الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِهِلَالٍ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أوْرَقَ (16) جَعْدًا (17) جُمَالِيًّا (18) خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ (19) سَابِغَ الْألْيَتَيْنِ، فَهُوَ لِلَّذِى رُمِيَتْ بِهِ". فجاءت به أوْرَقَ، جَعْدًا، جُمَالِيًّا، خَدَلَّجَ السّاقينِ، [سَابِغَ الأَلْيَتَيْنِ] (20)، فقال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْلَا الْأَيْمَانُ، لَكَانَ لِى وَلَهَا شَأْنٌ". قال عِكْرِمَةُ: فكانَ بعد ذلك أميرًا على مُضَر (21)، وما يُدْعَى لأَبٍ (22). ولأنَّ الزَّوْجٍ يُبْتَلَى بقَذْفِ امرأتِه لِيَنْفِىَ العارَ والنَّسَبَ الفاسِدَ، وتَتَعَذَّرُ عليه البَيِّنَةُ، فجُعِلَ اللِّعانُ بَيِّنةً له، ولهذا لمَّا نَزَلَتْ آيةُ اللِّعِانِ، قال النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم:"أبشِرْ يَا هِلَالُ، فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا".
1327 - مسألة؛ قال أبو القاسِمِ، رحمه الله:(وإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ زوْجَتَهُ الْبَالِغَةَ الْحُرَّةَ الْمُسْلِمَةَ، فَقَالَ لَهَا: زَنَيْتِ. أَوْ: يَا زانِيَةُ. أَوْ: رَأيْتُكِ تَزْنِينَ. وَلَمْ يَأْتِ بِالْبَيِّنَةِ، لَزِمَهُ الْحَدُّ، إِنْ لَمْ يَلْتَعِنْ، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا)
.
الكلامُ فى هذه المسألةِ فى فُصُولٍ:
أحَدُها
، فى صِفَةِ الزَّوْجَيْنِ اللَّذَينِ يَصِحُّ اللعِانُ منهما (1). وقد اخْتَلَفَتِ الرِّوايةُ فيهما، فرُوِىَ أنَّه يَصِحُّ مِن كُلِّ زَوْجَيْنِ مُكَلَّفَيْنِ، سَواءٌ كانا مُسْلِمَيْنِ أو كافِرَيْنِ، أو عَدْلَيْنِ أو فاسِقَيْنِ، أو مَحْدُودَيْنِ فى قَذْفٍ، أو كان أحدُهما كذلك. وبه قال سعيدُ ابن المُسَيَّب، وسليمانُ بن يَسَارٍ، والحَسَنُ، ورَبِيعَةُ، ومالكٌ، وإسحاقُ. قال أحمدُ، فى روايةِ إسحاق (2) بن منصورٍ: جميعُ الأزْواجِ يَلْتَعِنُون؛ الحُرُّ مِنَ الحُرَّةِ والأمَةِ
(16) الأورق: الأسمر.
(17)
الجعد من الشعر: خلاف السبط والقصير منه.
(18)
الجمالى: الضخم الأعضاء التام الأوصال.
(19)
خدلج الساقين: ممتلئهما وعظيمهما.
(20)
سقط من: ب.
(21)
فى النسخ: "مصر". والمثبت من سنن أبى داود.
(22)
فى الأصل، أ، م:"الأب".
(1)
فى ب، م:"بينهما".
(2)
سقط من: ب، م.
إذا كانت زَوْجَةً، [وكذلك العَبْدُ مِن الحُرَّةِ والأمَةِ إذا كانت زَوْجَةً](3)، وكذلك المُسْلِمُ مِن الْيَهُودِيَّةِ والنَّصْرَانِيَّة. وعن أحمدَ، روايةٌ أُخْرَى: لا يَصِحُّ اللِّعانُ إلَّا مِن زَوْجَيْنِ مُسْلِمَيْنِ، عَدْلَيْنِ، حُريْنِ، غيرِ مَحْدُودَيْنِ فى قَذْفٍ. ورُوِىَ هذا عن الزُّهْرِىِّ، والثَّوْرِىِّ، والأوْزاعِىِّ، وحَمّادٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وعن مَكْحُولٍ: ليسَ بينَ المُسْلِمِ والذِّميَّةِ لِعانٌ. وعن عطاءٍ، والنَّخَعِىِّ، فى الْمَحْدُودِ فى الْقَذْفِ: يُضْرَبُ الحَدَّ، ولَا يُلَاعِنُ. ورُوِىَ فيه حديث لا يَثْبُتُ. كذلك (4) قال الشَّافِعِىُّ، والسَّاجِىُّ (5). ولأنَّ (6) اللِّعانَ شَهادةٌ، بدليلِ قوله سبحانه:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} (7). فاسْتَثْنَى أنفُسَهُم مِن الشُّهداء. وقال تعالى: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ} (7). فلا يُقْبَلُ مِمَّن ليس مِن أهلِ الشهادةِ. وإِنْ كانت المرأةُ مِمَّن لا يُحَدُّ بقَذْفِها، لم يَجِبِ اللِّعانُ: لأنَّه يُرَادُ لإسْقاطِ الْحَدِّ، بدليلِ قوله تعالى:{وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} (8). ولا حَدَّ ههُنا، فيَنْتَفِى اللِّعانُ لاْنتِفَائِه. وذكَر القاضى، فى "المُجَرَّدِ" أنَّ مَن لا يَجِبُ الْحَدُّ بقَذْفِهَا، وهى الأمَةُ، والذِّمِّيَّةُ، والْمَحْدُودَةُ فى الزِّنَى، لِزَوْجِها لِعانُها؛ لِنَفْىِ الْوَلَدِ خاصَّةً، وليس له لِعانُها لإسْقاطِ القَذْفِ والتَّعْزِير؛ لأنَّ الحَّدَّ لا يَجبُ، واللِّعانُ إنَّما يُشْرَعُ لإسْقاطِ حَدٍّ، أو نَفْىِ وَلَدٍ، فإذا لم يكنْ واحدٌ منهما لم يُشْرَعِ اللِّعانُ. ولَنا، عُمومُ قولِه تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} (7). الآيةُ، ولأنَّ اللِّعانَ يَمِينٌ، فلا يَفْتَقِرُ إلى ما شَرَطُوه، كسائِرِ الأيْمانِ، ودليلُ أنَّه يَمِينٌ قولُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"لَوْلَا الْأَيْمَانُ، لَكَانَ لِى وَلَهَا شَأْنٌ"(9).
(3) سقط من: ب.
(4)
فى ب، م:"وكذلك".
(5)
زكريا بن يحيى بن عبد الرحمن الساجى الحافظ، كان من الثقات الأئمة، وله كتاب "اختلاف الفقهاء"، توفى سنة سبع وثلاثمائة. ترجمه السبكى، فى طبقات الشافعية الكبرى 3/ 299 - 301.
(6)
سقطت الواو من: م.
(7)
سورة النور 6.
(8)
سورة النور 8.
(9)
تقدم تخريجه فى: 8/ 373.