَخَّرَ، وقد كان يقول:"إِنِّى وَاللَّهِ لا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَها خَيْرًا مِنهَا، إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ، وتَحَلَّلْتُهَا". مُتَّفَقٌ عليه (6).
فصل:
وإن كان الإِيلاءُ بتَعْليقِ عِتْقٍ أو طَلاقٍ، وَقَعَ بِنَفْسِ الوَطْءِ؛ لِأنَّه مُعَلَّقٌ بصِفَةٍ، وقد وُجِدَتْ. وإن كان على نَذْرٍ، أو عِتْقٍ، أو صَوْمٍ، أو صلاةٍ، أو صَدَقَةٍ، أو حَجٍّ، أو غيرِ ذلك من الطاعاتِ أو المباحاتِ، فهو مُخَيَّرٌ بين الوفاءِ به وبينَ كفَّارةِ
(3) سورة المائدة 89.
(4)
سورة التحريم 2.
(5)
أخرجه البخارى، فى: باب قول اللَّه تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِى أَيْمَانِكُمْ} ، وباب لا تحلفوا بآبائكم، من كتاب الأيمان والنذور، وفى: باب من لم يسأل الإِمارة أعانه اللَّه، وباب من سأل الإمارة وكل إليها، من كتاب الأحكام. صحيح البخارى 8/ 159، 165، 9/ 79. ومسلم، فى: باب ندب من حلف يمينا. . .، من كتاب الأيمان. صحيح مسلم 3/ 1269، 1271 - 1274.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب اليمين فى قطيعة الرحم، وباب الرجل يكفر قبل أن يحنث، من كتاب الأيمان والنذور. سنن أبى داود 2/ 204، 205. والترمذى، فى: باب ما جاء فى من حلف. . .، وباب ما جاء فى الكفارة قبل الحنث، من أبواب النذور. عارضة الأحوذى 7/ 10، 11. والنسائى، فى: باب من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها، وباب الكفارة قبل الحنث، وباب الكفارة بعد الحنث، من كتاب الأيمان والنذور. المجتبى 7/ 9 - 12. وابن ماجه، فى: باب من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها، وباب من قال: كفارتها تركها، من كتاب الكفارات. سنن ابن ماجه 1/ 681، 682. والدارمى، فى: باب من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها، من كتاب الأيمان والنذور. سنن الدارمى 2/ 186. والإمام أحمد، فى: المسند 2/ 185، 204، 211، 212، 361، 3/ 76، 4/ 256، 257، 259، 5/ 61 - 63.
(6)
أخرجه البخارى، فى: باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين، من كتاب الخمس. وفى: باب الدجاج، من كتاب الذبائح، وفى: باب الكفارة قبل الحنث وبعده، من كتاب الكفارات، وفى: باب قول اللَّه تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} ، من كتاب التوحيد. صحيح البخارى 4/ 109، 7/ 123، 8/ 183، 9/ 197. ومسلم، فى: باب ندب من حلف يمينا. . .، من كتاب الأيمان. صحيح مسلم 3/ 1270.
يمينٍ؛ لِأنَّه نَذْرُ لَجاجٍ وغَضَبٍ، فهذا حُكْمُه. وإن عَلَّقَ طلاقَها الثَّلاثَ بِوَطْئِها، لم يُؤْمَرْ بالفَيْئَةِ، وأُمِرَ بالطَّلاقِ؛ لأنَّ الوطءَ غيرُ مُمْكِنٍ؛ لِكَوْنها تَبِينُ منه بإيلَاجِ الحَشَفَةِ، فيصيرُ مُسْتَمْتِعًا بأجْنَبِيَّةٍ. وهذا قولُ بعضِ أصحابِ الشَّافِعِىِّ. وأكثرُهم قالوا: تجوزُ الفَيْئَةُ؛ لأنَّ النَّزْعَ تَرْكٌ للوطءِ، وتَرْكُ الوَطْءِ ليس بوَطْءٍ. وقد ذَكَرَ القاضى أَنَّ كلامَ أحمدَ يقْتَضِى روايَتَيْنِ، كهذَيْنِ الوَجْهَيْنِ. واللائِقُ بمذهبِ أحمدَ تَحْرِيمُه؛ لوجوهٍ ثَلاثةٍ، أحدُها أنّ آخِرَ الوَطْءِ حَصَلَ فى أجنبيةٍ كما ذكرْنا؛ فإنَّ النَّزْعَ يُلْتَذُّ به كما يُلْتَذُّ بالإِيلاجِ، فيكونُ فى حُكْمِ الوَطْءِ، ولذلك قُلْنا فى مَن طَلَعَ عليه الفجرُ وهو مُجامِعٌ، فنزَع: أنَّه يُفْطِرُ. والتَّحْريمُ ههُنا أوْلَى؛ لأنّ الفِطْرَ بالوَطْءِ. ويُمْكِنُ مَنْعُ كَونِ النَّزعِ وَطْئًا، والمُحْرَّمُ ههُنا الاسْتِمْتاعُ، والنَّزْعُ اسْتِمْتاعٌ، فكان مُحرَّمًا، ولِأَنَّ لَمْسَها على وَجْهِ التَّلَذُّذِ بها مُحَرَّمٌ، فلَمْسُ الفَرْجِ بالفَرْجِ أوْلَى بالتَّحْريمِ. فإنْ قيل: فهذا إنَّما يَحْصُلُ ضرورةَ تَرْكِ الوطءِ المحرَّمِ. قُلْنا: فإذا لم يُمْكِنِ الوَطْءُ إلَّا بفِعْلِ مُحَرَّمٍ حُرِّمَ ضرورةَ تَرْكِ الحرامِ. كما لو اختلطَ لَحْمُ الخِنزيرِ بلحمٍ مُباحٍ، لا يُمْكِنُه أَكْلُه إلَّا بأَكْلِ لحمِ الخنزيرِ، حُرِّمَ، ولو اشتَبَهَتْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّاةٍ، أو امرأتُه بأجْنبيَّةٍ، حُرِّمَ الكُلُّ. الوَجْهُ الثانى، أنَّه بالوَطْءِ يَحْصُلُ الطَّلاقُ بعدَ الإِصابةِ، وهو طلاقُ بِدْعَةٍ، وكما يَحْرُمُ إيقاعُه بلسانِه، يَحْرمُ تحقيقُ سَبَبِه. الثالث، أنَّه (7) يَقَعُ به طلاقُ البِدْعةِ مِن وَجْهٍ آخَرَ، وهو جَمْعُ (8) الثَّلاثِ، فإنْ وَطِىءَ، فعليه أَنْ يَنْزِعَ حين (9) يُولِجُ الحَشَفَةَ، ولا يزيدَ على ذلك، ولا يَلْبَثَ ولا يتحرَّكَ عند النَّزْعِ؛ لِأنَّها أجْنبيَّةٌ، فإذا فعلَ ذلك، فلا حَدَّ ولا مَهْرَ؛ لِأنَّه تاركٌ للوطءِ، وإِنْ لَبِثَ أو تَمَّمَ الإِيلاجَ، فلا حَدَّ عليه، لتَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ منه، لكَوْنِه وَطْئًا بَعْضُه فى زَوْجتِه، وفى المهرِ وَجْهانِ؛ أحدُهما، يلزمُه؛ لأنَّه حَصَلَ منه وطءٌ مُحَرَّمٌ فى مَحلٍّ غيرِ مَمْلوكٍ، فأوجبَ المهرَ، كما لو أوْلَجَ بعدَ النَّزعِ. والثانى،
(7) فى أ، ب، م:"أن".
(8)
فى أ: "بجمع".
(9)
فى ب: "حتى".