الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حامِلًا بوَضْعِ حَمْلِها، وذلك لأنَّ المَقْصودَ من العِدَّة والاسْتِبْراءِ معرفةُ بَراءةِ الرَّحِمِ من الحَمْلِ، رهذا يَحْصُلُ بوَضْعِه، ومتى كانت حامِلًا باثْنَيْنِ أو أكثرَ. فلا يَنْقَضِى اسْتِبْراؤُهَا حتى تَضَعَ آخِرَ حَمْلِها، على ما ذكرْنا في المُعْتَدَّةِ.
فصل:
وإذا زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِه، ثم مات، عَتَقَتْ، ولم يَلْزَمْها اسْتِبْراءٌ؛ لأنَّها مُحَرَّمةٌ على المَوْلَى، وليستْ له فِراشًا، وإنَّما هي فِراشٌ للزَّوْجِ، فلم يَلْزَمْها الاسْتِبْراءُ ممَّن ليستْ له فِراشًا، ولأنَّه لم يُزَوِّجْها حتى اسْتَبْرأها، فإنَّه لا يَحِلُّ له تَزْوِيجُها قبلَ اسْتِبْرائِها. فإنَّ طَلَّقَها الزَّوْجُ قبلَ دُخُولِه بها، فلا عِدَّةَ عليها أيضًا، وإن طَلَّقَها بعدَ الْمَسِيسِ، أو مات عنها قبلَ ذلك أو بعدَه، فعليها عِدَّةُ حُرَّةٍ كامِلَةً؛ لأنَّها قد صارت حُرّةً في حالِ وُجُوبِ العِدَّةِ عليها. وإن مات سَيِّدُها وهى في عِدَّةِ الزَّوجِ، عتَقَتْ، ولم يَلْزَمْها اسْتِبْراءٌ، لما ذكَرْناه، ولأنَّه زال فِراشُه عنها قبلَ مَوْتِه، فلم يلزمْها اسْتِبْراءٌ من أجْلِه، كغيرِ أُمِّ الولدِ إذا باعَها ثم مات. وَتَبْنِى على عِدَّةِ أمَةٍ إن كان طَلَاقُها بائِنًا، أو كانتْ مُتَوَفَّى عنها، وإن كانت رَجْعِيّةً، بَنَتْ على عِدَّةِ حُرَّةٍ، على ما مضَى. وإن بانَتْ من الزَّوجِ قبلَ الدُّخولِ بطَلاقٍ، أو بانتْ بمَوْتِ زَوْجها، أو طَلاقِه بعدَ الدخولِ، فقَضَتْ عِدَّتَه، ثم مات سَيِّدُها، فعليها الاسْتِبْرَاءُ؛ لأنَّها عادَتْ إلى فِرَاشِه. وقال أبو بكر: لا يلزمُها اسْتِبْراءٌ، إلَّا أن يَرُدَّها السَّيِّدُ إلى نَفْسِه؛ لأنَّ فِراشَه قد زال بتَزْوِيجِها، ولم يتَجَدَّدْ لها ما يَرُدُّها إليه، فأشْبَهتِ الأمَةَ غيرَ المَوْطُوءةِ.
فصل: فإن مات زوجُها وسَيِّدُها، ولم تَعْلَمْ أيُّهما مات أَوَّلًا، فعلى قولِ أبي بكرٍ، ليس عليها اسْتِبْراءٌ؛ لأنَّ فِراشَ سَيِّدِها قد زال عنها، ولم تَعُدْ إليه، وعليها أن تعْتَدَّ لوَفاةِ زَوْجِها عِدّةَ الْحَرائِرِ؛ [لأنَّه (3) يَحْتَمِلُ أنَّ سَيِّدَها مات أوّلًا، ثم مات زَوْجُها وهى حُرَّةٌ فلَزِمهَا عدَّةُ الحُرَّةِ](4)، لتَخْرُجَ من العِدَّةِ بيَقِينٍ. وعلى القولِ الآخَرِ، إن كان بين مَوْتِهِما
(3) في م: "ولأنه".
(4)
سقط من: الأصل.
شَهْران وخَمْسةُ أيَّامٍ فما دُونَ، فليس عليها اسْتِبْراءٌ؛ لأنَّ السَّيِّدَ إن كان ماتَ أوّلًا، فقد مات وهى زَوْجَتُه، وإن كان مات آخِرًا، فقد مات وهى مُعْتَدَّةٌ، وليس عليها اسْتِبْراءٌ في هاتين الحالتَيْنِ، وعليها أن تَعْتَدَّ بعدَ مَوْتِ الآخِرِ منهما [عِدَّةَ الحُرَّةِ؛ لما ذكرْناه. وإن كان بين مَوْتِهِما أكثرُ من ذلك، فعليها بعد مَوْتِ الآخِرِ منهما](5) أطْوَلُ الأجَلَيْنِ، من أرْبعةِ أشْهُرٍ وعَشْرٍ، واسْتِبْراءٍ بحَيْضَةٍ (6)؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أنَّ (7) السَّيِّدَ مات أوَّلًا، فيكونُ عليها عِدَّةُ الحُرَّةِ من الوَفاةِ، ويَحْتَمِلُ أنَّه مات آخِرًا، بعدَ انْقِضاءِ عِدَّتِها من الزَّوْجِ، وعَوْدِها إلى فِراشِه، فلَزِمَها الاسْتِبْراءُ بحَيْضةٍ، فوجَبَ الجَمْعُ بينهما لِيَسْقُطَ الفَرْضُ بيَقينٍ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: وعلى هذا جميعُ القائلينَ من العلماءِ بأنَّ عِدَّةَ [أُمِّ الولدِ](8) من سَيِّدِها بحَيْضةٍ، ومن زَوْجِها شَهْران وخمسُ ليالٍ، فإن جُهِلَ ما بين مَوْتِهما (9)، فالحُكْمُ فيه كما لو عَلِمْنا أنَّ بينهما شَهْرَينِ وخَمْسَ ليالٍ، احْتياطًا لإِسقاطِ الفَرْضِ بيَقينٍ، كما أخَذْنا بالاحْتياطِ في الإِيجابِ (10) بين عِدَّةِ حُرَّةٍ وحَيْضةٍ، فيما إذا عَلِمْنا أنَّ بينهما شَهْرَيْن وخمسَ ليالٍ. وقولُ أصحابِ الشافعىِّ في هذا الفصلِ (11) كقَوْلِنا (12)، وكذلك قولُ أبي حنيفةَ وأصحابه، إلَّا أنَّهم جَعَلُوا مكانَ الحَيْضةِ ثلاثَ حَيْضاتٍ، بِناءً على أصْلِهِم في اسْتِبْراءِ أُمِّ الوَلدِ. وقال ابنُ المُنْذِرِ: حُكْمُها حكمُ الإِمَاءِ، وعليها شَهْرانِ وخمسةُ أيامٍ، ولا أَنْقُلُها إلى حُكْمِ الحرائِرِ إلَّا بإحَاطةِ أنَّ الزَّوجَ مات بعدَ المَوْلَى. وقيل: إنَّ هذا قولُ أبي بكرٍ عبدِ العزيز أيضًا. والذي ذكَرناه أحْوَطُ. فأمَّا المِيراثُ، فإنَّها لا
(5) سقط من: الأصل، ب.
(6)
في ب: "الحيضة".
(7)
في م زيادة: "يكون".
(8)
في م: "الأمة".
(9)
في م: "موتهن".
(10)
في الأصل: "بالإيجاب".
(11)
في م: "القول".
(12)
في م: "مثل قولنا".
تَرثُ مِن زَوْجِهَا شَيْئًا؛ لأنَّ الأصلَ (13) الرِّقُّ، والحرِّيَّةُ مَشْكوكٌ فيها، فلم تَرِثْ مع الشَّكِّ، والفَرْقُ بين الإِرْثِ والعِدَّةِ، أنَّ إيجابَ العِدَّةِ عليها اسْتِظْهارٌ لا (14) ضَرَرَ فيه على غيرِها، وإيجابَ الإِرْثِ إسْقَاطٌ لِحَقِّ غيرِها، ولأنَّ الأصْلَ تَحْرِيمُ النِّكاحِ عليها، فلا يَزُولُ إلَّا بيَقِينٍ، والأصْلُ عَدَمُ الميراثِ لها، فلا تَرِثُ إلَّا بيَقينٍ. فإن قيل: أفَلَيْسَ [زوجَةُ المَفْقُودِ لو ماتَتْ](15) وَقَفَ مِيرَاثُه منها مع الشكِّ في إرْثِه؟ قُلْنا: الفَرْقُ بينهما أنَّ الأصْلَ ههُنا الرِّقُّ، والشَّكُّ في زَوَالِه وحُدُوثِ الحال التي يَرِثُ فيها، والمَفْقُودُ الأصْلُ حياتُه، والشَّكُّ في مَوْتِه وخُرُوجِه عن كَوْنِه وارِثًا، فافْتَرقا.
1361 -
مسألة؛ قال: (وَإِنْ أعْتَقَ أُمَّ وَلَدِه، أوْ أمَةً كَانَ يُصِيبُهَا، لم تَنْكِحْ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً كامِلَةً، وكَذلِكَ إنْ أرَادَ أنْ يُزَوِّجَها (1)، وَهِىَ في مِلْكِه، اسْتَبْرأهَا بِحَيْضَةٍ، ثُمَّ زوَّجَهَا (2))
لا يخْتلفُ المذهبُ في (3) أنَّ الاسْتِبراءَ ههُنا بحَيْضةٍ في ذات القُرُوءِ. وهو قولُ الشافعىِّ. وهو قولُ الزُّهْرِىِّ والثَّوْرِىِّ، في مَن أراد تَزْويجَ (4) أَمَةٍ كان يُصِيبُها. وقال أصحابُ الرَّأىِ: ليس عليها اسْتِبْراءٌ؛ لأنَّ له بَيْعَها، فكان له تَزْويجُها، كالتى لا يُصِيبُها. وقال عَطاءٌ، وقَتادةُ: عِدَّتُها حَيْضَتان، كعِدَّةِ الأمَةِ المُطَلَّقةِ. ولَنا، أنَّها فِراشٌ لسَيِّدِها، فلم يَجُزْ أن تَنْتَقِلَ إلى فِراشِ غيرِه بغيرِ اسْتِبْراءٍ، كما لو مات عنها، ولأنَّ هذه مَوْطُوءةٌ وَطْئًا له حُرْمةٌ، فلم يَجُزْ أن تتزَوَّجَ قبلَ الاسْتِبْراءِ، كالمَوْطوءةِ بشُبْهةٍ،
(13) سقط من: الأصل.
(14)
في الأصل: "ولا".
(15)
في م: "المفقود إذا ماتت زوجته".
(1)
في أ: "يتزوجها".
(2)
في أ: "تزوجها".
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
في أ: "تزوج".