الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدُّ عنها، بغيرِ خلافٍ عَلِمْناه. وبه يقول الشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ (3)، وأصْحابُ الرَّأْىِ. فإنَّ الرُّجُوعَ عن الإِقْرارِ بالْحَدِّ مَقْبُولٌ، وليس له أن يُلاعِنَ للحَدِّ، فإنَّه لم يَجِبْ عليه لِتَصْدِيِقها إيَّاه. وإن أراد لِعانَها لِنَفْىِ نَسَبٍ، فظاهرُ قولِ الخِرَقِىِّ، أنَّه ليس له ذلك فى جميعِ هذه الصُّوَرِ. وهو قولُ أصْحابِ الرَّأْىِ. وقال الشافعىُّ: له لِعانُها لِنَفْىِ النَّسَبِ فيها كلِّها؛ لأنَّها لو كانتْ عَفِيفةً صالحةَّ فَكَذَّبَتْه، مَلَكَ نَفْىَ وَلَدِها، فإذا كانت فاجِرةً فصَدَّقَتْه، فَلأَنْ يَمْلِكَ نَفْىَ وَلَدِها أَولَى. ووَجْهُ الأوَّلِ، أَنَّ نَفْىَ الولدِ إنَّما يكونُ بلِعانِهما معًا، وقد تَعَذَّرَ اللّعانُ منها (4)؛ لأنَّها (5) لا تُسْتَحْلَفُ على نَفْىِ ما تُقِرُّ به، فتَعَذَّرَ نَفْىُ الوَلَدِ لتَعَذُّرِ سَبَبِه، كما لو مات بعدَ القَذْفِ وقبلَ اللَّعانِ.
فصل:
ولو قال لِامْرَأتِه: يا زانِية. فقالت: بكَ زَنَيْتُ. فلا حَدَّ عليها، ولا عليه. وقال أصحابُ الشافعىِّ: عليه حَدُّ القَذْفِ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أنَّها أرادَتْ بذلك نَفْىَ الزِّنَى عن نَفْسِها، كما يَسْتَعْمِلُ أهْلُ العُرْفِ فيما إذا قال قائلٌ: سَرَقْتَ. قال: مَعَكَ سَرَقْتُ. أى أنا لم أسْرِقْ؛ لكَوْنِكَ (6) أنت لم تَسْرِقْ. ولَنا، أنَّها صَدَّقَتْه فى قَذْفِه إيَّاها، فأشْبَهَ ما لو قالتْ (7): صَدَقْتَ. ولا حَدَّ عليها؛ لأنَّ حَدَّ الزِّنَى لا يَثْبُتُ إلَّا بالإِقْرارِ (8) أرْبَعَ مَرّاتٍ، وليس عليها حَدُّ القَذْفِ؛ فإنَّها (9) لم تَقْذِفْه، وإنَّما أقَرَّتْ على نَفْسِها بزِنَاها به، ويُمكِنُ ذلك من غيرِ كَوْنِه زانِيًا، بأن يَظُنَّها زَوْجَتَه وهى عالِمةٌ أنَّه أجْنَبِىٌّ، ولأنَّه يَحْتَملُ أن تُرِيدَ نَفْىَ ذلك عنهما، كما ذكَرُوه، أو أنَّه لم يَطَأْنِى سِواكَ، فإن (10) يكُنْ زِنًى
(3) سقط من: الأصل.
(4)
فى ب، م:"منهما".
(5)
فى أ، ب، م:"ولأنها".
(6)
فى أ، م:"لكنك".
(7)
فى أ، م:"قال".
(8)
فى أ، ب:"بإقرار".
(9)
فى ب، م:"لأنها".
(10)
فى أ، م زيادة:"لم" خطأ.
فأنْتَ شَرِيكِى فيه. ولا يَجِبُ الحَدُّ مع الاحْتمالِ، [ولا يَلْزَمُ من سُقُوطِه عن الرَّجلِ بظاهرِ تَصْدِيِقها، وُجُوبُه عليها مع الاحْتِمالِ](11)؛ فإنَّ الحَدَّ يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، ولا يجبُ بها. ولو قال: يا زَانِيَة. فقالت: أنْتَ أزْنَى مِنِّى. فقال أبو بكرٍ فيها كالتى قبلَها: لا حَدَّ على الزَّوْجِ؛ لِتَصْدِيقها (12) له، ولا على المرأةِ؛ لما ذكَرْنا فى التى قبلَها. وقال الشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ: ليس قَوْلُها قَذْفًا. قال الشافعىُّ: إلَّا أن تُرِيدَ القَذْفَ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن تُرِيدَ أنَّه أصَابَنِى وهو زَوْجِى، فإن كان ذلك، فهو أبْلَغُ مِنِّى فيه. وقال القاضى: عليها حَدٌّ لقَذْفِها، ولا حَدَّ عليه لتَصْدِيقِها إيَّاه، وقد أتَتْ بصَرِيحِ قَذْفِه بالزِّنَى، فوَجَبَ عليها الحَدُّ، كما لو قالت: أنْتَ زانٍ. [والاحْتمالُ مع التَّصريحِ بالقَذْفِ، لا يَمْنَعُ الحَدَّ، كما لو قالتْ: أنتَ زانٍ](11). فأمَّا إن قال: يا زانِيةُ. فقالت: بل أنْتَ زانٍ. فكل واحدٍ منهما قاذِفٌ لصاحِبِه، عليه حَدُّ القَذْفِ؛ [إلَّا أَنَّ](13) المرأةَ لا تَمْلِكُ إسْقاطَ حَدِّها إلَّا بالبَيِّنَةِ، والزَّوْجُ يَمْلِكُ إسْقاطَه بِبَيِّنةٍ أو لِعَانٍ.
(11) سقط من: الأصل. نقل نظر.
(12)
فى أ، م:"بتصديقها".
(13)
فى ب، م:"لأن".